الفصل 59: زفاف دايمن سلفاتور
بدأت مراسم الزفاف مع أول خيوط الشمس التي تسللت فوق أشجار ميستيك فولز، لتغمر الحديقة بضوء ذهبي ناعم. كانت ورود الياسمين البيضاء — المفضلة لدى إيلينا — تتدلّى من كل قوس، والشموع تسبح بهدوء في أوعية من الكريستال، والكراسي مصطفة بتناغم تام، مواجهةً المذبح الصغير عند طرف الحديقة، حيث وقف دايمن الآن — في مفاجأة مذهلة، في الوقت المحدد تمامًا.
وقف ستيفان إلى جانبه، يبتسم بثقة وهو يحمل لقب الإشبين، بينما بقي ألكسندر خلفهما بقليل، يراقب بصمت وثبات.
همس ستيفان لدايمن، وهو يوكزه بمرفقه بلطف:
"هل أنت بخير؟"
لم ينظر دايمن إليه، كانت عيناه معلّقتين بممر العروس.
"أنا مرعوب"، قالها بصوت خافت.
ضحك ستيفان بصوت خفيف، "هذا أمر جيد."
"كنت على وشك ألا آتي."
"أعلم."
"ألكسندر صرخ في وجهي."
"أعرف."
ألقى دايمن نظرة جانبية عليه أخيرًا، وقال: "تبدو مستمتعًا بالأمر أكثر مما يجب."
اتسعت ابتسامة ستيفان، "ليس كل يوم أرى دايمن سلفاتور واقعًا في الحب… ومتوترًا."
تدخل ألكسندر، منحنٍ قليلاً للأمام، وأضاف:
"ولا يهدد أحدًا بالموت بسبب ذلك."
تمتم دايمن بشيء غير مفهوم، لكنهم جميعًا صمتوا حين بدأت الموسيقى تعزف.
---
ظهرت إيلينا عند بداية الممر، وفستانها يلتقط نور الصباح كأنه وشاح من النجوم. انساب شعرها بأمواج ناعمة، وابتسامتها — صغيرة، متلألئة، ممتزجة بالدهشة والفرح — كانت موجهة لشخص واحد فقط.
دايمن.
حبس أنفاسه. للحظة، بدا وكأن الزمن انكمش وتباطأ، ثم انفجر بنقاء ساحر.
كل خطأ ارتكبه، وكل قطرة دم سفكها، وكل الجدران التي بنى بها قسوته، تهاوت دفعة واحدة.
هذه إيلينا جيلبرت.
وقد اختارته.
---
كانت المراسم بسيطة وصادقة. العهود هادئة، تنبع من القلب.
قال دايمن وهو يواجهها، ويداه ترتجفان بخفة داخل يديها:
"لم أتخيل يومًا أنني سأحصل على هذا… لا الحب… ولا أنتِ. لكن ها أنتِ، عنيدة بما يكفي لترين الخير في داخلي — حتى عندما لم أره أنا."
اهتز صوت إيلينا وهي ترد:
"ذلك الخير كان دومًا فيك يا دايمن. لم أصنعه أنا… فقط رأيته."
وقف ألكسندر في الخلف، وأدار وجهه للحظة، أصابعه تشدّت قليلاً.
لكن ابتسامة رقيقة تَشَكّلت على وجهه.
لم يكن يشعر بالغيرة. بل بالفخر.
وحين جاء وقت القبلة، ضجّ الحضور بالضحك والتصفيق. كانت بوني وكارولاين تبكيان، حتى ألاريك مسح دمعة خفية بطريقته الصارمة المعتادة.
---
لاحقًا، وخلال حفل الاستقبال، رفع ستيفان كأسه ليلقي كلمة.
قال:
"لطالما ظننت أنني لن ارى هذه اللحظة ابدا … لكنني سعيد لأنني كنت مخطئًا. دايمن، لقد قطعت طريقًا طويلًا. وأصبحت شخصًا أفخر بأن أناديه أخي."
ثم نظر نحو ألكسندر.
"وأعتقد أنني أتكلم نيابةً عنّا نحن الاثنين حين أقول — هذه أسعد لحظة نراك فيها."
رفع دايمن كأسه تجاههما، وتبادل الإخوة الثلاثة نظرة صامتة، لا تحتاج للكثير من الكلمات.
---
ومع مرور الليل، علت الموسيقى، وبدأ الناس يرقصون، وتحولت حديقة آل سلفاتور إلى عالم من الدفء والضوء. جذبت بوني ألكسندر إلى رقصة هادئة، وأسندت رأسها إلى صدره.
همست له:
"لقد أحسنت اليوم."
أجابها:
"أنا فقط وجدت أخي… هو من فعل الباقي."
كان ستيفان يدور بكارولاين تحت أضواء الفوانيس، بينما انسحب دايمن وإيلينا إلى طرف الغابة، وحدهما.
ولأول مرة، لم يكن هناك تهديد يلوح في الأفق. لا لعنة. لا ظل.
