[ بعد مرور شهر - قصر إيرونديل - غرفة ويليام]

الجو هادئ... نسبيًا.

في زاوية الغرفة، تناثرَت كتب التافهة، نصفها مفتوح على صفحات تتحدث عن "فلسفة السخرية بين النبلاء الكسالى" ، والباقي يحتوي على رسومات غريبة رسمها ويليام بدل الدراسة.

لكن رغم كل شيء، المشهد اختلف عن السابق.

ويليام، الذي قضى أسابيع بين الجدران، أصبح يقف.

ببطء... بجهد... لكنه يقف.

تقدّمه الملحوظ يعود لجلسات العلاج المؤلمة التي خضع لها، ولدروسه المكثفة مع المعلم ألريك - رجل صارم لا يعترف بالتبرير أو الكسل.

في آخر درس، قال له ألريك:

" أنت تبلغ الخامسة عشرة بعد بضعة أشهر. وهذه السنة، لكل نبيل أو وريث، تُعتبر مفصلية. سيتم تسجيل اختيارك الأكاديمي في السجلات الملكية. سحر؟ استراتيجيا؟ سياسة؟ تدريب جسدي؟ كل طريق يُبنى من هذا القرار."

ويليام رد آنذاك:

" هل يمكنني اختيار النوم؟ يبدو مريحًا ومناسبًا لي."

ألريك كاد أن يُصاب بسكتة من شدّة الغضب.

---

[اليوم المنتظر - صباح باكر]

ضوء الفجر بدأ يخترق الستائر المخملية، والهدوء لا يزال يسيطر على القصر... حتى:

بام!

الباب يُفتح بعنف.

" انهض، أيها الكسلان !" صرخ صوت مألوف وغاضب.

فتح ويليام عينيه ببطء شديد، ورأى الدوق جوزيف واقفًا فوقه، وجهه يحمل تهديدًا صريحًا.

" هذا ليس حلماً... أليس كذلك؟" تمتم ويليام، محاولًا التظاهر بالنوم مجددًا.

" لا تستخدم هذه الخدعة السخيفة. اليوم اختبار القبول في أكاديمية أستريا الملكية."

ويليام غطى رأسه بالوسادة:

" هل تعلم أن النوم أكثر فعالية من التعليم في بعض الحالات؟ هناك دراسة في رأسي تقول ذلك."

الدوق سحب الغطاء بقوة، ثم ألقى بثياب رسمية على وجهه:

"البس. الآن. لا أريد فضائح في الأكاديمية!"

بعد عشرين دقيقة...

كان ويليام يرتدي بدلة رسمية داكنة مزخرفة بخيوط فضية، توحي بالرتبة النبيلة، وأزرارها اللامعة تُشبه تلك التي يرتديها أمراء البلاط.

"هل هذا حفل تتويج أم اختبار؟ أشعر أنني قطعة ديكور متحركة." قال وهو يُحاول تعديل الياقة بشيء من الانزعاج.

" إذا رسبت، ستحصل على تتويج... على مؤخرة رأسك ." هدده الدوق.

---

[أمام العربة - الفناء الرئيسي]

كانت العربة الملكية تنتظره، وقد جُهزت خصيصًا لنقله إلى العاصمة حيث تقع أكاديمية "أستريا الملكية " الشهيرة.

زيك كان واقفًا بجوار العربة، يفتح الباب.

ويليام مشى بخطوات بطيئة وهو يتمتم:

"نهاية العالم تقترب... لا أصدق أنني سأدخل مؤسسة تعليمية مجددًا."

الدوق دفعه بخفة إلى الداخل، وقال:

" أدعو الله ألا تخجلني. أريد نتائج ترضيني... أو سترجع من الأكاديمية مشيًا على رأسك."

---

[داخل العربة - أثناء الطريق]

جلس الدوق بجانبه، وقد ارتدى ملابس رسمية تليق بمكانته كممثل عائلة إيرونديل.

"اختبار القبول في الأكاديمية ليس سهلاً. هناك اختبار سحري لاكتشاف نوع المانا، واختبار ذكاء واستيعاب، ثم مقابلة شخصية. هذه ليست نكتة، يا ويليام."

"هممم... اختبار شخصية؟ أتمنى أن يكون لديهم خيار "شخصية لا مبالية ولكن جذابة"."

" لا وقت للتفاهة. إن رسبت، فإن سمعتك - وسمعة العائلة - ستحترق."

ويليام تنهد، ووضع رأسه على النافذة، يراقب المشاهد تمرّ:

" لماذا عليّ أن أثبت نفسي، بينما نصف أبناء النبلاء يدخلون الأكاديمية بمال آبائهم؟"

" لأنك مختلف، ويليام. أنت تحمل مانا مزدوجة. وأنت مكروه مسبقًا. الأكاديمية ستكون ساحة إثباتك... أو سقوطك."

[بوابة الأكاديمية - بعد ساعة]

وصلت العربة أمام البوابة الكبرى لأكاديمية أستريا الملكية. مبنى ضخم من الحجر الأبيض والذهب، تحيطه أعمدة طويلة ونوافير سحرية تسبح فيها كرات من الضوء.

