الفصل 4: الآخر
أشرقت الشمس فوق ميستيك فولز كأنها سرٌ متردد، تغمر البلدة بنورٍ ذهبي لم يستطع تبديد البرودة العالقة في الهواء. وقف ألكسندر عند حافة جسر ويكري، وشظايا القلادة دافئة في جيبه، بينما الريح تعبث بمعطفه الطويل. لقد نجح الطقس، نعم، لكنه في المقابل أيقظ شيئاً أقدم بكثير... شيئاً مدفوناً تحت أكثر من مجرد حجر.
كان يشعر به في عظامه. كظلٍ يتربص خارج مدى البصر.
لم يعد وحيداً.
في منزل آل سلفاتور، كان ستيفان يصب لنفسه كوباً من القهوة، بينما جلس دايمن عند البيانو، يعزف نغمة حزينة مكررة بلا وعي، تتردد في أرجاء الصالة كأنها صدى لذكرى لم تمُت بعد.
قال ستيفان بصوت هادئ:
"هل صدقته الآن؟"
أجاب دايمن دون أن يلتفت:
"صدقته منذ اللحظة التي نظرت فيها إلى عينيه. لقد تغيّر، نعم... لكنه ما يزال هو. في معظمه على الأقل."
قطّب ستيفان حاجبيه:
"وماذا أطلقنا من قيده يا دايمن؟"
وقبل أن يجيب، انفتح باب المنزل بصوتٍ مبحوح. دخل ألكسندر، وجهه شاحب من قلة النوم، لم ينبس بكلمة، جلس بصمت وأغمض عينيه للحظة.
سأله ستيفان:
"أحسست به، أليس كذلك؟"
أومأ ألكسندر برأسه ببطء:
"لقد استيقظ."
دايمن رفع حاجبه:
"من هو؟"
كان صوت ألكسندر بارداً كالصقيع:
"مرآتي. ذاك الذي صنعته الساحرات حين لم يستطعن قتلي. قسموا روحي إلى نصفين. نصفٌ مني عاش، والآخر... حُبس في الظلام."
رمش دايمن ببطء:
"يعني... في نسخة أخرى منك تتجول في الخارج؟"
هز ألكسندر رأسه:
"ليست مجرد نسخة. إنها أنا من دون ندم. دون ضمير. دون حدود."
همس ستيفان:
"اللعنة الخالصة."
نظر ألكسندر إلى يديه، كأنما يبحث فيهما عن آثار الذنب:
"أعطوه اسماً... أسموه الرماد."
---
في مكانٍ آخر من البلدة، كانت بوني بينيت تبحث في علية منزل جدتها، تزيح الصناديق القديمة، تقلب كتب التعاويذ، المخطوطات الهشة، الشموع، وتعويذات العظم، حتى عثرت على ما كانت تفتش عنه—دفتر قديم ذو غلاف حديدي، منقوش عليه ختم من طائفة سالم القديمة.
قلّبت صفحاته حتى وصلت لما أرادت: إشارة إلى طقس انقسام الروح. تعويذة مصممة لعزل الظلام عن جسد بشري بفصله تماماً.
قرأت بصوتٍ منخفض:
"الرماد—الاسم الذي يُمنح للظل المولود من وعاءٍ ملعون."
ثم وقعت عيناها على تحذيرٍ مكتوبٍ بخطٍ باهت:
لا تُعيد الروح إلى وحدتها.
رن هاتفها.
المتصل: ألكسندر.
قال بصوتٍ جاد:
"تعالي إلى الكنيسة. وجدنا شيئاً."
---
كانت أطلال الكنيسة مختلفة هذه المرة. أبرد. وكأن شيئاً ما خدش أساسات البلدة بأظافره.
كان ألكسندر راكعاً قرب المذبح، يمرر أنامله فوق علامة قديمة لم تكن موجودة بالأمس—رمز محفور في الحجر كأنه حُرق بقوة غامضة.
ركعت بوني إلى جانبه، وعيناها تتسعان في دهشة:
"هذه علامة ربط. سحر قديم. صُنع بالدم."
