هــاي أحلى متابعين بالدنيااا >///<
بس حبيت أقول لكم...
أنا بذلت جهدي من قلبي عشان أكمل الفصل بأسرع وقت، وأنزله لعيونكم بعد ما قرأت تعليقاتكم الحلوة اللي خلتني أبتسم من قلبي (っ'ω')ノ♡
تعليقاتكم تعطيني طاقة، حتى وأنا تعبانة، أحس إن الكتابة تستاهل كل التعب عشانكم!
والحين، بما إن الأحداث بدأت تمشي ونعرف أسرار أكثر...
أبي آخذ رأيكم بصدق:
هل عجبتكم الأحداث؟
هل حسيتم في شيء مكرر؟
مين من الشخصيات حسيتوا إنها شدتكم؟ ومين ودكم تشوفونه أكثر؟
وفيه شيء ما عجبكم وتتمنون تغييره أو تحسينه؟
آرائكم مهمة عندي كتييير، تساعدني أقدم الأفضل وأطور الرواية أكثر،
فـ لا تبخلوا عليّ، لأن كل كلمة منكم تهمني وتوصل لقلبي مباشرة ~
روزي، من قلبها لكم، وتنتظر آرائكم بكل حب >///<
---
استيقظ ويليام فجأة... ليس في جناحه الفخم ولا في سريره الناعم... بل في الفراغ.
ذاك المكان الأبيض الرمادي الذي يخلو من أي ملامح... بلا أرض ولا سماء... فقط هو وأنفاسه.
تنهّد وهو ينظر حوله، ثم تمتم:
"آه لا... ليس مجددًا. كنت نائمًا بسلام... هل أوقظني عقلي الباطن؟ أم أن النظام يقرر تعذيبي؟"
لكن قبل أن يكمل تذمّره المعتاد، رأى النور يتشكل أمامه.
من الضباب الأبيض، ظهرت مرآة عملاقة ذات إطار ذهبي، سطحها يلمع كالنجوم، بداخلها تلمع شظايا ضوء لا تُحصى.
"الأسترا..." تمتم بصوت خافت.
وفي الجهة المقابلة، خرج من الفراغ الظلامي رجل طويل، لا ملامح واضحة على وجهه، لكن عينيه كانتا تلمعان باللون القرمزي، وجسده يقطر من ظلال كثيفة لا تنتمي لهذا العالم.
"النولا."
تبادلت القوتان النظرات عبر ويليام، وكأن حضوره لا يعني لهما شيئًا. ثم بدأت المرآة تصدر طنينًا متسارعًا، بينما النولا بدأ يخطو خطواته بثقل على الفراغ، تاركًا أثرًا من الدخان الأسود.
"أوه لا، لا تبدأان، ليس هذا مجددًا..." قال ويليام وهو يرفع يديه.
لكن لا أحد استمع.
النجوم بدأت تدور حول الأسترا بعنف، والظلال تحولت إلى رؤوس تنين خلف النولا، مستعدة للانقضاض.
ثم-
"كفى."
صوت ثالث... متشقق... عميق كأنه قادم من حفرة في الزمن.
ظهر من بين الضباب كائن ثالث.
رجل عجوز، منحني الظهر، يرتدي عباءة طويلة مزينة بنقوش سحرية قديمة تضيء وتخفت كل لحظة. عينيه شبه مغلقتين، وعصاه ترتكز بثبات على الفراغ.
"الأركانا."
أقرب إلى روح ملكية منه إلى كائن حي. حين خطا، ارتجّ الفراغ، وسقطت الشظايا النجمية على الأرضية المجهولة.
رفع عصاه.
في لحظة، جُمّدت المرآة.
والنولا تراجع، الظلال من حوله تتبخر، كأنها مُجبَرة على الطاعة.
ويليام شهق. لم يشعر يومًا بهذه الهيبة.
العجوز نظر إليه. لم يقل شيئًا. فقط نظر.
ثم قال ببطء:
"ما زلت ضعيفًا. لكنك أيقظتنا."
رد ويليام بتردد:
"أنا؟ لم أفعل شيئًا... كنت آكل كعكة قبل قليل."
تجاهله الأركانا تمامًا، ووجّه كلامه إلى القوى الأخرى:
"أيها النور والظلام... إن اقتتلتما، سيُفنى الجسد. ويليام هو وعاؤكما... لا تنسيا ذلك."
همهمت الأسترا بصوتٍ أشبه بموسيقى كونية:
"النولا كان من بدأ."
رد النولا بنبرة غليظة:
"بل الأسترا التي أرادت التوسع دون توازن."
لوّح الأركانا بعصاه... وفجأة، جُرّت الأسترا والنولا نحو الأرض، وتكوّنت حولهم سلاسل من نقوش قديمة، تشعّ بلون نيلي لا ينتمي لأي طيف معروف.
ثم التفت إلى ويليام، وسأله:
"هل تعرف من نحن؟"
رد ويليام بخفّة:
"أنتم قواي الخارقة التي لا أعرف استخدامها؟"
ابتسم الأركانا، تلك الابتسامة التي تحمل قرونًا من المعرفة والحزن:
"نحن ميراث عالمك. أنت الرابط بين الموروث والآتي. لا يمكنك تجاهلنا أكثر من ذلك، ويليام."