فقط عائلة… وُلدت من الدم والنار… تقف تحت النور.
.....
بعد بعض الوقت
لم يعد منزل آل سلفاتور يعرف الهدوء. صدى الضحكات يملأ الأروقة، ورائحة القهوة الطازجة تنساب باستمرار من المطبخ، أما الصباحات فصارت سيمفونية من الأحاديث، والقبلات، وأحيانًا الجدال على وقت الاستحمام.
استولى ستيفان وكارولاين على غرفة الشمس صباحًا لممارسة اليوغا. بينما احتل دايمن وإيلينا المكتبة، وملأوها بنوادي الكتب التي تحبها هي، وتعليقاته الساخرة التي لا تنتهي. وأما ألكسندر؟ فظل كأنه ظلٌّ يتنقل داخل منزله، لا يستقر في مكان، عينيه تراقب كل شيء بصمت.
وفي أحد تلك الصباحات، بينما كان يحتسي قهوته السوداء في المطبخ، دخل ستيفان، شعره مبعثر وابتسامة مرحة تعلو وجهه.
قال:
"تعرف، بالنظر إلى أنك نجوت من الموت مرتين، تبدو هادئًا جدًا على شخص ما زال أعزبًا."
وقبل أن يتمكن ألكسندر من الرد، أطلّ دايمن برأسه من الباب.
"بالضبط! لديك بوني — ذكية، فاتنة، ومخيفة. عمّ تنتظر؟ بعث ثالث من بين الأموات؟"
ضحك ألكسندر وقال:
"أنتم بالكاد تزوجتما، والآن تريدان أن أشارككم نادي 'العذاب الأبدي'؟"
ربت ستيفان على كتف أخيه وقال:
"ليس عذابًا… إنها كآبة رومانسية."
علّق دايمن، وهو يغمز:
"تعبير شاعري فعلاً. لكن بجدية، يا رجل. بوني مدهشة. وهي تحبك. بل أعادتك من الموت — مرة أخرى. إن لم تكن هذه مؤهلات للزواج، فما الذي يكون؟"
تحول نظر ألكسندر بعيدًا، وبهتت ابتسامته قليلًا.
"تبدوان وكأنكما تنتميان لطائفة دينية."
تراجع دايمن، وضم ذراعيه أمام صدره قائلاً:
"بل طائفة من مصاصي الدماء المتزوجين السعداء… والذين يعرفونك أكثر مما تعرف نفسك."
صبّ ستيفان لنفسه كوبًا من القهوة، ثم سأل بنبرة أكثر هدوءًا:
"لكن بجد، فكرت في الموضوع؟ الزواج؟ بوني؟"
لم يرد ألكسندر مباشرة. شردت أفكاره إلى صوت بوني العذب، وقوة نظرتها، وطريقتها في جذبه إلى الأرض بثانية واحدة فقط من الصمت. كانت الشيء الوحيد في حياته الذي جعله يومًا يؤمن بالسلام.
"فكرتُ…"، قالها بصوت خافت.
رفع دايمن حاجبًا.
"وماذا كان القرار؟"
"وأنا… خائف."
ساد الصمت في المطبخ.
قال ستيفان، بنبرة دافئة:
"هذا منطقي. يجب أن تخاف. لكنك واجهت حكام، وشياطين، ولعنات… حتى والدنا. فما الذي قد يكون أكثر رعبًا من كل هذا؟"
استدار ألكسندر نحوهما، في عينيه ظلال من التردد والتفكير.
"ماذا لو آذيتها؟ ماذا لو عادت كل الظلمات التي دفنتها داخلي؟ الزواج وعد… وأنا لا أريد أن أكسره. ليس معها."
اقترب دايمن، ووضع يده على كتفه.
"إذًا لا تفعل. أنت تقاتل كل يوم لتكون أفضل. تحمينا، وتحميها. هذا هو أنت. لا تدع الخوف يمنعك من أن تكون سعيدًا."
نظر ألكسندر إلى أخويه — عائلته.
وللمرة الأولى منذ زمن، لم يرَ أمامه مجرد بقاء… بل مستقبل.
"تظنون أنها ستقول نعم؟"
ابتسم ستيفان بثقة:
"لقد أعادتك من الموت. أظنها قالت نعم بالفعل."
ضحك دايمن:
"هكذا نحبك، أيها العريس القادم."
تنهّد ألكسندر ورفع عينيه، لكن الابتسامة بدأت تتسلل إلى وجهه رغمًا عنه.
"حسنًا، سأتحدث إليها. لكن إن انتهى الأمر بكارثة، سألومكما معًا."
رفع ستيفان كوبه وقال:
"نحن مستعدان لتحمل المسؤولية كاملة."
لوّح دايمن كمن يحيي قائدًا:
"إلى آخر العُزّاب… الذي لن يبقى أعزبًا طويلًا."
ومع انسكاب نور الصباح من نوافذ المطبخ، وقف الإخوة الثلاثة معًا — مستعدين للفصل التالي من حياتهم… ولألكسندر، ربما أهم فصل على الإطلاق.