رفعت رأسي لأجد إيدن ينظر من نافذة بجوار الباب ، بوجه خالٍ من التعبير .

أوه ، لم أدرك أن هناك نافذة هنا ، كنت قد أدرت رأسي للجهة الأخرى ، فلم ألحظ النافذة على هذا الجانب .

خلف النافذة ، ظهرت ظلّ مخلوق ينعكس عليه ضوء الشمس الحارة ، يبدو أنه كان وحشًا يقترب حتى صار على بعد خطوات .

سمعت صوت أنين الوحش قادمًا من الخارج ، تشبثت بيد إيدن بقوة وعضضت على شفتي السفلى بشدة .

— تــشــيــك .

سمعت صوتًا وكأن شيئًا يجر قدميه على الأرض بالخارج .

شعرت برعشة تسري في جسدي ، خلف النافذة ، كان هناك صدر مغطى بالكامل بفراء أسود كثيف يظهر بوضوح .

وبدأ الوحش حرك وجهه وهو يشم الهواء من خلف النافذة .

كانت حركته بطيئة ، لكنه كان يتجه نحو النافذة كما لو كان ينحني ليلقي نظرة داخلها .

ليرى من بداخل المنزل .

بدأ قلبي ينبض بقوة ، أمسكت يد إيدن بقوة أكبر ، وأطبقت على أسناني .

ازداد صوت أنين الوحش القادم من الخارج ، واقترب أكثر ، وعندما انحنى وجه الوحش نحو النافذة بشكل كامل تقريبًا ...

— طَخ .

سمعت صوت سقوط شيء ثقيل على الأرضية الخشبية ، ارتعبت ، وأدرت رأسي بسرعة نحو مصدر الصوت .

كان المبنى الذي دخلناه متجرًا للملابس ، وكان هناك شخص يختبئ تحت الطاولة بجوار باب المتجر الأمامي .

يبدو أن صاحب المتجر كان مختبئًا هناك .

كان الرجل ذو وجه شاحب وكانت يده مدودة وترتجف بشدة ، وكان متجمد في مكانه ، وعلى الأرض ، سقط سكين صغير كان يبدو أنه يمسكه .

تقابلت عيناي مع عيني الرجل الذي تحركت شفتاه المرتجفتان بصعوبة ، لم أسمع صوته ، لكنني استطعت قراءة كلماته من حركة شفتيه .

" أنقذيني ..."

وفي تلك اللحظة —

حطم الوحش الضخم النافذة واندفع داخل المتجر .

" آآآهه !"

صرخ الرجل بجنون ، وركض الوحش نحوه فورًا .

سمعت صوتًا أشبه بزئير نمر ضخم ، تلاه صرخة الرجل المؤلمة ، وصوت جدار يُحطم .

" علينا الذهاب "

أمسك إيدن بمعصمي وفتح الباب الخلفي وركض ، لم أستطع حتى أن ألتفت لأرى مصير الرجل .

يبدو أن الوحوش توجهت نحو المتجر بعد أن جذبتهم الضوضاء .

هل يجب أن أعتبر هذا شيئًا جيدًا ؟

كنت متوترة جدًا لدرجة أن يدي لم تتوقف عن الارتعاش ، لاحظ إيدن ذلك ، فرفع يده التي كانت تمسك بمعصمي ، وأحاط يدي بالكامل بيده .

لم أقل شيئًا ، فقط أمسكت يده بقوة أكبر ، وكأنها طوق النجاة الوحيد لي ، وهكذا ، واصلنا الركض .

كان الزقاق الخلفي لمركز الشرطة ضيقًا بعض الشيء ، ومع صوت خطواتنا ، ظهر أحد الوحوش من الخلف .

تركت يد إيدن فورًا ، ورفعت فأسي وهاجمته .

اصطدم الوحش بجانب أحد المباني وسقط ، واستدار إيدن نحوي ومد يده مرة أخرى .