ثم لوّح العجوز بعصاه، وقال:
"حين تنام... نتقاتل. حين تهرب... نتمرد. إن أردت النجاة... عليك أن تختار."
"أختار ماذا؟" سأل ويليام.
لكن العجوز بدأ يختفي، صوته يتلاشى:
"أيهم سيكون جوهرك... وأيهم ستكون ظلّه... وأيهم ستُبقيه في القيد..."
ثم لم يتبقَ سوى الفراغ.
ووسطه، ويليام، وحده.
يتمتم:
"...أكرَه الأحلام الرمزية. ما المشكلة في نوم طبيعي؟"
ثم شعر بثقل أجفانه.
وسقط مجددًا في النوم.
[في العالم الحقيقي - جناحه الإمبراطوري]
بدأ جسده يتوهج بلون ذهبي-أزرق، وسُمع طنين خافت في أرجاء القصر.
لكن ويليام... لم يستيقظ.
---
كان الليل قد خيّم على القصر الإمبراطوري، والهدوء يُخيّم على الجناح الخاص بالأمير ويليام. لا صوت سوى خرير النافورة في الباحة الخارجية، ونبضات السكون التي تنسج لحاف النوم على القصر بأسره.
لكن فجأة-
صرخة.
"آااااه!"
صرخة حادة، ممزقة، اخترقت جدران الحجر والنوم معًا.
جسده ارتفع عن السرير، يتلوى بعنف، عيناه مفتوحتان على اتساعهما، لا ترى الواقع بل شيء آخر-شيء داخله... يتمزق.
داخل أعماقه، كان الأسترا والنولا يتصارعان.
المرآة تنكسر في داخله، والنجوم تتساقط في شظايا من الضوء...
والنولا يطلق موجات من الظلام، كأنه يُريد افتراس النور.
كان الأمر يفوق قدرته على التحمل.
ارتجف جسد ويليام بشراسة، ثم سقط من السرير كأنه دمية فقدت الخيوط، ارتطم رأسه بأرضية الرخام البارد، وبدأت الدماء تسيل من جبينه.
ذراعه التوت تحت وزنه، وتقلّص صدره من الألم.
"آاااااه! توقفوا...!" صرخ، لكن لا أحد أجاب.
الخدم هرعوا إلى الغرفة، عيونهم تتسع رعبًا.
"أحدهم اذهب لجلب الطبيب!"
"أين الحراس؟ إنه يتألم!"
"لا أحد يلمسه! إنه يصرخ كأنه يحترق!"
"تبا... إنه ينزف!"
ثم-
صوت خطوات سريعة.
مُستعجلة.
غاضبة.
ثقيلة.
الباب يُفتح بعنف.
"ويليام!"
جوزيف، الدوق، والده، اقتحم الغرفة بثياب غير مرتبة، شعره منسدل من نومٍ متقطع، عينيه تُضيئان بالقلق.
ركض إليه فورًا، دون تفكير.
وجد جسد ابنه يرتجف كأنه ممسوس، يتخبط بين الوعي والجنون، تقطّعت أنفاسه، وجسده يتلوى كأنّ النار تمزقه من الداخل.
"أبعدوا الجميع!" صاح بأمر حاد.
ثم جثا على ركبتيه، وضمّ ويليام إلى صدره.
"توقّف، صغيري... كفى..." همس، وصوته يرتجف.
ثبت جسد ويليام بذراعه اليسرى، بقوة رجل حارب في الحروب، لكنه رعشة أب خائف.
أما يده اليمنى-فوضَعها بثبات فوق صدر ويليام، فوق قلبه.
أغمض عينيه وبدأ بتوجيه المانا الخاصة به.
مانا زرقاء نقية-تحمل رائحة الجبال القديمة والثلج الهادئ-تدفقت من راحة كفه إلى قلب ويليام.
"اهدأ... اهدأ... اسمعني، هذه الأجساد ليست لك وحدك، أنا معك..." تمتم جوزيف، بينما كان يفرغ ماناه ببطء لكن بثبات، محاولة لمعادلة التصادم العنيف داخل جسد ويليام.
داخل وعيه المشوش، شعر ويليام بشيء دافئ ينساب بداخله...
كأن الثلج الذي كان يُمزقه... يذوب.
كأن الصراع بدأ يخفت... شيئًا فشيئًا...
كان صوت والده هناك.
ليس الدوق جوزيف البارد.
بل صوته حين كان يقرأ له كتابًا قديمًا عندما كان صغيرًا... قبل أن يختفي ذلك الحنان.
مرت دقائق كأنها ساعات.
ثم بدأ جسد ويليام يهدأ، التشنج يقل، عينيه تغلقان ببطء، ودموع خفيفة تترقرق.
"بابا..." همس بصوت ضعيف، لا يقصد النداء... بل الذكرى.
ارتجف جوزيف، تلك الكلمة لم يسمعها منه منذ كان عمره خمس سنوات.
ضغط أكثر على صدره، ثم همس:
"أنا هنا... لن أتركك، أيها الأحمق."
دخل الطبيب أخيرًا، يتبعه الإمبراطور أدريان، وجهه ممتقع.
كايل، إيثان، ريو، كلهم عند الباب، مذهولون من المشهد.