كان الطلاب الجدد يتوافدون من مختلف أنحاء المملكة. البعض يرتدي عباءات ساحرة، آخرون في دروع تدريب، وبعضهم من أبناء العائلات الإمبراطورية المعروفة.

عندما نزل ويليام من العربة، توجهت الأنظار إليه فورًا.

" ذلك هو... أبن عائلة إيرونديل؟"

" سمعت أنه كان في غيبوبة ثلاث سنوات..."

"أليس هذا الذي حاولوا اغتياله؟"

"ويقال... أنه يملك مانا مزدوجة!"

ويليام ابتسم بخفة، ثم همس:

" الشهرة مزعجة... هل يمكن أن أعود للغيبوبة؟"

الدوق دفعه بلطف من ظهره:

" ادخل. وسِر كنبيل... لا ككيس بطاطا."

---

دخل ويليام البوابة، والهواء حوله يتغيّر.

هنا، تبدأ المرحلة الجديدة.

والاختبار الأول... على بُعد خطوات.

---

[ساحة الأكاديمية - قبل الدخول إلى قاعة الاختبار]

"أصغِ جيدًا يا ولد." قال الدوق، عاقدًا ذراعيه.

ويليام تمطى بتكاسل وهو يعدل طوق قميصه الفاخر الذي اختاره رغماً عنه: " أتعلم؟ أنت تبالغ في التوقعات. من المفترض أني الابن الأوسط، وهذه فئة لا تهتم. نحن مخلوقات محايدة في العائلة النبيلة، أشبه بالفواصل بين الأحداث."

الدوق تنفّس بعمق، وحين لم يجد أي ذرة من الجدية في تعبير وجه ويليام، مدّ يده وأمسك أذنه.

"آآآه! مهلاً! أذني الثمينة!"

"إن رسبت في هذا الاختبار، ستفقد أكثر من أذنك. سأنزع لقبك، وسأرسلك لتدريب الخدم."

"هل هذا تهديد أم وعد؟ لأن خيار الخدم يبدو مغريًا مقارنة بجحيم التعليم."

أفلت الدوق أذنه أخيرًا، ثم صفعه صفعة خفيفة على ظهره كتنبيه أبوي.

"ادخل."

[قاعة الاختبار - الأكاديمية الملكية]

دخل ويليام من البوابة الجانبية مع عدد من الممتحنين النبلاء، وكانت القاعة ضخمة، مضاءة بسحر النور المتدفق من السقف الزجاجي. طاولات أنيقة مصفوفة بدقة، وكل طالب يجلس بعيدًا عن الآخر. أساتذة المراقبة، بوجوههم الجادة، كانوا ينتظرون.

لكن ما شدّ انتباهه لم يكن الكراسي... بل الوجوه.

جلس في مقدمة القاعة شاب بشعر اسود وعينين بلون الذهب. هادئ، مهيب، بثقة لا تحتاج كلمات.

ولي العهد - إيثان

البطل الثاني. صاحب الدم الملكي. ساحر موهوب وقائد بالفطرة. بطل الرواية في جزء كبير منها.

وإلى اليمين، كان يجلس شاب بشعر وردي فاتح ، يحمل تعبيرًا باردًا، وعيناه تتحركان على الأسطر المكتوبة أمامه كأنها تبتلعها.

ريو هيلدون - ابن دوق الجنوب. عبقري استراتيجي وساحر موهوب. البطل الثالث.

وكان... ابن خال ويليام.

ويليام أطلق تنهيدة طويلة جدًا، وهو يتخذ مكانه في منتصف القاعة، ويفكر:

(طبعًا. من بين آلاف النبلاء في المملكة، يجب أن يكونوا هؤلاء هنا.)

ثم نظر نحو ريو... وتذكّر.

في الرواية الأصلية، ريو كان الوحيد الذي تفوّق على ولي العهد في الاختبار الكتابي.

وعلى إثر ذلك، بدأت مكانته تكبر، وبدأت المقارنات.

(وهذا يعني أنني... سأُقارن به.)

رفع حاجبه بضيق، ثم ابتسم.

( بما أنني داخل الرواية... لن أسمح لذاك المتكبّر الحشري أن يتفوّق عليّ. ليس لأنني أريد التفوّق... بل لأنني لا أريد أن يُقال إن ويليام هو "ذلك الذي جاء بعد ريو".)

(دعونا نكسر القواعد... مرة واحدة.)

---

[الاختبار الكتابي - يبدأ]

أمام كل طالب وُضعت ورقة سميكة تحمل ختم الأكاديمية، وريشة سحرية تكتب حسب حركة اليد.

المواضيع: تاريخ السحر، استراتيجيا عسكرية، قراءة سحرية، تحليل سياسي، وأسئلة منطقية تُختبر فيها سرعة البديهة.

نظر ويليام إلى الورقة... عينيه لمعتا.

(أوه... هذه الأسئلة؟ سهلة جداً.)

