20 - الدرس رقم واحد: لا تزعج أستاذك إذا كنت لا تملك خطة هروب

[الأكاديمية ]

وصلت العربة إلى بوابة أكاديمية "إستريا" وسط استقبال رسمي، حراس، معلمين، وطلاب يتطلعون بفضول إلى أولاد العائلات النبيلة.

نزل كايل أولًا، ثم إيثان، وريو طبعًا نزل بأسلوبه المعتاد وكأنه أمير الحفلة.

أما ويليام... فقد اختفى فور أن وطأت قدمه أرض الأكاديمية.

"أين ويليام؟" سأل كايل وهو ينظر حوله.

"لا أعلم... قال إنه سيذهب لينام،" أجاب ريو ببرود وهو ينفض الغبار عن ردائه.

"في أول يوم؟" عقد إيثان حاجبه.

"هو ويليام، هل تتوقع غير ذلك؟"

---

ويليام كان قد دخل جناح الطلاب النبلاء، وجد غرفته بسرعة، ورمى نفسه على السرير كما لو أن هذا المكان كان بيته الأصلي. لم يبدّل ملابسه، لم يفتح حقيبته. فقط تمدد هناك، مطأطئ الرأس، عينيه تحدقان في السقف.

(أخيرًا... هدوء.)

لكن الهدوء لم يدم.

بدأت حرارة غير طبيعية تسري في جسده، من أطراف أصابعه إلى عموده الفقري.

شعور بالوخز، كأن النار تشتعل تحت جلده.

ثم... صوت داخلي.

همسات... صرخات... صور تتداخل، وجوه، ذكريات ليست له، دماء... نار... ظل أسود يبتسم في العتمة.

" آااااااااااااه

أخرجوا من رأسي... قلت لكم... اصمتوا!!"

صرخ ويليام فجأة، صرخة هستيرية ملأت الغرفة، ارتد صداها على الجدران المصمتة.

"أنا لست ويليام... فهمتم؟! لا أريد هذه الذكريات! لا أريد هذه القوة! اتركوني... فقط دعوني أنام!!"

سقط على الأرض، يده تضغط على صدره بقوة، العرق يتصبب من جبينه، وعيناه مفتوحتان على وسعهما وكأنهما تريان شيئًا من خارج هذا العالم.

"آااااااااااااه "

صرخ من جديد، أكثر حدة، حتى بحّ صوته.

لكن لا أحد جاء.

الجدران عازلة للصوت... والنبلاء اعتادوا على تجاهل من يصرخ دون سبب نبيل.

مرت الدقائق كأنها ساعات، ثم... سكن جسده فجأة.

أنفاسه بطيئة، عينيه نصف مفتوحتين، والغرفة غارقة في ظلام خافت.

"هاه... هذا ما أنت عليه، ويليام؟ تنهار من أول موجة مانا؟ كم أنت مثير للشفقة..."

همسها لنفسه، بصوت متهكم، ثم أغلق عينيه.

(لن أتوسل المساعدة...

إن لم يأتِ أحد، فهذا يعني أنني وحدي... تمامًا كما كان هو دائماً.)

وغطّ في نومٍ ثقيل، لا يشبه الراحة، بل يشبه الغرق.

---

استفاق ويليام على صوت باب يُفتح بعنف تلاه الشعور المعتاد... الألم في أذنه.

"آآآه! ما بالك؟!"

صرخ وهو يُسحب من أذنه وكأن رأسه قطعة عجين.

"أنت حي؟ ممتاز! كنت أظنك تبخرت في نوبة مانا فجريّة!"

قال ليستر، أستاذ المانا المعروف بطباعه النارية.

"لم تكن نوبة! كنت أُجري تجربة تأمل ميدانية!"

احتج ويليام وهو يُسحب كقط صغير.

"أجل، تجربة تصرخ فيها بكلمات مثل: (لماذا النجوم تهمس؟!) و(الفراغ يبتلعني!)؟"

قهقه ليستر، ثم ضربة قوية على ظهر ويليام.

"آآخ! ظهري يا مختل!"

"التحفيز الجسدي! نافع جدًا للطلاب الكسالى، وخاصة أولئك الذين يمتلكون ثلاث أنواع مانا ولا يفعلون بها شيئًا!"

"أنا؟ ثلاث أنواع؟"

رفع ويليام حاجبًا، وكأنه نسي أنه صار تجسيدًا للفوضى السحرية.

"نعم، الأسترا - مانا النجوم، النولا - مانا الفراغ، والأركانا - المانا النقية. ثلاث قوى لا يجيد التحكم بأي واحدة منها. عظيم!"