الإمبراطور تقدم ببطء، نظر إلى ويليام، ثم إلى جوزيف، وقال بصوت منخفض:
"ما الذي حدث له؟"
أجاب الطبيب بعد أن فحص ويليام بسرعة:
"إنها نوبة سحرية. تصادم داخلي... لم أرَ مثلها. طاقة تتعارك داخله-ليس نوعًا واحدًا... بل ثلاث أنواع."
سادت لحظة صمت.
ثم تمتم الإمبراطور:
"الأسترا... النولا... والأركانا؟ هل... كلهم في داخله؟"
جوزيف لم يجب.
نظر فقط إلى ويليام الذي استسلم أخيرًا لنوم ثقيل، تنفسه بطيء لكنه مستقر.
بعد ساعة، في الباحة الخلفية...
وقف جوزيف يدخن بصمت، ينظر إلى النجوم.
همس:
"ابني... أنت تحمل أكثر مما يجب. أكثر مما قد يتحمّله قلب بشري."
ثم نظر إلى يده... التي ما زالت تشعر بحرارة قلب ويليام.
"سامحني... لأنني كنت أظنك عبئًا."
---
في هدوء الحديقة بعد الفجر، جلس الدوق جوزيف على المقعد الحجري المعتاد، ينظر إلى الأرض بتفكير ثقيل، سيجارة مطفأة بين أصابعه، ويده الأخرى تعبث بشعره المعقود بعشوائية.
تمتم وهو ينفخ الهواء ببطء:
"حتى أنا... لم أعد أفهم نفسي."
لقد اعتقد طويلًا أن قلبه مات يوم ماتت مشاعره نحو ويليام... لكن ليلة البارحة كسرت شيئًا ما بداخله.
أكان ذلك الخوف؟ الذنب؟ أم... أبوة متأخرة جاءت بثقل الندم؟
وفي مكان آخر، وتحديدًا في السرير المذهّب المغطى بأغطية حريرية...
"آاااه... رأسي..."
فتح ويليام عينيه بتكاسل، تفاجأ أنه ما زال حيًا.
"لماذا؟ لماذا دائمًا ما أستيقظ بعد الدراما؟"
تمدد على السرير وهو يتنهد، ثم أدار وجهه إلى الجانب-
"ماذا؟!!"
كان ينظر مباشرة إلى وجه... الإمبراطور أدريان.
الإمبراطور واقف أمامه، ذراعيه مشبوكتان، وحاجبه مرفوع بتسلية.
خلفه مباشرة... كان الدوق جوزيف يقف، يرمقه بنظرة ثقيلة مشحونة بالتهديد الأبوي المعتاد، ووراءهما-
رجل طويل، أبيض الشعر، عيون فضية باردة كأنها رياح جبلية، يرتدي عباءة سوداء مطرزة بنجوم سحرية.
"لا. مستحيـــل..." همس ويليام وهو يتراجع إلى الوراء في السرير كأنه رأى كابوسًا حيًا.
"تيريون؟!"
ذاك الرجل الذي كان يلقّب في حياته السابقة بـ"الشيطان المعلِّم"، والذي كان يدرّس في الأكاديمية المواد السحرية الأكثر تعقيدًا بطريقة جعلت الطلاب يتمنّون الموت... ها هو واقف الآن في غرفته.
قال تيريون ببرود:
"صباح الخير يا سيد إيرونديل التقينا مجددا . ابتداءً من الأسبوع القادم، سأكون المشرف على تدريبك السحري في وقت فراغي."
صمت.
ثم-
"لاااااا!" صرخ ويليام، وكأنه تلقى عقوبة إعدام.
"أنا بريء! لن أعود للأكاديمية! وحتى إن عدت، لماذا تيريون؟!"
ضحك الإمبراطور، بينما نظر لدوق وهو يشير ببطء إلى حزامه:
"قانون عائلي. التعليم ليس اختياريًا، خاصة لمن يفتعل فوضى ثم يُسجن، ثم يكاد يحترق من الداخل."
ويليام غطى وجهه ببطانية السرير، وهو يتمتم:
"أنا مظلوم... أنا ضحية. أين حقوق الإنسان؟ أنا أرستقراطي راقٍ... ليس ساحرًا مجنونًا!"
ردّ عليه تيريون ببرود قاتل:
"في دروسي، لا وجود للحقوق. فقط الواجبات. والمانا لا تعرف الكسل."
"إذن سأقاضيك وفقًا للمادة 14 من قانون الطالب الحر!" صرخ ويليام وهو يجلس فجأة ويشير إليه.
لكن الإمبراطور أخرج ورقة مرسوم بتوقيعه وقال بابتسامة ساحرة:
"تم تعديل القانون بالأمس. لقد صرت ملزمًا. رسميًا."
تجمّد ويليام، ثم نظر نحو تيريون، ثم إلى والده، ثم الإمبراطور، ثم... إلى حافة الشرفة.
همس:
"هل من القانوني أن أقفز من هنا الآن؟ فقط أسأل..."
قال جوزيف بجمود وهو يفتح الباب:
"نعم. ستقفز إلى تدريب سحري خاص بك مع تيريون. استعد."
وبينما كان يسحب نفسه من السرير بتذمّر يشبه الاحتضار، قال ويليام:
"على الأقل أعطوني حلوى قبل الإعدام."