السؤال الأول: اشرح تأثير سقوط المملكة الشرقية على تجارة المانا خلال القرن الماضي.

(هي المملكة التي خانت اتفاقات الممرات البحرية، مما أدى لانخفاض نسبة التبادل بنسبة 42%، وزيادة التهريب...)

السؤال الثاني: أمامك خصمان. أحدهما يستخدم نارًا، والثاني جليدًا. في ساحة مثلثة، ما هو أفضل موقع استراتيجي للهجوم؟

(منتصف الزاوية الخلفية، بحيث يتقاطع خطا التغطية لكليهما. بسيط.)

السؤال الثالث: لو أُعطيت ثلاثة أنواع من المانا - Astra، Nulla، وTerra - كيف يمكنك استخدامها في تشكيل درع ضد سحر هجومي؟

(أه... سؤال موجه لي تقريبًا؟)

الريشة بدأت تتحرك بسرعة. ويليام، الذي كان يتظاهر بالكسل طوال الوقت، أظهر الآن شيئًا مختلفًا تمامًا.

عيناه حادتان. ذهنه صافٍ. لا ارتباك. لا تردد.

حتى مراقب الصف نظر إليه مرتين... فقد كان من القلّة الذين يبدون وكأنهم " يستمتعون " بالاختبار.

نظر ويليام إلى ريو، ورآه منكبًا على الكتابة.

(هممم... لا بأس، ريو. العبقري الحقيقي... قد يكون الذي لم يتعب من البداية.)

انتهى الوقت. جمعوا الأوراق.

ويليام أعاد ظهره للمقعد، وغمغم:

"متى يبدأ القسم الممل القادم؟"

خرج من القاعة، وقبل أن يبتعد، لمح ولي العهد إيثان ينظر إليه لثوانٍ، قبل أن يُشيح بنظره بهدوء.

( هل لاحظ أنني لم أكن غبيًا كما يتوقع الجميع؟ ممتاز .)

---

[ فناء الأكاديمية - بعد نهاية الاختبار الكتابي بنصف ساعة]

خرج ويليام من قاعة الامتحان وهو يتثاءب، آخر من غادر، والريشة لا تزال ملطخة بالحبر في يده.

" آه... كان يمكنني أن أنام بسهولة نصف ساعة إضافية بدلًا من كل هذا التفكير. لكن لا... الغرور أقوى من الكسل أحيانًا."

وبمجرد أن وطأت قدمه الرواق الخارجي...

" أنت !!"

قبل أن يلتفت، يد خشنة سحبت أذنه بقسوة.

" آآآه مجددًا! هل تدرّبتم جميعًا على الإمساك بأذني؟!"

كان الدوق، بالطبع. وجهه يشتعل.

"قلتَ لي إنك سترسب! أنك لا تنوي حتى أن تُجيب! أتظن أنني دمية لتُخدعني بهذا الشكل؟!"

ويليام، بينما يحاول التحرر:

" كنت أقول الحقيقة آنذاك. فقط... نسيت أنني لا أحب الخسارة ."

الدوق أطلق تنهيدة طويلة، ثم دفعه نحو الباب التالي حيث الاصطفاف للمقابلة الشخصية.

" ادخل! وإذا قلت شيئًا سخيفًا... فحتى الزي الرسمي لن يحميك هذه المرة."

زيك، الذي كان يراقب من بعيد، اقترب قليلاً وقال بصوت متردد:

"سيدي... أعتذر لتجاوزي، لكن... أنت لم تأتِ إلى الأكاديمية حتى من أجل ابنك الأكبر راين."

الدوق لم يرد، فعاد زيك للحديث:

"لكن الآن... أنت بنفسك جئت مع ويليام، وتهتم لكل كلمة يقولها... وتغضب من أجله. كان يبدو أنك تكرهه، حتى أنك كنت لا تنظر إليه سابقًا."

لحظة صمت.

ثم قال الدوق، بصوت متماسك:

"أنا دوق. واجبي حماية الورثة، حتى لو كرهتهم. حتى لو فقدوا ذاكرتهم. ."

"..."

"ولازلت غاضبًا منه. ."

---

[داخل قاعة المقابلة الشخصية - الأكاديمية الملكية]

غرفة واسعة، بسبعة مقاعد عالية، يجلس عليها أعضاء "هيئة المقابلة العليا".

ثلاثة رجال، وثلاث نساء، ورئيس اللجنة - ساحر مسنّ بلحية رمادية وعيون ضيقة.

ويليام جلس على الكرسي المقابل. جلسة مريحة أكثر من اللازم. كتفاه مرتخيتان، ويداه متشابكتان على بطنه.

رئيس اللجنة: "الاسم؟"

ويليام: "أنتم تعلمونه مسبقًا، لكنه ويليام إيرونديل، للأسف."

عضوة: "لماذا للأسف؟"

ويليام: " لأن هذا اللقب يجذب الكثير من التوقعات، وأنا فقط أريد وسادة دافئة."