"على الأقل أنا مميز...؟"

"مميز بالكسل فقط."

---

في الطريق إلى ساحة التدريب، قال ليستر وهو يسير بسرعة كأن وراءه جيشًا:

"الأسترا تحتاج تركيزًا ذهنيًا عاليًا، النولا تتطلب قلبًا هادئًا كالثقب الأسود، أما الأركانا... فهي لا تخضع لقواعد. مثل شخصك تمامًا."

"شكراً على الوصف اللطيف... كان يمكن أن تكتفي بوصفي بالمخيف والغامض مثلاً؟"

"كنت سأفعل، لولا أنك تصرخ في نومك مثل ديك يحتضر."

---

وصلوا إلى ساحة التدريب، مليئة بالكريستالات، رموز سحرية، وأدوات غير قانونية على الأرجح.

"اجلس. ابدأ بالأسترا. ركّز. افتح قلبك للنجوم."

"هل عليّ أيضًا أن أرتدي رداء لامع وأغني مع المجرات؟"

غمغم ويليام وهو يجلس بتكاسل.

"لو هذا سيساعدك على عدم الانفجار، فافعل!"

تنهد ويليام بعمق، أغلق عينيه... وبدأ يشعر برعشة طفيفة. النجوم تهمس، الفراغ يتنفس، والأركانا... تنتظر.

(ويليام الأصلي كان سيبكي من السعادة... أما أنا؟ فقط أرجو ألا أحترق قبل الغداء.)

---

[ساحة تدريب المانا - الوقت: بعد الفطور، الصبر: في حالة احتضار]

كان ويليام جالسًا القرفصاء وسط دائرة سحرية مُعقدة، أنوار زرقاء تتراقص حوله بخفة، وكأنه يؤدي رقصة فاشلة في عرض مسرحي فانتازي. يفتح عينيه، يتنهد، ثم ينظر إلى ليستر.

"أظن أن النجوم نائمة اليوم. ما رأيك أن نؤجل الأسترا للغد؟"

[أمام ليستر - درجة الحرارة الداخلية: غليان]

"ماذا قلت؟"

قالها ليستر بنبرة هادئة جداً... مرعبة جداً.

"أقول... أنت تبدو متعبًا يا أستاذ، ربما قسط من الراحة يساعدك على عدم الإصابة بالضغط."

طَق!

لحظة واحدة فقط، وكان ويليام يُسحب مجددًا من أذنه كقط مذنب.

"أنت تمتلك مانا نادرة، وقوة كانت لتجعل أي مغفل أميرًا ساحرًا! لكنك؟ تمضي وقتك في الشكوى وكأنك موظف في دائرة الضرائب!"

"أنا أُقدّر فن التذمر، يا أستاذ. إنه هواية نبيلة."

بَف!

ضربة على ظهره جعلته يطير قليلاً للأمام.

"ركز! استشعر الأسترا! تخيل مجرة! لا تتخيل وسادة! ولا كعكة!"

"لكن الكعكة كانت تلمع مثل النجوم..."

"أيها الكائن الطفيلي!"

بَف!

ضربة أخرى. هذه المرة صاح ويليام: "ظهرررري!"

"جرب النولا!"

قال ليستر وهو يرمي عليه كتابًا بعنوان: "كيف تتأمل دون أن تنفجر؟"

"حسنًا، الفراغ... الفراغ... أنا أشعر به. داخلي كله فراغ. أعتقد أن هذا جيد؟"

"ذلك ليس تأملًا، هذا اكتئاب سحري!"

"هل يمكنني أن أدوّن ذلك كشعار شخصي؟"

بَف!

"لا! ركز!"

بدأت المانا تتحرك. هواء كثيف، نبضات غير مرئية، الأسترا تهمس من الأعلى، النولا تدور حوله، والأركانا... تُراقب.

"أوه... أعتقد أنني أشعر بشيء."

"لا تُفسده! فقط اصمت و-"

بُوووم!

انفجار صغير جعل شعر ويليام ينتفش للأعلى كقنفذ كهربائي.

"أشعر... بالأركانا. أو ربما هذه رائحة حروقي."

"مبروك، أول إنجاز حقيقي لك! لقد أشعلت نفسك بدلًا من الشعلة السحرية!"

"هل هذا يعني أنني متقدم؟"

"هذا يعني أنك تهديد بيئي!"

---

كان ليستر ما يزال يصرخ، يتطاير اللعاب من فمه مع كل جملة، بينما ويليام كان واقفًا يصفف شعره المحترق بأصابعه بتنهيدة عميقة.

"أستاذ... أشعر بندمٍ عميق... في أمعائي."