في الخارج، كانت الشمس تُشرق بلون برتقالي دافئ، والعصافير تزقزق بأمل.
ويليام يسير خلفهم جميعًا، ينظر إلى السماء ويتمتم:
"لماذا يجب على الشرير أن يذهب للمدرسة؟ ألا يفترض أن نكون مرفهين... متغطرسين...؟
متى ستحترم هذه الرواية تصنيفي؟"
---
[القلعة الإمبراطورية - الرواق الشمالي بعد شروق الشمس]
ركض.
ركض بكل ما فيه من بؤس.
ويليام، مرتديًا رداء النوم الحريري الفاخر، كان يركض عبر الممرات وكأنه طيف هارب من طقوس استدعاء شيطاني. خطواته كانت خافتة، لكنه يلهث كمن يهرب من تنين وليس من مدرس سحر.
"تيريون؟ تيريون؟! لا يا رفاق... حتى الجحيم فيه مستويات، وأنا أرفض الدخول إلى هذا الطابق!"
انعطف يمينًا، ثم يسارًا، ثم اختبأ خلف تمثال رخامي كبير لأسد متجهم.
"حسنًا... سأختبئ هنا مؤقتًا..."
ولكن لحظات فقط، حتى لمح من بعيد عباءة سوداء تتحرك في الرواق.
"آه، إنه يطاردني بالسحر! لقد أطلقت شرًّا لا يمكن إيقافه!" تمتم ويليام وهو يهرب مجددًا.
--
[بعد عشر دقائق - الجناح الإمبراطوري الخاص]
هو لا يعرف كيف وصل، ولا كيف فتح هذه الأبواب الواسعة المذهّبة.
كل ما يعرفه أنه الآن... تحت طاولة شاي فاخرة، بجانب وسادة قطيفة، وأن نفسه ما زال مضطربًا كأنه أحد الجنود الهاربين من ساحة المعركة.
تمتم:
"إذا لم يجدوني هنا... سأبدأ حياة جديدة كقطة إمبراطورية مدللة. سأموء وأُصدر بيانات سياسية غامضة."
وفجأة... صوت ناعم، هادئ، راقٍ إلى درجة مرعبة:
"هل تهرب من تعليمك يا ويليام إيرونديل؟"
تجمّد ويليام.
رفع عينيه ببطء من تحت الطاولة...
ووجدها.
الإمبراطورة "سيرينا"، زوجة الإمبراطور، وأم ولي العهد. سيدة القصر الأولى. المرأة التي يقال إن عقلها قادر على قلب ممالك... بمجرد نظرة.
كانت تجلس بكل أناقة على الكرسي الفخم، تمسك فنجان شاي بورسلان وتراقبه وكأنها تنظر إلى سنجاب أضاع طريقه في قاعة احتفال ملكي.
قال ويليام بسرعة وهو يزحف قليلًا خارج الطاولة:
"سيدتي الإمبراطورة! أقسم أنني لست متسللًا! أنا فقط... تائه. نعم، تائه! ضعت في الممرات وأنا أبحث عن الحمّام."
رفعت حاجبًا واحدًا، ثم أخذت رشفة هادئة من شايها:
"وأين رداؤك؟"
"...كان عليّ أن أخلعه كي أركض بحرية. لأسباب استراتيجية."
"وتحت الطاولة؟"
"أدرس فنون الاختباء... تخصص نادر."
ضحكت الإمبراطورة بخفة. ضحكة لم يسمعها أحد في المحكمة منذ ثلاث سنوات على الأقل.
"أنت مختلف عما توقعت، يا ابن جوزيف."
جلس ويليام ببطء على السجادة أمامها، محاولًا أن يبدو كئيبًا لكن جذّابًا.
"الجميع يتوقعون مني أن أكون شيطانًا ساخرًا مملًا... لكنني أُفاجئهم بشيء أسوأ: صدق متكاسل."
نظرت إليه بتأمل. ثم قالت:
"أتعلم... لطالما سمعت عنك القصص، لكن لم يخبرني أحد أن لديك... روحًا ساخرة، وعينين تقولان 'لا أريد أي شيء من هذا العالم'."
"هذا لأن معظمهم مشغولون جدًا بكرهي."
"وهل تستحق الكراهية؟"
"...أحيانًا. لكن بصراحة، أنا أفضل أن أُكره على أن أُدرّس."
ضحكت مجددًا، ثم أشارت إلى الكرسي المقابل.
"اجلس. اشرب الشاي قبل أن يأتي ذلك المعلم المجنون ويُعيدك إلى قاعة العذاب."
جلس ويليام، وأخذ الفنجان بأدب شبه أرستقراطي.
"يا جلالة الإمبراطورة... هل لي بسؤال؟"
"تفضل."
"هل لديك غرفة سرية أستطيع الاختباء فيها حتى ينساني الجميع؟ ترجمةً لحقي الدستوري في البقاء ميتًا تعليميًا؟"
"للأسف... لا، لكن لدي نصيحة."
"آه... لا بأس، النصح مجاني على أي حال."
"ربما... لا تحاول الهرب من كل شيء. قد تكون مخيفًا أحيانًا، لكنك لست بلا فائدة."
"...هل هذه إهانة ناعمة؟"
"إنها مجاملة إمبراطورية."
[في الخارج - الباب يُفتح بعنف]
"ويليام!" صوت تيريون، حاد كالقدر.
