بمجرد أن فتحنا البوابة الرئيسية وخرجنا ، ظهر أمامنا على الفور جسم ضخم يتجول أسفل التل .

سارع إيدن ليقف أمامي وسحب سيفه ، فقد قررنا تجنب إطلاق النار قدر الإمكان بسبب الضوضاء .

رأيت ظهر إيدن امامي وفي لحظة اختفى تمامًا ، وعندما نظرت مجددًا ، كان إيدن قد وصل إلى الوحش الفيروسي البعيد ورفع سيفه الحاد عاليًا ليضربه .

وسقط الوحش على الأرض دون أن يتمكن حتى من الصراخ .

' واو ، هذا الرجل ليس شخصية رئيسية عبثًا '

رغم أن إيدن ، بصراحة ، كان فقط الأخ الأكبر للبطلة .

تحققت من أن المصباح الزيتي داخل حقيبتي لم ينكسر ، ثم اقتربت من إيدن ، كنت قد أحضرت المصباح خشية أن يحل الظلام أثناء البحث عن نوكس .

كان العالم مشابهًا لأوروبا في أوائل القرن التاسع عشر ، لذا كانت هناك قيود عديدة مثل عدم وجود المصابيح الكهربائية .

كان إيدن منهمكًا في مسح شفرة سيفه الملطخة بمادة لزجة خضراء باستخدام منديل .

" من الأفضل أن نحصل على المزيد من الكيروسين ، وأيضًا الكحول "

مصابيح الزيت تحتاج إلى الكيروسين والكحول للتسخين ، بعكس المصابيح الكهربائية التي تعمل بالبطاريات فقط .

في الحقيقة ، حتى لصنع الشعلة ، نحتاج إلى الكيروسين ، رغم أن لدينا مخزونًا مسبقًا ، فإن الأفضل جمع أكبر قدر ممكن عند الإمكان .

المؤن دائمًا يجب أن تكون وفيرة بقدر الإمكان .

تنهدت وتجاوزت إيدن وواصلت السير ، تبعني إيدن وهو يسير خلفي ، وفي الأسفل بدأت أطراف قرية برونيل تظهر .

كانت القرية تبدو هادئة بشكل مخيف ، وكأنه لم يحدث بها شيء من الفوضى التي رأيناها سابقًا .

' أين ذهبت كل الوحوش ؟'

بلعت ريقي وأنا أتابع السير بحذر نحو القرية ، مستعرضة كل زاوية .

" ابقِ خلفي "

قالها إيدن بحزم وهو يتقدم أمامي ، أومأت برأسي وتراجعت قليلاً ، ممسكة بفأسي بإحكام وسرت وراءه بتوتر .

بعد المشي لمسافة أطول على الطريق المتعرج ، وصلنا أخيرًا إلى حافة القرية الخارجية .

كانت الأرض المرصوفة بالحجارة مليئة ببقع الدم .

رغم أن الشمس كانت مشرقة والنهار دافئ ، إلا أن المشهد المحيط كان قاتمًا وغارقًا في اللون الأحمر .

حاولت تجاهل هذا المشهد المرعب ونظرت باتجاه برج الساعة ، كان البرج ومركز الشرطة قريبين من هنا .

' علينا إنقاذ نوكس بأي ثمن ، فهو طبيب ، والأطباء في هذا العالم المنهار نادرون للغاية '

قلت بصوت واثق " سيد إيدن ، حتى لو لم نجد رودبورشر في برج الساعة ، أعتقد أنه علينا البحث عنه أكثر في مكان آخر داخل القرية ، فهو طبيب "

لم أعرف كيف فهم إيدن مغزى كلمة ' طبيب ' التي أكدت عليها ، نظر إلي طويلاً قبل أن يسأل .