ليستر حدق فيه، ثم قال ببطء: "هل هذا نوع جديد من طاقتك؟"

"لا، لا. فقط... أحتاج الذهاب للحمام. الآن. فورًا. حياة أو موت."

ليستر رفع حاجبه بشك، لكن بعد كل ما رآه من هذا الطالب العجيب، قرر أن يعطيه تلك الفرصة.

"ثلاث دقائق. لو لم تعد، سأستخدم مانا الرياح لجرّك من مؤخرتك."

"كم أنت إنساني، أستاذ."

قالها ويليام وهو ينحني بانحناءة محترمة... ثم ولّى هاربًا مثل قط سرق سمكة.

[ممرات الأكاديمية - الأقدام تركض، النية: الهروب الكبير]

"لن أعود."

قالها بين أنفاسه، وهو يركض بين الجدران الحجرية القديمة،

"أنا رجل مسالم، فلسفتي في الحياة تعتمد على الراحة والسكون، لا على التفجيرات والصفع."

بعد دقائق من الركض، وصل إلى منطقة معتمة نسي الجميع أنها موجودة في الأكاديمية - قبو قديم مهجور خلف المكتبة، تغطيه شبكة من الأنقاض والسكون. وهناك، في الزاوية، كانت بيضة غريبة الشكل بحجم رأس طفل، تتوهج بخفوت أرجواني.

"همم؟ بيضة؟ رائعة، لكن لا يهم."

اقترب منها، نظر إليها بتكاسل، ثم تجاهلها تمامًا كأي مهمة منزلية.

"ليكن... مادامت لا تتكلم ولا تصرخ أو تحاول تدريبي، فأهلاً بها."

تمدد على الأرض الباردة، وضع رأسه على حقيبته، وزفر براحة وهو يغمض عينيه.

"أخيرًا... مكان يشبه شخصيتي: مظلم، مهجور، ومليء بالأشياء الغريبة."

"ويليييييييام! لو لم أجدك خلال خمس دقائق، سأجعل مانتك تبكي!"

وفي مكان ما بين البيضة الغريبة وصوت الصراخ البعيد، كان ويليام يشخر بهدوء، وكأنه دخل عالمًا جديدًا من الأحلام... أو الكوابيس المستقبلية.

---

تمدد ويليام على الأرض الباردة، بينما كانت البيضة الغريبة بجواره تشع وهجًا خافتًا كأنها تراقبه بصمت. سكونٌ ثقيل يملأ المكان، لا يُسمع فيه إلا أنفاسه المتعبة.

(الطقس رطب هذا اليوم... ليس بارداً جداً، لكنه يلسع. من ذلك النوع الذي يجعلك ترغب بالبقاء تحت الغطاء للأبد، لولا أن لا غطاء هنا... ولا سرير.)

مدّ ذراعه فوق عينيه ليحجب ضوء البيضة.

(أجسد ويليام، أم أنا؟ لماذا تخرج كلماتي من فمي دون إذن؟ يبدو أن العادة قد ترسّبت في هذا الجسد... الحديث مع النفس، وكأن لا أحد في العالم يسمع.)

صمت قليلاً، ثم تمتم:

(كم من الوقت قضيتَ تتحدث مع نفسك؟ هل كنت تنتظر رداً من الجدران؟ من السقف؟ من اللهب في المدفأة؟... مسكين.)

ضحك ضحكة قصيرة، جافة كالأرض التي ينام فوقها.

(حياتك كانت بلا دفء، بلا أصدقاء، حتى أمك تفضّل غيرك... لا عجب أن أصبحت شريراً في الرواية. لم يكن أحد يستمع إليك، وها أنا الآن من يستمع لصوتك في رأسي.)

رفع رأسه قليلًا لينظر إلى البيضة المتوهجة، ثم أشاح بنظره عنها بتكاسل.

(وأنتِ، أيتها البيضة الغريبة... لا تلمعي كثيراً، فلست في مزاج لتربية مخلوقات أخرى. بالكاد أربي نفسي.)

تقلّب على جنبه، مطلقًا تنهيدة طويلة.

(إن كنت يا ويليام لا تزال هناك، فأسمعني... أنا لست هنا لأُصلح ما أفسده الآخرون في حياتك. أنا فقط أحاول أن أنام... وهذه عادتي أنا، لا عادتك.)

(لكنني آسف. آسف لأنك تحدثتَ مع نفسك طويلاً دون أن يستمع إليك أحد. آسف لأنك اعتدت الوحدة حتى ظننتَ أنها أمر طبيعي.)