" هل أنتِ بخير ؟"

أشرت خلفه .

" انتبه خلفك !"

بسرعة ، أخرج إيدن سيفه وهاجم .

شــراك —!

تناثر سائل لزج أخضر مثل النافورة ، لم يتمكن الوحش من إصدار أي صوت قبل أن ينقسم إلى نصفين ويسقط على الأرض .

" إيدن ، أعطني يدك !"

لوحت بيدي بقوة لإيدن كإشارة للتسرع ، نظر إليّ إيدن بوجه غريب ، ثم وضع يده فوق يدي .

بدون أن أدرك أنني كنت أناديه كما لو كان كلبًا أليفًا ، أمسكت بيده وواصلت الركض .

' آه تبًا ، يجب عليّ ابتكار إشارة للهروب لاحقًا '

* * *

محطة قطار هوندرف .

كانت محطة قطار توجد بعد محطة واحدة من العاصمة كيندت .

اختبأت فانيلا خلف كشك المنصة في محطة هوندرف ، وبحركة حذرة ، قامت بتحميل بندقيتها ونظرت بقلق إلى محيطها .

المحطة كانت مكتظة بمخلوقات غريبة ، كانت تملأ مجال رؤيتها تلك الوحوش التي بدت مألوفة بشكل غامض .

كانت تشبه الوحوش التي واجهتها في بيت شيري السعيد .

خطر ببالها لا إراديًا أن تكون هذه العدوى معدية ، ترى ، هل تفشى شيء شبيه بالجراثيم بالفعل ؟

" سحقًا ، ما هذا الوضع بحق خالق الجحيم ؟"

بصقت فانيلا شتيمة بغيظ وأعادت شعرها الأزرق الفاتح إلى الوراء بانزعاج .

بعد حادثة بيت شيري السعيد ، تلقت مكالمة عاجلة من قسم شرطة بينتون تطلب منها السفر فورًا إلى العاصمة للتحقيق في قضية تخصها .

كان السبب أن ملكية قصر في شارع نوتيوم ٦١ تعود لها .

' قالوا إنه كان هناك اضطراب بسبب وحوش '

تذكرت أنها قرأت شيئًا مشابهًا في عناوين الصحف ، كلمات مثل ' اضطراب الوحوش في شارع نوتيوم ٦١ ' مرت أمام عينيها .

لم تدرك حينها أن الأمر يتعلق بأحد ممتلكاتها .

' لدي العديد من القصور المتهالكة التي ورثتها عن والدي الراحل ، ولن تساوي حتى فلسًا واحدًا '

ترك لها والدها الراحل ديونًا طائلة وعددًا من القصور المهجورة التي على وشك الانهيار .

حتى قصر برونيل المهجور الذي اشترته شيري سينكلير كان من بين تلك الأعباء .

' تبًا ، الآن حتى ذلك القصر يبدو مكانًا مريحًا بالنسبة لي وبدأت افتقده '

كان من الممكن أن يكون القصر الواقع على التل ملاذًا أكثر أمانًا مقارنة بالمحطة الحالية .

بينما كانت في القطار بين كيندت وهوندرف ، اقتحم وحش القطار ، مما جعل فانيلا تدرك أن كلا المنطقتين غارقتان في نفس الكارثة .

' إذا كان الوضع هكذا ، فلا أعتقد أن العاصمة ستكون مختلفة ...'

وإذا كان هذا صحيحًا ، فإن العودة إلى برونيل قد تكون الخيار الأفضل ، المسافة أقرب على أي حال .

" أوه ؟، أظن أنني أرى شخصًا هناك أيها المحامي ؟"

سمعت صوتًا بشريًا فجأة ، بدا وكأنه رجل شاب ، رفعت فانيلا رأسها قليلًا فوق الكشك .

رأت في مجال رؤيتها رجلين يركضان على طول السكة الحديدية .

