انتقل ثقل نوكس إلى إيدن، وبدأت أسير أمامهما عندما أطلق نوكس تعليقًا مفاجئًا جعلني أتجمد في مكاني.
"آنسة شيري، هل أنتِ متأكدة أنكِ لستِ مصابة؟"
"ماذا؟"
التفتُّ لأواجهه، وكان تعبير وجهي يعكس الحيرة، عن ماذا كان يتحدث بحق خالق الجحيم؟
"أنا لم أتعرض للعض قط."
"ربما قوتكِ الخارقة ليست بسبب العقاقير، بل لأنكِ مصابة؟، قد تملكين مناعة ضد الفيروس، والعدوى توقفت عند تعزيز قدراتكِ البدنية فقط."
"حصلت على هذه القوة قبل حدوث هذا بوقت طويل، لقد مرت سنوات."
"همم، قبل سنوات، إذن... ولكنني لم أسمع قصصًا عن قوة شيري سينكلير الوحشية."
"بالطبع لا، لقد أخفيتها، فأنا أهتم بسُمعتي الاجتماعية، كما تعلم، الآنسات الراقيات يُفترض أن يكنّ رقيقات وهشّات."
"الهشاشة كفضيلة؟، يا لها من معايير غريبة، أنا شخصيًا لست من محبي الضعفاء."
فرك نوكس ذقنه بتأمل وهو يرد، وحدّقتُ به بعدم تصديق.
"هل تخطط لمواصلة الحديث بلباقة هكذا حتى نموت؟"
"أنا فقط أخبركِ بذوقي."
ابتسم نوكس ابتسامة عابرة وهادئة.
حتى وهو يستند إلى إيدن للدعم، كان نوكس لا يزال يمتلك الجرأة ليبدو مسترخيًا، كان ذلك متوقعًا منه لدرجة أنني كدت أضحك.
"اخرس وتحرك أسرع قبل أن أتركك تسقط،" قال إيدن بنبرة منزعجة حادة.
لو كان أي شخص آخر، لما تردد إيدن في التخلي عنه تمامًا، بدا أن نوكس استشعر الأجواء، فهز كتفيه واكتفى بالصمت.
مع اقترابنا من القصر، ازداد التوتر، لم يتحدث أحد، وأصبحت كل خطوة نخطوها بطيئة ومدروسة.
كان هناك وحشان يتسكعان بالقرب من البوابة الأمامية، التفتُّ إلى نوكس وقلت:
"السيد رودبورشر، سأحملك."
"…تعاملي معي بحذر، تظاهري أنني زجاج هش."
بدا نوكس مستسلمًا، وتعبيره يعكس قبولًا مترددًا.
أومأت برأسي، ناولته حقيبتي، ثم رفعته على كتفي، ألقى إيدن نظرة نحوي—شيء بين الدهشة والإعجاب.
"مهلا، ركز على عملك، لا تهتم بي،" قال نوكس بحدة، وكان صوته متصلبًا بشكل غير معتاد، كان واضحًا أنه محرج ولا يريد أن يحدق به أحد.
"أشعر أنني سأتقيأ، الدم يتدفق إلى رأسي."
تجاهلت تذمره ونظرت إلى إيدن، أشار بأصابعه—مقلدًا إطلاق النار، كانت تلك إشارة الهجوم.
بيدي الحرة، سحبت فأسي وبدأت أتحرك نحو البوابة.
لكن قبل أن أتمكن من التحرك، تقدم إيدن وقطّع الوحشين بسيفه بسرعة، انتهى الأمر في ثوانٍ، لقد تعامل مع اثنين دفعة واحدة دون أن يتعرق حتى.
'واو، يبدو أنني لم أكن بحاجة لأن أتحرك حتى.'
بينما كنت أراقب إيدن وهو يمهد الطريق، حملت نوكس بهدوء إلى الأمام.
لحسن الحظ، باستثناء هذين الاثنين، كانت معظم الوحوش قد تشتتت نحو القرية، مما سمح لنا بالوصول إلى البوابة دون مشكلة كبيرة.
فتحت البوابة بمفتاح، وأخيرًا أنزلت نوكس إلى الداخل.
"السيد رودبورشر، أنت تحتاج إلى الراحة فورًا."
ضغطت بظهر يدي على جبهة نوكس، كان جسده يحترق طوال الوقت الذي حملته فيه، لا بد أنها الحمى بسبب إصابة ساقه.
دفع إيدن البوابة الحجرية الثقيلة ليغلقها وهو يتأوه.
"سحقًا، مما صُنعت هذه البوابة بحق خالق الجحيم؟"
كانت البوابة الحجرية ثقيلة لدرجة أن إيدن شتم تحت أنفاسه وهو يكافح لإغلاقها.
حمل نوكس على كتفه مرة أخرى دون اي اعتراض، لم يقاوم نوكس—كانت الحمى قد اشتدت أكثر، والآن بعد أن أصبحنا في أمان، بدأ التوتر يتلاشى من جسده.
رفرفت جفناه بضعف قبل أن يغلقهما أخيرًا.
وغرق في نوم عميق.
* * *
فتح نوكس عينيه في العصر، عندما كانت الشمس تكاد تغرب.
كان مستلقيًا في سرير، سرير ناعم جدًا، على وجه التحديد.
لم يكن تمامًا بمستوى منزل ماركيز رودبورشر في العاصمة، لكن كلاً من البطانية والمرتبة بدتا باهظتي الثمن إلى حد ما.
مرر يده على البطانية الناعمة للحظة، ربما بسبب الملمس، شعر أن كل شيء غير واقعي بشكل غريب.
