[وسط غابة إيرونديل - تحت ظل شجرة عجوز - وقت الغروب]

السيف كان يهبط.

ويليام على الأرض، عاجز، مشلول تمامًا تقريبًا.

كيلان ينزف خلفه، راكعًا.

كايل منشغل بالمبارزة مع اثنين من القتلة.

القاتل الثالث فوقه مباشرة، عينيه ميتتان، كمن أُرسل فقط ليُنهي مهمة واحدة:

"اغتِل الهدف."

ووسط كل هذا...

[تنبيه: النظام يُفعّل...]

ظهر في ذهن ويليام فجأة صوتٌ رقميٌ مألوف، بارد كالفراغ:

> [نظام "الفئة المجهولة" يُعيد التفعيل.]

[الفئة: المجهول | التصنيف: غير مصنّف]

[مانا المستخدم: مزدوج - الأسترا (ASTRA) + النولا (NULLA)]

عين ويليام اتسعت فجأة.

"...أنت؟!"

(ظننتك اختفيت للأبد!)

> [تم إلغاء الحظر المؤقت. عذرًا: لقد احتجت إلى وقت لاستيعاب المانا النادرة.]

> [تفعيل طارئ للقدرات.]

السيف اقترب من وجهه، كالقدر ذاته... لكن في لحظة، ارتجف الهواء من حول ويليام.

كأن شيئًا كُسِر في الواقع نفسه.

> [تفعيل قدرة نولا: "منطقة الفراغ"]

في محيط ثلاث خطوات حول جسده... توقّف كل شيء.

السيف الذي كاد يلامس عنقه... تجمّد في الهواء.

القاتل الذي اندفع... تعثّر فجأة، وكأن قوة خفية سحبت منه طاقته.

السحر الذي كان يتطاير في الجو... تلاشى كأنه لم يكن.

كل مانا... اختفت.

"ماذا...؟!" صرخ القاتل، وهو يتراجع بعينين مذعورتين.

ويليام، الممدد على الأرض، رفع رأسه ببطء، وجهه شاحب... لكنه يبتسم.

"نسيتَ شيئًا..."

"أنا الفئة المجهولة، أيها الغبي."

رفع يده المرتجفة ببطء... وهو يهمس:

> [تفعيل قدرة أسترا: "نظرة القدر"]

توقّف الوقت داخليًا لثانيتين. عيناه لمعَتا بلون النجوم.

كل شيء حوله صار أوضح. مثل شاشة عرض تكشف نقاط الضعف.

نقطة ضعف القاتل؟ تذبذب في ماناه حول القلب. استخدام مفرط في سحر الحركة.

ابتسم ويليام، وتحرّك بجسده رغم الألم... وطعن الخنجر في ساق القاتل فجأة.

"آآآه!!!"

القاتل سقط أرضًا، صارخًا، غير قادر على استخدام سحره.

في الخارج - خارج "منطقة الفراغ" - رأى راين و كايل ما يحدث.

كايل صرخ:

"المانا... المانا اختفت حول ويليام؟! ما هذا؟!"

راين اتسعت عيناه:

"لا أحد يستطيع استخدام السحر هناك... حتى العدو!"

الدوق توقف لحظة، سيفه مغطى بالدماء، يحدق بما يحدث.

"...هذا ليس طبيعيًا."

ويليام نهض، بصعوبة، على ركبة واحدة.

"أول مرة أقف منذ ثلاث سنوات... يا له من توقيت تعيس."

لكن النظام واصل العمل.

> [تفعيل تلقائي: "إلغاء المانا - السهم العكسي"]

سهم سحري أُطلق نحوه من بعيد.

لكن قبل أن يقترب، اختفى... تبخّر ببساطة وهو يدخل منطقة "النولا".

ويليام مد يده، كما لو أنه يمسك بالهواء.

"المانا شيء هش للغاية... حين تعرف كيف تكسره."

القاتل المصاب حاول الزحف بعيدًا، لكنه لم يستطع.

"ما هذا اللعنة...؟ من أنت؟!"

ويليام مشى نحوه ببطء.

"أنا؟ مجرد امير كسول... يحاول البقاء على قيد الحياة."

ثم لكمه.

---

[بعد دقائق]

المعركة انتهت.

الفرسان طاردوا بقية القتلة، كايل ساعد كيلان على الوقوف.

راين شق طريقه نحو ويليام، مذهولًا.

"ما الذي... فعلته لتلك المنطقة؟! لم أستطع حتى استشعار ماناي! ولا القتلة أيضاً!"

ويليام جلس على الأرض، يلهث، وجهه شاحب وعرقه يغطيه.

"أنا؟ لا شيء... فقط ضغطت على زر."

كايل اقترب ببطء.

"مانا مزدوجة؟"

ويليام أومأ.

"ربما."

الدوق وقف أمامه، ساكنًا.

"أنت... كنت هدفًا للاغتيال، ونجوت بيدك."

"... بالكاد."

"لكنّك استخدمت قوة نادرة لم تُرَ من قبل في هذا القرن."

"... يبدو أني أمتلك أكثر من لسان سليط، إذًا."

[ظهرت نافذة النظام مجددًا]

> [المهمة الطارئة: النجاة من الهجوم - مكتملة]

[تم رفع المستوى إلى: المستوى 3]

[تم فتح مهارة فرعية: "عين الصمت"]

[تم فتح خاصية: "التشويش على تتبع المانا"]

---

الإمبراطور نفسه سمع لاحقًا بتفاصيل الحادثة، وأمر شخصيًا بتقرير عن "المجال السحري الميت" الذي ظهر.

