الفصل 66 : ليكن الظلام

في الانجيل

قال المسيح يومًا: ليكن نور.

فكان.

لكن هذا اليوم لم يكن يومه

في هذا اليوم، لزم كل شي الصمت.

في هذا اليوم، نهض ألكسندر —الطفل المنبوذ، الأخ المنسي — من رماد الدمار، دون قلب يقدّمه. كانت روحه محترقة، مشوهة، لا تُعرف. وبدم بوني الذي ما زال دافئًا في التراب تحت قدميه، رفع نظره نحو السماء…

"أنا أنبذ النور،" همس. "وليكن الظلام."

وأصغت السماء.

واختفت النجوم — تلك التي خُلقت منذ الأزل، وتبعُد بلا نهاية — خلف سحب سوداء لا أصل لها.

بكى القمر وخبا ضياؤه.

وانبعث ظلام، لا هو ظلمة ليل، ولا ظل، بل حزنٌ نقي، اجتاح جسد ألكسندر كما الأمواج تنفجر من نجم يحتضر.

واقفًا على الجانب الآخر منه، لم يعد ضاحكًا، كان مالاخ — تجسيد الفوضى بعينه.

"أتجرؤ على تحدّيي وأنت بهذه الحال؟" سأل مالاخ بازدراء. "ستتحطم."

"لقد تحطّمتُ فعلاً،" قال ألكسندر بصوتٍ خفيض. "أنت من تأكّد من ذلك."

من دون سابق إنذار، ولا حتى رمشة عين، تصدّعت الأرض تحت قدمي ألكسندر، وانطلق. أسرع من أن يُرى، أسرع حتى من أن يتوقّع كلاوس أو لوسيفر — قبضته اصطدمت بوجه مالاخ.

وتحطّم السماء.

لا رعد.

ولا برق.

بل تحطّم — كأن أحدًا لكم قبة السماء.

طار مالاخ عبر الساحة، جسده يتقلب وسط الأشجار، يخترق الجبال — حتى دوى انفجار في الأفق، وانهدّ جرفٌ صخري بأكمله.

لكنه نهض.

ينفض الغبار عن كتفيه.

ويبتسم من جديد.

"الآن هذا..." زمجر، يلعق الدم من شفتيه، "هذا أقرب لما أريده."

ثم بدأت.

معركة الوحوش.

لا مصاصي دماء. لا ملائكة. لا صيّادين.

بل شيء يفوق كل ذلك.

وقف لوسيفر حائلًا بين المعركة وبين الحاضرين، بينما انفجرت موجات من الطاقة الخام مع كل صدام. برق بلا عاصفة. نار بلا حرارة. جاذبية مشوّهة تسحب في اتجاهات خاطئة. العالم نفسه بدأ يتشوّه حول المعركة.

تجمّد ستيفان في مكانه. "هذه... ليست معركة. إنها كارثة."

قبض دايمن على فكّه. "ذلك لم يعُد ألكسندر."

حركات ألكسندر لم تكن أنيقة، ولا مدروسة. بل مدفوعة. تغذيها المعاناة، وتقودها الغضب. ومع ذلك — كان هناك دقة في هجماته.

هو لم يعُد يقاتل لينتصر.

بل يقاتل ليدمّر.

ضحك مالاخ مرة أخرى، وهو يتفادى انفجارًا من طاقة سوداء أباد الجبل خلفه. "افعلها يا ألكسندر! أرني إلى أي مدى ستسقط!"

لم يتكلم ألكسندر.

فتح ذراعيه، وبصرخة حوّلت الأنهار إلى بخار، استحضر شيئًا قديمًا. شكلاً من السحر لم يُشهد من قبل. عاصفة من الظلام، ممزوجة بالحزن والانتقام.

وللحظة واحدة...

ارتبك مالاخ.

اتسعت عينا لوسيفر. "إنه يحاول إعادة كتابة قوانين القوة. يستحضر سحرًا أقدم من الموت نفسه."

قالت مازيكين بجانبه، وهي تهمس بغضب: "سيُمزّق العالم إربًا."

بكت إلينا بين ذراعي كارولاين، وهي تشاهد الرجل الذي أحب بوني يومًا بكل لطف... يتحول إلى قوة تضاهي الحكام

تقدّم كلاوس خطوة. "هل يمكننا إيقافه؟"

لم يُجب لوسيفر.

بل نظر فقط نحو الأفق — حيث وقف مالاخ، ذراعاه مشعتان، والفوضى فيه متفجرة بالكامل — وحيث كان ألكسندر، يطفو في الهواء، والظلام يدور حوله كإكليل من العدم، يبادله النظرات.

ثم اصطدما.

فتحول السماء إلى بياض ناصع.

وفي لحظة واحدة، على امتداد الأرض — من ميستيك فولز إلى نيويورك إلى طوكيو — توقف العالم.

رفع الناس رؤوسهم نحو الضوء، كأن شمسًا جديدة وُلدت.

لكنها لم تكن نورًا.

كانت النهاية.

وحين تلاشى الدخان...

وبدأ الغبار يتساقط كثلج شاحب...

لم يبقَ واقفًا سوى شخصين.

مالاخ — مدرّج بالدماء، يبتسم، بالكاد يتنفّس.

وألكسندر — جاثٍ على ركبة واحدة، يلهث، وعيناه خاويتان.

وحشان.

لا يرحمان.

لكن واحدًا فقط بقي لديه ما يخسره.

وألكسندر...

كان قد خسر كل شيء.

كان ألكسندر جاثيًا على ركبتيه الان

لا خضوعًا.

ولا ضعفًا.

بل صدقًا.