أغمض عينيه في هدوء، والبيضة خلفه أصدرت طقطقة خفيفة، كأنها تردّ على كلماته. لكنه لم يفتح عينيه.

(إذا قررتِ الفقس والهجوم، فافعلي ذلك بعد أن أنام... فلعلّ الموت يكون أكثر راحة من حصص ليستر.)

وساد الصمت مجدداً، ولكن هذه المرة... لم يكن وحيداً تمامًا. كان هناك شيء ما، ينبض في المكان.

---

بينما كان ويليام يتقلب باحثاً عن وضعية نوم مريحة على الأرض القاسية، انطلقت في رأسه تلك النغمة المزعجة المألوفة... نغمة النظام.

[طننن!]

> [تنبيه من النظام: تم اكتشاف بيضة أثرية من صنف غير مُصنّف. يُعتقد أنها لم تفقس منذ ألف عام. على المضيف التحقيق وتحديد نوع البيضة.]

فتح ويليام عينيه ببطء، كأن الحياة قررت أن تنتقم منه لمجرد أنه تنفس.

(ألف عام؟ هل تبدو لي كمؤرخ تنانين؟ وهل تبدو هذه الوضعية وضعية شخص يريد أن "يحقق"؟)

> [مهمة نظامية: تحديد نوع البيضة وتقرير إمكانات الخطر أو الفائدة.]

(لا، لا، لا... لا تبدأ معي. أنا لست المهتم بهذه الأشياء. كل ما أردته هو زاوية مظلمة لأختبئ فيها من "ليستر العنيف" ومن الثلاثي المرح.)

جلس ببطء، ورفع عينيه إلى البيضة. كانت تنبض بضوء ناعم، لكن نبضها بدأ يتسارع، كأنها تستجيب لوجوده.

(ما الذي أحضركِ إلى هنا أصلاً؟ من الجبان الذي خبأكِ في قبو الأكاديمية؟ ولماذا أنا من يجب عليه التعامل معكِ؟)

> [تم اختيار المضيف لأنه يمتلك خصائص المانا الثلاث اللازمة للتفاعل مع هذا الكائن.]

(آه... بالطبع. الأسترا، والنولا، والأركانا. تذكرة الحظ التي لم أطلبها قط.)

وقف ويليام ونظر إلى البيضة بازدراء.

(لماذا دائمًا أنا؟ لماذا كلما قررت أن أكون شريراً كسولاً، تجرّني الحياة من ياقة ردائي لألعب دور البطل المتردد؟)

> [مهمة إلزامية. الفشل في التفاعل قد يؤدي إلى انبعاث غير متوقع.]

(غير متوقع؟ رائع. لقد أصبحت الآن قابلاً للانفجار... بسبب بيضة؟!)

ركل حافة الصندوق الخشبي حيث كانت البيضة موضوعة، ثم جلس متربعاً أمامها، زافراً بضيق.

(اسمعي أيتها البيضة... أنا لا أريدك. لا أريد معرفة ما أنتِ، لا أريد رعايتك، ولا أن أصبح والد مخلوق خارق في الفصل القادم. كل ما أريده هو النوم... وأن أكون الشرير الكسول الذي لا يستيقظ.)

لكن البيضة أصدرت نبضة أقوى، أشبه بدقة قلب ضخمة.

> [إشارة تزامن مانا: تم بدء الارتباط.]

---

(ماذا؟! أنا لم أوافق! أين بند الشروط؟ أين زر الرفض؟!)

> [تم تأكيد التزامن.]

(تبًا...)

وقف ويليام، استدار بعنف مبتعدًا عن البيضة، وصرخ:

"أنا لا أريد أن أكون جزءاً من هذا!"

ثم أضاف بينه وبين نفسه، بصوت خافت:

(لكنني أعرف... أعرف تماماً أنني لن أُترك وشأني أبداً.)

---

لم يكد ويليام ينهي جملته الغاضبة داخل رأسه، حتى سمع صوتاً مألوفاً، صوت خطوات غاضبة تقترب بسرعة، وصوت تنفس حاد كأن صاحبه كان يركض... أو يطارد مجرمًا هاربًا.

"وجدتك أيها الكسول عديم الفائدة!"

صرخ ليستر، ثم أمسك ويليام من ياقة سترته أولاً، ثم أذنه، وسحبه كما يُسحب طفل سرق الحلوى من المطبخ.

"آه! آآآي! ليس أذني! لدي واحدة فقط من هذا النوع!"

تذمّر ويليام، بينما كان يُجرّ كدمية قماش مهترئة.

(كان من الأفضل أن أنفجر مع البيضة. على الأقل سأموت وأنا نائم... بكرامة.)

