* * *
حلمت بأمي وأبي لأول مرة منذ فترة طويلة.
ظهر كلا والديّ من حياتي السابقة وهذه الحياة، لكن الآن، والديّ موجودين فقط في أحلامي.
تذكرت اليوم الذي مات فيه والديّ كشيري بوضوح شديد، كان ذلك اليوم الذي أطلقت فيه أسوأ نوبة غضب في حياتي.
"اشتريا لقبًا نبيلًا فقط!، أنا أريد أن أكون نبيلة!، نبيلة حقيقية!"
"شيري، حتى لو اشترينا لقبًا، لن يجعلنا ذلك نبلاء حقيقيين."
حاول والديّ تهدئتي، كنت حينها في السادسة عشرة تقريبًا — كبيرة بما يكفي لأعرف ما هو أفضل، لكنني كنت لا أزال ناقصة النضج بشكل مؤلم.
"لماذا لستما أنت وأمي نبيلين؟، كنت أتمنى لو وُلدت لأبوين نبيلين بدلاً منكما!"
في ذلك اليوم، طعنت والديّ في قلبيهما بكلمات طائشة وجارحة.
حدث ذلك بعد أن حضرت تجمعًا اجتماعيًا حيث سخرت مني الفتيات النبيلات علنًا لأنني لست واحدة منهن.
بعد أن أفرغت غضبي، انهرت على سريري منهكة، ودخلت أمي إلى غرفتي وجلست بجانبي، تمرر يدها على شعري.
"ابنتي الحلوة، أنا آسفة، لكنني أريدكِ أن تعرفي أنني دائمًا أردت أن أربيكِ لتكوني الأفضل، اعلمي هذا فقط — لا يمكن لابنة نبيلة أن تكون أغلى أو أجمل مما أنتِ عليه بالنسبة لي."
في ذلك الوقت، جعلتني كلماتها أشعر بحرقة في عينيّ، لكنها لم تتردد في داخلي حقًا.
بالنسبة لنفسي الطفولية، شعرت إن تلك الإهانة التي تعرضت لها على يد أولئك الفتيات النبيلات كانت أكثر أهمية بكثير من طمأنة أمي الحنونة.
في ذلك اليوم، كان لدى والديّ خطط للقاء أصدقاء جدد.
لم يخبراني أبدًا من سيقابلون، ولم أكلف نفسي عناء السؤال، أنا لم أكن غاضبة بما يكفي لأكرههما فعلاً، لكنني كنت منزعجة — منزعجة لدرجة أنني رفضت توديعهما قبل مغادرتهما.
كان ذلك اليوم هو آخر يوم رأيتهما فيه.
اليوم الذي مات فيه والداي في حادث سيارة.
آخر شيء قلته لهما لم يكن "أحبّكما" أو "كونا حذرين."
بل لقد أخبرتهم أنني تمنيت لو وُلدت لأبوين نبيلين بدلاً منهما.
تذكرت كيف تشبثت بأحجار قبورهما بعد الجنازة، أبكي بلا توقف، غير قادرة على تصديق أنهما رحلا.
"أنا آسفة، لا تتركاني، من فضلكما لا ترحلا، لا تتخليا عني، أنا آسفة — أنا لم أعد أريد أن أكون نبيلة، عودا فقط، أنا لا زلت صغيرة جدًا، أنا ما زلت بحاجة إليكما."
لكن لا مقدار من التوسل يمكنه إعادتهما.
الشيء الوحيد الذي تركه لي والداي كان لقبًا نبيلاً.
لقد خرجا فعلاً واشتروا لقبًا نبيلًا في يوم واحد — وكأنهم كانوا يتوقعون موتهم طوال الوقت.
كان هاريسون، محامي عائلتنا، من أخبرني بالخبر، لكنه ذكر أنه بالنسبة لعائلة مشهورة مثل السينكلير، لم يكن اللقب النبيل يهم كثيرًا.
"ماذا يجب أن نفعل بشأن اللقب، يا آنستي؟"
تذكرت أن هاريسون سألني ذلك.
المضحك أنه بحلول ذلك الوقت، لم أعد أهتم باللقب النبيل بعد الآن.
