[ساحة الأكاديمية - منتصف الهجوم]
السماء ملتهبة. أبراج السحر تنهار، طلاب يصرخون، الأساتذة يقاتلون، وكل شيء يبدو وكأنه نهاية العالم.
وسط هذا الفوضى، تحت شجرة الكرز النازفة - جلس ويليام.
يحتسي الشاي بهدوء. في يده الأخرى كعكة مربى، نصف مأكولة.
"همم... مزيج المربى مع الشاي الأسود... ليس سيئًا. لو لم أكن وسط اجتياح دموي، لكتبت تقييمًا إيجابيًا للمطبخ."
رفع نظره قليلًا نحو المعركة.
"أوه، هذا كايل، يرمي النار. وذاك ريو، يطلق الجليد. متى تعلّما التنسيق؟ هل تدربا خلف ظهري؟"
[صوت هدير يهز الأرض]
بوووم!
من بين الدخان، ظهر كورفال، قائد نقابة الدم الأحمر، واقفًا على سطح ناصية، عباءته ترفرف، ومانا حمراء تتراقص حوله كالدماء السائلة.
"أين هو؟ أين ذلك الصعلوك؟"
صاح، بينما عينيه تمسحان المكان.
وفجأة... تجمد.
هناك، تحت الشجرة.
يحتسي الشاي.
"......مستحيل."
كورفال قفز من السطح، حطم الأرض تحت قدميه وهو يهبط بجانب الطاولة الصغيرة. تكسرت الأكواب من حوله.
ويليام رمق الأواني المحطمة بحزن:
"كنت في المنتصف بالضبط... هل يمكن لأحد في هذا العالم احترام طقوس الشاي؟"
كورفال صرخ:
"أنت مجددًا!! ويليام اللعين!!"
ويليام رمش ببطء، حدّق فيه، ثم مال برأسه:
"آه... هل أنت الذي خطفني قبل شهر؟ آسف، نسيتك. كنت مشغولًا بمحاولة فتح علبة الحلوى التي أعطيتني إياها."
كورفال تجمّد.
ثم...
"أي علبة؟!"
"أوه، واحدة مزينة بجمجمة. ظننتها تهديدًا، لكنها كانت مليئة بحلوى التوفي... فعلًا محترمة."
كورفال يكاد يغلي من الغضب.
"أنت... أنت تستفزني عمدًا، أليس كذلك؟!"
"كلا، فقط أُجيب بصراحة. لولا هذا الهجوم لكنت دعوتك لشرب الشاي."
[صوت جديد - صرخة ملكية]
"أبعد يدك عن ويليام!"
إيثان، ولي العهد، يركض وسط المعركة، سيفه يشتعل بهالة ذهبية.
كورفال استدار:
"هاه... الهدف الحقيقي. وأنت أيها الكسول مجرد صدفة."
لكنه قالها... بنظرة مشبوهة.
كورفال مد يده، سحب مانا كثيفة، وانطلقت قيود سحرية بسرعة.
قيّد بها إيثان من جهة... ثم التفت وأطلق ثانية نحو ويليام، الذي كان يضع قطعة حلوى في فمه.
"آه، لحظة، الكعكة ما زالت ف-"
[تطويق.]
ويليام: "بجدية؟ وأنا آكل؟ هذه جريمة حرب."
[من السماء - صرخة]
"ويليام!!!"
كايل طار فوقهم على لوح مانا ناري، شاحب الوجه، وصرخ:
"أنت تكرر نفس الخطأ، كورفال!"
كورفال ابتسم ابتسامة باردة:
"لا، هذه المرة... آخذ الاثنين."
[انفجار جليدي - ريو يظهر فجأة بجانبهم، قطع القيود جزئيًا]
ريو، من خلف أنفاسه الثقيلة:
"لن تأخذ... ابن خالي."
كورفال ضغط يده.
[ومضة حمراء - ثم اختفاء!]
اختفوا جميعًا... إيثان، ويليام، وكورفال.
ريو صرخ: "لا!"
كايل شد قبضته حتى احترقت راحته.
[في قلب الأكاديمية - نداءات الطوارئ تتصاعد]
المعلمون بدأوا يتحركون.
الطلاب المقاتلون بدأوا ينظمون أنفسهم.
وكايل... رفع رأسه وقال بصوت منخفض:
"هذه المرة... لن ننتظر أحدًا."
[أما ويليام... في بُعد مظلم، داخل مقر جديد تحت الأرض]
فتح عينيه ببطء، يئن.
"أوه لا... ليس مجددًا... لقد خُطِفت مرتين من نفس الشخص؟ هل يوجد نظام نقاط ولاء على هذا؟!"
[داخل مقر نقابة الدم الأحمر - قاعة سفلية مظلمة، باردة كقلب كورفال]
الهواء كان ثقيلًا، تفوح منه رائحة الرطوبة والمعادن. إيثان مُقيَّد بجانب ويليام، بينما يقف حولهما أفراد النقابة في دوائر صامتة، ينتظرون الأوامر.
وسط كل ذلك... جلس ويليام القرفصاء، كتفه يلمس الجدار البارد، رأسه مائل قليلًا، وعيناه شاردتان إلى سقف القبو المتهالك.
ثم تنهد بعمق، كأنه شيخ فقد عقله في منتصف العاصفة.