أما النبلاء؟

فكانوا يتهامسون في اليوم التالي:

"هل سمعتم؟ ويليام... ابن الدوق، فعلها."

"لقد استخدم نوعي مانا... وقلب المعركة."

"هل حقًا يمتلك المجهول؟... تلك الفئة المنسية؟!"

أما ويليام، فقد تمدّد مجددًا في سريره في القصر، مغطى من الرأس حتى أخمص القدم.

"كُدت أموت، تحركت، استخدمت السحر، ووقفت لأول مرة منذ شهور... أعتقد أنني سأنام أسبوعين."

> [النظام: "لا يُسمح لك بالنوم الآن."]

"...أنت خائن."

---

[غرفة ويليام - قصر إيرونديل - صباح اليوم التالي للهجوم]

كانت الشمس بالكاد تسلّلت عبر الستائر الثقيلة، تنثر خيوطًا ذهبية على وجه ويليام المتدثّر تحت البطانية حتى أنفه.

فتح عينه بصعوبة، يتنهّد.

"هل أنا ميت؟"

من الركن المقابل، جاءه صوت مألوف:

"للأسف لا. ما زلتُ أراك."

كان كيلان جالسًا على الكرسي بجانب السرير، يضع ضمادة جديدة على كتفه المصاب.

ويليام تمتم:

"كم مرة قلت لك أنك غبي؟"

"أكثر من مرات إنقاذي لحياتك."

ضحك الاثنان بخفة، لأول مرة منذ وقت طويل.

ثم قال ويليام بصوت جاد:

"إصابتك... هل هي خطيرة؟"

نظر كيلان إلى كتفه.

"خدش عميق فقط. السهم كان سحريًا، لكن العناية السريعة أوقفت التأثير. لا تقلق... لن أموت قبلك."

"أوه، ممتن حقًا لهذه المجاملة السوداء."

سكت لحظة، ثم أضاف بنبرة مترددة:

"خذ إجازة، كيلان."

"ماذا؟"

"أعنيها. اذهب... ارَ أولادك. زوجتك على الأرجح تظن أنك نسيتهم."

كيلان ابتسم بهدوء.

"وإن ذهبت... من سيساعدك في الوقوف؟ من سيجبرك على الأكل؟ من سيمنعك من السخرية من الدوق وجهًا لوجه؟"

رد ويليام بنظرة عميقة:

"أنا لا أطلب هذا كثيرًا... لكني أطلبه الآن كصديق. خذ بعض الراحة."

كيلان ظلّ صامتًا للحظات... لكنه هز رأسه أخيرًا.

"أنت لا تفهم، أليس كذلك؟... لن يتطوّع أحد لرعايتك. لا أحد يريد أن يكون حولك."

"..."

"أنت تظن أنها مجرد خمول أو لسانك السيء... لكن الحقيقة أن الناس تخاف منك. بسبب ماضيك، بسبب قوتك، بسبب اسمك."

"..."

"إن تركتك... ستُترك وحدك. ولن أسامح نفسي إن حدث شيء آخر لك."

ويليام أدار وجهه إلى الجدار بصمت.

"يا لك من عنيد."

"تعوّدت."

لكن قبل أن ينتهي الصمت، انفتح الباب فجأة.

ودخل الدوق ، يرتدي معطفًا طويلًا، وجهه صارم كالصخر.

وخلفه... شاب غريب. شعره فضي مربوط للخلف، عيناه داكنتان كالليل، سيف واحد على خصره.

الدوق تكلم مباشرة:

"ويليام."

"إنه صباح فقط، لا تبدأ بإلقاء الأوامر."

"هذا هو زيك هالورد. سيكون حارسك الشخصي من الآن فصاعدًا."

"... ماذا؟!"

زيك انحنى بخفة:

"تشرفت بلقائك، سيدي ويليام."

نظر إليه ويليام بتشكك، ثم إلى والده:

"أنا لست طفلًا."

"لا، لكنك كدت تُقتل. وكونك الآن تملك مانا مزدوجة... أصبحتَ هدفًا."

صمت الجميع للحظة.

حتى كيلان بدت عليه الدهشة.

"مانا مزدوجة؟ إذًا... كانت تلك الهالة الغريبة..."

الدوق أومأ.

"أسترا ونولا. مزيج لا يُرى إلا في الأساطير. آخر من امتلكه كان منذ قرون... ساحر يُقال إنه حطم إمبراطورية بيده، وأوقف الزمن ليوم كامل."

ويليام ضحك ساخرًا:

"أنا؟ مثل هذا الرجل؟ بالكاد أستطيع الوقوف!"

"لكن قوتك ليست في عضلاتك، بل في النوع النادر من طاقتك. الإمبراطور يريد رؤيتك بنفسه."

"... لا أريد."

"لا أحد سألك. هذا أمر."

"منذ متى أُنفّذ أوامرك؟"

"منذ أن أصبحت قضية أمنية."

زيك تكلم لأول مرة منذ دخوله:

"أُكلّفت بحمايتك، لا بإطاعتك. سأفعل ما أراه مناسبًا لتأمين سلامتك."

"آه... هذا يُطمئنني كثيرًا."

كيلان وقف، تحدّق في زيك مطوّلًا.

"من أين أتيت؟"

"من الكتيبة الثالثة. خبير في التعامل مع المانا الشاذة."

"أنت جاسوس."

زيك لم يُجب، بل اكتفى بابتسامة صغيرة.

الدوق تابع:

"بعد سبعة أيام، سترافقني إلى العاصمة. سيتم فحصك من قِبل محكمة المانا الملكية، وربما... تسجيلك رسميًا كحامل للمانا المزدوجة."

