أمسكت الفتاة بجسدها المجروح ونظرت إليّ، كان وجهها ملطخًا بالدماء أيضًا.
"لم تعضني الوحوش،" قالتها بسرعة حالما رأت إيدن يسحب سيفه.
لكن إيدن لم يخفض سلاحه، بل ظلت عيناه مثبتتين عليها، وجسده متيبس.
"من أنتِ؟"
"عشّابة."
عشّابة؟، نظرت إليها بشكوك.
كان شعرها الأسود الداكن، الذي يتدلى فوق كتفيها مباشرة، مقصوصًا باستقامة كما لو قطع بسكين، عيناها الحادتان كعيني قطة وبشرتها الباهتة جعلتا النمش على خديها بارزًا أكثر.
كان لها سحر فريد ولافت للنظر.
"على الرغم من ذلك، لأكون صادقة، أعيش أكثر كنشالة من كوني عشّابة."
ابتسمت الفتاة، ووجهها مليء بالجروح والكدمات، ورفعت يدها التي كانت تخفيها خلف ظهرها، كان فيها علبة صغيرة مربعة.
كانت علبة أعشاب ألبينوس.
فوجئت، ونظرت غريزيًا إلى حقيبة الحزام الخاص بي، وكان مفتوحًا.
لا بد أن الفتاة أخذت العلبة من حقيبتي دون أن أنتبه، متى بحق خالق الجحيم فعلت ذلك؟
كانت ماهرة بشكل لا يصدق، بالطبع، هذا لا يعني أنني يمكن أن أتغاضى عن أصابعها الماهرة.
"إنهم هائجون بسبب هذه، أنا لست السبب،" قالت، وهي تمد يدها بكمية من الأعشاب المغطاة بالتراب، كانت النباتات الزرقاء المخضرة تبدو كالديدان تقريبًا.
كانت تشبه أعشاب ألبينوس.
عندما نظرت عن كثب، أدركت أن النبات نفسه مرسوم على العلبة التي أخذتها الفتاة مني.
"لقد رأيتها في طريقي إلى هنا، كانت تلك المخلوقات الغريبة تتجمع حولها، تشمها بجنون، وكانت ملقاة خارج البوابة مباشرة."
ذكرتني كلماتها بشيء قاله نوكس سابقًا:
"كانت هناك أعشاب ألبينوس في شارع نوتيوم ٦١ أيضًا، كلا القصرين مرتبطان بالوحوش، لذا لا يمكننا تجاهل احتمال أن تكون أعشاب ألبينوس مرتبطة بهم."
شعرت برعشة مفاجئة.
كان هناك أكثر مما أدركت عن هذه الأعشاب.
غلي أعشاب ألبينوس لتحضير شاي يمكن أن يعمل كلقاح مؤقت، وإن لم يكن مثاليًا.
لكن إذا كانت الأعشاب نفسها تجذب الوحوش، فهذا يعني أنها قد تكون مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالمخلوقات.
"لا بد أنني أسقطتها عندما أعدت نوكس."
الآن فهمت لماذا لم تترك الوحوش البوابة.
كان عدد الوحوش حول القصر قد قل مؤخرًا، لكن الوحوش القريبة من البوابة الحجرية رفضت المغادرة، هذا يفسر الأمر.
"هذه العشبة الثمينة..."
لاحظت أن العلبة في يد الفتاة كانت نصف فارغة، والبذور بداخلها كانت مفقودة أيضًا.
"في هذا الوضع، من يهتم بعشبة غبية؟، يبدو أن تلك المخلوقات تعشقها — لم لا نرميها فقط—"
"لا!، بالتأكيد لا!"
صرخت، مقاطعةً إياها وهي تحرك يدها كما لو كانت سترمي العلبة بعيدًا، التفت كل من إيدن والفتاة لينظرا إليّ بصدمة.
رأت الفتاة رد فعلي المتوتر، فترددت ثم احتضنت العلبة بحذر إلى صدرها.
"أنا آسفة، أختي هل هذه مهمة لكِ؟، أعدكِ أنني لن أرميها — فقط أرجوكِ لا تطرديني."
لم أكن أعرف متى قررت أن تناديني بـ'أختي'، لكن عينيها الكبيرتين المستديرتين -كقطة تتوسل للحصول على طعام- كانتا تتوسلان إليّ عمليًا.
"لا تدعي تمثيلها يخدعكِ، يجب أن نستجوبها أولاً ونتأكد أنها لم تُعض."
عقد إيدن ذراعيه ونظر إليها من أعلى إلى أسفل دون أدنى تردد، دائمًا يتصرف كشرطي.
"هل الآنسة الجميلة هنا هي مالكة هذا القصر؟"
أشارت الفتاة إليّ.
"عيناكِ حادتان،" قال إيدن بجفاف قبل أن ينظر إليّ مرة أخرى، تعبيره مزيج من الاستغراب والامتعاض.
اغتنمت الفتاة الفرصة، والتفتت إلى إيدن بابتسامة ماكرة.
"مهلا، أيها الضابط الجذاب؟، أنت تمامًا نوعي، لكن للأسف، لدي حساسية قاتلة من الشرطة، فهل يمكنك الابتعاد قليلاً؟"
"عرفت أنكِ مشكلة منذ اللحظة التي اعترفتِ فيها بفخر أنكِ نشالة، أيتها الصغيرة المتعجرفة."
"أوه، لدي حساسية من العجائز أيضًا."
تبادل الاثنان نظرات صامتة لكنها قاتلة.