لم يكتفِ ليستر بالسحب، بل صفعه بخفة قوية على ظهره.

"هذه على هروبك، وهذه على وقاحتك، وهذه لأنك لم تحضر التدريب، وهذه لأنني أعرف أنك تفكر بشيء ساخر الآن!"

صفعة تلو الأخرى، وكأن ظهر ويليام لوحة مفاتيح يستخدمها ليستر للتعبير عن إحباطه.

"يا رجل! ظهري ليس طبلًا، توقف عن العزف عليه!"

صرخ ويليام وهو يتلوى.

(هل كل هذا لأنني تأخرت؟ ماذا لو عرف أنني تحدثت مع بيضة سحرية عمرها ألف عام؟ لا... لن أقول له، سيجعلني أربيها كانه واجب منزلي!)

توقف ليستر أخيرًا، وأنزله أرضًا، ثم نظر إليه بوجه صارم:

"غدًا ستتدرب مرتين. ولن تهرب، مفهوم؟"

"نعم، نعم، مفهوم، واضح وضوح الشمس في ظهري المحترق."

(ليتني كنت شجاعًا بما يكفي لأضربه... لكنني أحب حياتي القصيرة جدًا.)

أدار ليستر ظهره مغادرًا، بينما مسح ويليام الغبار عن ثيابه وتنهد:

(والآن، هل يمكنني العودة إلى النوم؟ أو على الأقل زاوية أخرى بعيدة عن المدربين الغاضبين والبيض الغامض؟)

---

[بهو الأكاديمية - الممر]

كان ويليام يهم بالهرب مجددًا، واضعًا خطة محكمة بالعودة إلى البيضة والنوم بجوارها حتى نهاية الفصل الدراسي، لولا أن ظلًا طويلاً أسودًا غطّى الأرض من خلفه...

"ويليام."

تجمّد في مكانه، وتحوّل جسده إلى تمثالٍ من الجليد.

(أوه لا... ذلك الصوت... إنه هو... مدرب الجحيم نفسه...)

استدار ببطء شديد، ليجد معلمه تيريون يقف هناك، عاقدًا ذراعيه، وابتسامة باردة تزين وجهه.

"سمعت أنك تهرب من التدريب."

"أنا؟! لا لا، كنت فقط أبحث عن... عن مانا الهواء النقي!"

لكن قبل أن يُكمل كذبته، كان تيريون قد حمله فوق كتفه بيدٍ واحدة، كما يُحمل كيس بطاطا.

"دعني! أنا لست خفيف الوزن إلى هذه الدرجة! هذه إهانة لي وللأرستقراطية!"

صرخ ويليام وهو يرفرف كالسمكة خارج الماء.

"اصمت. التدريب لا ينتظر الكسالى."

وبينما كان ويليام يتخبط بيديه وقدميه، تلقى صفعة على مؤخرته!

"آآآي! ما هذا؟!"

صرخ ويليام مذهولًا.

"توقّف عن الحركة، أو سأجعلك تندم على كل لحظة نوم إضافية نلتها هذا الشهر."

قالها تيريون بنبرة هادئة مرعبة.

(هذا ليس تدريبًا، هذه معركة من أجل البقاء... هل يمكن لأحد استدعاء جمعية حقوق الشرير الكسول؟!)

"أنا أرفض! أريد أن أكون كسولًا! اكتبوا هذا في تاريخ الأكاديمية!"

قال ويليام بصوت درامي، وهو يتدلّى من كتف مدربه.

"أنت ستصبح شجاعًا أو على الأقل مرنًا من كثرة الضرب."

(يا إلهي... على الأقل البيضة لم تضربني.)

وهكذا، اقتيد ويليام نحو ساحة التدريب كجندي خاسر في معركة ضد الروتين... وحياة مَن يريد أن ينام فقط.

---

بُعيد أن حمله تيريون على كتفه، بدأ الطلاب يتجمهرون على جانبي الطريق المؤدي إلى ساحة التدريب. كانت الهمسات تتطاير في الهواء أسرع من رياح مانا الرياح:

"هل هذا... ويليام؟"

"يبدو ككيس بطاطا... فاخر."

"هل ضربه المدرب على مؤخرته فعلاً؟"

"يقولون إنه كان نائمًا بجانب بيضة غريبة..."

(رائع... الآن سأُعرف في تاريخ الأكاديمية كـ«الشرير الذي ضُرب وسُحب مثل البطانية القديمة»)

قرر ويليام، بعد تأمل سريع، أن يتعامل مع الوضع بأفضل طريقته المعهودة:

(النوم... الحل المثالي دائماً.)