" اهربي !، اهربي !"

الشاب ذو الشعر الوردي لوّح لها بيده بينما كان يركض .

وفجأة ، توقف الرجل ذو الشعر البني الذي كان يركض بجانبه واستدار ، وصوّب بندقيته نحو شيء ما وأطلق النار .

بانغ !، بانغ !

صاح الرجل ذو الشعر البني مناديًا " هوسيل كامبرون !"

استدار الشاب ذو الشعر الوردي أيضًا وبدأ في إطلاق النار بشكل متكرر .

بانغ !، بانغ !، بانغ .

بعد ذلك ، حملا أسلحتهما وواصلا الركض نحوها على السكة الحديدية .

حينها فقط لاحظت فانيلا الحشود الهائلة من الوحوش التي كانت تطارد الرجلين .

ترددت للحظة ، وهي تمسك ببندقيتها المحشوة .

' سحقًا ، ما هذا الوضع بحق خالق الجحيم ؟!'

* * *

اقتربنا أنا وإيدن من قسم الشرطة بصعوبة .

كان بجوار قسم الشرطة حديقة صغيرة ، اختبأنا بين الأعشاب الكثيفة هناك لالتقاط أنفاسنا .

جلست بين الشجيرات وقلت لإيدن .

" علينا إنقاذ السيد رودبورشر ، ثم الذهاب إلى متجر البقالة والمتجر العام ، وإذا لم تسعفنا الظروف ، سنتوجه مباشرة إلى قسم الشرطة "

" مفهوم ، إذا أنقذنا رودبورشر ، سأجعلكِ تتسوقين بقدر ما تشائين "

قال إيدن ذلك بنبرة وكأنه قادر على فعل المستحيل فقط برغبته ، يا له من متفاخر .

رفعت بصري نحو برج الساعة .

كان البرج بطول خمسة طوابق ، وفي قمته شرفة صغيرة محاطة بسور ليتمكن عامل الصيانة من الوقوف دون السقوط .

نظرت إليه لبعض الوقت ، لكن لم يظهر أي أثر لأي شخص .

" سأتسلل للداخل ، أريدك أن تراقب المكان من سطح المبنى المقابل ، هل تستطيع الصعود ؟"

نظر إليّ إيدن كما لو أنه يريد استبدال الأدوار ، بالطبع ، كنت أود ذلك ، لكن الظروف لم تسمح بذلك .

" إذا اضطررت لاستخدام السلاح ، فلا تتردد ، علينا أن نهتم بالخروج كما نهتم بالدخول ، لذا ، أحتاج لحمايتك "

لقد حملت إيدن فاقد الوعي وركضت به إلى بيتي السعيد من قبل ، لذا ، كان من المنطقي أن أتولى الأمر البدني بينما يتولى إيدن الحماية .

هزّ إيدن رأسه أخيرًا على مضض .

" سأعتمد على قوتكِ آنسة شيري ، وإذا لم يكن رودبورشر هناك ، اتركي المكان فورًا ولا تتباطئي "

كان إيدن قلق من أنني قد أصاب بالذعر إذا لم أجد رودبورشر في البرج .

لكن ما كان يقلقني حقًا هو أين سنعثر عليه إن لم يكن هناك .

" حسنًا ، سأصعد للبحث عنه "

أومأت لإيدن .

" حسنًا ، لنلتقي أسفل برج الساعة بعد قليل "

" حافظي على سلامتكِ حتى نلتقي مجددًا "

قال ذلك قبل أن يصعد إلى سطح المبنى المجاور ، وألقى نظرة عليّ ، حركت بإصبعين وكأنني أطلق النار ، كانت تلك إشارة هجوم .

ضحك على أشارتي الغريبة ، ثم لوّح بيده لي وواصل طريقه نحو المبنى الآخر .

2025/01/17 · 52 مشاهدة · 1357 كلمة
فاسيليا
نادي الروايات - 2025