"أعتقد أني أفتقد بطانية غرفتي... ورائحة الخشب المحروق في الموقد."
صمت.
"غريب كيف يشتاق الإنسان لأبسط الأشياء فقط عندما يجد نفسه مخطوفًا... ثانية."
"كنتُ أقدر لو أن الخطف تضمن شوكولاتة داكنة هذه المرة. ألم يسمعوا بكرم الضيافة؟"
"كايل الآن حتمًا في نوبة هستيرية... سيتظاهر بأنه هادئ، ثم يبدأ بإحراق الغابات... ريو سيحاول تهدئته بعبارات باردة مثل (تحكم بعقلك)... والتي لا تجدي."
"أما أمي... لن تهتم ستظن أني نمت كثيرًا."
ابتسم.
ابتسامة شاردة، مؤلمة قليلًا، لكنها ساخرة بما يكفي ليخفي بها كل شيء.
كل من في القاعة بدأ ينظر إليه.
حتى كورفال نفسه، الذي كان يراجع خريطة استراتيجية على طاولة بعيدة، توقف.
إيثان همس وهو يحدق فيه بدهشة:
"...هل... هل هو... بخير؟"
أحد أفراد النقابة تمتم:
"إنه يتحدث... مع نفسه؟"
آخر:
"هل هذا نوع من السحر؟ هل يستدعي روحًا؟"
وفجأة... سكت ويليام.
تحرك ببطء، ثم نظر إليهم جميعًا، بتعبير فارغ... ثم قال بنبرة هادئة:
"آه، آسف، لم أكن ألاحظكم. مجرد... عادة قديمة. أتحدث مع نفسي حين أكون متوترًا، أو جائعًا، أو... مختطفًا للمرة الثانية من نفس الأحمق."
الصمت... سقط كجدار من الجليد.
حتى كورفال رفع حاجبًا.
إيثان حدق فيه وكأنه يرى مخلوقًا من عالم آخر.
"عادة؟"
"نعم. أفضل من الحديث معكم."
ثم التفت إلى الجدار مجددًا، وتمتم:
"عموماً... أتساءل إن كانوا سيُحضرون لي فطورًا هذه المرة... أو على الأقل وسادة لينة."
"في تلك اللحظة، أدرك الجميع أن الخطر الحقيقي... لم يكن في مانا كورفال أو سيف إيثان، بل في الهدوء المريب لذلك الشاب الذي يجعل الخطف يبدو وكأنه نزهة صباحية مملة."
---
[قاعة تحت الأرض - مقر نقابة الدم الأحمر]
جلس ويليام على الأرض، ساقه ممدودة والأخرى مثنية، يعبث بحافة كمّه بينما يرتشف شايًا فاترًا حصل عليه بطريقة لا أحد فهمها.
الجو ثقيل، العيون عليه، لكن ويليام لا يرفع نظره. فقط صوته هو ما يتحرك، ينساب هادئًا... كأن العالم مجرد خلفية لمونولوجه الخاص.
"هل تعلم..." بدأ يقول لنفسه، وعيناه نصف مغمضتين.
"أن نسبة هطول المطر في هذا الشهر تزيد بنسبة سبعة بالمئة عن المعدل السنوي؟ لكن الغريب... أن الشائعات عن انقلاب دوق شرق ازدادت بنسبة ثلاثين بالمئة."
رفع إصبعه ببطء كأنه يشرح درسًا لطلبة أغبياء:
"إن ربطنا بين الطقس والسياسة، قد نظن أن الناس يتآمرون فقط عندما يشعرون بالبرد... أو بالملل."
أحد الحراس قرب الباب ابتلع ريقه.
كورفال لم يتحرك... لكنه مال بجسده قليلاً للأمام.
إيثان نظر حوله، كأنه يسأل بعينيه: "هل نُفجره أم نُصغي؟"
"ثم هناك هذا الموضوع الغبي عن أن الأمير الثالث اخ الإمبراطور شوهد يخرج من نزل مشبوه في الضاحية... هراء طبعًا. الرجل لا يستطيع حتى أن يتسلل من قصره دون أن يسقط في البحيرة الداخلية."
ضحك بخفة.
"لكن، من المدهش كيف أن الناس يحبون تصديق الحماقات أكثر من الحقائق."
ثم نظر إلى جدار الطوب أمامه، بنظرة تأمل عميقة:
"الجدران لا تتكلم... لكنها تسمع. وأحيانًا... تحفظ أكثر مما ينبغي."
صمت بسيط... ثم:
"تمامًا مثل هذا الجدار."
كورفال تمتم لنفسه، مغمغمًا:
"هل هذا... تهديد غير مباشر؟"
إيثان:
"لا، هذا... تحليل سياسي عميق... مغطى بطبقة من الجنون."
ويليام أكمل كأن شيئًا لم يكن:
"لو كنت مكان أحدكم، لبدأت بالقلق من كايل الآن. ذلك الفتى لا يبكي... لكنه يحرق مدنًا كاملة إذا تأخر فطور أخيه."
"أما ريو؟ آه، ريو يتصرف بهدوء... لكنه يحفظ خرائط هذا المبنى منذ كنا أطفالًا. ولا أحد يحفظ شيئًا كهذا... دون نية مسبقة."