"وهذا يعني؟"

"أنك لن تكون ويليام فقط... بل حالة نادرة. كنز بشري... أو خطر يجب السيطرة عليه."

ويليام شهق ساخرًا.

"يا لها من مفاجأة... أتحوّل من خامل إلى تهديد قومي في أسبوع."

قبل أن يخرج، نظر الدوق إليه مباشرة:

"كن مستعدًا. الزمن يتغيّر. ووجودك قد يُشعل حربًا... أو يمنعها."

ثم خرج، يليه زيك بهدوء.

بقي ويليام وكيلان وحدهما.

الأول همس:

"ما الذي وقعت فيه، بحق ؟"

والثاني تمتم:

"أنت لم تقع فيه... أنت كنت دائمًا في القلب. الآن فقط، بدأ الآخرون برؤيتك."

---

كانت الشمس قد عبرت منتصف السماء، حين انفتح باب الغرفة بهدوء، ودخل جاك، معالج ويليام الفيزيائي، يحمل حقيبته الجلدية الثقيلة كعادته، ونظرة التصميم المرهق في عينيه.

"استيقظ، أيها الكسول."

من فوق الأريكة الطويلة، خرج صوت خافت:

"أنا مستيقظ... فقط لا أتحرك. هناك فرق."

جاك لم يعقه الرد، وبدأ يفتح حقيبته ويخرج منها رباطات، أدوات تمرين، ودفترًا صغيرًا دوّن فيه تقدم ويليام - البطيء والمُحبِط - على مدى الأسابيع الماضية.

"اليوم، نجرب العشر خطوات مجددًا."

"اللعنة... كنت أتمنى أن يكون اليوم هو يوم 'أستلقي وأتنفس ببطء'."

"ذلك ليس علاجًا، ويليام."

"بل هو تأمل عميق... يساعد على فهم عبثية الحياة."

بمساعدة كيلان الذي وقف بجانب السرير، جلس ويليام بثقل فوق الحافة، ساقاه متشنجتان وركبتاه ترتجفان. يداه أمسكتا بحافة الدعامة المعدنية التي ثبتها جاك قبل أيام لتساعده على الوقوف.

"جاهز؟"

"لا، ولكنك ستجعلني أفعلها على أي حال."

الخطوة الأولى... ثقيلة. ساقه اليمنى بالكاد ارتفعت عن الأرض، كأنها سُبكت من الرصاص.

الخطوة الثانية... ارتجاف خفيف في ذراعه.

"ثالثة... رابعة... ببطء، لا تُسحب القدم بل ارفعها!"

"أنا أرفعها... إنها لا تطيعني فقط!"

خامسة... سادسة...

كيلان يراقب بصمت، وجهه متصلّب لكن عينيه تحاولان إخفاء الأمل.

سابعة... التوازن بدأ يختل، وجاك هرع بجانبه.

"لا تسقط، لا الآن!"

ثامنة... تاسعة...

"هل تعبت؟"

"تعبت من الحياة عمومًا."

العاشرة!

وقف مكانه، متعرقًا، يتنفس كمن صعد جبلاً.

"عشر خطوات... مذهل، ويليام!"

"أجل... الآن احملوني إلى السرير كالأبطال."

عاد إلى الأريكة بتنهيدة، كأنما خاض معركة أسطورية، وطلب فورًا:

"كيلان... أحضر لي مكسرات. لا، مزيج المكسرات الحلو والمالح. ولا تنسَ الشاي، ولتكن درجة حرارته 'كأنك تنقع لسان شيطان'."

كيلان تمتم:

"حاضر، سيدي المتدلل."

"وأحضر لي كتبًا تافهة. تلك التي تمتلئ بمصاصي الدماء الوسيمين والفتيات الغبيات."

"أهذا نوعك؟"

"بل هو النوع الوحيد الذي لا يجعلني أفكر."

بالفعل، جلس بعد دقائق، بين الوسائد، يقلب صفحات رواية بعنوان "الهمسات تحت ضوء القمر الأحمر"، وعيناه نصف مغلقتين.

المكسرات إلى جانبه في صحن فاخر، الشاي يُبخّر الهواء، ووجهه... هادئ.

كيلان جلس في الكرسي المقابل، يرقبه، ثم قال:

"أنت تتحسن، تدري بذلك؟"

ويليام دون أن يرفع عينيه:

"ببطء... مثل نمو الطحالب. لا تتوقع مني تسلق جبل قريبًا."

"لكنها عشر خطوات."

"نحو المكتبة لأخذ رواية أخرى؟ ربما."

فجأة... طرق خفيف على الباب.

كيلان قام ليفتح... ثم تجمّد.

"سيدتي...؟"

دخلت لورينا، والدة ويليام، بثوب أزرق سماوي بسيط، شعرها مربوط للأعلى، تعابيرها تلك الهادئة التي تُشبه سطح بحيرة ساكنة.

خلفها مباشرة... دخلا راين وكايل.

كايل بدا مألوفًا كعادته - يحمل شيئًا من القلق، شيئًا من الحذر.

أما راين... فلم يخف امتعاضه.

ويليام رفع عينيه فقط للحظة، نظر إلى الجميع، ثم أعادها إلى الكتاب.

"غريب... كنت أظن أن هذا النوع من الظهور يُرافقه موسيقى درامية في الخلفية."

لورينا اقتربت، وقفت أمامه.

"أردت رؤيتك قبل أن أعود إلى جنوب القصر. حتى زيارة القادمة."

"سأحاول البقاء حيًا لحين عودتك، لا تقلقي."

لم تظهر أي ردة فعل على وجهها. لا حزن، لا قلق، لا عتاب.

