الفصل 65 : وصول الشيطان

لقد انشقت الليلة على نفسها.

لهيب أسود ابتلع السماء فوق ميستيك فولز، كأنه نذير شؤم لا مفر منه. كانت الطاقة تتشقق في الهواء كصواعق لا تسبقها عواصف، والرياح تدور كأنها تخشى أن تلامس الأرض. الأرض اهتزت تحت قدمي ألكسندر، وكل موضع يخطو إليه كان يحترق. هالته كانت خانقة، كأن قرونًا من الغضب اشتعلت وتحولت إلى جحيم مستعر.

ومع رفعه ليده مجددًا — والهواء من حول أصابعه يلتف بانحناءٍ عنيف يحمل في طياته قوة قادرة على تسوية المدينة بالأرض — أطلق انفجارًا آخر من الطاقة الخام، مشعًا بالظلام، بالألم، بالحزن والكراهية.

لكن قبل أن يصيب أحدًا —

طَق.

صوتٌ كأن الحكام قد تكلمت.

توقف العالم.

لم يتجمد الزمن، بل كأن شيئًا ما بداخله انكسر — كأن الواقع نفسه ارتجف.

توقف الانفجار في الهواء، معلقًا، كالزجاج على وشك التحطم ثم... السكون. ثم اختفى.

لا، لم يختفِ — بل أُعيد توجيهه.

عاليًا فوق السماء، فوق الغيوم، أبعد من النجوم — اشتعل السحر الأسود في صمت، وانفجر كأن نجمًا يحتضر في عمق الفضاء.

اتسعت عينا ألكسندر، ولو للحظة خاطفة.

ومن خلفه، انفتح في السماء بوابة من نور ذهبي دوّار، هادئة، مهيبة — وكأنها تسخر من الفوضى التي تَعمّ الأرض. ومن داخلها خرج شخصان.

أحدهما يرتدي بذلة سوداء أنيقة، قَصّة سترته حادة، وابتسامته أكثر حدة.

والآخر جلدية الملبس، شفرات على ظهرها، وعيناها تتفحصان المكان كصيّادة تدرك تمامًا خطورة الإقليم الذي دخلته.

لوسيفر مورنينغستار ومازيكين.

نفض لوسيفر غبارًا غير مرئي عن سترته، نظر إلى الجمع المتجمد من مصاصي الدماء، والصيادين، والسحرة، والهجناء... ثم عدّل أكمامه كما لو كان يعتلي خشبة مسرح.

"يا للجحيم، ميستيك فولز،" قال متثاقلًا. "حتى حفلات الزفاف عندكم تنتهي بيوم قيامة؟"

خطت ميز خلفه، تقيم ألكسندر بنظرات لامعة بالفضول. "إنه قوي،" تمتمت. "ليس من نسل الجحيم، ولا شيطان. إنه... أسوأ."

ابتسامة لوسيفر لم تهتز. "أجل. أعلم."

الأخوان سالفاتور بديا مذهولين. كلاوس ضيّق عينيه.

"إيلايجا،" همست ريبيكا، "إنه—"

"أعرف من هو،" قال إيلايجا بنبرة مشدودة.

تلاقت أعين لوسيفر وألكسندر.

حدقا في بعضهما — تجسيد الغضب في مواجهة توازن سماوي. وكان الحاضرون يرقبونهما وكأن السماء نفسها قد احتبست أنفاسها.

تقدم لوسيفر بثبات، لا يزعجه رماد الأرض ولا الظلال الملتفة حول قدمي ألكسندر.

"لقد فقدتَ أحدهم،" قال بصوت خافت. "أفهمك."

ألكسندر لم يتكلم.

مال لوسيفر برأسه قليلًا. "أتعتقد أن تدمير العالم سيوقف الألم؟ أن الصراخ أعلى من صوت الكون سيجعله يسمعك؟"

وعندما جاء صوت ألكسندر، كان كزجاج مكسور: "كانت كل شيء."

"أعلم،" قال لوسيفر مجددًا، بصوت منخفض، يكاد يكون رقيقًا. "لكنها لم تكن لترضى بهذا."

شدّ ألكسندر على فكيه. "لا تتحدث وكأنك عرفتها."

هزّ لوسيفر كتفيه بلا مبالاة. "لم أعرفها. لكنني أعرف ما يعنيه أن تفقد أحدهم. وأعرف هذا الطريق الذي تسلكه — لأني مشيت فيه."

بدأت موجة جديدة من اللهب الأسود تتجمع بين يديه — لكنها كانت أبطأ، أنفاسه متقطعة.

رمق لوسيفر الأخوين، ثم الأصليين.

"أعطوني مساحة،" قال. "إذا تدخل أحد... لا أضمن ما سيفعله."

تردد الجمع — لكن كلاوس أومأ برأسه.

"دعوا الشيطان يحاول تهدئته،" قال بجفاء.

اقتربت ميز من ستيفان وهمست: "إن لم ينجح... كن مستعدًا لدفن أخيك."

حدق ستيفان في ألكسندر، حلقه يضيق، ولم ينطق بكلمة.

وقف ألكسندر، لا تزال القوة تتفجر من كيانه... لكن يداه كانتا ترتجفان.

نظر إليه لوسيفر مباشرة، وقال جملة أخيرة، ناعمة وصادقة إلى حد الألم:

"هي رحلت. وإن أحرقت العالم، فستكون رمادًا أيضًا. ثم ماذا؟ ماذا يبقى من ذكراها حين لا يبقى شيء؟"

ارتجف اللهب الأسود.

ولأول مرة منذ الصرخة، جسد ألكسندر ترنّح.