التفت فجأة، ونظر إلى كورفال لأول مرة منذ دخوله الغرفة.
ابتسم، تلك الابتسامة الهادئة التي تثير الأعصاب.
"أتعلم؟ أحيانًا... لا تحتاج للهرب من السجن. فقط عليك أن تجعله يغلق بابه من الداخل على نفسه."
كورفال شهق بصمت.
بعض أعضاء النقابة تراجعوا خطوة.
إيثان، الذي كان لا يزال مقيّدًا، قال بنبرة مرتعبة:
"هل... هل هذا تهديد حقيقي؟"
ويليام شرب آخر رشفة من الشاي، ثم تنهد وقال:
"لا، فقط... عادة قديمة. حديث مع النفس، وأحيانًا مع الأغبياء."
" لم يفهم أحد ما قاله ويليام بالضبط. لكنهم شعروا جميعًا... أن الوضع خرج من سيطرتهم، دون حتى أن يتحرك من مكانه."
---
[قاعة الأسر - نفس الليلة]
بعد تلك اللحظة العميقة والمربكة، خيم صمت ثقيل على المكان. الجميع يحدق في ويليام وكأنهم ينتظرون أن يتحول إلى تنين، أو أن ينفجر، أو على الأقل... أن يخرس.
لكنه فقط تنهد.
ثم... بلطف مخيف، رفع يده.
"أوه، عذرًا... نسيت طلباتي."
التفت إلى كورفال، وكأنه يتحدث إلى موظف استقبال في نزل ريفي:
"أولاً: شاي دافئ - لا مغلي، أنا لا أشرب ماء الجحيم. ثانيًا: كعكة الشوكولاتة، ثلاث طبقات، ولا تبخلوا بالكريمة."
"ثالثًا... كتب. من النوع الذي يُضحكني. ليس فلسفة، ليس ملاحم دموية. أريد شيئًا سخيفًا، مثل 'الدوق الذي أحبني مرتين ونسي اسمي'."
كورفال حدق فيه، ملامحه بين الارتباك والارتجاف.
"هل... هل أنت تعتقد أن هذا فندق؟"
ويليام رمش ببطء.
"هممم... لا، لا أظنه فندقًا. لا يوجد موسيقى ناعمة في الخلفية، والسجون عادة ما تكون أكثر تهوية."
ثم ابتسم ببلاهة ساحرة:
"لكن الخدمة مقبولة... وأنت مضيف رائع، كورفال. حقًا، أنت مدين لي."
كورفال، رغم كل شيء، قال ببطء وهو يضغط على أسنانه:
"أنا... مدين لك؟"
أومأ ويليام، وهو ينهض بنعومة من جلسته ويقترب بخطى بطيئة، ثم جلس أرضًا مجددًا.
"طبعًا. أنا أنقذتك من الدوق وانا مدين لك."
أشار إلى نفسه بفخر:
"أنا، كنت متجهًا مباشرة إلى وجهه المتجهم ودرعه السحري، لكنك... خطفتني في الوقت المناسب. ألم تكن ترى؟ كانت تلك محاولة اغتيال راقية، لصالحي."
ثم رفع ذراعيه للأعلى ونزع قيده بمهارة مفاجئة، وكأن الأصفاد لم تكن مشدودة أصلًا.
"والآن... حر."
استلقى على الأرض كما لو كان على أريكة فخمة.
"آه... ظهري... شكراً، كورفال. أخيرًا أرتاح قليلاً."
إيثان، الذي لا يزال مقيّدًا ومغطى بالتراب والدهشة، صرخ:
"هل... هل أنت طبيعي؟!"
رد ويليام وعيناه مغمضتان:
"نسبيًا. لكنني جائع أكثر مما أنا غريب، لذا... كورفال، هل تأتي الكعكة قريبًا؟"
[أحد الحراس تمتم بصوت منخفض:
"أعتقد أننا نحن الأسرى الآن... ولسنا من اختطفه."]
[كورفال، لأول مرة في حياته، لم يعرف هل عليه أن يضحك... أم يركض.]
---
[داخل القبو - بعد ساعة]
هدير الرياح بالخارج، صوت المطر، و... صوت ويليام وهو يضحك.
ضحكة كاملة، عميقة، صافية كأنه في مسرحية هزلية، وليس محتجزًا في مخبأ أحد أخطر النقابات في القارة.
على الطاولة أمامه، وُضِع طبق فاخر من لحم مشوي متبل، وحساء عشبي دافئ، وكعكة صغيرة بالكريمة.
وفي يده، كتاب بعنوان:
"عاشق التنانين: كيف تواعدي من يملك جناحين وسوء فهم"
كان يتناول الطعام بشهية، وعيناه تلمعان مع كل جملة في الكتاب، حتى ضرب الطاولة مرة وهو يضحك:
"هاه! لقد وقعت في حب أخيها بالتبني الذي هو أيضًا... تنين! يا لها من دراما. أيتها الكاتبة المجنونة، بارك الله عبقريتك."
أحد الحراس تمتم وهو يراقب المشهد من بعيد:
"هل... هل هذا طبيعي؟ أليس من المفترض أن يخطط للهروب؟ أو... يصرخ؟"
حارس آخر رد عليه بخوف:
"لا تسأله. ربما هذا جزء من تعويذة..."