رجل أصلع يرتدي وشاح محكمة السحر: "سمعنا أنك تمتلك مانا مزدوجة... Astra وNulla؟ هل يمكنك شرح شعورك عند استخدامها؟"

ويليام: " أشبه بوضع مكعب جليد في فمك... ثم شرب حساء يغلي مباشرة بعده. مزعج، غريب، لكنه يوقظك للحظة."

المرأة الرمادية الشعر: "ما الذي تودّ أن تتخصص فيه؟"

ويليام: " النوم ."

نظرات صدمة.

ويليام (يتنحنح): "أقصد... أي مجال يمكنني فيه التخصص بأقل قدر من المجهود. ربما استراتيجيا؟ حيث أُفكر بدل أن أركض؟"

الرجل الأشقر: "كيف تصف نفسك؟"

ويليام: " وسيم جدًا. ذكي جدًا. كسول جدًا. ومدرك لكل ذلك."

رئيس اللجنة، وهو يبتسم بخفة لأول مرة: "سؤال أخير... إذا اشتعلت النيران في قاعة الدراسة، وكان بيدك إنقاذ كتاب نادر أو زميل دراسي... ماذا تختار؟"

ويليام، دون تردد : "النافذة."

"...عذرًا؟"

"سأقفز منها. بهذه الطريقة لا أتحمّل مسؤولية القرار."

صمت... ثم قهقهة مكتومة خرجت من أحد أعضاء اللجنة.

بعد عشر دقائق، خرج ويليام من الغرفة... وهو يتثاءب مجددًا.

" أشعر أنني أرهقت نفسي بالذكاء اليوم. يجب أن أعوّض هذا بقيلولة من ثلاث ساعات."

--- [ فناء أكاديمية أستريا الملكية - بعد الخروج من المقابلة الشخصية]

بمجرد أن خرج ويليام من بوابة القاعة، كان الدوق بانتظاره، عابس الوجه، ذراعيه مشبوكتان، ووريد الغضب ينبض في صدغه.

وقبل أن ينطق الصبي حرفًا...

الدوق، بحدة : "كيف كان أداؤك؟"

ويليام، وهو يرفع حاجبيه: "أداءي؟ آه... نعم، لقد جلست على الكرسي بطريقة ممتازة. جعلته يبدو مريحًا جدًا."

الدوق، بصوت يزداد غلظة: " ويليام ..."

ويليام، وقد بدأ يتراجع ببطء: "حسنًا... أجبت على الأسئلة. كلها تقريبًا. نوعًا ما. بأسلوبي... الخاص."

الدوق: " بأسلوبك؟ أنت...!"

مد يده ليشبك أصابع ويليام، لكن الأخير انزلق بخفة خلفه.

"هاها، ليس العنف! تذكّر، لديّ مانا مزدوجة الآن، إن ضربتني ربما أنفجر، من يدري؟"

وبينما يتهرّب من قبضة والده، لاحت له في الزاوية الخلفية من الساحة صورة لم تكن مألوفة في هذا المكان:

والدته .

لورينا، تقف بهدوء كعادتها، شعرها الأحمر مرفوع بدقة، وتبتسم ابتسامة ناعمة وهي تتحدث مع ريو هيلدون، ابن خال ويليام.

عيناهما متصلتان.

كأنها تعرفه... جيدًا.

كأنها... مرتاحة.

شعر قلب ويليام بانقباض غريب، لم يستطع تفسيره، فقط أشاح بنظره بسرعة، وعاد يحدّق في الأرض كما لو أن حبة حصى أكثر أهمية.

لكن الدوق لاحظ ذلك.

لم يعلّق. فقط رمقه بنظرة طويلة، ثم تمتم:

"هذا ليس وقت الضعف."

ثم، أشار بإصبعه نحو الحزام الجلدي المزين بشعارات العائلة على خصره.

الدوق، بنبرة باردة: " إذا رسبت... سأستخدم هذا الحزام كما كان أجدادنا يفعلون. وسأبدأ بالجزء الذي تنام عليه أكثر من اللازم."

قشعريرة تسلّلت من رأس ويليام حتى كعبه.

ويليام: "هل... هل هو مصنوع من جلد التنين؟ لأن تلك الصفعة ستكون مهينة وملحمية في الوقت ذاته."

الدوق: "اختَر طريقتك في الموت. هدوء أو صراخ."

" نتائج الاختبار ستُعلن بعد ساعة."

هذا ما قاله أحد المسؤولين من أعلى منصة الأكاديمية.

ويليام أطلق تنهيدة طويلة، ثم تمتم لنفسه:

" ساعة؟ يمكنني أن أكتب فيها رواية، أشن انقلابًا، أو... آخذ قيلولة، وهذا أكثر احتمالاً."

جلس على أقرب مقعد حجري في الساحة، وأسند رأسه للخلف، مغمضًا عينيه.

لكن عقله لم يكن مرتاحًا.

صورة والدته وابتسامتها.

ريو، ابن خاله، العبقري المدلّل.

الدوق، الغاضب دائمًا، ووعيده بالجلد.