أسند رأسه على ظهر تيريون وغمض عينيه بلا خجل.

(على الأقل كتف هذا المجنون مريح أكثر من سريري في الغرفة )

كان تيريون لا يزال يجر ويليام بخطى ثابتة، غير مكترث بنظرات الطلاب أو بتذمره العالي.

"دعني أيها العجوز عديم الرحمة!"

"توقّف عن التململ أو سأجعلك تتدرب مع الفتيان الأقوياء!"

"هذا تهديد صريح! أنا نبيل، لدي ظهر ضعيف!"

"وهذه المؤخرة القوية التي تلقت صفعة ولم تشتكِ؟"

(لماذا كل شيء في هذا العالم يسير ضد خطتي الكسولة؟ حتى الشرير لا يحظى باحترام هنا...!)

نظر ويليام إلى ساحة التدريب وهو يتدلّى على كتف تيريون كقطعة أثاث غير مرغوب فيها. الجميع بدأ يلاحظ وجوده، والضحكات الخافتة بدأت تعلو شيئاً فشيئاً.

(لو كانت لدي القوة الكافية الآن، لكنت أطلقت الأركانا لأحرق الأكاديمية ومن فيها... ثم أرتمي نائماً على رمادها.)

"انظر، إنه ينام فعلاً!"

"إنه يضحك وهو نائم... هذا الرجل مريب."

لكن في منتصف تفكيره الكسول، طنين خافت بدأ في رأسه.

[مهمة جديدة من النظام: تعقُّب الطاقة الغريبة المنبعثة من البيضة القديمة - تلميح: قد تكون مخلوقًا أسطوريًا أو كائنًا نادراً.]

(لاااا... ليس مجددًا... حتى نظامي أصبح يخطط لتدميري!)

"ارفض."

[المهمة إجبارية. لا خيار.]

(لماذا لا يمكنني أن أكون شريرًا لا يُجبر على إنقاذ العالم؟ ما هذا الظلم؟!)

[تذكير: هذه البيضة لم تفقس منذ ألف عام. وجودك قد يكون السبب.]

(ألف عام؟! من أحضرها هنا أصلاً؟ أنا لست قابلة تنانين!)

تيريون أخيرًا رمى ويليام في منتصف الساحة:

"الآن، ابدأ التدريب أو سأجعلك تجري خمسين لفة حول الساحة!"

"هل تحاول قتلي؟"

"بل أحاول تهذيب كسلك التاريخي!"

(ما زلت متمسكًا بخطتي... خطوة واحدة نحو البطالة المجيدة!)

---

[ساحة الأكاديمية - بعد دقائق]

تيريون وقف متجهّم الوجه، يحدّق في ويليام الذي تظاهر بالاستسلام بعد كل ما حدث. العرق يتصبب على جبين المدرب من كثرة الصراخ والصفع والجر، بينما ويليام جلس القرفصاء على الأرض واضعًا يده تحت ذقنه بنظرة مريبة.

"هل ستتدرب أخيرًا أم تريدني أن أزرعك هنا مثل تمثال؟"

ضحك ويليام فجأة، ضحكة شريرة بصوت عالٍ، جعلت الطلاب يتراجعون خطوة إلى الخلف.

"هاهاهاهاها! تيريون... أتعلم؟ قرأت في أحد الكتب القديمة طريقة ممتعة للهروب من المواقف الكريهة... مثل هذه!"

رفع يده اليمنى، وعيونه تلمع ببريق مانا رمادية مظلمة.

"نولا... أجبني!"

ارتجّ الهواء حوله وبدأت دوامة فراغ تتكون أسفله. الطلاب صرخوا، وتيريون تراجع خطوة متفاجئًا، ثم هتف:

"أيها الأحمق! لا تتحكم بتلك القدرة بعد!"

لكن الأوان كان قد فات.

دوامة الفراغ ابتلعته بالكامل، ومعه... شيء صغير تلو الآخر... البيضة.

---

[غابة مجهولة - الطقس: غائم ]

سقط ويليام رأسًا على العشب الكثيف، وجهه اصطدم بالأرض مباشرة، وعلقت بعض أوراق الشجر في شعره.

(آآخ... فشل التنقل النولاي رقم 12... أوه، أعتقد أن فكي تحرك من مكانه...)

رفع رأسه، نظر حوله. أشجار ضخمة، ضباب خفيف، أصوات غرائب وعواء بعيد.

ثم سقط شيء صغير من السماء بجانبه... البيضة.

"أنتِ أيضاً؟ هل تلاحقينني حتى هنا؟!"

(من قال إنني بحاجة لحضانة تنانين على كتفي؟!)

