الفصل 70: لقد عاد

ساد صمت ثقيل بعد كلمات الصبي، صمتٌ خانقٌ كأنما العالم بأسره حبس أنفاسه.

تحركت شفتا ستيفان دون أن يخرج صوت، يحاول ذهنه بيأسٍ أن يجد منطقًا فيما لا يُعقل. همس بصوت مرتجف:

"هذا... هذا غير ممكن."

تشبثت كارولاين بذراعه، وعيناها متسعتان بدهشةٍ مشوبةٍ بدموعٍ حائرة.

"ذلك الصوت... تلك الابتسامة... ستيفان، إنه هو. إنه ألكسندر."

خفق قلب دايمن، لا خوفًا، ولا ارتباكًا، بل لشيء أعمق... رابط خفي، صلة لا يمكن للزمن أن يقطعها.

قال بصوت متردد، رغم أن نبرة الشك كانت قد بدأت تتلاشى:

"هذا غير معقول... أنت... ميت."

نظر إليه الصبي... نظر مطولًا، ثم رفع حاجبه بابتسامةٍ مألوفةٍ حدّ الألم، حتى شعر دايمن أن روحه قد تلقت لكمة.

"ومع ذلك، ها أنا ذا. هل اشتقت إليّ، أخي؟"

شهقت إيلينا.

"لكن كيف... كيف يكون هذا ممكنًا؟ لقد رأيناه يموت... رأينا ما فعله..."

تقدم ألارك خطوة حذرة، عينيه تحدقان بثبات.

"أأنت هو حقًا؟ ألكسندر؟"

أومأ ألكسندر برأسه إيماءة طفيفة، وقد اعتدل وجهه للحظة، تملأه جدية خافتة.

"بكل الطرق التي تهم... نعم."

خرجت ربيكا من الظلال، ذراعاها معقودتان، لكن تعبيرها خان صلابتها.

"لقد متَ من أجل أن تعيد بناء العالم... تحولت إلى رماد أمام أعيننا. أأنت وهم؟ خدعة؟"

توجه إليها بنظره، وكان للثقل في عينيه وقع لا يُخطئ.

"أنتِ أدرى من أن تصدقي ذلك، يا ربيكا."

ضحك لوسيفر بخفة وهو يقف على أطراف التجمع، ابتسامة فضولية على وجهه، وتقدم بخطى بطيئة قائلاً:

"كان يجدر بي أن أتوقع هذا."

أما مازيكين، فكانت مستندة إلى شجرة، ذراعاها مطويتان، ونظرتها لا تخطئ:

"إنه هو. تلك الروح لا يمكن أن تختبئ عني... حتى لو أرادت."

نظر سام وينشستر إلى دين، الذي هزّ رأسه ببطء.

"روح الفتى... ضخمة، ومظلمة، ومألوفة."

أومأ سام.

"إنه هو."

اقترب ستيفان بخطى بطيئة، ويداه ترتجفان.

"أليكس؟ أحقًا... أنت؟"

ابتسم الفتى - ألكسندر - من جديد، لكن هذه المرة كانت ابتسامته أكثر هدوءًا، وأكثر حنينًا.

"أنا هو، ستيفان... فقط أصغر حجمًا."

لم ينتظر دايمن لحظةً أخرى. تقدم بخطى ثابتة وركع أمام الفتى، يحدّق في عينيه، يبحث فيهما عن أي زيف.

لكنه لم يجد شيئًا سوى الحقيقة. حقيقة ملفوفة في صمت عشرة أعوام، وحب، وألم، وشيءٍ أعظم.

قال بصوت مبحوح:

"لقد دفنتك... بكيت عليك."

خفّت حدة ابتسامة ألكسندر، لكنها لم تختفِ.

"والآن ستبكي من جديد... لأنني عدت."

عندها... انكسر الصمت.

انقضّ الأخوان سالفاتور عليه بعناقٍ حار، يحتضنان الجسد الصغير الغريب لأخيهما الأكبر بين ذراعيهما، وكأن عشر سنوات من الحزن قد تلاشت في لحظةٍ واحدة.

لحظة حوّلت الفقد إلى فرح، والشك إلى يقين.

أما الآخرون، فوقفوا يراقبون، والدموع تترقرق في العيون، والابتسامات تشق الوجوه، والقلوب تخفق بشدة.

لقد عاد.

---

قبل عشر سنوات – في نور ما بعد الموت

لم يكن هناك ألم حين مات ألكسندر.

ولا خوف.

ولا ندم.

بل دفءٌ نقي.