كايل اقترب، ابتسم بخفة:

"لقد سمعت أنك مشيت عشر خطوات."

"حقًا؟ يجب أن نحتفل، أحضروا لي وسادة إضافية!"

راين، واقف قرب الباب، قال ببرود:

"حتى الكسل جعلته إنجازًا."

ويليام ابتسم دون أن يلتفت:

"قالها من ظل طوال حياته يحاول تقليد أبيه دون فائدة."

كيلان ضغط على قبضته، لكن لورينا رفعت يدها.

"يكفي. لن نطيل الزيارة."

ثم نظرت إلى ابنها:

"ابق حيًا، وليام."

وأدارت ظهرها وغادرت... راين يلحق بها، كايل بقي لحظة، ثم قال:

"أنا... فخور قليلًا، بطريقة غريبة."

ويليام لوّح له بالخاتم في إصبعه، كأنه يقول "سأبقى هنا، كسولًا كعادتي."

وغادر كايل.

عادت الغرفة للصمت، عدا صوت تقليب الصفحات.

كيلان قال:

"لماذا كنت فظًا معهم؟"

"أولاً... لأنني أستمتع بذلك. ثانيًا... لأنني كسول عن التفكير في ردود ألطف."

ثم همس، كأنما يحدث نفسه:

"وثالثًا... لأنني لا أعرف كيف أكون غير ذلك."

---

[فجر اليوم السابع - قصر الدوق - غرفة ويليام]

صوت الباب وهو يُفتح بعنف جعل الصمت الثقيل يتمزق كما لو أنه صفع الهواء نفسه.

"انهض."

كانت نبرة لا تقبل الرفض. حادة، ثابتة، وباردة مثل حديد في الشتاء.

فتحت عينا ويليام ببطء، مصدومًا من الضوء الفجري المتسلل إلى غرفته. تمتم:

"أوه... حلمت أنني أصبحت حجرًا. لا حاجة للنهوض، لقد اتّحدت مع الأريكة."

لكن الصوت لم يبادله الدعابة.

"هذا ليس وقتك للتهريج، ويليام. الإمبراطور أمر برؤيتك. سنغادر إلى العاصمة... الآن."

كان الدوق واقفًا قرب الباب، مرتديًا زيه الرسمي، عباءته المطرّزة بشعار العائلة ترفرف بخفة.

من خلفه... ظهر زيك، الشاب الجديد، الحارس الشخصي الذي تم تعيينه بعد محاولة الاغتيال. طويل القامة، عيناه باردتان، تعابيره خالية من أي مشاعر.

قال زيك بهدوء:

"هل أحملك أم تفضل الزحف؟"

ويليام أجاب بتثاؤب:

"هل يمكنني البقاء وسأرسل لكما بطاقة بريدية من أحلامي؟"

لكن زيك لم ينتظر الإذن. اقترب، رفعه بخفة كأنما يحمل وسادة، وسار به نحو الممر.

صرخ ويليام وهو محمول:

"أيها الغدار! هكذا تُعامل المرضى؟ أين المودة؟ أين الوسائد؟!"

الدوق، دون أن يلتفت:

"فقط لا تكن وقحًا مع الإمبراطور... أو محكمة السحر. أتوسل إليك، لأجل عقلي."

ويليام تنهد:

"سأفكر في الأمر... لا أعدك بشيء."

[في العربة الملكية - على طريق العاصمة - بعد ساعتين]

كانت العربة أكبر وأفخم من المعتاد، مجهزة بأغطية فاخرة ورفوف كتب وحتى مدفأة صغيرة.

ويليام، ممدّد كعادته، يلتهم المكسرات ويقلب صفحات رواية جديدة بعنوان: "حب في زمن الممالك المتحاربة".

"إنهم يحبون بعضهم رغم أن عائلاتهم متعادية... كم هذا أصلي."

زيك جلس أمامه، مستقيم الظهر، يتأمل السقف بصمت صارخ.

قال ويليام فجأة:

"هل ستبقى هكذا تحدق في العدم طوال الرحلة؟"

"مهمتي هي مراقبتك."

"فعلًا؟ كنت أظنك هنا لتشاركني تحليلاتي عن الكتب الرومانسية الرخيصة."

لم يجب زيك.

ويليام تمتم:

"لا أحد يفهم روحي الفنية."

خارج العربة، كانت مواكب الحماية تسير بانضباط، فرسان ودروع، رايات إيرونديل ترفرف.

كايل لم يكن معهم. راين أيضاً غاب. الدوق سبقهم في عربة خاصة أمامهم.

هذه كانت لحظة ويليام وحده... أخيرًا يُقاد، لا ككسول، بل كحالة فريدة.

---

[بوابة العاصمة - قبل الظهيرة]

ازدحام، صخب، أصوات، رائحة الخبز والحديد والمانا.

كانت العاصمة الملكية، "لوثيرا"، قلب الإمبراطورية، مزيجاً بين الترف والقوة. القصور تعانق السماء، السحرة يجوبون الشوارع، والتنانين تُرى في السماء من بعيد.

فور وصول موكبهم، أعلن الحراس:

"عربة دوقية إيرونديل!"

تجمهر الناس، بعضهم نظر بدهشة، آخرون تمتموا.

"أهو هذا؟ ابن الدوق المريض؟"

"سمعت أنه يمتلك مانا مزدوجة... يا للدهشة."

"يقال إنه مشلول لكنه يُقرأ كأنه شيطان ذكي."

داخل العربة، ويليام همس لزيك:

"هل لاحظت؟ أنا مشهور الآن... دون أن أحرّك إصبعًا."

"شهرتك لا تعني الحُب."