كورفال، من مكانه في الزاوية، وضع يده على جبهته، أنفاسه تتسارع.
همس لنفسه:
"أنا... أنا خطفت مجنونًا مجددا."
ثم نظر لحارسه المرافق وقال:
"هل يوجد بروتوكول يُعالج خطف مهرّج؟"
"لا يا سيدي... نحن متخصصون في النبلاء العدوانيين، وليس الكسلاء الثرثارين."
ويليام، غير مبالٍ بكل العيون عليه، جرّع آخر رشفة من الحساء، وتمدد وهو يربت على بطنه:
"آه... هذا طعام جيد. أفضل من طعام القصر بصراحة. ما رأيكم أن تمددوا فترة احتجازي؟ سأقيم لكم تقييم خمس نجوم على دليل النقابات الشريرة."
ثم لوّح بالكتاب في يده:
"وأرجوكم... المزيد من هذا النوع. الحبكات الرديئة تُنعشني."
كورفال صرخ:
"هل تظن هذا نزهة؟! أنت رهينة! لقد عطلت خطتنا، وأنت حرفيًا... ضيف مزعج!"
رد ويليام بكسل نبيل:
"أوه؟ مزعج؟ لا تقلق... هذه مجرد البداية. أنا أفضل مزعج محترف."
[في زاوية المكان، كانت عيون بعض الحراس تلمع... بعضهم بدأوا يضحكون رغم أنفسهم.]
[وبينما أكل ويليام الكعكة ببطء، همس كورفال لنفسه مرة أخيرة:]
" لقد خطفت خطأ بشريًا."
---
[داخل قبو نقابة الدم الأحمر - قبل الغروب بقليل]
كان ويليام قد انتهى من نصف الكتاب وسابع كعكة. تمدد بتراخٍ على الأريكة المخصصة لأحد الحراس، وبيده كوب شاي فاتر.
"أعتقد أنني بدأت أحب هذا المكان... لديهم إنترنت نفسي ممتاز."
[طننن!]
نافذة النظام ظهرت فجأة. اللون الأحمر القاني يعلن شيئًا لا يبشر بخير.
[تحذير: اقتراب كائن سحري غير مستقر من التصنيف: "كارثة". الرصد: 94 متراً. مصدر الخطر: الغابة المحظورة - القطاع الشمالي.]
تجمد ويليام. رفع حاجبه ببطء، ثم نظر حوله، ثم رفع صوته:
"لحظة... لحظة واحدة فقط."
وقف، أشار بإصبعه إلى الأعلى كأنه يلقي خطابًا في البرلمان:
"هل أنا... هل أنا في الغابة المحظورة؟! القسم الممنوع؟! الغابة التي ابتلعت أربعة فرسان (في الرواية الأصلية )ولم تترك سوى أحذيتهم؟!"
أحد الحراس نظر إليه بتردد:
"آه... نعم؟ يعني... أردنا مكانًا بعيدًا عن الأنظار..."
"أنتم. أغبياء. رسميًا."
ويليام رمى كوب الشاي أرضًا، وقفز خلف أحد الطاولات، يتمتم وهو يفعل حاجز مانا حول نفسه:
"إنني أعيش في كابوس مدفوع الثمن! ليس فقط تم اختطافي، بل وضِعت في وسط حقل تجارب سحرية!"
[دووووووووووووووم!!!!]
اهتز المكان بقوة، وسقطت كتب ويليام من الرف.
ثم... جدار القبو انفجر.
ومن بين الدخان، زحف وحش بطول عشرة أمتار، عيونه من لهب، جسده مغطى بأنياب حية تتلوى، وصوته... كان صراخ أرواح محترقة.
الحراس؟ صرخوا أولًا، ثم ركضوا ثانيًا، ثم اختفوا ثالثًا.
"انسحبوا! انسحبوااااااا!"
كورفال نفسه اتجه نحو بوابة خلفية صغيرة، يصرخ بتعليمات غامضة، ثم استدار فجأة، يصرخ:
"أيها الأحمق الكسول! تعال إلى هنا! لدينا مخرج سري!"
لكن ويليام كان قد تجمد مكانه.
وسط الدخان، كان إيثان مقيّدًا، لا يستطيع الحراك. الوحش شخر نحوه، يتهيأ للانقضاض.
ويليام صرخ:
"أيها الأوغاد! تركتم ولي العهد؟! ألا يوجد بروتوكول لحماية الأمراء؟! حتى أفلام المافيا لديها أخلاق!"
تقدم، رفع يده، حاجز سحري ضخم تَكوَّن حوله، ثم هرع نحو إيثان، وانحنى بجانبه.
"لا تقلق... أنا هنا. ولست واثقًا إن كان هذا شيئًا جيدًا، لكن على الأقل لن تموت وحدك."
نزع القيد السحري من إيثان، وأسنده بذراعه.
إيثان تمتم بدهشة:
"لِمَ... تنقذني؟"
ويليام:
"أعتقد أن هذا الحاجز يتطلب طاقة مشتركة. وأيضًا... أنا لا أريد أن أُتهم بقتل ولي العهد عندما يُكتب هذا الفصل في الكتب."
لكن الوحش زأر، صوته كفحيح جحيم.