"آآآآه، لقد وجدني." تمتم ويليام وهو يُلقي نفسه إلى الخلف كأنه أصيب بسهم و يختبى تحت طاولة.
نهضت الإمبراطورة وقالت:
"سيد تيريون، تأخرت... كنت أنا أستجوبه بنفسي."
تيريون رفع حاجبه، ثم انحنى احترامًا.
"إذن... هل خرج بأي اعترافات جلالتك؟"
ويليام، وهو يمسك الفنجان:
"نعم... أعترف أنني لا أصلح لأي شيء مفيد، وسأكون عقوبةً على معلم مثلك."
تيريون تنهد، ثم قال:
"سأبدأ تدريبك صباح الغد. ولا طاولات شاي ستكون آمنة لك."
ويليام نظر للإمبراطورة وقال هامسًا:
"هذا تهديد، أليس كذلك؟"
أجابت بنفس الهدوء:
"بل تحفيز."
وهكذا... انتهى لقاء نادر بين الهارب والمعنية الأولى بالسيادة.
لقاء غيّر شيئًا بسيطًا في قلب الإمبراطورة...
وربما، زرع بذرة غير متوقعة بينهما.
أما ويليام... فجرّ نفسه خلف تيريون، يتمتم:
"أريد أن أُطرد رسميًا من الرواية... هل يوجد مكتب شكاوى للشخصيات؟"
(روزي للأسف لا)
---
[داخل الغرفة الإمبراطورية - ما تحت الطاولة]
كانت الإمبراطورة جالسة على كرسي فاخر، ترتدي رداءً ملكيًا مزخرفًا بخيوط ذهبية، وتحتسي الشاي ببطء كأنها لا تعلم أن تحت طاولتها... يرقد مخلوق يدعى ويليام بعد ان اختبى مجددا .
"همم... هل قلت إنك تائه؟" قالت الإمبراطورة، ورفعت حاجبها بينما تنظر أسفل الطاولة.
ويليام، بعينين كبيرتين توحيان بالبراءة المصطنعة، قال وهو يهمس:
"نعم، تائه. جداً. ضعت وأنا أبحث عن... دورة المياه الملكية."
"في الطابق الثالث؟" ردت ببرود.
"...أنا سيء في الجغرافيا."
ضحكت الإمبراطورة بخفة، ثم أشارت له بالخروج من تحت الطاولة:
"تعال واجلس، أيها المتسكع الغريب لا داعي للخوف ذهب تيريون."
بتردد، خرج ويليام، وجلس على الحافة البعيدة من الكنبة، كأنّه يخشى أن يلمسه النبل.
قالت الإمبراطورة وهي تتفحّصه بفضول:
"أنت... لست كما تصفك الشائعات."
ويليام أومأ، ثم قال:
"أجل، الشائعات لا تعكس الحقيقة دائماً. أحيانًا نكون مجرد شخص يحاول النجاة... أو النوم."
رفعت فنجانها بلطف وقالت بابتسامة ذكية:
"أعجبتني طريقتك في الهرب من الدروس... رغم أنها جبانة."
"أفضّل الجبن على السحر. الجبن لا يشتعل."
وفجأة... فتح الباب.
دخل إيثان، ولي العهد، بخطوات هادئة وواثقة.
"أمي؟ هل كنت هنا؟"
ما إن رأى الإمبراطورة، حتى أسرع إليها واحتضنها بقوة.
"اشتقت إليكِ."
ضحكت الإمبراطورة وربّتت على شعره بمحبة، وهي تهمس:
"وأنا أيضًا، صغيري."
ويليام كان يراقب المشهد بصمت.
إلى جانبه، دخل كايل، يقف بجانبه متكئًا على الجدار.
كايل نظر إلى المشهد، ثم همس:
"لحظة دافئة، أليس كذلك؟"
لكن ويليام لم يرد.
كان قد أشاح بوجهه، وعيناه لا تجرؤان على متابعة ما رآه للتو.
(حتى ويليام الأصلي... كان يتمنى حضنًا كهذا من والدته. مجرد لحظة حنان واحدة... لكنه لم يحصل عليها.)
(لورينا؟ كانت تمنحه النظرات الحادة... أما الأحضان، فكانت مخصصة لابن خاله ريو.)
أطلق ضحكة ساخرة داخلية، تلك الضحكة المرة التي لا يسمعها أحد:
(حتى العاطفة، كانت تُمنح على حسب الجينات.)
وقف ببطء، شدّ عباءته، ثم تمتم لكايل:
"عد أنت لدوقي. سأذهب لأداء طقوسي اليومية: النوم، الإنكار، ثم نوم إضافي."
كايل رفع حاجبه:
"ألن تهرب مجددًا؟"
"كلا... سأهرب إلى الوسادة فقط. وهي لا تطلق نارًا."
خرج ويليام من الغرفة، يسير ببطء في الممرات الفخمة، خطواته خفيفة كأنه شبح... أو بقايا شبح.
رفع عينيه إلى السقف المزخرف، ثم همس:
"في المرة القادمة... أطلبوا حضنًا عند الولادة. لا شيء آخر يستحق."
ثم اختفى خلف الزاوية، عائدًا إلى غرفته.