وأخيرًا... اختباره.

"اللعنة... ربما بالغت قليلًا في المزاح... كان يجب أن أكون أكثر رزانة."

ثم فتح عينيه وقال بصوت منخفض:

"...أو لا. من يهتم؟"

---

[باحة الأكاديمية - ساعة إعلان النتائج]

كانت المنصة مزينة برايات الأكاديمية الملكية، ووقف أحد كبار المسؤولين أمام قائمة ذهبية، بيده لفافة نتائج مشمعة تحمل شعار الملك شخصيًا.

" نعلن اليوم عن نتائج القبول الأكاديمي للدورة الجديدة لأكاديمية أستريا الملكية!"

صمتٌ خيم على الساحة، حيث تجمع الطلاب النبلاء، يتبادلون النظرات المتوترة.

حتى ريو - بثقته المعتادة - كان يقف باستقامة وتوقع في عينيه.

أما ويليام... فكان نائمًا، نصف وجهه مغطى بكتاب "كيف تُفكر كأنك لا تفكر.".

الدوق كان واقفًا خلفه، ذراعيه مشبوكتان، يحاول ألا ينفجر غضبًا أمام الحشود.

" في المركز الثالث: ايثان ولي العهد، بمعدل ٨٧٪"

"في المركز الثاني: ريو هيلدون، من بيت دوق الجنوب، بمعدل ٩١٪"

صمت خفيف... ثم بدأ الهمس.

ريو؟ الثاني؟ من تجرّأ على التفوّق عليه؟

ثم صوّت المعلن قائلاً:

"وفي المركز الأول... ويليام إيرونديل، بمعدل كامل: ١٠٠٪"

أضاف، وهو يرفع ورقة أخرى: " ملاحظة: ويليام حصل على افضل علامه في كل اختبارات السحر، القتال، والتكتيك النظري... لكنه كان وقح في المقابلة الشخصية ."

السكوت تحوّل إلى صدمة.

الطلبة حدقوا، الحراس شهقوا، حتى أحد الطيور التي كانت تحلّق... توقفت.

ويليام رفع نصف رأسه ببطء، نظر نحو المنصة... ثم عاد ليرخي رأسه على الكتاب قائلاً:

"أوه... هل انتهوا؟ كان الصوت مزعجًا."

الدوق لم يتحرك.

ثم نزلت يده على كتف ويليام.

"قم."

"أنا الأول... ألا يعني أنني أستحق راحة ملكية؟"

"قم، الآن."

بعد لحظات، كان الدوق يسحب ويليام من ياقة سترته الأنيقة نحو أحد الممرات الجانبية.

فتح باب غرفة جانبية صغيرة... ثم أغلقه بعنف.

"اخلع سترتك."

"آه؟ سيدي الدوق... لست منجذبًا لهذا النوع من-"

"ويليام."

نبرة صلبة.

تنهد ويليام، وبدأ يخلع السترة ببطء، ثم القميص.

ظهره الأبيض كان خاليًا... للحظة.

الدوق يقف أمامه، يخلع قفازيه، ثم يفتح مشبك الحزام الجلدي الداكن ونظر إلى ابنه بشراسة.

ويليام، محاولًا الاحتفاظ بابتسامة يائسة: "أبي العزيز... هل يمكننا الحديث عن هذا كأشخاص ناضجين؟ مثلاً، أن نستبدل الجلد بجلسة علاج نفسي؟"

الدوق لم يجب.

رفع الحزام.

" انتظر !" صاح ويليام، وهو يرفع يديه كدرع وهمي. " أقترح أن نمارس السحر العائلي: تفاهم - عناق - عفو."

صفعة !

الحزام لامس ظهره بقوة.

ويليام عض شفتيه، لكنه لم يصرخ.

آآآه! هذا ليس جلدًا عاديًا! هذا... جلد تنين عجوز ممتلئ بالغضب!"

"هذه على وقاحتك أمام اللجنة."

صفعة أخرى.

"وهذه على نومك وقت إعلان النتائج."

"أنا كنت... أحافظ على قواي العقلية!"

صفعة ثالثة.

"وهذه لأنك جعلتني أبدو كالكاذب أمام الإمبراطور."

"كنت أحمي كرامتك بعدم كشف عبقريتي مبكرًا، فكر فيها."

صفقة.

ويليام: "آآآه! توقّف! أنا مريض نفسيًا! عندي عذر رسمي!"

الدوق: "وهذه لأنك قلت إن الكرسي مريح أكثر من دماغك."

صفقة .

ويليام، وهو يتقلّب على الأرض: "أعترف! المقابلة كانت سخيفة! قلت لهم إن أكبر إنجاز لي هو أني نمت خلال زلزال!"

الدوق: "وأخيرًا... هذه لأنك تجعلني أبدو كأب سيئ أمام النبلا!"

صفقة ، وبُكاء خافت من الجدار... ربما من الجدار نفسه.

---

بعد عدة ضربات، توقف الدوق.

التقط نفسًا طويلًا، وأدار ظهره.