كورفال صرخ من بعيد:
"أيها المجنون! إلى البوابة الآن! إنها ضيقة ولا تتسع إلا لواحد! !"
رمى إيثان بقوة غريبة نحو البوابة، فابتلعه الضوء.
أما ويليام... فوقف هناك، في منتصف الحطام، ينظر إلى الوحش الذي كان يقترب.
كورفال حدّق به، ثم بدأ بتفعيل قدرته.
الهواء من حوله بدأ يشتعل، خطوط حمراء التفت على جسده كالأفاعي، ووشوم مظلمة ظهرت على وجهه وعنقه.
كورفال:
"لا أحد يسرق ضحاياي من بين يدي. حتى لو كان وحشًا من الجحيم."
ويليام رمش، ثم شهق:
"أوه لا... أنت أيضاً من النوع الدرامي؟"
كورفال، بابتسامة مجنونة:
"تفضل، ويليام. استمتع بالحرب الحقيقية."
[صوت الأرض يتشقق، مانا كثيفة تحيط بالمكان، كورفال يتقدم للوحش، ووَيليام يقف خلفه، يحتمي جزئيًا... ويأكل قطعة كعك من جيبه.]
ويليام:
"حسنًا... لست مضطرًا لفعل شيء بعد. لدي أفضل مقعد في العرض."
[لكن في عينيه... تأهب لم يُرَ منذ فصول طويلة.]
---
[داخل القبو - وسط الأنقاض والدخان]
كورفال وقف أمام الوحش، ماناه الحمراء تتأجج كأنها نيران جهنمية، لكنه كان يترنح. ذراعه اليُمنى كانت قد التوت بطريقة غير طبيعية، والدم يسيل من فمه.
"تبا..." تمتم، وهو يتراجع، صدره يعلو ويهبط.
"هذا الوحش ليس طبيعياً... ليس من غابة عادية..."
الوحش شخر بصوت يجمد الدم، ثم اندفع نحو كورفال.
لكن...
[بوووم!]
وميض ساطع قطع طريق الوحش، حاجز ذهبي، مرصع بأنماط أثيرية ظهرت في الهواء، كتب تتوهج.
في قلب الوميض... وقف ويليام.
لكن ملامحه لم تكن كسولة كما اعتاد الجميع رؤيته.
كانت عيناه متوهجتين بلون أزرق-فضي، ونبضت حوله هالة طاغية... مزيج من الأسترا السماوية والنولا القديمة.
صوت النظام دوّى في ذهنه:
[تم تفعيل: الدمج الجزئي بين طاقة "الأسترا" و"النولا"] [تحذير: المستخدم غير مؤهل بعد للاندماج الكامل. النتائج غير مستقرة.]
الحراس المنهارون شهقوا، كورفال جحظت عيناه، وهمس:
"هذا... ليس شخصًا عاديًا."
إيثان، من خلف البوابة، رأى المشهد قبل أن تُغلق، وتمتم:
"ويليام...؟ ماذا بحق ... أنت؟"
ويليام رفع يده.
وفي لحظة، امتدت سلسلة من النور، لفت جسد الوحش، ثم فجّرت أحد أذرعه الجانبية.
صرخ الوحش بعنف، لكن قبل أن يهاجم مجددًا...
[دوووووووووووووووم!!!]
انفجار مانا أخرى شق السماء!
[وصل الفرسان الإمبراطوريون.]
أرض المعركة ارتجت حين سقط فارس عملاق من السماء، تتبعه مجموعة من الخيول السحرية.
وكان في المقدمة: كايل، شعره الأبيض يتطاير، وعيناه تشعان كأنهما مرآة .
وخلفه، وقف ريو، سيفه الأزرق مشع، ووجهه جامد كالصقيع.
كايل هتف:
"ابتعد، ويليام!"
لكن ويليام لم يرد.
كان جسده يرتعش. الطاقة داخله بدأت تتخبط، عروقه تضيء ثم تخفت، ويداه تترنحان.
صوت النظام:
[تحذير: تجاوز المستخدم الحد المسموح به من استهلاك المانا.] [انهيار طاقي وشيك.]
"تبا... قلت لكم... إنني لا أحب الجهد!"
انفجرت الهالة من حوله، وسقط على ركبتيه، أنفاسه تتسارع.
ثم فجأة - طُعن في كتفه من بقايا أحد مخالب الوحش العشوائية قبل أن يتم القضاء عليه نهائيًا من قبل الفرسان .
كايل أمسكه قبل أن يسقط أرضًا.
"أحمق... لماذا استخدمت تلك القوة؟"
ويليام ابتسم وهو ينزف:
"كان لدي عرض... ولم أرغب أن أكون المتفرج الوحيد."
ريو انحنى بجانبه، وضع حاجز شفاء سريع، ثم نظر نحو الوحش الذي كان ينهار أخيرًا بعد ضربات الفرسان.
"نقله إلى القصر... فورًا. لا أظن هذا انتهى بعد."
كورفال، من بعيد، وقف يترنح، ثم نظر إلى ويليام بعينين متسعتين:
"أنا... اختطفت شيطانًا."
وفي وسط الركام، وبين صرخات الفرسان وتنهيدات الغابة... كان ويليام يهمس لنفسه وهو يغمى عليه:
"أرجوكم... خذوا الباقي من الكعك معي..."