" بالطبع أنا أريد إنقاذ رودبورشر ، لكن ، آنسة شيري ، ماذا لو كان الوضع خارج قرية برونيل طبيعيًا ؟، ألن يكون من الأفضل طلب الدعم بسرعة ؟"

" كلا ، سيد إيدن ، نحن لا نعرف شيئًا "

الوضع خارج القرية ليس مختلفًا .

من رد فعله ، بدا لي أنه إذا اضطر للاختيار بين إنقاذ نوكس أو الاتصال للحصول على دعم ، سيختار الاتصال دون تردد .

' قد لا يكون هناك حتى من يجيب على المكالمة في العاصمة !'

أخفيت أفكاري .

— كــوااك .

بينما كنت أفكر في كيفية إقناع إيدن ، شعرت فجأة بشيء يقترب من الخلف ، رفعت فأسي بعصبية ولوحت به .

" أوه ، توقف عن إزعاجي !"

— كــواك—!

رغم شعوري بضربة ثقيلة على الفأس ، تجاهلتها ونظرت إلى إيدن .

كان ينظر باندهاش خلف كتفي عندما سمعنا فجأة صرخة مدوية .

" آآه !"

وبدا أننا لسنا الوحيدين الذين سمعوها .

— كـيــاك ؟، كــروك !

— كــواك !

— كــيــيــك !

ملأت أصوات الوحوش المخيفة الجو الهادئ للقرية ، مما أرسل قشعريرة تسري في جسدي .

" ألا يجب أن نذهب ؟، ماذا لو قبضوا على رودبورشر ؟!"

" تبًا "

سحب إيدن سيفه الطويل على الفور وركض ، أمسكت بفأسي وركضت خلفه .

كانت الصرخة قد صدرت من جهة المستوصف ، بدا أنه نوكس بالفعل .

وأثناء الجري نحو المستوصف ، رأينا مجموعة من الوحوش توازي سرعتنا ، متوجهة نحو نفس المكان ، كان عددها كبيرًا كما توقعت .

" توقفي "

توقف إيدن عند زاوية أحد الأزقة ليمنعني من التقدم ، انقشعت الغيوم وسقط ضوء الشمس الساطع ، مما جعل الرؤية أوضح .

كانت وحوش الفيروسية ، بأشكالها المختلفة ، محتشدة أمام أحد المباني ، كان المستوصف ، كما توقعت .

" هل تعتقد أن هناك أشخاصًا داخل المبنى ؟"

" حتى لو كانوا هناك ، من غير المحتمل أنهم لا يزالون على قيد الحياة "

كما قال إيدن ، كانت بعض الوحوش قد اقتحمت المستوصف بالفعل ، وبعد لحظة من المراقبة الصامتة ، قال .

" يبدو أننا تأخرنا عن إنقاذهم "

كان كلامه صحيحًا ، بدا أن الوقت قد فات لإنقاذهم ، حتى الصرخات التي سمعناها سابقًا توقفت .

عضضت شفتي السفلى بشدة .

" دعنا نذهب إلى برج الساعة أولاً "

المركز الطبي الذي ألقينا عليه نظرة خاطفة كان بالفعل فوضوي ، وبسبب الحشد الكبير من الوحوش ، بدا من الصعب حتى الاقتراب منه ، كان من المستحيل فعليًا استكشاف الداخل .

إيدن نظر إليّ بوجه خالٍ من التعبير ، ربما كان يخفي توتره ، ثم وضع يده على كتفي .

" لا تبتعدي عني "

أومأت برأسي بهدوء وأحكمت قبضتي على الفأس ، مهما كانت قوتي كبيرة ، فلن تكون كافية ، لن أستطيع مجاراة إيدن ، الشرطي ، من حيث المهارات القتالية .

" سأتولى دعمك من الخلف "

نظر إيدن إليّ ثم إلى الفأس التي في يدي بالتناوب ، ثم قهقه بخفة .

" شيري ، أنتِ وذلك الفأس ، لا تتناسبان أبدًا ، هل تعلمين ذلك ؟"

ثم قهقه مرة أخرى .

