الفصل 45: زيارة غير متوقعة

كان ظهيرة كسولة في منزل آل سالفاتور—نوع من الهدوء النادر الذي يُشعرك بعدم الارتياح، كما لو أنه السكون الذي يسبق العاصفة... عاصفة لا تأتي أبداً.

جلس ألكسندر متربعاً على أرضية غرفة الجلوس، يتصفح كتاب تعاويذ قديم كانت بوني قد أعارته إياه. عُقدت حاجباه وهو يقرأ، وبدأ يتمتم بصوت خافت محاولاً نُطق اللاتينية القديمة بشكل صحيح، كأن كل كلمة قد تُطلق سحراً نائماً.

أما ستيفان، فكان متكئاً على الأريكة، يحمل كأساً من البوربون، يقرأ رواية مهترئة سبق وأن قرأها خمس مرات على الأقل. بينما كان دايمن قد اتخذ من الكرسي الجانبي مقعداً له، يقلب القنوات على التلفاز بكسل، بيده الأخرى كأس نصف ممتلئة.

سكون... سكون مريح، غير منقطع، ونادر.

حتى—

دق. دق. دق.

تجمدوا جميعاً.

تنهد ستيفان ونهض ببطء قائلاً: "إن كان هذا تهديداً خارقاً جديداً، سأبدأ بالصراخ."

لم يرفع ألكسندر نظره عن الكتاب. "دعها تكون بيتزا، فقط بيتزا."

صرخ دايمن دون أن يتحرك من مكانه: "إن كانت إيلينا تريد محادثة من تلك العاطفية الطويلة، أخبرها أنني أتأمل."

وصل ستيفان إلى الباب وفتحه.

كان الواقف أمامه ألارك سالتزمان.

بدا مظهره عادياً—جينز، سترة جلدية، وحذاء قديم—لكن عينيه كانتا تبوحان بشيء آخر تماماً. شيء ثقيل... مثقل بالأسرار.

قال ستيفان بدهشة: "ريك؟ لم أكن أتوقع رؤيتك هنا."

تمتم ألارك: "أجل، أسمع ذلك كثيراً هذه الأيام. هل تمانع إن دخلت؟"

تنحّى ستيفان جانباً مشيراً إلى غرفة الجلوس. انتبه دايمن على الفور عندما سمع الصوت.

"ريك!" قال بابتسامة عريضة. "انظروا من تذكر فجأة أننا لا نزال أحياء."

رفع ألكسندر رأسه لدى دخول ألارك، وحيّاه بإيماءة صامتة تدل على الاحترام.

بادله ألارك الإيماءة وقال: "سمعت أنك عدت من الموت... مرة أخرى."

أجاب ألكسندر بهدوء: "قصة طويلة."

"وكل القصص كذلك"، رد ألارك وهو يجلس أمامهم. "لم أكن أنوي إزعاجكم. ظننت أنكم تستحقون بعض السلام بعد كل ما حدث... لكن—حدث شيء."

تأفف دايمن: "لماذا لا يأتي أحدكم يوماً ويقول: ’فلنخرج لتناول مشروب‘؟ لماذا دائماً ’حدث شيء‘؟"

قال ستيفان بلهجة ساخرة: "لأن ميستيك فولز ملعونة."

ضحك ألارك ضحكة خالية من الفرح: "لست مخطئاً."

أخرج شيئاً من سترته—صورة قديمة، باهتة. وضعها على الطاولة أمامهم. كانت صورة لرجل لم يعرفه أحد منهم. شعر داكن، عينان حادتان، وملابس تعود للقرن التاسع عشر.

سأل ألكسندر بصوت منخفض: "من هذا؟"

أجاب ألارك: "اسمه إلياس مارو. صياد من العالم القديم. كان يمارس نوعاً غريباً من السحر. اختفى عام 1909. ظن الجميع أنه مات... إلى أن وُجد قبل أيام مذكّرة تحمل اسمه مكتوباً بالدم. وبوني شعرت بشيء... اضطراب في السحر لم يكن له تفسير."