ويليام، رغم الألم، تمتم:

"كان يمكننا فقط أن نعانق بعضنا... أعني، هذا أحد أشكال الأبوة؟"

الدوق لم يرد، فقط قال بنبرة باردة:

"المدير يريد مقابلتك الآن... الأول في الأكاديمية لا يعني شيئًا إن كنت أحمقًا."

ثم خرج.

---

ويليام، وهو يرتدي قميصه ببطء، تأوّه:

"عبقريتي لا تُقدَّر... وكأن الظهر لا يتألم أصلاً..."

ثم خرج متثاقل الخطوات.

لكن في عينيه... لمعة نادرة.

غرور؟ لا.

تصميم؟

أقرب إلى رغبة... بأن يجعل كل من حوله يعترف به، بطريقته الخاصة.

---

[داخل أروقة الأكاديمية - أمام مكتب المدير]

كان ويليام يسير خلف الدوق بخطوات متثاقلة، يده تمسك بظهره بوضوح، وكل خطوة يرافقها تأوّه صغير.

"آه... ظهري... لقد قال الأطباء إنني هش! هش مثل قلب الأرملة في المآسي الرومانسية!"

نظر إليه أحد الطلاب من النوافذ بدهشة، بينما تمتم ويليام لنفسه:

"والناس يظنون أن الدراسة هي العذاب الحقيقي... جربوا أبًا يحمل حزامًا بدل الكتب."

وصل الدوق إلى باب خشبي فاخر عليه نقش شعار الأكاديمية الملكية. طرق الباب مرة واحدة، ودون انتظار رد، فتحه.

في الداخل، كانت الغرفة مزينة برفوف كتب تمتد حتى السقف، ولوحة ضخمة لخريطة الإمبراطورية، وأمامها مكتب أنيق يجلس خلفه رجل في الخمسين من عمره، بشعر فضي ونظارات سحرية ذات عدسات شفافة تُظهر أثر المانا.

"سعادة المدير، أتيت بصغيرنا النابغة."

المدير، السيد أليستير فون كايدن، رفع عينيه من الأوراق، وبصوت هادئ لكنه يحمل قوة:

"آه... ويليام إيرونديل. الأول على الدفعة. وأشهر وقح مرّ على لجان المقابلات منذ ثلاثين عامًا."

ويليام رفع حاجبه بتكاسل:

"سعادة المدير... إنها موهبة. لا يمكن تدريسها، فقط وُلدت بها."

الدوق عبس بشدة وهمس: "اعتذر. الآن."

ويليام نظر نحوه، ثم نحو المدير، ثم رفع كتفيه:

"حسنًا... آسف لأنني أظهرت عبقريتي بشكل مؤلم للآخرين."

الدوق صمت لحظة... ثم رفع يده وأشار إلى الحزام المعلّق عند خصره.

"آه... لا، لا، انتظر لحظة، ليس مجددًا!"

قال ويليام بسرعة:

" أنا آسف! بحق كل الأرواح المسكينة، أنا آسف! سأكون تلميذًا مهذبًا ومثالياً !"

المدير لم يستطع كتم ابتسامة صغيرة على وجهه.

"أنتم عائلة... فريدة من نوعها، كما هو واضح."

الدوق تنحنح، ثم قال بجدية:

"جئت اليوم لأطلب منك وضعه تحت إشراف صارم. ليس لأنه غبي... بل لأنه يفكر أكثر من اللازم، ويتحدث أكثر مما يجب."

" أنا أعتبر هذا تميّزاً شخصيًا ." - قالها ويليام وهو يمسح عرقه.

المدير هز رأسه قليلاً وقال:

"سيتم تعيين مراقب أكاديمي خاص له. وسيخضع لجدول دراسي صارم. ولن يُسمح له بالتغيب أو النوم في الصفوف."

"تغيب؟ أنا لا أغيب. أنا فقط أمارس الحضور الروحي."

الدوق أخرج الحزام قليلًا من مكانه...

" أنا حاضر حاضر حاضر. سأدرس ليلًا ونهارًا !"

في النهاية، غادروا المكتب بعد أن تم تسجيل ويليام رسميًا كأول الطلاب المقبولين، على أن يبدأ دراسته في الأسبوع التالي.

وحين خرجوا، تمتم ويليام للدوق:

" تعرف، في بعض الممالك، يُعتبر ضرب الأطفال جريمة."

رد الدوق دون أن ينظر إليه:

" في بعض الممالك، يُعدم الأبناء غير النافعين."

"نقطة جيدة... لكن أظن أنني سأستثمر وقتي في النجاة هذه السنة."

بينما سارت العربة عائدة إلى قصر الشمال مؤقتًا قبل بدء الفصل الدراسي، جلس ويليام في المقعد الجانبي، يغمض عينيه بهدوء.

"أول على الدفعة... من كان يظن؟"

ثم ابتسم لنفسه:

"سأجعل هذه الأكاديمية جحيماً ناعماً... ولكن بطريقة أنيقة."