وقف دايمن على بُعد، عاقداً ذراعيه:
"تفضلوا وفسروا لي لماذا يبدو وكأن أحدهم وسم مذبح الكنيسة بعلامة شيطان؟"
نهض ألكسندر ببطء، وقال بنبرة ثقيلة:
"لأنه هنا. الرماد هنا. ولم يعد يختبئ. إنه يريدني أن أبحث عنه."
وصل ستيفان وهو يحمل خريطة قديمة للبلدة، نشرها فوق الحجر المقدس:
"هناك ثلاث خطوط طاقة في ميستيك فولز. تتقاطع في مكانٍ واحد غير الكنيسة: سرداب عائلة لوكوود."
أومأت بوني:
"لو كان يحاول جمع القوة، فهذا هو المكان المثالي."
ابتسم دايمن ابتسامة جانبية:
"رحلة ميدانية، إذًا؟"
---
كان السرداب تحت قصر لوكوود رطباً، والهواء فيه مثقلاً برائحة العفن... وشيءٍ آخر. شيء محروق.
هبطوا السلالم بحذر، ووهج المصابيح يلامس السلاسل المحطمة والحجر المتفحّم.
ثم رأوه.
الرماد.
واقفاً في الطرف البعيد، يتدثر بالظلال. ملامحه نسخة طبق الأصل من ألكسندر—نفس الوجه، نفس العينين—لكن حضوره كان... خاطئاً. أجوف. وابتسامته لم تلامس عينيه أبداً.
قال بصوتٍ ناعم:
"مرحباً... أخي."
تقدم ألكسندر خطوة:
"أنت حرّ الآن."
ابتسم الرماد ابتسامة باردة:
"كان من المفترض أن تكون فخوراً. أنت أنجزت الجزء الأصعب. والآن... جاء دوري لأستمتع بالعالم الذي حرمتني منه."
وقف ستيفان بجانب ألكسندر، بينما بقي دايمن خلفهما.
جال الرماد بنظره فيهم جميعاً، ثم قال:
"أكاذيب جميلة. أتذكرها كلها. ذنب ستيفان. كراهية دايمن. وصمتك، ألكسندر. الصرخات التي لم تطلقها قط."
سأله ألكسندر بجمود:
"ماذا تريد؟"
اتسعت ابتسامة الرماد:
"أُكمل الطقس. أعيد ما حاولوا فصله. أصبح كلياً."
تقدمت بوني خطوة، وقالت بتحذير:
"هذا سيقتله."
رد الرماد بلا مبالاة:
"ربما. أو ربما... سيجعلني لا يُقهر."
تحرك بسرعة البرق.
لكن بوني سبقتُه، وألقت تعويذة حاجز في اللحظة المناسبة، فارتطم بها بقوة وارتد إلى الخلف.
ضحك وهو على الأرض:
"لستُ جاهزاً بعد. لكنني سأكون. وعندما أكون... سأأخذ كل شيء."
ثم تلاشى في ومضة دخان.
---
في منزل آل سلفاتور، كان ألكسندر واقفاً أمام المرآة، يحدق بانعكاسه. للحظة، لم يتحرك الانعكاس معه.
فضرب المرآة بقبضته. تناثرت الشظايا في كل اتجاه.
ظهر ستيفان عند الباب:
"سوف نوقفه."
لم يلتفت ألكسندر، واكتفى بالقول:
"لستُ خائفاً منه... بل خائفٌ من أن أصبح هو."
كان صوت ستيفان هادئاً:
"لن تدعه يسيطر. سنُبقيك ثابتاً."
مرّ دايمن وهو يحمل زجاجة، وتمتم بسخرية خافتة:
"فقط لا تبدأ بارتداء الكُحل واقتباس نيتشه. نسخة واحدة منك تكفينا."
لكن حتى هو لم يستطع إخفاء
التوتر في نبرته.
لأنهم جميعاً كانوا يعرفون الحقيقة...
الرماد لم يكن مجرد لعنة.
بل كان أسوأ ما في ألكسندر... وقد تحرّر.
وها هو قادم من أجلهم جميعاً.
---