تقدم دايمن للأمام وحدّق في الصورة. "رائع. مجنون أثري آخر."

قال ألارك: "ليس مجرد مجنون. كان عضواً في جماعة تؤمن بتطهير ’السلالات الملوثة‘—مصاصي الدماء، المهجنين، وحتى السحرة. جماعة قديمة جداً ومتطرفة للغاية."

قطّب ألكسندر حاجبيه. "ولماذا الآن؟ لماذا يظهر مجدداً بعد كل هذه السنوات؟"

تردد ألارك لحظة ثم قال: "لأن المذكّرة تذكر اسمك."

تجمد ألكسندر في مكانه.

"اسمي؟" سأل بصوت خافت.

هز ألارك رأسه. "ليس بالاسم الصريح—لكن هناك وصفاً. ’ابن جوزيبي سالفاتور الملعون. مخلوق وُلد من النار والدم. الوريث الأخير الفاشل.‘"

وقف دايمن ببطء، وقد اختفت كل علامات السخرية عن وجهه. "قل لي أنك تمزح."

"أتمنى ذلك"، أجاب ألارك. "لا أعرف ما الذي يريده، أو إن كان لا يزال حياً. لكن أياً كان القادم... فهو مرتبط بعائلتكم. باللعنة. وبألكسندر."

خيم الصمت على الغرفة، ثقيلاً كالغبار في الهواء.

وأخيراً، وقف ألكسندر وتوجه إلى النافذة، يحدّق في قرص الشمس الآخذ بالغياب.

قال بصوت مغمور بالتفكير: "يبدو أن السلام كان مجرد وقفة مؤقتة."

نهض ستيفان كذلك. "إن كان هذا الرجل يريد نبش الماضي... فسيندم على ذلك."

أنهى دايمن كأسه ونهض بدوره. "حسناً. يبدو أننا عدنا إلى العمل."

وقف الإخوة الثلاثة معاً في صمت غرفة الجلوس، لكن هذه المرة لم يكن الصمت ناتجاً عن الطمأنينة... بل عن الاستعداد.

استدار ألكسندر إليهم، صوته هادئ بارد كالنصل: "إن كان هناك من يريد إنهاء ما بدأه والدنا الوغد..."

ابتسم دايمن ابتسامة قاتمة وقال: "فلننهيهم نحن أولاً."

تنهد ألارك بهدوء ثم وضع المذكرة امامهم

كانت المذكرة مفتوحاً على طاولة غرفة الجلوس في منزل آل سالفاتور، وصفحاته المصفرة المتشققة تشهد على قِدَم السنين التي مرّت به. كان الحبر قد تسرب في بعض المواضع إلى الورق، كما لو أن الزمن ذاته حاول محو الفظائع المدونة بين تلك السطور. لكن اسم إلياس مارو بقي ماثلاً، محفوراً بخط صارم من حبر داكن، يعلو الهامش العلوي كوصمة لا تُمحى—ثقيل، مقلق، لا يلين.

جلس ألكسندر الأقرب إلى المذكرة، مرفقاه على ركبتيه، وعيناه تتفحّصان كل سطر بعناية. كان دايمن ينحني فوق كتفه، يتظاهر بعدم الاكتراث، لكن بريق الفضول كان يلمع في عينيه. أما ستيفان فوقف عند البار، مكتف اليدين، يراقب أخويه أكثر مما يراقب ما في الكتاب.

قال دايمن بعد لحظة صمت طويلة: "ما هذا؟ هذا ليس مجرد سجل لصيّاد مصاصي دماء. هناك شيء آخر هنا."

أجاب ألكسندر دون أن يرفع نظره: "إنها اعترافات... توثيق لكل ما فعله إلياس بأشخاص مثلي. مثلنا."

