الفصل 67 : ثمن الاستعادة

تبعثر رماد مالاخ في الرياح، واختفى وسط صمت ثقيل خيّم على المكان. لكن مع اختفاء آخر أثر له من على وجه الأرض… بقي شيء.

نبضة مفاجئة.

دائرة من الضوء المتوهج انفجرت من الموضع الذي سقط فيه جسده — واسعة، عمياء، قديمة.

تبدّل اتجاه الرياح.

وتوقفت النيران.

تراجع الجميع خطوة إلى الوراء، مدفوعين بخوف غريزي.

الجميع… ما عدا ألكسندر.

تأمل الضوء بعينين غامضتين لا تُقرأ مشاعرهما. كان يعرف ما هذا. ليس انتقامًا. ولا لعنة. بل قوة — ما تبقّى من قوة مالاخ الظلامية القديمة، وقد طُهّرت بالموت. طاقة خام، متفلتة. حية.

تقدم لوسيفر، وقد شعر بالخطر يقترب. "ألكسندر—"

لكن الأوان قد فات.

تحرك ألكسندر دون تردّد، ودخل في قلب النور كما لو كان يناديه منذ البداية. انحنى له النور. امتد نحوه. وفي ومضة ساحقة، وضع ألكسندر يده عليه… وسحب النور إلى صدره.

انغرس الضوء فيه — كما لو أن شمسًا انهارت إلى أعماق روحه.

صرخة انفلتت من شفتيه، ليست صرخة ألم… بل تصميم. ارتجف جسده، وتوهّجت عروقه كسواقي من الذهب والنار. اتسعت عيناه بنور أبيض — عظامه، دمه، كيانه كله — ممتلئ بقوة إلهية، شيطانية، ملعونة، وسحرية… في آنٍ واحد.

"ألكسندر!" صرخ ستيفان، لكن لوسيفر أوقفه.

قال لوسيفر بهدوء، "دعه يفعلها. هذا كان قدره منذ البداية."

ارتفع ألكسندر قليلًا عن الأرض، عيناه تضيئان كنجمتين. نظر حوله إلى الخراب. إلى العالم المحطّم. الأرض المشبعة بالدماء. بقايا المنازل، والأُسر، والذكريات.

أغمض عينيه وهمس، "بوني... الآن أفهم."

تردّد صوته في العوالم.

مدّ يده إلى داخله — لا لقوة مالاخ فقط، بل لقوته كمصاص دماء، لروحه الملعونة، والأهم… لسحر بوني. هديتها الأخيرة. نبضها الأخير الذي يعيش في أعماقه.

"أعيديهم," همس. "أعيديهم جميعًا"

انشقت السماء بنور… أعمى. متألق. دافئ.

من الأعالي، انهمرت أشعة من طاقة ناعمة كنجوم تتساقط. كل روح سُلبت بسبب هذه الحرب — من ميستيك فولز إلى أقاصي العالم — بدأت تعود. تتنفس. تستفيق. تعود إلى الحياة.

فتح مات دونوفان عينيه في المكان الذي سقط فيه. جلست ليز فوربس في مكتبها المدمر. رمش الأطفال تحت الأنقاض ووجدوا الهواء نقيًا من جديد. بدأت الغابات تنبت، والأنهار تعود لجريانها.

عادت الحياة.

لا بقاء فقط.

بل استعادة.

داخل الحاجز الواقي، رفع الجميع أيديهم ليحموا أعينهم بينما كان العالم يرمم نفسه من حولهم.

تشبثت إيلينا بيد دايمن. وأسندت كارولاين رأسها على كتف ستيفان. حتى كلاوس… لم ينبس بكلمة، وقد حلّ الإجلال محل الغطرسة في عينيه.

همس لوسيفر، "إنه يعيد كتابة الواقع."

وفي مركز كل ذلك، كان ألكسندر.

بشرته أصبحت شاحبة كالموت. عروقه بدأت تسوّد. وشفاهه ترتجف… إذ بدأ السحر داخله، آخر قطرة من روح بوني، في التلاشي.

انخفض إلى الأرض. عيناه خافتتان. صدره يرتفع ويهبط ببطء... بشحوب.

أمسكه ستيفان قبل أن ينهار تمامًا.

وسقط دايمن بجانبه. "أليكس؟ هيه، لا تجرؤ على—"

ابتسم ألكسندر بضعف. "هل... فعلتُها؟"

قال ستيفان بصوت متهدج، يحبس دموعه، "لقد فعلت أكثر من ذلك… لقد أعدت للعالم روحه."

صوت ألكسندر بدأ يخفت. "إنها تنتظرني... أشعر بها."

تقدم لوسيفر ببطء، بوقار. "سيُذكرك العالم… لا كوحش. ولا كمَلعون. بل كرجلٍ احتمل كل الألم… وأنقذ الجميع."

ابتسم ألكسندر ابتسامة باهتة. "إذن… هذا يكفيني."

اقترب أخواه، ضمّاه، رفضا تركه.

همس ألكسندر، ودمعة انسلت على خده، "سأقول لها... إنكم بخير. سأقول لها… أنكم اشتقتم."

كان زفيره الأخير هادئًا.

نفسًا سلميًا.

لأوّل مرة منذ وُلد… عرف ألكسندر طعم السلام.

تلاشى الضوء من حول جسده.

لقد رحل.

لكن في هذا الرحيل… وُلد العالم من جديد.

---

أُقيمت الجنازة بعد أسبوع، تحت سماء أعيد بناؤها، وأشجار وُلدت من جديد. حضر الجميع. آل سالفاتور، آل مايكلسون، آل وينشستر، وأهالي ميستيك فولز. اجتمعوا حول قبر بسيط، لا يميّزه سوى جملة واحدة:

"لقد منحنا كل شيء."

لم تكن هناك خطب طويلة، ولا دراما. فقط صمت… ودموع… وخشوع.

لكن حين همّ الجميع بالرحيل، مرّت نسمة رقيقة في الغابة. توقف دايمن. شعر بشيء.

همسة في الهواء:

"قل لهم… إنني الآن سعيد."

في مكان بعيد، لا تراه أعين الأحياء، وقف ألكسندر وسط حقل من النجوم. وإلى جانبه،

يدها في يده… كانت بوني. حية في الروح. حرّة. تضحك.

سارا معًا نحو الخلود.

ولأول مرة منذ الأزل…

ابتسم ألكسندر.

2025/06/10 · 3 مشاهدة · 633 كلمة
نادي الروايات - 2025