---

[ قصر إيرونديل - الجناح الشمالي - منتصف الليل ]

كان ويليام ممددًا فوق سريره، مغطى بثلاث بطانيات، وقد أغلق الستائر، وأغلق الباب، وأمر الجميع بعدم إزعاجه.

لكنه لم يكن نائمًا.

لا، على العكس.

كان يحدّق بالسقف، ويفكر بشيء واحد فقط...

"تلك النظرة على وجه ريو... عندما عرف أنه الثاني."

ابتسم ويليام، ضاحكًا بسخرية وهو يضع يده على وجهه:

" أوه، يا لها من لحظة ملكية. كانت تلك النظرة تستحق كل الألم... كل الصفعات... حتى حزام الدوق."

ثم ضحك ضحكة شريرة منخفضة، كمن انتصر في معركة شخصية صغيرة لا يدري أحد أهميتها.

لكن النظام لم يكن في مزاج ضاحك.

فجأة، أمام عينيه، ظهرت نافذة حمراء اللون، لم يظهر مثلها منذ قدومه لهذا العالم:

[تحذير] [خطر وشيك] [تم رصد مجموعة مغتالين من فئة A+ يتجهون نحو القصر بسرعة عالية.] [عدد الأهداف: 17] [الهوية: مجهولة | النوايا: القتل/الخطف] [الإجراء الموصى به: الفرار أو القتال تحت حماية حارس مأذون.]

رفع ويليام رأسه ببطء، وجهه أصبح أكثر جدية... لكنه تمتم:

" سبعة عشر...؟ لا هذا كثير، ابعثوا لي أربعة فقط، أعصابي لا تتحمّل."

وقبل أن يتحرك، اهتزت النوافذ بقوة.

انفجار سحري اخترق حاجز الحماية الداخلي، ثم صرخات في الخارج، وصرير سيوف، وارتجاج الأرض تحت وقع خطوات.

" الل -" لم يُكمل.

تحطمت النافذة بجانبه، واندفع أحد القتلة، يرتدي عباءة سوداء بوجه مخفي، وعينين تتوهجان بالأحمر.

لكن...

" تششش!"

انفجرت الموجة الأولى من المانا البيضاء من جانب الغرفة، ودُفع القاتل نحو الجدار بقوة غير بشرية.

كان زيك قد دخل، عاري الذراعين، وهو يحيط جسده بدرع مانا شبه مرئي.

"ابقَ خلفي، سيد ويليام."

" نعم نعم، فكرة عظيمة! كنت سأقترحها بنفسي!" - قالها ويليام وهو يتراجع نحو الزاوية.

كان الهجوم منسقًا.

من الخارج، كان القصر يهاجَم من ثلاث جهات.

الجنود المحليون سقطوا سريعًا أمام قدرات القتلة، الذين استُدعوا من منظمة قتل محترفة.

لكن زيك لم يكن حارسًا عاديًا.

في ساحة القصر، دُوي انفجار ضخم آخر، وخرج الدوق بنفسه، نصفه مغطى بدماء أعدائه، سيفه يقسم الهواء، وصوته يدوّي:

"مالذي جاء بكم "

"من اجل ويليام "

" لن تلمسوا منه شعره أيها الحثالة!"

أحد القتلة قال بسخرية:

"وأنت؟ مجرد أب عنيف. انتهِ."

لكن الدوق لم يرد. فقط رفع يده، وأطلق موجة مانا أرجوانية... كسرت الأرض تحت أقدام المهاجمين.

أما في الداخل، فكان زيك يواجه وحده أربعة مغتالين داخل غرفة ويليام.

المانا تتطاير، وويليام يضغط على صدره، يشعر أن جسمه لم يتعافَ كليًا بعد من معركته السابقة.

ثم ظهر صوت النظام:

[نقطة ضغط مانا مفرطة. جسدك غير مستقر.] [تفعيل قدرة النولا بنسبة 30% فقط.] [تحذير: الاستخدام القسري قد يؤدي إلى فقدان الوعي أو الموت.]

"آه، رائع. الموت من القتال أو الموت من الإرهاق... يا له من خيار مبهج."

لكن في النهاية، أطلق ويليام قدرته:

[ تفعيل "منطقة الفراغ - النولا"]

جعل الهواء ينهار من حوله، القتلة بدأوا يتراجعون وهم يصرخون:

"المانا لا تعمل! سحرنا يتبخّر!"

لكن جسده لم يتحمّل.

ضغط داخلي رهيب اجتاحه... حرارة... ضباب في الرؤية...

وسقط.

كل شيء تلاشى فجأة.

عندما استيقظ... كان كل شيء مظلمًا.

لا، لم تكن غرفته.

لم يكن القصر.

بل مكان مختلف تمامًا.

قيود حول معصميه، سقف حجري فوقه، جدران ضيقة... وضوء خافت يصدر من بلورة مانا ضعيفة في الأعلى.

لقد خُطِف.

وصوت خافت قربه يقول:

"أخيرًا استيقظت، أيها الطفل المجهول."