زفر بقوة، وجلس متربعًا وهو يراقب البيضة التي ما تزال صامتة، تبث تلك الهالة الغريبة.

(هل أنا السبب فعلاً في جعلها تفقس؟ هل أنا... أب؟ لا لا لا لا!)

فجأة، سمع صوت حفيف في الغابة. التفت بسرعة، يده ترتجف.

"ليس الآن... ليس وأنا تائه وماناي غير مستقرة!"

وقف متوترًا، ثم صرخ في الفراغ:

"نظام!! هذه غلطتك، كان المفترض أن تكون حياة شرير كسول! لماذا أقف الآن في غابة مشؤومة ومعي بيضة لها مشاعر؟!"

[معلومة من النظام: هذه البيضة تُدعى "كريما"، ومانتك أيقظتها. تهانينا، أصبحت حاضنًا غير رسمي.]

"غير رسمي؟؟؟ لا أريد رسميًا ولا غير رسمي! أريد سريري!!"

لكن صراخه لم يجد صدى إلا بين الأشجار.

(اهدأ ... يا ويليام... أنت شرير، أنت عبقري... ستجد طريقة لتخرج من هنا... فقط بعد قيلولة.)

استلقى على العشب مجددًا، واضعًا البيضة بجانبه، وغطّى وجهه بكمّ قميصه.

(إذا جاءني وحش، سأفاوضه على تركي نائمًا... سأشاركه البيضة...)

---

[غابة مشبوهة - بعد العصر]

كان ويليام يغرق في لحظة من السلام المزيف، رأسه مستقر فوق جذع جاف، عينه نصف مغلقة، والبيضة الصغيرة بجانبه تُصدر خفقات ناعمة.

(أخيراً... لحظة هدوء. لا معلمين، لا تيريون، لا نظام مزعج، ولا مسؤوليات...)

لكن طمأنينته تحطمت كزجاج نافذة عندما سمع صوت حفيف حاد، أعقبه زمجرة منخفضة.

فتح عينه ببطء.

"أوه لا... لا تخبرني أنني..."

زمجرة ثانية... أقرب هذه المرة.

"...لقد لعنت نفسي."

نهض ببطء وهو يدير رأسه بحذر، وإذا بعينين حمراوين تلمعان وسط الشجيرات. ذئب ضخم، أكبر من الذئاب العادية، أنيابه تتقاطر لعابًا، وعضلاته بارزة كأن الغابة نفسها غذّته على الرعب.

(هذا ليس وحشًا... إنه كابوس يمشي على أربع.)

صرخ ويليام:

"أنا لست طعامًا! أنا شرير نبيل!!"

ثم استدار وبدأ بالركض بأقصى سرعة، حذاؤه يغوص في الطين، وصراخه يتردد بين الأشجار.

البيضة الصغيرة بقيت للحظة، وكأنها تفكر، ثم... قفزت! بدأت تتدحرج خلفه بسرعة غريبة وهي تطلق صوت "بووونغ" مع كل ارتطام بالأرض.

"أنتِ جادة؟! لماذا تتبعينني؟! عودي لمكانك! تحكّمي بنفسك أيتها البيضة الانتحارية!"

لكن البيضة تابعت التدحرج، وكأنها تخبره: "أنا معك حتى النهاية."

أما الذئب، فكان يركض بجنون خلف الاثنين، يطارد ويليام أولاً، ثم لاحظ البيضة... فتضاعف اهتمامه.

"حتى البيضة لها معجبون أكثر مني!؟!"

كان يركض بلا هدف، متخبطًا بين الأشجار، وأثناء ذلك انفجر عقله بأفكار متلاحقة:

(هل سأموت هنا؟ في الغابة؟ مطارد من وحش وملاحق من بيضة؟ هل هذه هي نهاية الشرير الكسول؟...)

قفز فوق جذع، تعثر، تدحرج، البيضة تبعته، الذئب قفز من فوقهما.

وفي لحظة هستيريا، صرخ:

"نظام!!! هل ما زلت هناك أم هربت أنت أيضًا؟!"

[إشعار من النظام: يرجى استخدام المانا. وإلا ستُأكَل.]

"حقاً؟ هذه هي مساعدتك؟! تباً للتكنولوجيا السحرية!"

----

[كهف مظلم - مساء]

ركض ويليام بأقصى ما يملك من سرعة، والذئب البري خلفه يزأر، وأسوأ ما في الأمر... البيضة التي تقفز خلفه وكأنها جزء من مطاردة كرتونية.

(لماذا تقفزين خلفي؟! عودي للمشهد الطبيعي! من المفترض أن يبقى البيض ثابتًا...!)

