الفصل 68 : عقدٌ من الصمت

مرّت عشرة أعوام منذ أن احمرّت السماء بنار الهاوية.

عشرة أعوام منذ أن غُمرت ميستيك فولز بالنار والدماء، قبل أن تُنقَذ بتضحية رجلٍ حمل في قلبه عقود من الألم… ووعدًا أخيرًا.

لقد مضى العالم قُدمًا.

أُعيد بناء البلدات. عادت السماء إلى صفائها الأزرق. واستأنف الناس حياتهم—بهدوء، وبامتنان.

لكن في قلوب من أحبّوه، ظل ألكسندر سالفاتور خالدًا لا يُمحى.

جلس ستيفان سالفاتور على شرفة منزل آل سالفاتور الذي أُعيد ترميمه، وأصابعه متشابكة مع أصابع كارولاين. لم يمسّ الزمن ملامح وجهيهما، لكنه استقرّ في نظرات أعينهما. نظرات هادئة، مطمئنة، لا تأتي إلا بعد أن يُشفى القلب من جراحٍ حقيقية.

غالبًا ما كان يُطيل النظر إلى الكرسي الهزاز القديم في زاوية الشرفة—كرسي ألكسندر. الموضع ذاته الذي اعتاد أن يجلس فيه بعد أيامٍ طويلة، وذراعاه متشابكتان، وعلى شفتيه ابتسامة ساخرة، بينما ينصت إلى شقيقه وهو يُطيل الحديث عن الشرف والفداء.

شدّت كارولاين على يد ستيفان برفق حين شرد في أفكاره. لم تكن بحاجة إلى سؤال. كانت تعلم.

أما دايمن سالفاتور، فما زال يحتفظ بطابعه اللاذع—سخريته، وسحره، وروحه التي لا تخلو من المكر—لكن الزمن رقّقه، روّض حدّته. عاش مع إيلينا في منزلٍ هادئ على أطراف البلدة، بعيدًا بما يكفي عن العالم لينعما بالسلام، وقريبًا بما يكفي ليسيرا في الغابات التي لطالما ردّدت ضحكات ألكسندر ووجعه.

كان يقصّ الحكايات—عن معاركهم، عن جدالاتهم الليلية الطويلة، وعن الصمت الذي جمعهم. وفي أكثر الساعات سكونًا من الليل، كان يخرج إلى الخارج، ينظر نحو النجوم، ويهمس بصوتٍ مبحوح:

"كان يجب أن تبقى، أخي… كنتَ تستحق أن تبقى."

تحوّلت إيلينا جيلبرت إلى طبيبة محبوبة، واستبدلت حزنها بقوةٍ لا تلين. كانت تُنقذ الأرواح كل يوم، تُفرغ وجعها في غايةٍ أسمى. واحتفظت دومًا بصورٍ لعائلتهم المتكسّرة الغريبة—ومن بينها صورة نادرة يظهر فيها ألكسندر مبتسمًا إلى جانب أخويه. كانت تلك صورتها المفضّلة.

أما كارولاين فوربس، فقد أصبحت منارة أمل في ميستيك فولز. شاركت في تأسيس أكاديمية سحرية تحمل اسم بوني—مدرسة تقف شامخة بين الجبال، ترحّب بالساحرات الشابات من شتى بقاع الأرض. كانت تزورها كثيرًا، وقلبها مشدود دومًا إلى أعزّ صديقاتها التي فقدتها… وإلى الأخ الذي دَينوا له جميعًا بحياتهم.

عاد ألارك سالتزمان إلى التعليم، رغم أن حواف شخصيته الحادة التي كوّنتها سنوات الصيد والبقاء، لم تبهت. مرة واحدة في كل عام، دون إخلال، كان يزور التمثال. زهرة في يد، وقارورة في الأخرى.

"إلى أخطر شاب عرفته في حياتي،" كان يتمتم، وصوته يختنق. "وإلى أكثرهم وفاءً."

عاد آل مايكلسون—كلاوس، وإيلايجا، وريبيكا—إلى منزلهم ، لكنهم لم يعودوا كما كانوا. رسم كلاوس لوحة لألكسندر كل عام، دون أن يتحدث عنها أبدًا. أما إيلايجا، فقال يومًا عابرًا: "كان فيه شرف… وألمٌ لن نفهمه يومًا." وكانت ريبيكا تبكي في كل زيارة إلى الأكاديمية السحرية، وكل ذكرى لـ بوني وألكسندر تزداد وضوحًا في قلبها مع مرور الزمن.

ثم كان هناك سام ودين وينشستر.

لا يزالون منغمرين في ساحات القتال. و في القبو، قرب الأسلحة وكتب التعويذات، كانت هناك صورة. باهتة، لكنها واضحة—خمسة رجال، كتفًا بكتف. مصاصو دماء، وصيّادون… إخوة كوّنتهم النار.

كان دين يربّت على إطار الصورة كلما أثقل العالم كاهله.

"ذلك اللعين مصاص الدماء،" كان يتمتم. "جعلني أؤمن بشيء."

---

في وقت لاحق من تلك الليلة…

وقف منتزه ميستيك فولز ساكنًا في هدوء ضوء القمر. كانت الأشجار تهمس مع الريح، وصوت الأوراق المتكسّرة يتردد خافتًا تحت خطواتٍ حذرة.

وفي قلب المنتزه… تمثال.

ألكسندر سالفاتور.

منحوت من حجر الأوبسيديان والفضة، شامخًا، مرفوع الرأس، وعيناه شاخصتان نحو السماء. يده اليمنى موضوعة على صدره، واليسرى بجانبه، منقبضة قليلًا… كما لو كان على وشك أن يعود للحياة في أية لحظة.

الكلمات المنقوشة أسفله كانت بسيطة… لكنها خالدة:

"تحمّل اللعنة، واختار الألم، ومنحنا السلام."

وقف ستيفان، دايمن، كارولاين، إيلينا، وألارك أمامه بصمت.

لا خطب. لا زهور.

فقط… صمت.

لحظة طويلة، اجتمع فيها الحزن مع الحب، وانصهرا في سكونٍ مقدّس.

تغيّر اتجاه الريح.

وفي مكانٍ ما بين الأشجار، تحرّكت الأوراق كأن أحدًا قد مرّ. بردٌ خفيف لفح وجوههم، تلاه دفء خفيّ… كما لو أن روحًا ابتسمت ومرّت بجوارهم.

رفع دايمن رأسه. "ما زلت تراقبنا… أليس كذلك، أخي؟"

لا إجابة.

فقط… نجوم.

وسكون.

وذكرى ثابتة لا تتزحزح لرجلٍ حمل العالم على كتفيه يومًا… ثم اختار أن يتركه، ليمنح الآخرين الحياة.

ألكسندر سالفاتور.

رحل… لكنه لم يُنسَ أبدًا.

2025/06/10 · 1 مشاهدة · 657 كلمة
نادي الروايات - 2025