لقد جمع آخر ما تبقى من نور قوة "مالاخ" الفاسدة، ولفّ روحه المتلاشية بسحر بوني، وأعاد بناء العالم من رماده.

المدن المحطمة، السماء المحروقة، الموتى... أعاد كل شيء.

ما عداها.

وما عدا نفسه.

تذكر الشعور بالتحليق، كأن الأرض تنسحب من تحته، والصمت يحتضنه كأم رؤوم. وحين فتح عينيه مجددًا، وجد نفسه واقفًا في حقل من الخزامى، تحت سماء زرقاء بشكل يفوق الواقع.

وكانت بوني هناك.

تبتسم.

وتنتظر.

لم تتكلم. لم تكن بحاجة إلى ذلك.

أسرعا إلى أحضان بعضهما، وبكيا... لا حزنًا، بل من السلام الطاغي الذي غمر قلبيهما بلقاءٍ خالٍ من الحرب، خالٍ من الخوف، خالٍ من الفناء.

ولسنوات... كان ذلك كافيًا.

الزمن هناك كان يسير بوتيرة مختلفة.

عشر سنوات في العالم مرت كأحلام هادئة في عالم ما بعد الموت.

معًا، بنيا نوعًا جديدًا من الأبدية:

كوخٌ صغير على ضفة بحيرة ساكنة، نجومٌ تُصغي، وأيامٌ لا تنتهي.

لكن العالم لم يتوقف.

وفي مكانٍ ما، عميقًا داخل نسيج السحر الذي تركته بوني... بدأت الحياة تتحرك من جديد.

سحرها، الذي حافظ على كينونة ألكسندر في الآخرة، بدأ يخفق مجددًا في العالم الحي.

يستجلب القوة.

يتصل بالروح التي سبق أن احتضنها كشرنقة نور.

شعر ألكسندر بذلك ذات يوم، وهو واقف على التلة المطلة على البحيرة الأبدية.

خطت بوني إلى جانبه، وأصابعها تتشابك بأصابعه.

همست بهدوء:

"أنت تشعر به أيضًا، أليس كذلك؟"

أومأ برأسه.

"إنه يناديك."

استدار نحوها، وقلبه يضيق من الألم.

"لا أريد أن أتركك."

فهمست، وهي تطبع قبلة على جبينه:

"أنت لا تتركني... جزء مني سيظل معك دومًا، تمامًا كما أن جزءًا منك سيبقى معي."

بلع ريقه بصعوبة.

"لماذا الآن؟"

ابتسمت من خلال دموعها.

"لأن العالم قد يحتاجك من جديد. لأن قصتك لم تنتهِ بعد."

وهكذا... بدأت الرحلة.

في لمح البصر، اشتعلت روح ألكسندر.

قبلته بوني للمرة الأخيرة، وسحرها التف حوله كجناحين من الضوء.

لم يصرخ. لم يبكِ.

بل ابتسم... واختفى في وهجٍ ذهبي.

---

الزمن الحاضر – عند ساحة التمثال

كان الجميع واقفين مذهولين، بعضهم يبكي، وبعضهم يبتسم، وآخرون عاجزون عن الكلام.

وقف ألكسندر أمامهم، في هيئة طفلٍ في العاشرة، يحمل روح خالدة.

مدّ أصابعه الصغيرة ولمس حجر تمثاله، ابتسامة جانبية تلوح على شفتيه.

قال وهو يلتفت بخفة:

"أليس في الأمر بعض المبالغة؟"

ضحكت كارولاين وسط دموعها.

"لم تتغير أبدًا."

غمز قائلاً:

"أبدًا."

تقدم لوسيفر هذه المرة، وقد زال المرح من ملامحه، ليحل محله شيء من الجدية.

"سحر زوجتك اعادك ولكن لابد من وجود سبب خلف الامر

أتعلم لماذا عُدت؟ "

خفّت ابتسامة ألكسندر قليلاً، ونظر نحو الأفق.

"ليس بعد..."

همس بها.

"لكنني سأعلم."

وهبّت الريح من جديد... تحمل معها عبق الخزامى، وإحساسًا بأن شيئًا ما قد بدأ للتو.

وهكذا بدات قصه جديده من الالم و المعاناة و الفرح و الضحك و القتالات

ولكن هذه قصه لوقت اخر...

---

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته معاكم الراوي المعجزة كاتب هذه الرواية

وهكذا مع هذا الفصل انتهت هذه الرواية الجميلة و القصيرة اتمنى أعجبتكم

في امان الله

2025/06/10 · 6 مشاهدة · 885 كلمة
نادي الروايات - 2025