زفر، قفز فوق جذع شجرة، انزلق على الطين، وأخيرًا... وجد شيئًا يشبه الكهف.

لم يفكر، لم يخطط، فقط اندفع للداخل مثل من يُطارد من الموت نفسه.

"هاه... هاه... أنا أكره الرياضة... أكره الوحوش... وأكره البيض!!"

دخل إلى أعماق الكهف، وانكمش في الزاوية، والبيضة تبعته ببطء كأنها تقول: "وأنا أيضًا أكرهك، لكنني مخلصة."

(هذا... أسوأ يوم في حياتي، وهذا كثير لأنني عشت ثلاث سنوات في غيبوبة.)

استند إلى الحائط، حاول أن يستعيد أنفاسه، لكنه شعر بشيء غريب... أنفاس هادئة تملأ الكهف، وصوت خافت لنبض قلب.

التفت ببطء... وهناك، مستلقٍ على الأرض، كان فتى.

شاب بعمره، يبدو في الخامسة عشرة.

شعره أبيض كالثلج، وعيناه الزرقاوان مغمضتان بسلام.

(هاه؟ هذا الوجه... هذا الشكل...)

حدّق به أكثر، ثم شهق فجأة.

"زاك... زاك بريفير؟!"

زاك، البطل الخامس في الرواية.

ابن بارون فقير، لم يكن يمتلك شيئًا سوى قلب شجاع وقدرة نادرة على التواصل مع الوحوش.

الشخص الذي كتب عنه الراوي دومًا بأنه "النور في عالم مظلم".

(يا إلهي... المفروض زاك يعثر على البيضة بعد سنة من الآن... عندما يتوه في الأكاديمية ويكتشفها صدفة... ثم تنفجر موهبته، ويبدأ مسار البطولة.)

نظر إلى البيضة بجانبه.

(وهذه البيضة... لا... لا تقولي...)

تجمد.

(أنا سرقت لحظة تطوره الرئيسية؟)

شعر بجسده يقشعر، ليس من الذنب، بل من الرعب من تأثير ذلك على الرواية.

(أنا... خربت الحبكة. بعثرت الجدول الزمني. كل ما أريده هو النوم... فلماذا كل قراراتي تقود إلى فوضى؟)

تقدم ببطء نحو زاك، الذي لا يزال نائمًا بسلام، وكأنه لا يشعر بأن مصيره اختُطف قبل أوانه.

جلس بجانب البيضة، وضع يده على رأسه وقال:

"من المفترض أن تكون له، لا لي... لكنني حتى الآن لا أعرف كيف أتخلص منكِ. النظام ألصقك بي كأنك روح انتقام."

فجأة، صوت مألوف داخل رأسه:

**[تحذير: لقد غيّرت نقطة محورية في مسار القصة.

يرجى اتخاذ قرار:

1 - إعادة البيضة لصاحبها الأصلي.

2 - الاحتفاظ بها، وتحمل العواقب.]

ملاحظة: التأخير في الاختيار سيُعتبر اختيارًا تلقائيًا للخيار الثاني.]**

"خيارات؟ هاها... الآن تذكرتم أن لدي حرية؟ عندما صار مستقبلي مهددًا بوحش أسطوري وعالم متداعٍ؟"

أسند ظهره على جدار الكهف وتنهد بعمق.

(هل سأصير بطلاً عن طريق الخطأ؟ هذا أسوأ كابوس.)

نظر إلى البيضة التي بدأت تتوهج بلون فضي غريب، كأنها تشعر بالصراع داخل قلبه.

"لا تنظري إلي هكذا... أنا لا أصلح حتى لرعاية نبتة. كنت بالكاد أحمّم نفسي قبل دخولي هذا العالم."

حك رأسه ثم همس:

"زاك... آسف يا بطل. لا أريد سرقة مجدك، لكنني لا أريد مسؤولياتك أيضًا."

وفجأة، فتح زاك عينيه.

الوقت توقف.

عيونه الزرقاء التقت بعيني ويليام، ولاحظ الأخير لمحة من المفاجأة ثم الحذر في نظرة الفتى.

قال زاك بنبرة هادئة:

"من أنت؟"

(أوه، عظيم. بدأنا.)

ابتسم ويليام ابتسامة متعبة وقال:

"أنا... شخص تائه... للغاية. وأظن أننا على وشك أن نصبح أصدقاء رغمًا عني."

["سرقت مصير البطل، والبيضة تبكي... وأنا فقط أردت ان انام."]

2025/08/06 · 95 مشاهدة · 3577 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025