ثم رفع رأسه ورأى السماء ملوّنة بلون الغروب العميق، بطبيعة الحال، تاهت نظراته خارج النافذة.
خلف إطار النافذة الفوضوي، كان هناك ما يشبه أرض زراعة خضروات مهملة، وقفت أربعة فزاعات كبيرة مزروعة هناك، وبجانبها حظيرة دجاج كبيرة.
في الحديقة، كانت امرأة منحنية، تفعل شيئًا ما.
كانت ترتدي ملابس مزارعة، ومنشفة ملفوفة حول رقبتها، وجهها كان مخفي تحت قبعة قش منخفضة.
لكن نوكس عرف أنها شيري.
لم يكن هناك أحد غريب مثل شيري سينكلير ليجلس في حديقة خضروات هكذا.
انقطعت ذاكرة نوكس بعد أن حملته شيري إلى القصر.
بشكل غامض، ظن أنه يتذكر يدي شيري النحيفتين الأنيقتين -نفس اليدين اللتين كانتا تلوح بفأس- وضعتا على جبهته، ظن أنها قالت إنه مصاب بالحمى.
لمس جبهته، بدا أن الحمى قد انخفضت تمامًا، تاركة إياه باردًا.
وقفت شيري، التي كانت منشغلة بالعبث في التربة، فجأة وسحبت واحدة من الفزاعات الكبيرة التي كانت موضوعة جانبًا.
رصّت أربع فزاعات في صف في منتصف الحديقة، ثم—
بدأت تتحدث إليهم.
جلس نوكس ببطء وسار نحو النافذة.
عندما فتحها، سمع صوتها البعيد.
"استمعوا جيدًا، أنتم لديكم مهمة بالغة الأهمية تتكون بـحماية هذه الحديقة، هل تفهمون؟"
ما الذي تفعله...؟
حدّق نوكس في ظهر شيري بتعبير مذهول.
'إنها حقًا تستمتع بمفردها.'
استند نوكس بمرفقه على إطار النافذة وأطلق ضحكة منخفضة، كان الأمر سخيفًا لدرجة أنه جعله يضحك بصوت عالٍ.
شيري، التي لم تكن تعلم أن نوكس يراقبها، ضمّت يديها خلف ظهرها وتحدثت إلى الفزاعات بنبرة جدية مبالغ فيها.
"عليكم خصوصًا حماية هذه المنطقة جيدًا، تذكروا يا أصدقائي—هذه النباتات قلب الحديقة."
تلك المنطقة...
عبس نوكس وهو يتبع إشارتها للمكان.
لم يكن سوى المكان الذي زُرعت فيه أعشاب ألبينوس.
أعشاب ألبينوس تساعد قليلاً فقط في استعادة القدرة على التحمل.
لم يستطع فهم لماذا كانت شيري مصممة على زراعة تلك الأعشاب وكأن حياتها تعتمد عليها.
'هل كان لها تأثير آخر فاتني؟'
مهما حاول البحث في ذاكرته، لم يتبادر إلى ذهنه شيء غير عادي عن العشبة—باستثناء حقيقة أنه تم العثور عليه في شارع نوتيوم ٦١ وشارع هايغ العاشر.
في غضون شهر تقريبًا، ستتمكن شيري من حصاد أعشاب ألبينوس التي زرعتها.
طالما أنها اصطادت ما يكفي من الحشرات وقدمت العناصر الغذائية الكافية، ستنمو ألبينوس بسرعة.
'هل يجب أن أساعدها؟'
استند نوكس إلى النافذة وراقب أفعال شيري بهدوء.
أعشاب ألبينوس التي لديها جاءت من شارع نوتيوم ٦١.
تذكر ذلك بوضوح لأنه شاهد ذلك بنفسه في مكان الحادث.
لماذا كانت شيري هناك في ذلك اليوم؟
'يبدو أنني سأضطر لسؤالها مباشرة.'
في الأصل، كان قد خطط لمعرفة نواياها ببطء أثناء إقامته في برونيل.
لكن من كان يتوقع أن ينهار العالم قبل ذلك؟
لم يكن نوكس قد تخيل حتى أن وحوشًا غامضة ستجلب دمار مملكة جرايدون بأكملها.
'حتى لو كنت أعلم، لم يكن هناك شيء يمكنني فعله.'
على أي حال، مشاهدة شيري وهي تؤدي عرضها الفردي في الحديقة جعلته يشعر بالسلام بشكل غريب.
كاد يشعر وكأن الهروب من الوحوش في برونيل كان مجرد حلم سيء.
بينما كان نوكس يحدق خارج النافذة، حوّل نظره فجأة.
وقف شخص مألوف بالقرب من الباب.
"لانكستر؟"
أحيانًا كان يناديه بـإيدن، لكنه عادةً ما بناديه بـلانكستر.
على الرغم من أنهما يعرفان بعضهما منذ وقت طويل إلى حد ما، كان هناك دائمًا مسافة معينة بينهما.
ليسا قريبين جدًا، ولكن أحيانًا قريبان بما يكفي ليشعرا بالحرج—لقد كانت لديهم علاقة غامضة.
كان ذلك مشابهًا لكيفية إشارتهما إلى شيري بـ'الآنسة شيري' بينما كانت تناديهما 'السيد إيدن' و'السيد رودبورشر'.
"لقد استيقظت."
دخل إيدن الغرفة بخطوات خشنة قليلاً.
كانت خطواته بطيئة—كما لو كان يكره الدخول إلى الغرفة.
عندما اقترب من نوكس، ضغط إيدن بظهر يده على جبهة نوكس.
بشكل عابر جدًا، كما لو كان ذلك يزعجه.