---
[وسط ساحة المعركة - غبار، لهب، وصرخات]
السماء تمطر شررًا مانويًا، والهواء يضج بأنين المانا المتضاربة. أصوات الفرسان وهم يصرخون أوامرهم تتداخل مع زمجرة الوحش الملطخ بالدماء.
كايل أمسك ويليام، الذي كان جسده يتداعى كدمية قماشية، بصدره. الدم يسيل من كتف أخيه، والعرق يبلل جبينه.
لكن رغم الألم، ويليام فتح عينيه قليلاً، ونظر إليه، ثم تمتم بابتسامة شبه مشاكسة:
"غريب... أنت... تبدو قلقًا عليّ... أليس من المفترض أنك تكرهني؟"
كايل لم يجب فورًا.
وجهه كان جامدًا، لكن أصابعه كانت تقبض على ويليام بقوة، كأن جسده وحده يُفصح عن ما لا يقوله لسانه.
ثم، بصوت خافت، قال:
"لم أسامحك بعد."
ويليام ضحك، ضحكة قصيرة انتهت بسعال دموي.
"رائع... هذا يجعلني أشعر بدفءٍ حقيقي."
ثم كايل أضاف، بصوت أكثر حدة:
"لكنك... أخي. ولا أحد يحق له أن يقتلك... غيري."
ابتسامة خافتة توسعت على وجه ويليام:
"كم هذا... مشجّع."
[في الخلف - الفرسان الإمبراطوريون يبدأون معركتهم]
تقدّموا كموجة مدرّبة، دروعهم تتوهج بتعويذات الحماية، وسيوفهم تنبعث منها المانا بألوان مختلفة.
ريو، الذي كان يقف إلى جانبهم، أطلق تعويذة تجميد على أقدام الوحش، مما جعله يئن ويترنح.
"أبطئوه! لا تقتلوه بعد!" صرخ القائد الإمبراطوري. "نحتاج تحليلاً لهذا الشيء!"
[في الجانب الآخر - كورفال ينزف ويتراجع بصمت]
"هذا فشل... كامل." تمتم.
ثم أخرج من جيبه قلادة داكنة، سحقها بيده، فانفتحت بوابة صغيرة بحجم شخص واحد فقط.
كان يلهث، ينظر إلى الفوضى، ثم نحو الوحش.
"وداعًا، أيها الغبي."
لكنه لم يذهب قبل أن يفتح قفصًا في الزاوية... القفص الذي كان فيه إيثان.
فتح القفل، وركله بقوة نحو البوابة:
"اذهب معهم، ابن الإمبراطور. قبل أن يصبح دمك على يديّ... أو على ذاك المجنون الكسول."
[إيثان طار عبر البوابة السحرية]
لحظات، ثم اختفى نور البوابة... ولا يمكن تتبع أثرها.
[في قلب الساحة - جسد ويليام يرتجف]
"آه... كايل... يبدو أنني بالغت قليلاً..." قالها قبل أن تنطفئ عيناه ويغيب عن الوعي.
كايل مدّ يده ووضعها على جبهة ويليام، عيناه متسعتان.
"حرارته ترتفع... والمانا داخله تتخبط."
"علينا إخراجه فورًا!" صرخ ريو، وهو يركض نحوهما، ينظر لويليام بعينين قلقتين.
[بعد ساعات - داخل جناح علاجي سحري - القصر الإمبراطوري]
أصوات بلورات الشفاء الخافتة ترنّ في الغرفة.
ويليام مستلقٍ على سريرٍ ناعم، جسده ملفوف بأشرطة مانوية سحرية، والسحر يتدفق داخل عروقه من عشرات الأنابيب المضيئة.
كايل يقف بجانبه، لا يتكلم، فقط يراقب.
ريو جالس على كرسي، ينظر إلى الأرض بصمت، بينما إيثان في الزاوية، لا يزال يرتعش من الصدمة.
فتح ويليام عينه أخيرًا، تنهد بصوت خافت:
"هل... ما زلت حيًا؟ تبا... كنت آمل بكعكة على الأقل إن مُتّ."
ريو رفع رأسه بحدة:
"لقد... استخدمت مزيجًا غير مستقر من الأسترا والنولا. كنت ستموت."
إيثان تمتم:
"كنت رائعًا... بطريقة غبية تمامًا، لكن رائع."
كايل لم يتكلم.
اقترب، انحنى، ثم قال بهدوء:
"لا تفعل ذلك مجددًا."
ويليام نظر إليه ببطء، ثم رفع حاجبه:
"ماذا؟ القتال؟ البطولة؟ أم إنقاذك من الشعور بالذنب لعدم إمساكك بي وأنا أسقط؟"
كايل شد قبضته، لكنه لم ينفِ شيئًا.
ويليام أدار رأسه ببطء نحو السقف وقال:
"أنا فقط أردت أن آكل كعكة... لا أن أنقذ العالم."
---
[الجناح الإمبراطوري - بعد ساعة من استيقاظ ويليام]
الغرفة كانت هادئة، تضيئها بلورات المانا بوميض خافت، والهواء مشبّع برائحة الأعشاب العلاجية. ويليام كان ممددًا على السرير، شاحب الوجه، لكنه ما يزال يحاول الحفاظ على مظهره اللامبالي.