ليس علي أن أكون نبيلة لأتحكم بالنبلاء.
إذا كنت من السينكلير، فهذا أكثر من كافٍ.
لا بد أن هذا ما كان يقصده والدي عندما قال "السنكلير لا يحتاجون إلى لقب نبيل."
وهكذا، أصبحت نجمة العالم الاجتماعي — الفتاة التي حسدتها جميع الآنسات النبيلات، بل كن يعجبن بي سرًا.
* * *
عندما فتحت عينيّ، كان الفجر يبزغ، تدفقت أشعة الشمس الخافتة عبر النافذة.
بقيت مستلقية هناك بلا حراك، محدقة في سقف سريري، أرمش وأنا أحاول فهم الموقف.
تذكرت بوضوح أنني كنت أتحدث إلى نوكس على السطح... نوكس يمد يده، يطلب مني النزول... أنا آخذ يده... ثم — لا شيء.
هل أغمي علي؟
حلمت باليوم الذي مات فيه والداي، هذه المرة، ظل الحلم عالقًا حتى بعد ان استيقظت، كانت صورتهما وهما يغادران للقاء صديق جديد هي آخر ذكرى لي عنهما.
كانت آخر كلمات قلتها لهما كدق المسامير في قلبيهما، ندمت عليها أكثر من أي شيء، كان ذلك أعظم ندم في حياتي، وعرفت أنني سأحمله معي حتى يوم موتي.
خفضت رأسي وثبت أنفاسي.
'الآن وأنا أفكر في الأمر... من كان الصديق الذي ذهبا للقائه؟'
لم أتساءل عن ذلك من قبل، لكن بعد أن عشت ذلك اليوم بوضوح في حلمي، بدأ الفضول ينخرني.
حقيقة أنهما ماتا في طريقهما للقاء هذا 'الصديق الجديد' كانت مقلقة، هل حضر ذلك الشخص الجنازة؟، لم يكن لدي القدرة العقلية لتتبع الضيوف في ذلك الوقت.
'ربما يعرف هاريسون.'
لكن حتى هاريسون لم يعد هنا بعد الآن.
تلك الفكرة -إدراك أنه لا أحد معي- تركتني أشعر بالفراغ.
في تلك اللحظة، شعرت بحركة قريبة.
حولت رأسي نحو الصوت، ورأيت رجلاً جالسًا وظهره إلى النافذة.
لقد كان إيدن، كان نائمًا، ذراعاه متقاطعتان، متراخيًا على الكرسي.
تألقت خصلات شعره الذهبية في ضوء الصباح، وخفتت ملامحه الحادة والمنحوتة قليلاً عندما كانت عيناه مغلقة، مما جعله يبدو كقطة مستريحة تقريبًا.
ألقت رموشه الطويلة ظلالاً دقيقة تحت عينيه، بينما كنت أراقبه بهدوء، وحركت رأسي إلى الجانب الآخر.
كان هناك شخص آخر أيضًا.
جلس نوكس في الكرسي المقابل، نائمًا بعمق أيضًا، كان يمسك بمنشفة مبللة في يد واحدة، وعلى الطاولة الجانبية بجانبه كان هناك وعاء ماء.
كان يبدو كلوحة لأمير نائم.
كانت الغرفة هادئة وسلمية — بشكل غير طبيعي.
دفعت نفسي ببطء للجلوس، مع إيدن على جانب ونوكس على الآخر، شعرت وكأنهما يحرسان السرير.
جعلتني الفكرة أتخيل كلبي حراسة مخلصين يراقبان، ولم أستطع إلا أن أضحك بهدوء.
كان إيدن أول من تحرك.
عند سماع ضحكتي، فتح عينيه ببطء.
"مم..."
عبس وأطلق أنينًا منخفضًا، ضغط بأصابعه على صدغيه، ثم نظر إليّ.
"الحمى."
دون انتظار إجابة، مد يده ولمس جبهتي بخفة بظهر أصابعه.
شككت في قدرته على معرفة أي شيء من لمسة قصيرة كهذه، لكن يبدو أنه استطاع.
"لقد زالت."
تمتم مع تنهيدة ارتياح.