ماذا ؟، أيضحك ؟، في هذا الوضع الخطير يجد الوقت للضحك ؟

ضحكة إيدن ، التي لم تكن متماشية مع هذا الوضع الغريب ، بدت وكأنها تنم عن ثقة ، ربما لهذا السبب شعرت ببعض الاطمئنان لوجوده بجانبي .

" إذن ، سأعتمد عليكِ لحماية ظهري "

بعد أن قال ذلك ، استدار إيدن وأمسك مقبض سيفه الطويل بإحكام وتقدم للأمام .

قبل قليل ، بسبب صرخات بشرية قادمة من جهة المركز الطبي ، غيرنا وجهتنا الأصلية ، كنا ننوي التوجه إلى برج الساعة ، وهو هدفنا الأصلي ، والذي كان يمكننا الوصول إليه بسهولة بالسير مباشرة إلى أطراف القرية .

لكن ، حتى لو أخذنا الطريق الخلفي لتجنب أنظار الوحوش ، كان علينا عبور الطريق الكبير المليء بها ، كان مركز الشرطة يقع في الجهة المقابلة للمركز الطبي .

همست بصوت منخفض خلف ظهر إيدن الذي كان يسير أمامي .

" عدد الوحوش كبير ، لذا من الأفضل أن ننخفض قدر الإمكان حتى لا نلفت أنظارهم "

ألقى إيدن نظرة خفيفة نحوي .

في تلك اللحظة ، ظهر وحش فجأة أمامنا ، دفعت إيدن بعيدًا بسرعة وأطحت بالوحش المتقدم نحونا مستخدمة الفأس .

— غــرااه !

ترافقت صرخة الوحش مع صوت انهيار المبنى .

توقفت الوحوش المتجمعة أمام المركز الطبي عن الحركة ، ثم استدارت جميعها ناحيتنا في وقت واحد .

تباً ، نحن في ورطة .

أمسكت بيد إيدن .

" اركض !"

تردد إيدن للحظة ، ثم شد قبضته على يدي وبدأ الركض معي .

في ظل الوضع الحالي ، لم يكن من الممكن التوجه مباشرة إلى مركز الشرطة عبر الطريق الخلفي ، كانت الوحوش تتقدم نحونا ، تاركة الأزقة المؤدية إليه خلفها .

انعطفنا نحو الزقاق الخلفي للشارع الذي يقع فيه مركز الشرطة ، هناك ، دخلنا أول باب خلفي لأحد المباني القريبة واختبأنا بسرعة .

دخل إيدن أولًا وسحب معصمي بسرعة ، فور دخولي ، أغلق الباب بإحكام .

اتكأ إيدن بظهره على الباب المغلق ، يستمع للوحوش ، بينما انكمشتُ بجسدي على صدره ، محاولة كتم أنفاسي .

— غــرااه !

سمعت زئير وحش قريب ، مما جعل العرق يتصبب من كفي .

' لو كنت أعلم أن الأمور ستسوء هكذا ، لما استخدمت المقلاع فهم تجمهوا بسببه '

شعرت بصدر إيدن يتحرك بهدوء تحت جبيني ، حيث كان ينفس بعمق في توتر ، لامست أنفاسه الساخنة جبهتي ، مما جعل رأسي يغرق في فراغ أبيض من القلق .

سمعت صوت خطوات ثقيلة وغير منتظمة على مقربة شديدة ، بدأ وكأن الوحوش تتحرك في جماعات .

بعد لحظات من الأصوات العالية ، هدأ الوضع قليلًا .

لكن فجأة ...

سمعت صوت خطوات ثقيلة وواضحة تقترب منا .

ابتلعت ريقي بصعوبة وحبست أنفاسي مجددًا .

وفوق يدي المرتجفة من التوتر ، وضع إيدن يده الكبيرة بثبات ليهدئني .

2025/01/17 · 57 مشاهدة · 1367 كلمة
فاسيليا
نادي الروايات - 2025