وقف ألارك على الجانب الآخر من الغرفة، يقلب نسخاً مصورة من خرائط ووثائق قديمة. قال: "إلياس مارو لم يكن صياداً عادياً. كان مختصاً. لم يكن يقتل فحسب، بل كان يُجرّب، يُعذّب، ويفكك الخلود قطعةً تلو الأخرى، لدراسة السحر الكامن في الدم."

علّق ستيفان ببطء: "وهذا... له علاقة بجوزيبي؟"

أومأ ألكسندر برأسه. "نعم. على ما يبدو، جوزيبي سالفاتور موّل إلياس لسنوات."

قلب الصفحة، فكشف عن رسم لرجل مقيّد برموز غريبة، والدم يسيل من جرح طازج في صدره. إلى جانب الرسم كُتبت كلمات بلاتينية خشنة: "لكي تُنزَع الروح من جسد ملعون، لا بدّ أن يكون الألم مقدّساً."

بلع دايمن ريقه بصعوبة. "ما معنى هذا بحق الجحيم؟"

تنهد ألكسندر: "معناه أن إلياس مارو قد يكون وراء لعنتي... ربما هو من صنعها."

ساد الصمت مجدداً. بدا المنزل وكأنه يتنفس معهم، والجدران تحمل ثقل ما انكشف من أسرار.

تقدم ألارك وأشار إلى جزء في أسفل الصفحة: "هذا الإدخال مؤرخ قبل أيام قليلة من أول ظهور مسجل للعنة التي أصابتك يا ألكسندر. ويتحدث عن ’موضوع للمعاناة الكاملة‘ و’اتفاق مع المموّل‘—أي والدك."

انخفض صوت ستيفان، وقد اعترته رعشة داخلية: "لقد سلّمك لهذا الرجل."

لم يتفاعل ألكسندر. بل أغلق المذكرة بهدوء تام. "نعم...

لقول الحقيقة لا اعلم لا اتذكر اي شي ولكن من الصور و الادلة و الرسومات الموجودة هنا

اعتقد ان الجواب نعم ."

اعتدل دايمن واقفاً، وقال: "وماذا الآن؟ هل نبدأ في تعقّبه؟ لا بد أنه مات منذ زمن."

هزّ ألارك رأسه. "هذا هو الأمر. لا أظن أنه مات. أعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة... أو شيئاً قريباً من ذلك. هناك تقارير قديمة في شبكات الصيادين—حكايات عن رجل لا يموت. أصبح أشبه بالظل أكثر منه جسداً. يُطلقون عليه اسم الرحّال الجوف."

سأل ستيفان بقلق: "وتعتقد أنه مارو؟"

قال ألارك بثقة مشوبة بالشك: "أعتقد أن إلياس مارو لم يلعنك وحدك فقط، بل وجد وسيلة ليلعن نفسه أيضاً. أو يربط وجوده بشيء ما. لا أعلم تماماً بعد. لكنني أعلم هذا—إنه قادم. أظن أنه كان ينتظر أن يصبح ألكسندر كاملاً من جديد."

وقف ألكسندر، ضامّاً المذكرة تحت ذراعه. "إذاً، يجب أن نعثر عليه أولاً."

فرقع دايمن عنقه ببطء، ونبرة صوته صارت أكثر حدّة من المعتاد. "إن كان هذا الرجل له يد في لعنتك... فأعتقد أن علينا أن نرد له الجميل. قطعةً بقطعة."

أومأ ستيفان برأسه. "سنحتاج إلى مساعدة. هذا ليس أحد أفراد عائلة مايكلسون. ولا مجرد ساحر. هذا شيء أقدم... وأسوأ."

استدار ألكسندر نحو الباب، والمذكرة بين ذراعيه كأنها سلاح. "إذاً فلنستعد... للحرب."

---

2025/05/31 · 9 مشاهدة · 1145 كلمة
نادي الروايات - 2025