---
[بهو القصر - بعد نصف ساعة من هروبه الفاشل]
قرر ويليام، بعد صراع داخلي عنيف مع شهوة النوم، أن يخرج من القصر ويضيع وقته في أكثر مكانٍ يكرهه الأرستقراطيون النبلاء: السوق.
قال لنفسه وهو يربط عباءته بطريقة مهملة:
"سأتسكّع... أتمشى... أتنفّس قليلاً هواء الأغنياء المختلط بعرق الفقراء... لا خطط، لا دروس، لا تيريون. مجرد يوم كسل ."
لكن اللحظة التي خرج فيها من البوابة الرئيسية...
"أوه، رحلة؟ أنا آتٍ!"
ظهر كايل من العدم، يصفق بحماس كأنها نزهة ملكية.
ثم، من الجانب الآخر، خرج ولي العهد إيثان... بابتسامة المتعة السادية على وجهه:
"وأنا كنت أحتاج استراحة من الاجتماعات الإمبراطورية المملة... خذوني معكم."
وقبل أن يصرخ ويليام، ظهر صوت ثالث من فوق الشرفة:
"انتظرونييييي!"
ريو، ابن خاله المدلل، يقفز بخفة وهو يرتدي قبعته ، ثم ينزل السلالم كأرنب نشيط في ربيع أبدي.
ويليام توقّف، حدّق فيهم لحظات، ثم أشار إليهم بإصبع متوتر:
"ما هذا؟ نزهة العائلة الملعونة؟! أرفض. اذهبوا، اختفوا، انقرضوا."
رد كايل وهو يتفحص أظافره:
"لكننا بالفعل في طريقنا للعربة..."
إيثان ابتسم:
"رفضك مقبول نظريًا، لكن من يهتم؟"
ريو لوّح بسيفه الخشبي:
"سأحميك من النشالين، ويليام!"
ويليام نظر إلى السماء، تمتم:
"يا مؤلف الروايات... لماذا لا ترسل شاحنة أخرى؟"
[داخل العربة - بعد دقائق]
جلس ويليام في الزاوية القصوى، واضعًا يده على وجهه كأنه مريض نفسي.
الثلاثة الآخرون يجلسون حوله، يتجادلون بشأن أي متجر للحلويات يجب زيارته أولاً.
كايل: "ذاك الذي يبيع الشوكولاتة المستوردة من مملكة الزمرد."
ريو: "لااا، ذاك الذي يعطي علكة مجانية للأطفال!"
إيثان: "أنا لا آكل الحلوى. آتي فقط لأراقب الفوضى."
ويليام أغلق عينيه، وحاول ألا يفقد آخر ثلاث خلايا عصبية متبقية لديه.
(هل أنا في كابوس جماعي؟ هل هذه صداقات؟ ويليام الأصلي... كان سيبكي من السعادة الآن. كان سيصرخ: "لدي أصدقاء!")
تنهد...
(أما أنا... فأرى كائنات طفيلية تجلس في مجال رؤيتي وتستهلك أوكسجيني.)
رفع رأسه ونظر من النافذة.
(هذا ليس يومًا للراحة... هذا يوم للعقاب.)
ثم همس دون أن يلتفت إليهم:
"من يتكلم أكثر... سيدفع الفاتورة."
ريو شهق.
كايل ضحك بخبث.
إيثان قال: "أجل، إذن كايل سيدفع."
ويليام تمتم:
"سأقفز من هذه العربة... وأدّعي أنني حبة بطاطا هاربة."
وهكذا، بدأت أغرب رحلة تسوّق في تاريخ الأرستقراطية.
ويليام على وشك فقدان صوابه.
وأمامهم... ينتظر السوق.
---
[أمام بوابة سوق العاصمة - الشمس مشرقة، الأعصاب محترقة]
توقفت العربة أمام بوابة السوق العظيمة، حيث يختلط صراخ البائعين برائحة العرق والتوابل والدجاج المشوي.
ترجّل الجميع... أو بالأحرى، ترجّل ويليام أولًا وهو يركض بكل ما يملك من طاقة وكأن التنين نزل خلفه.
"أنا حر! أنا طليق! لا أحد يمسك بي!"
ركض ويليام وسط الزحام مثل لص مسروقة منه حريته، تاركًا خلفه صرخات ريو المتعجرفة:
"ويليام! عد إلى هنا ايها المتمرد عديم الذوق! كيف تجرؤ على تجاهلي؟ أنا ريو! ريو! هذا السوق يجب أن يُفرَش لي بالورود!"
إيثان رفع حاجبه وقال ببرود:
"أعتقد أنه يهرب منا."
كايل حكّ رأسه:
"أم يهرب من الحياة؟"
[في زقاق جانبي - بعد لحظات من الهرب]
توقّف ويليام ليلتقط أنفاسه، يضع يديه على ركبتيه كمن أنهى سباق ماراثون.
(نعم... نعم... هكذا أشعر بالسلام. بعيدًا عن ذلك المتغطرس ريو الذي يتصرف كأنه ابن الملك المختار. وكايل؟ لا بأس به. أما إيثان... فهو شيطان متنكر بوجه بشري.)
رفع رأسه وهو يسمع صوتًا مألوفًا خلفه:
"ويليييياااااام!"
ريو، بشعره الوردي المهندم، يخرج من بين الحشود كما لو أنه نجم مسرحي ضائع وسط تمثيل هاوٍ.