لقد قدّم كلّ شيء — كلّ شيء — في هذه المعركة. قوته كمصاص دماء، دمه الملعون القاسي، والقوة القديمة التي امتلكها في معركته ضد دماء المنسيين. استخدم الغضب كسلاح، والحقد كعاصفة. ومع ذلك… لم يكن كافيًا.

وقف مالاخ قبالته، يضحك من خلف فكٍ متشقق، ينزف لكنه لم ينحنِ. "أهذا كل ما لديك؟" تهكّم. "أهذا كل ما يمكن لانتقام رجل حزين أن يفعله؟"

لم يُجِب ألكسندر.

لم يستطع.

كل خلية في جسده تصرخ. عظامه مسحوقة تحت جلده. روحه تتلاشى كالشمعة قبل انطفائها. العالم من حوله يتلوّى ويتشوّه، سُحب سوداء متجمّدة فوقه، ونيران تشتعل تحت الأرض تحته. كان ينهار — لا من الألم.

بل من الفراغ.

لكن حينها… شعر بها.

دفء.

همسة.

شرارة.

في أعماق أنقاض روحه — شيء ما تحرّك. شيء ناعم. مألوف. مستحيل الرقة وسط كل هذا الحقد.

إنها هي.

بوني.

لم يكن صوتها. ولا رؤيا.

بل سحرها.

جزء منها — تركته خلفها. وهبته عن طيب خاطر. وهبته بالحب. كان هذا فعلها الأخير قبل الموت.

شعر به الآن، يستيقظ في أعماقه، يتوهّج كأن شمسًا تُولد في عروقه.

"لست وحدك، ألكسندر."

الهمسة لم تكن حقيقية. لكن السحر كان كذلك.

اغرورقت عيناه الميتتان بالدموع. لا من الحزن. ولا من الفقد.

بل من الأمل.

لأوّل مرة منذ سقوطها، شعر بها من جديد. لا كذكرى. بل كقوة.

بوني بينيت — الساحرة التي لا يُضاهى سحرها — سكبت جوهرها فيه قبل أن ترحل. وقد ظل ساكنًا في داخله، مخبّأ تحت طبقات من الغضب والضياع. لكن الآن… وروحه على حافة الانهيار…

مدّ يده نحوه.

وما إن لمسه… حتى تبدّل كل شيء.

لم يختفِ الظلام من حوله — بل تحوّل. لم يعُد يلتهم. بل يحمي. سحر سلالة "بينيت" لم يتغذَّ يومًا من الغضب — بل من الحب. وحين اتّحد ذلك السحر مع قوة ألكسندر المحطّمة، وُلد شيء جديد.

تجمّد مالاخ وسط ضحكته.

لأن ألكسندر نهض.

وكان يتوهّج.

لا بالنار. ولا بالظلام.

بل بالتوازن.

ساحر. ومصاص دماء. ونفس ملعونة. وغضب أعيد بعثه.

لكنّه الآن — مُكتمل.

عاد صوته، خشنًا خافتًا. "أتظن أنني كنت أقاتل وحدي؟"

رفع يده، فاستجابت السماء.

من الأعالي، اشتعلت الغيوم بسحر بنفسجي، ودوى الرعد — في تناغم.

قال ألكسندر مجددًا، بصوت أعلى: "لست وحدي... لم أكن يومًا."

واندفع سحر بوني — نقيّ، ساطع، أبديّ — في جسده كأنّ نيرانًا مقدّسة تشق طريقها بين عروقه.

تراجع مالاخ خطوة، حاجباه ينعقدان. "لا—"

تحرّك ألكسندر.

كان أسرع من ذي قبل، لكن الأمر لم يعُد مسألة سرعة.

بل غرض.

كل خطوة كسرت الأرض — دون أن تجرحها.

كل حركة مزّقت الهواء — دون أن تؤذي الحياة.

لم يكن هذا فوضى.

كان عدالة.

رفع يده، ومع كلمة واحدة — لم يعرفها من قبل، لكنها كانت محفورة في دمه — استدعى انفجارًا من نار بيضاء.

ضربت مالاخ في صدره وأطاحت به.

وهذه المرة… لم ينهض وهو يضحك.

هذه المرة… نزف مالاخ.

ضيّق لوسيفر عينيه باهتمام. "إنه لا يُقاتل فحسب. إنه… يتجاوز."

همست مازيكين: "هذا لم يعُد انتقامًا. هذه قوة تحمل قلبًا."

راقب الأخوان سالفاتور المشهد، بالكاد يتنفّسان.

قال دايمن بهدوء: "هذه... بوني."

أومأ ستيفان.

وعالياً في السماء، كان ألكسندر يطفو، ذراعاه مفتوحتان، وعيناه تتوهجان بالأرجواني والذهبي — غضبٌ وحبّ اندمجا معًا ليصنعا ما يجعل حتى أعتى الوحوش القديمة تتراجع.

لم يزأر هذه المرة.

بل همس.

"إيذاؤها... كان خطأك."

ثم اختفى.

وبعد ثانية واحدة، دوّى صرخة مالاخ.

ظهر ألكسندر خلفه، يدٌ تتوهج وقد اخترقت ظهره. لا ليفتك

— بل ليستخرج. جذب يده، ومع عويلٍ حوّل السماء إلى قرمزي، انتزع شيئًا مظلمًا من روح مالاخ — مصدر فوضاه، بذرة قوته الشيطانية.

ساد الصمت.

انهار مالاخ.

وأما ألكسندر… فقد وقف وسط أنقاض غضبه، يحمل في يدٍ شظية الظلام، وفي الأخرى سحر بوني.

انتهت الحرب

---

2025/06/10 · 4 مشاهدة · 1129 كلمة
نادي الروايات - 2025