"ولا تعني الكراهية أيضاً. إنها ببساطة... ضوضاء ممتعة."

---

[قصر الإمبراطور - قاعة الاستقبال]

بعد ساعات من الاستقبال الرسمي، دخل ويليام قاعة ضخمة، فيها عرش مرتفع من الذهب والعاج، تحته الإمبراطور أدريان الثاني، بملامحه الهادئة التي تخفي عمقًا هائلًا.

على يمين العرش، جلس ولي العهد إيثان.

وإلى جانبهم... سبعة سحرة عجائز يرتدون عباءات سوداء مزينة بالرموز الفلكية - محكمة السحر العليا.

كل الأنظار استقرت عليه... ذلك الفتى الذي يُقال إنه يحمل مانا نادرة... بل مانتين.

---

الإمبراطور تحدث أخيرًا:

"ويليام إيرونديل... ابن صديقي ... سمعت أنك خضت معركة دون أن ترفع سيفًا. الآن نرى ما تحمله في داخلك."

ويليام، جالسًا على الكرسي المدولب، قال:

"آمل أن لا تتوقعوا رقصة نارية. معظم ما أفعله مؤخرًا هو التنفس... والبقاء حيًا."

ضحك الإمبراطور، بينما السحرة لم يبتسموا.

زعيمهم، الساحر العجوز إلثانور، قال:

"سنجري اختبارًا فورًا. لا تقلق... لن نشقك نصفين."

"هذا مريح... بطريقة مرعبة."

[غرفة الفحص السحري - لاحقًا]

تم توصيل يديه بأحجار ممانعة، ثم وُضع تحت دائرة سحرية ضخمة، مرسومة بمانا شفافة.

إلثانور قال:

"حرّر طاقتك... دعنا نرى... الـ أسترا والنولا*... إن كانتا حقيقيتين."

ويليام أغلق عينيه...

(تنفّس... ركّز...)

وفجأة - لمع الدائرة!

انبثاقان في الوقت ذاته... أحدهما ضوء نجمي فضي، ناعم، دافئ... والآخر، ظلٌ أسود كثيف يبتلع الضوء من حوله.

"مانا مزدوجة... إنه حقيقي... بعد أكثر من ثلاثمئة عام!"

شهق أحد السحرة:

"إنه... حادث مستحيل!"

الإمبراطور نهض.

"أخيرًا... استيقظت، أيها الشيطان الكسول."

---

[غرفة الفحص - بعد الاختبار]

كانت الأضواء لا تزال تتراقص في الهواء، طاقة الأسترا اللامعة تشع من إحدى دوائر المانا، بينما ظلال النولا تتلوى في الهواء مثل دخان حي، تبتلع الضوء من حولها.

صمت... لم يتجرأ أحد على الحركة.

ثم - فجأة - سقط ويليام على جانبه.

"ويليام!!"

كان صوته لا يُسمع، عيناه مفتوحتان نصف فتحة، شاحبًا كأنه فقد نصف دمه.

زيك اندفع أولًا، حمله بذراع واحدة، بينما السحرة بدأوا بالتحرك في قلق واضح.

قال إلثانور:

"ضغط الطاقتين تجاوز قدرة جسده... لم يُدرّب..."

أحد السحرة قال:

"لو استمر لخمس ثوانٍ إضافية، كان سينفجر من الداخل."

الإمبراطور رفع يده:

"انقلوه لجناح الخاص فورًا."

[جناح الإمبراطوري - بعد ساعة]

الهواء في الجناح كان معطّرًا بأزهار التنجيم، طاقة مانا شافية تملأ الأركان. ويليام ممدد على سرير مخملي، جسده غارق في خيوط من الضوء السحري تُداويه ببطء.

زيك يقف أمام الباب، عيناه تراقبان الداخل بلا كلل.

وفي الغرفة المجاورة، حيث الجدران مطعمة بالكريستال، كان الإمبراطور يجلس مع الدوق و الإمبراطور، يتحدثان بصوت منخفض.

قال ادريان:

"لم أتوقع أن ينجح الاختبار. المانا المزدوجة... أمر نادر لم يحدث منذ قرون. لكنه استدعاها فعلاً."

الدوق تنهد، صوته فيه حذر:

"لكن جسده لا يحتمل. هذه الطاقة... فوق قدرته الحالية."

"لهذا السبب نحتاج خطة."

الإمبراطور وقف، وتوجه نحو النافذة.

"سيبقى في العاصمة. سأخصص له معلمًا شخصيًا، من كبار سحرة البلاط."

"لكن، جلالتك، لم..."

"وأنت تعلم تمامًا، أن امتلاك الأسترا والنولا في جسد واحد... مسألة أمنية. قد يطارده سحرة الظلال، أو حتى جماعات دم الأحمر."

الدوق أومأ بتردد:

"وماذا تقترح؟"

الإمبراطور استدار.

"سيدخل الأكاديمية الإمبراطورية للشؤون السحرية. الشهر المقبل. يجب أن يبدأ تدريبه رسميًا... وبعيدًا عن الفوضى."

[في الجناح - في وقت لاحق من المساء]

فتح ويليام عينيه ببطء.

"هل... متُّ؟"

زيك، واقف قرب السرير، أجابه دون نبرة:

"للأسف، لا."

"اللعنة... خاب أملي."

جلس ببطء، لكنه شعر بطنين خفيف في أذنيه.

"هل كان اختبارًا؟ أم حفلة تعذيب؟ لا أذكر."

زيك أعطاه كأس ماء.

"فقدت وعيك من فرط الضغط. لكنهم تأكدوا أنك تمتلك كلا الطاقتين."