"كيف تجرؤ على تركي؟ السوق بأكمله يجب أن ينحني لي! أتعلم أن هذا المعطف مصنوع من وبر طاووس نادر لا يوجد إلا في جبال النور؟!"
كايل ظهر خلفه، يتنفس ببطء:
"أنت الذي تأخرت علينا يا ريو... كنت مشغولًا في الجدال مع ذلك البائع لأنه لم يعرف اسمك."
إيثان دخل المشهد، متسللًا كالموت نفسه:
"ويليام، كنت أعتقد أنك ناضج بما يكفي لعدم الركض مثل طفل سُرِقَت منه لعبته."
ويليام نظر إليهم بنظرة رجل تعب من الحياة، تمتم:
"أنا فقط أردت... أن أمشي وحدي... أن أشتري قطعة حلوى بدون تحليل سياسي... أو مقارنة بين أنواع التوابل ومراتب النبلاء... هل هذا كثير؟ هل أنا الوحش؟"
ريو نظر إليه باحتقار مسرحي:
"نعم. أنت أناني. أي شخص يملك رفقة مثلي لا يهرب منها... بل يتباهى بها."
ويليام رفع يده بإيماءة تهديد:
"ريو... أقسم لو فتحت فمك مرة أخرى، سأرميك في كومة جزر."
[بعد عدة دقائق - في السوق]
على الرغم من توتر البداية، استمر "الرباعي " في جولتهم، مع مواقف عبثية لا نهاية لها:
ويليام حاول شراء تفاحة، فقط ليجد ريو يصرخ:
"تفاحة؟ تفاحة؟! أنت مزارع؟! اشتر شيئًا أرستقراطيًا على الأقل!"
كايل دخل في مشاجرة مع قطة حاولت سرقة كعكته.
إيثان تفاوض مع أحد البائعين فقط ليتحدى مهاراته في الشطرنج بدل الدفع.
ويليام في النهاية اشترى قبعة مضحكة بعيون أرنب، ولبسها فقط ليستفز ريو.
"هذا... هذا مريع! أنت تهين الموضة!"
قال ريو وهو على وشك الإغماء.
"أجل، الموضة تشكرني لاحقًا."
رد ويليام وهو يمشي بفخر مزيف.
[في طريق العودة - داخل العربة]
الجو داخل العربة كان... فوضويًا.
كايل يأكل كعكته الثالثة.
إيثان يتأمل القبعة على رأس ويليام بابتسامة غامضة.
ريو يكتب رسالة شكوى إلى والدته حول "تدهور الذوق العام".
أما ويليام، فجلس ينظر من النافذة، متمتمًا:
"أنا لم أهرب بما فيه الكفاية اليوم... سأحاول مجددًا غدًا."
ثم أغلق عينيه وقال:
"لكن... ربما... فقط ربما... وجودهم ليس الأسوأ دائماً."
ثم فتح عينًا واحدة وأضاف:
"لا، ما زالوا مزعجين."
النهاية... أو بالأحرى، استراحة قصيرة من الجنون.
---
داخل العربة، جلس ويليام متكئًا على النافذة، عابسًا كأن الحياة كلها ارتكبت جريمة بحقه. تنهد ببطء، كأن قلبه يحمل وزن جبل، وتفكيره كان في مكانٍ آخر تمامًا.
(كايل، وريث سيف وأمير الابتسامة الذهبية...
إيثان، ولي العهد المبجّل وصاحب النظرة القاتلة...
ريو، المتفاخر الذي يعتقد أن الشمس تشرق من تحت عباءته...)
أطلق زفرة طويلة:
(هؤلاء هم أبطال الرواية... الأضواء تلاحقهم، الناس تهتف بأسمائهم...
فلماذا، بحق أصبح الجميع فجأة مهوسين بـ"الشرير النائم"؟
هل فقد العالم عقله؟
أم أنني... نسيت الاستيقاظ في الفصل الصحيح؟)
العربة تتوقف أمام القصر الإمبراطوري الكبير، وأصوات الجنود ترتفع بإعلان العودة. أبواب العربة تُفتح ببطء، والضوء الذهبي يغمر المدخل.
وأول ما وقعت عليه عين ويليام... كانت هي.
لورينا.
والدتهم. سيدة الدوقية، أميرة الجليد المغلف بالعطر الثمين، تقف هناك بكامل أناقتها، شعرها الاحمر مرفوع بعناية، ووجهها يعكس قلقًا حاولت تغليفه بالبرود المعتاد.
وما إن نزل كايل، حتى تقدمت نحوه بسرعة لا تليق بمقامها الملكي، وضمّته بقوة غير معتادة:
"كايل... حبيبي، هل أنت بخير؟! سمعت عن الحادثة... قل لي أنك لم تُصب!"
كايل ابتسم بحنان، وأجاب بصوته الهادئ:
"أنا بخير يا أمي. لقد كنت مع ويليام والآخرين."
ثم استدارت لورينا إلى ريو، واحتضنته بحرارة أكبر مما توقّع أي شخص.
"ريو عزيزي، لقد كنت قلقة عليك أيضًا! والدتك في القصر كانت تكاد تُغمى عليها!"