كافحت لأهدئ تعبيري، وأنا أخدش خدي بإحراج.
"ما الذي تفعلانه هنا أنتما الاثنان؟"
"بسببكِ، يا شيري، لقد كانت حماكِ خطيرة."
فرك إيدن صدغيه مرة أخرى قبل أن يمد ذراعيه، في تلك اللحظة، استيقظ نوكس أيضًا.
"آه... لا بد أنني غفوت قليلاً."
بدا نوكس منهكًا، ودلك مؤخرة رقبته وابتسم عندما التقت عيناه بعينيّ.
"لقد كنت أنوي فقط التحقق من حرارتكِ والمغادرة، لكن بطريقة ما انتهى بي الأمر بالنوم."
وضع المنشفة جانبًا، وبدأ نوكس بفحصي مرة أخرى.
بعد التأكد من أن الحمى قد انخفضت، فحص عينيّ ويديّ، ثم ضغط بأصابعه بخفة على رقبتي ليشعر بنبضي، أخيرًا، هز كتفيه.
"تبدين بخير الآن."
"كم من الوقت كنت فاقدة للوعي؟"
وجهت سؤالي إلى نوكس، لكن إيدن هو من أجاب.
"حوالي يوم ونصف."
ناولني كوب ماء من الطاولة الجانبية، بعد أن رشفت منه بهدوء، بدأت بالنهوض من السرير.
لكن كلاً من إيدن ونوكس تحركا على الفور لمنعي.
"استلقي مرة أخرى، أنتِ تحتاجين إلى الراحة، لقد انهرتِ من الإجهاد الزائد."
"بالضبط، لذا خذي الأمور ببساطة اليوم، يا شيري، بصراحة... أنتِ سيئة جدًا في الاعتناء بنفسك."
حتى أن إيدن نقر بلسانه مستنكرًا.
تفاجأت بتوبيخهما السريع، رمشت عدة مرات قبل أن أنطق دون تفكير:
"يبدو أنني اكتسبت حراس بينما كنت نائمة."
بالطبع، لم يؤدِ ذلك التصريح إلا إلى كسبي جولة أطول من التذمر من كليهما.
ومع ذلك، بشكل مفاجئ... لم أمانع ذلك بقدر ما كنت أعتقد.
كان ذلك غريبًا.
* * *
ألقت إيمي نظرة خاطفة من خلال ستائر نافذة الطابق الثاني.
كانت الوحوش لا تزال تجوب شوارع قرية برونيل.
"كان يجب أن نخرج مبكرًا لنطلب المساعدة."
"وننتهي بجذب الوحوش إلى هنا؟، هل هذا ما تريدينه؟"
"لكنكِ رأيتيهم، أليس كذلك؟، الآنسة التي أشترت القصر المهجور خرجت وأعادت الطبيب."
"بالضبط، مما يعني أننا كان يجب أن نجازف أيضًا ونطلب منهم أنقاذنا، انظري إلينا الآن — وحيدون تمامًا!"
"هل رأيتم الأضواء في البيت المهجور على التل؟، لقد نجوا من هذا الجحيم أحياء!"
"من تكون تلك المرأة حتى؟، كيف يمكن لشخص أن يكون بهذه القوة...؟"
"لقد قرأتم الصحف جميعًا، أليس كذلك؟، من المفترض أنها وريثة عائلة سينكلير الشهيرة من العاصمة."
ملأت أصوات همهمات القرويين الغرفة خلف إيمي.
استدارت الفتاة البالغة من العمر خمسة عشر عامًا، وكان تعبيرها مليئًا بالازدراء وهي تنظر إليهم.
حتى مع القرية في حالة خراب وبقائهم على المحك، لم يتغير هؤلاء الناس، مختبئون في هذا المكان، يتحدثون بلا توقف عن خطط للهروب لكنهم لا يتصرفون أبدًا، لم يمتلك أحدهم الشجاعة للخروج مثل الآنسة التي تعيش في القصر المهجور.
نفس الأشخاص الذين قضوا الكثير من الوقت في السخرية منها وراء ظهرها، يطلقون عليها الألقاب ويسخرون من غرورها المفترض...