"رائع... أمتلك قوى لا أستطيع استعمالها... كشراء كتاب لا أعرف قراءته."

دخل بعد لحظات الدوق، ملامحه صارمة كالعادة.

"لقد نجوت."

"خيبة أمل أخرى في سجلك، أبي؟"

لكن الدوق لم يرد على السخرية. جلس قربه وقال:

"من الآن، ستخضع لتدريب مكثف. تم تعيين معلم لك. وستدخل الأكاديمية الشهر القادم."

ويليام شهق:

"أكاديمية؟ أي نوع من الكوابيس هذا؟"

"واجب. وقدر. وخطر."

"ثلاث كلمات تحبطني أكثر من السيف."

الدوق وقف.

"هذا ليس اختيارًا. وجودك بات قضية سياسية... وسحرية. لا وقت للكسل، يا ويليام."

[في نهاية الليل]

تركه الجميع، وبقي ويليام وحيدًا في سريره، يحدق بالسقف.

همس:

"أكاديمية، معلم، مانا مزدوجة... أليس من المفترض أن أكون الشرير الكسول الذي لا يفعل شيئًا؟"

ثم ابتسم بسخرية.

"حسنًا... لنرَ إن كنت أستطيع أن أكون شريرًا... دون أن أنهض من السرير."

---

[جناح الإمبراطوري - منتصف الصباح]

ضوء الشمس تسلل من خلف الستائر المخملية، ناثرًا هدوءًا مصطنعًا على أرجاء الغرفة الفاخرة.

ويليام كان مستلقيًا على سريره، وقد غطّى وجهه بكتاب بعنوان: "ألف طريقة للتهرّب من العمل النبيل".

هدوءٌ شبه ملكي خيّم... حتى انفتح الباب بعنف.

"افتح عينيك، ويليام."

نبرة صارمة، هادئة... لكنها مألوفة.

أنزل ويليام الكتاب ببطء، وهو يغمض عينًا واحدة، قائلاً:

"جلالة الإمبراطور... ألم أخبرك أنني أُفضّل الزيارات الليلية؟ إنها أقل ضوءًا."

الإمبراطور ، بكامل هيبته، دخل الغرفة يتبعه الدوق ، عابسًا كأن كُتب على جبينه اليأس الأبوي المزمن.

جلس الإمبراطور دون إذن.

"بلغني أنك تتعافى. جيد. إذًا، فلنُكمل من حيث توقّفنا."

ويليام تنهد وهو يسحب الغطاء على جسده أكثر.

"إن كان الحديث عن الأكاديمية أو المعلمين... فلا، شكرًا."

الدوق قال بحدة:

"هذا ليس خيارًا، ويليام. أنت تمتلك مانا مزدوجة. يجب أن تتعلم السيطرة عليها."

"وهل فكر أحدكم في أنني لا أريد السيطرة عليها؟ ماذا لو أحببت وضعي الحالي؟ عاجز... مستلقٍ... والناس تهتم بي دون جهد!"

الإمبراطور شبك يديه أمامه.

"ماذا تريد بالضبط، يا ويليام؟"

ويليام أدار وجهه نحو النافذة، كأنه يلقي خطابًا عظيماً:

"أريد... أن أُترك لحالي. أن أنام. أن أقرأ كتبًا غبية لا تنفع، وأن أتذمّر من الحياة بينما لا أفعل شيئًا حيالها. أهذا كثير؟!"

الدوق كتم صرخة.

لكن الإمبراطور ظل هادئًا:

"أنت تمتلك قدرات لم تظهر منذ قرون. الأسترا والنولا معًا. أنت خطر... على نفسك، وعلى من حولك، ما لم تتعلم."

"أوه، رائع. إذًا ستحبسونني في أكاديمية مليئة بالمراهقين المهووسين بالسحر؟ لا شكرًا. لا أريد أن أُتفجّر أو يُصرخ في وجهي لأني لا أُجيد الإلقاء."

"إذًا نُعيِّن لك معلماً خاصًا."

"لا أريد! أنا أرفض رسمياً!"

ثم جلس فجأة، رفع يده، وابتسم:

"بالمناسبة، قرأت الدستور الملكي لآل فيستال، فقرة 42، بند 7:

لا يمكن إجبار وريث نبيل على الانخراط في تدريب سحري جبري إذا كان يعاني من ضعف جسدي مُثبت طبياً."

الإمبراطور رفع حاجبه، الدوق صُدم:

"أنت... قرأت الدستور؟!"

"لا. قرأه زيك لي وأنا أتناول المكسرات. ثم حفظته لأنني لا أملك شيئًا آخر أفعله. مفاجأة، أليس كذلك؟"

الإمبراطور نظر إليه طويلًا... ثم ضحك. ضحكة قصيرة، لكنها حقيقية.

"أنت معقد، يا ويليام."

"أنا كسول. لا تُجمّل الأمر."

"وما الذي ستفعله بوقتك إذًا؟ ستنام للأبد؟"

"ربما... وسأكتب كتابًا أيضًا. عنوانه: كيف تتجنب قدرك في 10 خطوات دون أن تخرج من سريرك."

لحظات من الصمت.

ثم قال الإمبراطور:

"حسنًا، سنلعب لعبتك. لن نُرسلك للأكاديمية... بعد."

الدوق صرخ: "جلالتك!"

"لكنك، يا ويليام، ستخضع لمراقبة مباشرة. وأي تصرّف طائش... أو حادث غير متوقّع، سيُسقط عنك الحصانة فورًا."

"أتقبل شروط اللعبة."

"وسأرسل إليك المعلم... كصديق، لا كمدرّب."