"هل أحضرتُم الكعكة؟" سأل بنبرة متهكمة، ونظر إلى كايل الجالس إلى جواره.
كايل تجاهل سؤاله. كان يراقبه بصمت، ولاحظ أن تنفّس ويليام بات أثقل.
ثم فجأة، بدون سابق إنذار...
صرخة.
صرخة عالية، مفاجئة، شقت الهواء كالسيف.
"آآآاااه!!"
الجميع التفتوا بفزع. إيثان كاد يسقط عن مقعده، ريو اتجه فورًا نحو السرير، وكايل وقف في ثوانٍ.
"ما الذي...؟"
لكن ويليام لم يكن يمزح.
جسده بدأ يتلوى بعنف، ويداه تشنجتا كأنهما تقبضان على لا شيء. عيناه اتسعتا بشكل غير طبيعي، والسواد فيهما بدأ يتداخل مع ومضات مانوية متشققة.
"آآاااه!! مانا... تحترق...!"
كايل هرع فورًا، أمسك كتفيه وحاول تثبيته، لكن جسد ويليام كان يهتز كأن الكهرباء تضربه من الداخل.
"هدئ نفسك! ويليام!!" صرخ.
ريو قفز إلى جانبه، وبدأ بمحاولة تشكيل دائرة علاجية، لكنه صرخ بقلق:
"المانا داخله... غير مستقرة... كأنها مزيج بين عنصرين متضادين! إنها تتصادم!"
إيثان، الذي بدا أنه خرج من صدمته، اندفع نحو الباب:
"سأحضر رئيس السحرة! تمسكوا به!"
وانطلق.
[داخل الجناح - المعركة مع مانا ويليام بدأت]
الأسلاك السحرية المتصلة بجسد ويليام بدأت تحترق واحدة تلو الأخرى. الزجاج حوله تهشّم، وبلورات العلاج انفجرت.
"آه... أكره... هذا الشعور...!" تمتم ويليام، بين شهقات الألم.
كايل أمسكه من صدره بقوة، يضغط عليه كي لا يتحرك.
"توقف! لا تطلق المانا! سيُمزق جسدك إن استمرت بالانفجار!"
لكن ويليام لم يكن في وعيه الكامل بعد الآن.
صوت داخلي - صوت النظام، ربما - كان يرنّ في ذهنه:
[تحذير: تفاعل غير محسوب بين الأسترا والنولا. جسم المستخدم لم يتأقلم مع التدفق المزدوج.]
[نسبة التمزق المانوي: 42%... 47%... 53%...]
"اغلق فمك أيها النظام الغبي!" صرخ ويليام، وسط دموعه التي لا إرادية.
ريو قفز إلى أحد الأركان، أخرج حجر توازن مانوي نادر من حقيبته، وبدأ بتفعيل دائرة سحب.
"سأحاول سحب الفائض... لكن لو انفجرت الأسترا، فقد يموت!"
كايل، الذي كانت أصابعه تغوص في كتفي أخيه، تمتم بصوت مكسور لأول مرة:
"ويليام... اصمد، اللعنة! لا تمت بهذه الطريقة السخيفة!"
[أقدام تهرول - الباب يُفتح بعنف]
إيثان اندفع مع رجل طويل في منتصف العمر، يرتدي عباءة مرصعة بعلامات المانا العليا - رئيس السحرة.
"ابتعدوا عنه!" صرخ الساحر، ورمى كتاب تعاويذ ضخم في الهواء، فتحه دون لمسه، وبدأ بتلاوة تعويذة من الطبقة العليا.
في لحظة، تشكّلت دائرة ثلاثية الأبعاد فوق جسد ويليام، تدور وتنبض ببطء.
الهواء تجمّد، والضوء داخل الغرفة تغيرت ألوانه.
"إنها مانا من النوع الثنائي... نادرة... فوضوية... هذا الولد لا يجب أن يكون حيًا أصلاً وهو يحتويها." قال رئيس السحرة وهو يتصبب عرقًا.
ريو سأله سريعًا: "هل يمكنك تثبيتها؟"
"لا... لكن يمكنني منعها من تمزيقه... مؤقتًا."
ثم نزلت دوامة من الضوء على جسد ويليام، الذي كان لا يزال يتلوى، حتى بدأت التشنجات تخف تدريجيًا.
أنفاسه صارت أكثر بطئًا... يداه ما زالتا ترتجفان، لكن العذاب خفّ حدّته.
كايل لا يزال ممسكًا به، حتى بعد أن توقف الاهتزاز، وكأن جزءًا منه لا يصدق أن الأمر انتهى.
ويليام، بصوت مبحوح، تمتم:
"هذا... كان... أسوأ... من اختبارات الرياضيات."
إيثان كاد يضحك من شدة التوتر، لكن عينيه كانتا دامعتين.
رئيس السحرة تنهد، ثم التفت إليهم:
"أنتم... لا تدركون ما الذي لديكم هنا. هذا الفتى... هو كارثة تمشي على قدمين."
كايل شدّ قبضته على يد ويليام، ولم يرد.
ريو أغلق عينيه، وقال بهدوء:
"نعلم."