ركبتاه لامستا الأرض.

تشققت الأرض تحته — لكن لم ينبثق منها نار.

بل ساد الصمت.

وصوت رجل محطم... يتنفس أخيرًا.

جثا لوسيفر إلى جواره.

"جيد،" همس. "الآن يمكننا أن نبدأ بالشفاء."

الريح التفت — لا كالسابق، بلا نيران، بلا هدير — بل بسكون كثيف كأنه يُطبق على الصدور. سكون غريب، ينبض بشيءٍ قديم... وساخر.

ثم وُجد هناك.

لم يظهر بصوتٍ مدوٍّ، ولا بوميضٍ خاطف. كان ببساطة... موجودًا. عند حافة الساحة، واقفًا بلا اكتراث تحت شجرةٍ متكسّرة. رجل — أو شيء يتقمص هيئة رجل. شعرٌ داكن، بشرة شاحبة، وعينان كأنهما شهدتا ولادة العالم... وملّتا منذ ذلك الحين.

صفق ببطء، بسخرية، كأنما يشاهد مسرحية هزلية.

"أحسنتم،" قال الغريب بابتسامة واسعة. "تصفيق حار، حقًا. يا لها من مسرحية عظيمة."

تجمد الحضور. ضيّق كلاوس عينيه. "من بحق الجحيم أنت؟"

أمال الغريب رأسه بخفة. "ألا تعرفونني؟ لا؟ لم أظن أنكم ستفعلون." ثم وجه نظره نحو ألكسندر — الذي لا يزال جاثيًا على الأرض، منهكًا، يداه تغرزان في التراب المتشقق كأنه يتشبث بالحياة.

"آه،" قال الغريب بنبرة تعاطف زائفة. "العريس المفجوع. كمٌّ هائل من الغضب... وصفر تحكم."

تقدم لوسيفر إلى الأمام، وقد تلاشت ابتسامته. صوته — المعتاد أن يكون ساخرًا خفيفًا — تحول إلى نبرة باردة كالصخر.

"أنت،" قال بجفاء. "كان علي أن أعلم أنك ستخرج من الظلال في النهاية."

وقف دايمن إلى جانبه. "من هذا؟"

لم يصرف لوسيفر بصره عن الغريب. "اسمه... مالاخ. من الأوائل الذين يتغذون على الالم و المعاناة حياتهم هي حكاية عن وضع الالم في قلوب الناس. مخلوقات تتغذى على الالم و المعاناة للبشر ولكن هم يختارون أهدافهم بحذر و دقه "

تجمد نفس ريبيكا. "لكن... تلك مجرد أسطورة."

تابع لوسيفر حديثه: "هو ليس شيطانًا، ولا ملاكًا، ولا حتى حاكم هو ما بقي عندما نسيت الخليقة شيئًا. الكائن الذي لم يكن له مكان. الفوضى ذاتها... في بذلة رسمية."

انحنى مالاخ بانحناءة ساخرة. "أعترف بالتهمة."

ثم التفت إلى ألكسندر — وابتسم بخبث.

"أوه، ألكسندر. كان يجب أن ترى وجهك حين سقطت. أقسم، كدت أغيّر رأيي. كان المشهد مثاليًا جدًا. لكنني فعلتها. لأنك أخيرًا كنت سعيدًا. وأنا... أكره ذلك."

ثم ضحك.

ضحكة كصوت سكاكين تحكّ العظام، حادة، مرتفعة، حتى دمعت عيناه من شدة الضحك.

"، كان منظرًا لا يُفوّت. قلبك تحطّم. وقد استمتعت بكل لحظة."

رفع ألكسندر رأسه.

عيناه — التي كانت خاوية منذ لحظات — بدأت تتوهج.

تلاشت الألوان من العالم. توقفت الطيور في منتصف الطيران. وارتجف الزمن.

تراجع لوسيفر خطوة للوراء.

"لا،" همس. "إنه يفقد السيطرة مجددًا."

نهض ألكسندر. ببطء. بإرادة.

توتر الجميع. تحرك ستيفان نحوه بغريزته — لكن دايمن أمسك بذراعه. "لا تفعل،" قال بتحذير. "هو لم يعد... موجودًا معنا."

صفق مالاخ بحماس، كطفل ينتظر مشهدًا عنيفًا. "هيا يا ألكسندر! أرني ما تبقّى من عقلك!"

وفعل ألكسندر.

لكن ليس بالكلام.

وليس بالنار.

لا.

بل بالصراخ.

صرخة من فرط صدقها، من عمق عقله المحطم والغضب ، تشققت الأرض من تحت قدميه. جسده تبدّل — لا إلى ذئب، ولا إلى مصاص دماء، ولا وحش — بل إلى شيء نقي... وعاء للغضب والهلاك.

اسودّت السماء من جديد.

ارتفع شعره كما لو أنه مسحوب برياح سماوية. عيناه لم تَعُد فقط متوهجتين — بل مشتعلة. ليست حمراء، ولا ذهبية.

بل لونٌ غابر... خاطئ.

تراجع كلاوس. "هذا ليس جيدًا."

قبض لوسيفر على فكيه. "لا، ليس كذلك."

انتهت الصرخة — وساد السكون.

وألكسندر، وقد بات بالكاد يمكن تمييزه، خطا خطوة إلى الأمام.

نحو مالاخ.

نحو الموت.

نحو ما تبقى من عقله.

ولأول مرة...

توقف مالاخ عن الضحك.

---

2025/06/08 · 7 مشاهدة · 1081 كلمة
نادي الروايات - 2025