حاول ويليام النهوض، لكن جسده لم يتحرك.

فقط عيناه... تنظران إلى الشخص الجالس أمامه.

رجل بوجه نصفه محروق، وعين مغطاة، وجوّ مظلم يحيط به.

" لقد كنتُ أنتظر هذا اللقاء منذ أن سمعت عن قدراتك... ويليام إيرونديل."

ويليام نظر إليه، شاحبًا، لكنه تمتم بصوت خافت:

"...هل من الممكن أن نؤجل هذا اللقاء؟ جسدي منهك... وأكره الحوارات الشريرة قبل الشاي."

---

[ مقر نقابة "الدم الأحمر" - قبو الحجر الأسود - بعد ساعة من الاختطاف]

الهواء كان باردًا، ورائحة العفن تعبق في المكان. الجدران كانت حجرية، مليئة بالشقوق، والسقف يُقطر ماءً متجمّعًا من أعلى الجبل.

لكن رغم كل شيء...

ويليام جلس على الكرسي المقيد إليه، ممدًا رجليه إلى الأمام، وكأنه في نزلٍ رخيص ينتظر طلب الطعام.

قال بنبرة رتيبة:

"هل أستطيع على الأقل طلب شيء آكله؟ لديّ عادة سيئة... لا أفكر بوضوح وأنا جائع."

الصمت سيطر على الغرفة.

القتلة الثلاثة الذين يقفون بجانبه تبادلوا النظرات... ثم نظروا إلى الرجل الجالس أمامه.

الرجل أمام ويليام لم يكن أحدًا عاديًا.

كان قائد نقابة "الدم الأحمر "... النقابة الأخطر والأكثر غموضًا في القارة الشرقية.

الاسم: كورفال اللقب: الدمية السوداء الرتبة: قائد الجيل الرابع الشهرة: إشعال حرب الظلال الثالثة، إعدام ثلاث عائلات نبيلة، واختطاف احد امراء الشمال.

نصف وجهه محروق... وعينه اليمنى مغطاة بقطعة قماش سوداء. لكن عينه اليسرى كانت ثاقبة كالسيف.

كورفال قال، بعد لحظة:

"أنت... تطلب طعامًا؟ في هذا الوضع؟"

ويليام رفع حاجبه:

" أجل؟ أليس هذا أقل ما يمكن فعله قبل أن أُعذّب، أو أُساوَم، أو يتم غسل دماغي؟ كما تعلم، الأخلاق مهمة في المهنة."

أحد الحراس ضحك خافتًا، لكن كورفال رمقه بنظرة واحدة فصمت فورا.

كورفال مالت شفتاه بابتسامة باهتة:

" ألست خائفًا؟"

ويليام رمش ببطء... ثم قال:

" منك؟ لا. من البرد؟ نعم. أبي سيوبخني إن أصبت بالحمى مرة أخرى."

كورفال وقف من كرسيه، يقترب ببطء، خطواته رنانة.

"أتعلم من نحن؟"

ويليام ابتسم، وقال وهو يحني رأسه باحترام ساخر:

" نقابة الدم الأحمر. جماعة من القتلة والمرتزقة والسحرة المارقين، تأسست في نهاية حرب الظلال الأولى. تعملون عبر التعاقدات من خلف الكواليس. شعاركم: "لا ولاء إلا للعملة، ولا حياة للهدف.""

توقّف كورفال.

"...من أين عرفت هذا؟"

ويليام أدار وجهه نحو البلورة المتدلية في السقف، وقال بملل:

"قرأته في الرواية. صفحة 417، فصل "جحيم النبلاء." كنتم تهدفون لخطف البطل الثاني، لكن بدلاً من ذلك خطفتموني. تهانينا، لقد خربتم المخطط الأصلي."

كورفال عقد حاجبيه، وأشار لأحد مساعديه:

" اجلبوا له طعامًا. أريد أن أسمع المزيد من هذا الهذيان ."

ويليام ابتسم بثقة، وكأن القيود مجرد زينة.

" أُفضل اللحم مشويًا، من فضلكم. ولا تنسوا الصوص الأبيض، فالسجون بدون نكهة تُشبه قلوبكم."

أحد الحراس قال متهكمًا:

" أنت تتصرف وكأن أحدًا سينقذك. لا أحد يعرف مكانك ."

ويليام التفت إليه ببطء، عيناه باهتتان، لكن صوته حاد:

" أوه، عزيزي... أنت لا تعرف أبي."

ابتسم، ثم همس:

"الدوق إذا غضب، لا يترك رمادًا ليُدفَن."

**

كورفال ضيق عينيه، ثم جلس مجددًا:

"قل لي، أيها الطفل الكسول... كيف تعرف عنا هذا الكثير؟"

ويليام ابتسم، تلك الابتسامة الباردة التي تحمل شيئًا من الخطر الخفي:

" دعنا نقول فقط... أنني قرأت نهايتكم قبل أن تبدأوا الفصل الأخير."

2025/07/03 · 144 مشاهدة · 3934 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025