"إن أحضر لي المكسرات والكتب الرديئة، قد أعتبره صديقًا حقيقياً."

نهض الإمبراطور، وقد بدت على وجهه ابتسامة غامضة.

"أنت غريب... لكن أحيانًا، الغريب هو ما نحتاجه."

وقبل أن يغادر، أضاف:

"احذر، يا ويليام. القوى التي تمتلكها لا تسير مع رغبات الكسالى."

ويليام تمتم:

"لهذا السبب سأجعلها تعمل لي... وأنا نائم."

غادر الإمبراطور، وبقي الدوق للحظة، نظر إلى ابنه الذي كان يعيد ترتيب الوسائد.

"أنت... حطمت كل توقعاتي اليوم."

"هذا يعني أنني حرّ؟"

"بل يعني أنني سأرسل لك جدارًا لتصطدم به لاحقًا."

ويليام ابتسم، ثم أعاد الغطاء إلى وجهه، هامسًا:

"سأتهرّب منه أيضاً... ببراعة."

---

[داخل العربة الملكية - طريق العودة شمالًا إلى إقليم إيرونديل]

صوت العجلات على الطريق الحجري تردّد في صمت الصباح. النسيم كان باردًا، لكن أجواء العربة كانت على عكس ذلك تمامًا... مشتعلة.

ويليام كان مستلقيًا على المقعد الطويل داخل العربة، ورأسه مستند على كتف زيك، الذي كان قد حمله من جناح العلاج كطفل نائم.

الدوق جلس مقابله، وذراعاه معقودتان، نظرته كالسكين.

وأخيرًا، انفجر:

"هل تظن أنك ستفلت من العقاب؟ أمام الإمبراطور؟ أمامي؟! أنت تمارس الوقاحة كأنها رياضة يومية!"

ويليام، بعينين نصف مغمضتين، رد ببرود:

"لم أطلب أن أُؤخذ إلى العاصمة عند الفجر مثل كيس بطاطا مسحور... أليس هذا نوعًا من الاختطاف النبيل؟"

"أنت-!"

الدوق أمسك بحافة العربة، مائلًا للأمام. وعندما لم ينظر ويليام إليه حتى، فقد صبره.

مدّ يده - وأمسك ويليام من شعره، رافعًا رأسه!

"انظر إليّ عندما أوبخك! ألا يوجد احترام؟ ألا يوجد حياء؟!"

ويليام، وهو يغمض عينيه مجددًا:

"يا رجل... هل أنت مهووس بسحب شعري؟ هل هذا طقس عائلي؟ كايل أخبرني أن هذا موروث قديم."

"سأ-"

لكن زيك رفع حاجبه فجأة، ونطق لأول مرة منذ بداية الرحلة:

"سيدي، لو سحبته أكثر... سيتحول إلى أصلع. وسنضطر لرؤية وجهه بالكامل. هل هذا ما تريد؟"

الدوق تجمّد. ثم زفر بقوة، وترك ويليام يتهاوى مجددًا.

"أنتما تستفزاني عن قصد."

"نعم." ردّ ويليام فورًا، ثم أدار رأسه ونام دون مقدمات، كأنه أغلق نافذة الوعي بإرادته.

الدوق رمق زيك، الذي رفع كتفيه بلا مبالاة.

"لديه موهبة. حتى النوم يستخدمه سلاحاً."

---

[بعد ساعة - الطريق الجبلي المائل نحو الشمال]

كان الصمت قد غلّف العربة من جديد. الفرسان كانوا يركبون أحصنتهم في الخلف، في حماية مشددة. يحيطون بالعربة من كل جانب، بعد الحادثة السابقة.

وفجأة، ارتجف جسد ويليام النائم.

زيك شعر به أولًا. رفع رأسه، ووجد أنفاس ويليام تتسارع.

"...سيدي؟"

حرارته ارتفعت بشكل مفاجئ. قطرات عرق بدأت تظهر على جبينه، رغم البرد القارص خارج العربة.

"دوق ! جسده... ليس بخير."

الدوق انحنى، نظر إلى ويليام، .

وجهه شاحب، عيناه ترتجفان تحت الجفون المغلقة، كما لو كان يقاتل شيئًا في داخله.

"هذه ليست حمى عادية..."

زيك وضع يده على صدر ويليام، شعر بنبض متسارع... لكن خلفه، كانت هناك نبضة أخرى. بطيئة، عميقة، كأنها تأتي من مكان آخر.

"المانا..."

وفجأة-

انفجرت موجة طاقة غير مرئية من جسد ويليام.

كل من في العربة شعر بها. الهواء تماوج، كأن شيئًا ما خرج من الفراغ... أو دخل إليه.

الدوق شهق:

"أسترا... ونولا. إنهما يتصارعان."

زيك ثبت يده على كتف ويليام، محاولًا تهدئة جسده.

لكن الأمر كان أبعد من ذلك.

---

[داخل عقل ويليام - العالم الداخلي للمانا]

كان ويليام واقفًا وسط فراغ أسود لا نهائي.

فوقه، نجوم تلمع... أجرام عملاقة تتحرّك بصمت ساحر.

وتحت قدميه، هاوية من اللاشيء... عميقة، هادئة، باردة.

"ما هذا...؟ أين... أنا؟"

صوتان بداخله.

واحد خافت، أنثوي، كهمسة نجمية:

"اصعد... أرنا المستقبل."

والآخر عميق، كأن الأرض تنطق:

"اسقط... ألغِ كل شيء."

ويليام صرخ:

"أنا فقط... أردت النوم!!"

لكن النجوم بدأت تنزل، والفراغ يصعد.

وتصادما داخله.