ويليام، الذي كان آخر من نزل من العربة، وقف متجمدًا للحظة، ثم تحرك بهدوء كئيب ليقف خلف والده، الدوق جوزيف، وكأنه يحتمي بظل الرجل الطويل والصامت.
لم تقترب لورينا منه.
لم تسأله عن حاله.
حتى نظرة عابرة... لم تُرمَ في اتجاهه.
(كالعادة... لا شيء يتغير.)
فكر ويليام وهو يشيح بوجهه، متظاهرًا بعدم المبالاة، بينما قلبه يسخر منه.
(حتى لو عُدتُ من بين الموتى، فلن تهتمي.
ريو ابن خاله، تحبه أكثر من ابنها.
أما أنا؟
فمجرد عار نائم في تاريخها.)
جوزيف نظر إليه بطرف عينيه دون أن يتكلم، لكن ويليام فهم.
"هيا، ادخل." قال الدوق بصوته العميق.
ويليام لم يجب، فقط مشى بصمتٍ خلفه، والرداء الثقيل على كتفيه يصفّر مع الريح كأنما ينوح.
دخل القصر، خطواته صامتة كالأشباح، بينما في الخلف، ما زالت أمه تعانق ريو وتسأل عن تفاصيل لا تهمه.
(هل أنا حقًا في هذا العالم... أم مجرد صدًى لشخص كان يُفترض أن يُنسى؟)
[داخل القصر - ممر طويل، وأفكار أطول]
دخل ويليام جناحه وأغلق الباب خلفه. خلع عباءته، رماها بإهمال على الكرسي، ثم رمى نفسه على السرير كما يفعل دومًا.
لكن هذه المرة لم يكن التعب جسديًا.
(ربما ويليام الأصلي كان سيسعد بكل هذا...
بأنهم يلاحقونه، يحاولون أن يكونوا أصدقاءه...
لكن أنا؟
أنا فقط أريد النوم...
ونسيان أنني شخص لا تريده حتى أمه.)
غطى عينيه بذراعه، مستعدًا للغرق في أحلام هادئة لا تحمل ريو، ولا كايل، ولا إيثان... ولا لورينا.
---
كان الصباح مشرقًا بشكل مزعج. الشمس تلمع كما لو أن الحياة جميلة، وهو أمر يُخالف تمامًا مزاج ويليام.
في الساحة الكبرى للقصر، وقف الجميع استعدادًا للرحيل إلى أكاديمية "إستريا"، الوجهة الأهم للنبلاء والسحرة والمتفوقين... أو في نظر ويليام: السجن الرسمي المزين بالأبراج العالية والكثير من الدروس المملة.
الإمبراطور بنفسه خرج لتوديع ابنه إيثان، ووقفا سويًا في لحظة رسمية مهيبة.
"تصرف كولي عهد يليق بالإمبراطورية،" قال الإمبراطور بصوتٍ جاد.
إيثان انحنى برأسه:
"سأجعلكم فخورين."
بجانبهم، كانت لورينا واقفة، تلبس عباءة فاخرة بلون الكريستال، تعانق كايل وكأنها سترسله إلى ساحة حرب، لا إلى أكاديمية.
"احرص على طعامك... لا تتأخر في النوم... لا تثق بالجميع."
ثم استدارت لريو، ابتسمت له برقة، ورتبت طوق سترته بعناية أم حنونة:
"وكن عيني على كايل، أنت تعرف كم أثق بك."
ريو ابتسم بثقة مزعجة:
"بالطبع، خالتي. لن أسمح لأي أحمق أن يزعجه."
أما ويليام...
فكان قد جلس بالفعل في العربة، متكئًا على النافذة، ذراعه تسند رأسه، ونظرته تائهة في الفراغ.
(الخطبة المسرحية انتهت؟ جيد. يمكننا الانطلاق قبل أن تُقيم لورينا حفلة وداع ملكية.)
لم يلتفت إلى أحد. لم يفتح الباب ليُودّع. لم ينتظر حضنًا من أمه أو نظرة من الإمبراطور.
لأن ويليام يعلم مسبقًا أنه لن يحصل على شيء.
من بعيد، كان الدوق جوزيف يراقب بصمت، يقف إلى جانب التمثال الحجري في ظل شجرة الصنوبر.
نظر إلى العربة، حيث جلس ابنه دون أن يتفاعل مع المشهد العاطفي الجاري، ثم تنهد بعمق.
(تبدو كأنك تحاول الهروب...
لكن حتى في هروبك، أنت وحدك يا ويليام.)
رفع رأسه قليلًا، شمس الصباح تنعكس على شعره الابيض .
"احمِ نفسك..." قالها بصوت لا يسمعه أحد.
ثم تحركت العربة.
كايل ركب بجانب ويليام، تلاه إيثان وريو الذي دخل بابتسامة مغرورة كالعادة. العربة بدأت بالتحرك، والجنود يفتحون الطريق أمامها.
ويليام أغلق عينيه، بينما الأصوات خلفه تتلاشى.
(أكاديمية إستريا، ها نحن ذا...
مكان الأحداث... الأبطال... والمصائب.
أرجو فقط أن يسمحوا لي بالنوم فيها.)
لكنه يعلم أن الأمور لن تسير كما يريد.
لأن الجميع لا زالوا مهووسين...
بالشرير الذي لا يريد حتى أن يستيقظ.