[في الزاوية - ويليام تنهد، وأغمض عينيه مجددًا]
في عقله، لم تكن هناك ضوضاء... فقط سؤال واحد:
"هل أنا... من النوع الذي يجب أن يبقى حيًا؟"
---
[مكان غير محدد - داخل عقل ويليام]
الظلام...
لا، ليس ظلامًا. بل فراغ. ناعم، بلا صوت، بلا وزن، كأن جسده سقط من الوجود، وكأن كل ما تبقى منه هو الوعي... العاري.
ثم فجأة، ومض نور.
ويليام وجد نفسه واقفًا، لا يعلم كيف، فوق أرض لا تنتمي للعالم المادي. تحت قدميه، لا شيء. فوق رأسه، لا شيء.
لكن أمامه... كانت هي.
"الأسترا" - على شكل مرآة من الكريستال النابض، تتلألأ بوهج أزرق، يحيط بها سرب من النجوم الصغيرة. تنبض وكأنها قلب حي. كل نبضة منها تشعره بشيء يشبه الحكمة... والدمار.
ثم عن يساره... ظهر هو.
"النولا" - رجل طويل، مغطى بعباءة سوداء كأنها جزء من الفراغ ذاته. لا ملامح، فقط عينان فارغتان، تبعثان رجفة في الروح. خلفه كان يتماوج هواء أسود كالحبر، يتنفسه ويبتلعه.
وفجأة... تصادما.
المرآة أطلقت شعاعًا اخترق الصمت، والرجل مدّ يده فمزّق الضوء إلى خيوط. انفجرت طاقات، دوّت صرخات لا يمكن فهمها.
ويليام لم يستطع التحرك. لم يستطع الصراخ.
كان مجرد شبح عالق في قلب عاصفة، يرى كيف تنفجر قدراته داخله كمعركة لا هوادة فيها.
"توقّفوا..." همس بصوت بالكاد سمعه هو نفسه.
"توقفوا!!" صرخ.
لكن لا أحد سمعه.
---
[في العالم الحقيقي - منتصف الليل - القصر الإمبراطوري]
هدوء قاتل يعم الأروقة، وحدها خطوات الإمبراطور الهادئة كانت تُسمع. رجل بملامح لا تهتز، يسير عائدًا من قاعة الوثائق، ملف تحت ذراعه.
لكنه توقف فجأة.
صرخة.
صرخة مألوفة.
"آآااااااااااه!!"
كانت تأتي من جناح ويليام.
تجمّدت ملامحه، ثم ركض.
الباب فُتح بعنف، والحُرّاس خلفه تراجعوا دون تردد.
الغرفة كانت في فوضى.
السرير مقلوب، الأرض مشققة بفعل المانا، بلورات الإنارة انطفأت، ووسط كل هذا... كان ويليام يتلوى.
جسده يُضرب بنبضات مانا، يتشنج، وعيناه مفتوحتان على اتساعهما وكأنهما تنظران لعالم لا يراه أحد غيره.
الإمبراطور لم يتردد.
ركض نحوه، جلس على الأرض، واحتضنه بقوة.
ذراعه اليمنى لفت جسد ويليام بثبات، واليسرى وُضعت مباشرة على صدره، فوق قلبه المضطرب.
"هدئ نفسك، أنا هنا."
صوته كان هادئًا، لكن المانا من راحة يده بدأت تتسرب بثبات.
كانت المانا الإمبراطورية مختلفة.
صافية. كثيفة. دافئة.
داخل جسد ويليام، حيث الأسترا والنولا يتقاتلان، بدأت تلك المانا الجديدة تنتشر مثل ضوء الشمس يخترق العاصفة.
الصراع بين الطاقتين تباطأ.
الأسترا، المرآة، بدأت تتوهج بانسجام.
النولا، الرجل، توقف لحظة... ثم اختفى، وكأنه تقبّل النوم.
ويليام، داخل عالمه العقلي، شعر فجأة بذراع تلتف حوله... وصوت يهمس:
"أنا هنا."
في الواقع، جسده توقف عن التشنج.
نَفَسه عاد ببطء. عرقه ما زال ينهمر، لكنه لا يصرخ. فقط شهقات متقطعة، كطفل أفاق من كابوس.
الإمبراطور ظل صامتًا.
عينيه، اللتان نادرًا ما أظهرتا شيئًا، امتلأتا بظل الحزن.
ضغط أكثر على قلب ويليام، مانحًا المزيد من ماناه.
"هذه ليست غلطتك يا صغير ... أنت فقط... تحمل أكثر مما ينبغي."
الباب ما زال مفتوحًا.
كايل كان قد ركض من غرفته عندما شعر بالانفجار. توقف على العتبة.
رأى الإمبراطور يحتضن ويليام كطفل صغير، ونظرته تلك - المزيج بين الحزن والحماية - جعلت شيئًا في صدره يضطرب.
همس الإمبراطور، دون أن يلتفت:
"كايل... أغلق الباب."
كايل لم يجب، فقط أطاع.
وأغلق الباب بهدوء.
في الداخل، ظلّ ويليام بين ذراعي الإمبراطور، ماناهما تتداخلان، والعاصفة تهدأ.
[وفي الفراغ داخل عقل ويليام، النجم أضاء بهدوء... والرجل اختفى.]