---

[خارجياً - داخل العربة]

زيك صرخ: "إنه ينفجر من الداخل!!"

الدوق مدّ يده، مستخدمًا تعويذة ختم سحرية نادرة:

"ربط المانا - قفل نجم الفراغ!"

حلقة من الضوء تدفقت حول جسد ويليام، ثم استقرت.

وفجأة... سكن كل شيء.

ويليام شهق بقوة، ثم أخذ أنفاسًا متقطعة.

وجهه ظل متعرقًا، لكنه استعاد لونه تدريجيًا.

زيك تأكد من نبضه.

"عاد... لكن هذا ليس طبيعيًا. جسده لا يتقبل توازن المانا بعد."

الدوق نظر من النافذة إلى الطريق الطويل أمامهم.

"يجب أن نأخذه للمعلم بأسرع ما يمكن... قبل أن تمزقه القوى من الداخل."

---

[الفراغ الداخلي - عالم المانا الغامض]

كان الظلام مطلقًا.

لا أرض، لا سماء، لا صوت.

لكنّه لم يكن صمتًا مريحًا... بل صمتًا يزن كالجبال على الأكتاف.

ويليام فتح عينيه ببطء. جسده لا يبدو جسده، ولا الهواء من حوله يبدو قابلاً للتنفس... ومع ذلك، هو هنا.

"مرة أخرى هذا المكان..."

كان يطفو. أو يسقط. لم يكن متأكدًا.

لكن ما كان مؤكدًا... هو ذلك الشكل.

شخص ما يقف أمامه، ظهره للضوء الوحيد في الفراغ، ذلك النجم البعيد في الأعلى.

الرجل التفت ببطء.

ويليام جمد.

الشعر بني، العينان زرقاء، نظرة تنضح بالجنون والاحتقار معًا.

"...أنت."

ويليام البالغ.

"تأخرت، يا متطفل." قال بصوت هادئ، لكنه كالسكاكين.

ويليام، بنظرة كسولة رغم الموقف، رد:

"عذرًا، كان هناك محاولة اغتيال، وقاضي غبي، وإمبراطور يتحدث كثيرًا."

ابتسامة باهتة ارتسمت على وجه ويليام البالغ.

"ما زلت مزعجًا كالسابق. لم أتوقع غير ذلك."

"وأنت ما زلت تافهًا كما توقعت. إذًا، هل هذا نوع من جلسات شبح الجسد؟ نلوم بعضنا ونبكي سويًا؟ لأنني نسيت مناديل دموعي."

"هُنا، لا دموع. فقط... الحقيقة."

صمت.

الفراغ حولهما بدأ يتحرّك. وكأن الأسترا والنولا ترقصان على إيقاع حوارهما.

قال ويليام الأصلي:

"أتعلم لماذا لا يتحمّلك هذا الجسد؟ لماذا بدأت مانا الأسترا والنولا بالتمزّق داخلك؟"

"لأني وسيم أكثر من اللازم؟"

"...لأنك لست أنا."

توقف ويليام.

"أنت دخيل. روح لا تنتمي لهذا الجسد، ولا لهذا العالم. وأنا... ما زلت أعيش هنا. قطعة مني لم ترحل. لم تمت."

"وهل تريد جسدك؟ آسف، سياسة الإرجاع لدينا انتهت. يمكنك الشكوى لإدارة نظام."

"لن أستعيد الجسد. لا أستطيع. لكنك لن تنجو ما دمتَ ترفض من أنا... ومن أنت."

---

ويليام الأصلي تقدّم خطوة.

وفي تلك اللحظة، شعر ويليام الحديث كأن الجسد كله يرتجف.

"القوى التي تحملها... ليست لك وحدك. الأسترا والنولا لا تخضع لجبان يهرب من مصيره."

"أنا لا أهرب." رد ويليام ببطء.

"أنت نائم. طوال الوقت. تختبئ خلف الكسل والسخرية... لأنك تعرف، إن فتحت عينيك حقًا، سيبدأ العالم بالمطالبة بثمن وجودك."

"أنا فقط... أريد حياة هادئة."

"وهذا الجسد... لم يُخلق للهدوء. لقد خُلقتُ... أنا... لأحرق هذا العالم."

--

الفراغ بدأ يتصدّع. النجوم فوقهما بدأت تُظلم واحدة تلو الأخرى.

قال ويليام البالغ:

"إذا كنت ستعيش بهذا الجسد... فعليك أن تختار. إما أن تُطفئه تمامًا... أو تحترق به بالكامل."

ثم أشار إلى صدره.

وفيه... تداخلت الأسترا والنولا، كشمس وقمر يحاولان احتلال نفس السماء.

"إذا لم تتوازن، ستتمزق. أنا... أنت... سنموت. وسنموت بغباء."

ويليام نظر إلى الضوء والظلام، وهما يتراقصان كدوامة.

فقال أخيرًا، بصوت منخفض:

"...ربما حان وقت الاستيقاظ."

---

[الخارج - جناح ويليام في قصر إيرونديل]

ويليام شهق، عينيه تفتحان فجأة.

كان التعرق قد جف، والتنفس استقر، لكن النظرة في عينيه تغيّرت.

زيك، الجالس بجانبه، انتبه فورًا.

"سيدي...؟"

ويليام نظر إليه.

ثم إلى يده.

رفعها... وتحركت. لا بسهولة، لكن بثبات.

"أحتاج... شاي ساخن، وكعك بالقرفة... وكتابًا تافهًا."

ابتسم زيك قليلاً.

"أوه... عاد أخيرًا."

لكن في عيني ويليام... كان شيء جديد.

وعي.

2025/07/03 · 163 مشاهدة · 4295 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025