"أنا لا أعرف حتى ما هذا الوضع،" قاطعتهما، "لكن أولاً، نحتاج إلى تنظيفها ومعالجة جروحها."
فحصت إصابات الفتاة، كانت ملابسها قذرة، مغطاة بدماء الوحوش الخضراء والتراب.
"ما اسمكِ؟"
"إيمي، إيمي وارتون، فقط ناديني بـإيمي."
"حسنًا، إيمي، سأضطر إلى تقييدكِ الآن، إذا لم تظهري أي علامات تحول بعد فترة، سأطلق سراحكِ، أتمنى أن تتفهمي."
أشرت إلى إيدن، الذي أمسك ذراع إيمي على الفور ووضع الأصفاد على معصميها.
عبست إيمي وهي تنظر إلى الأصفاد التي تقيد يديها.
"مهلا!، فقط لأنك تبدو جذابًا في الزي الرسمي لا يعني أنك تستطيع التعامل معي بعنف، كن لطيفًا، من فضلك!"
"هل أبدو كأنني أمزح؟"
أسكتتها نبرة إيدن الباردة، لكنها ظلت ترمينا بنظرات متوترة.
كانت تبدو كمراهقة عالقة في مرحلة التمرد، لكنني لاحظت الآن الرعشة الطفيفة في ذراعيها.
ربما كانت هذه طريقتها في التعامل مع الخوف.
مع ذلك، لم أوقف إيدن، كان من الطبيعي أن نكون حذرين من شخص لم نتأكد من هويته بالكامل.
بعد التأكد من أن إيمي بخير، تحدثت إليها.
"سيفحص طبيبنا جروحكِ بشكل صحيح إذا كان يشعر أنه قادر على ذلك، حتى ذلك الحين، سأتولى الإسعافات الأولية."
"إذن الطبيب رودبورشر بخير أيضًا؟، لم أره، لذا كنت قلقة."
"أتعرفين رودبورشر؟"
"كان الجميع في القرية يتحدثون عن الطبيب الشهير من العاصمة، واو، أنتِ تملكين شرطي وطبيب؟، كنت أعلم أن المخاطرة بحياتي للوصول إلى هنا كانت القرار الصائب."
المخاطرة بحياتها للوصول إلى هنا؟
يبدو أن إيمي كانت تعلم بالفعل أن نوكس هنا، لا بد أنها رأت إيدن وأنا نخرجه من القرية قبل أسبوع تقريبًا.
"لكن مفضلتي هي ستار كاندي."
أطلقت إيمي ابتسامة شقية، كانت قد قررت بوضوح أنني الشخص الذي تحتاج إلى كسبه.
"ستار كاندي؟"
"هكذا يسميكِ القرويون — سيدة البيت المهجور، أو ستار كاندي."
أوه، هيا، لم أستطع حتى الرد، وقفت هناك، فمي مفتوحًا، حتى هنا، كانوا ينادونني ستار كاندي، ستار كاندي؟!، هل يحاولون إذلالي؟
"بفت."
سمعت إيدن يكتم ضحكته بجانبي.
عندما التفت لأحدق به، سعل وأعاد تعبيره إلى الجدية.
"أحمم، ألا يجب أن نتعامل مع أعشاب ألبينوس خارج البوابة أولاً؟"
أشار إلى البوابة المغلقة بإحكام، كانت أصوات الوحوش لا تزال تتردد من الجانب الآخر.
وتدخلت إيمي.
"إنها عالقة في شق البوابة، لذا الرائحة تظل عالقة هناك، ولا تستطيع الوحوش أكلها، لذا فهي تتجمع خارج البوابة فقط."
إذا كان ذلك صحيحًا، فتركها هناك لم يكن خيارًا.
كنا نعلم بالفعل أن الوحوش تتجمع بالقرب من البوابة الحجرية أكثر من أي مكان آخر.
إذا تركنا الأمر يستمر، قد يظهر المزيد من الوحوش.
"لكن في اللحظة التي نفتح فيها البوابة، ستنتهي سلامة هذا القصر،" قلت.
أومأ كل من إيدن وإيمي بجدية.
"ماذا لو ربطنا الأعشاب بشيء وأطلقناها بعيدًا بما يكفي لتشتيت الوحوش؟" اقترح إيدن، وهو ينظر لإيمي بخفة.
لم نتمكن من استخدام المنجنيق لهذا — فهو قد يرسل الأعشاب بعيدًا جدًا، ولن تتمكن الوحوش من تتبع الرائحة.
كنا بحاجة إلى إسقاطها في مكان قريب، مثل الغابة، وأسهل طريقة للقيام بذلك كانت بالقوس.
عندها تذكرت الأسلحة التي اشتريتها من متجر أسلحة برونيل قبل أن ينهار كل شيء.
"أوه، ماذا عن ربطها بسهم وإطلاقها بالنشاب*؟"
(النشاب هو قوس ولكن يشبه البندقية أكثر وهذا هو شكله:)
أومأ إيدن على الفور كما لو كانت تلك الخطة المثالية.
"إذا تمكنا من تقليل عدد الوحوش المتجمعة عند البوابة، فستكون لدينا فرصة."
"لكن لا يمكننا إهدار كل الأعشاب."
ستكون تلك مشكلة كبيرة إذا أهدرنا كل الاعشاب، رمي تلك الأعشاب كان عمليًا مثل التخلص من مخزون اللقاح الخاص بنا!
إيمي، التي كانت تراقبنا عن كثب، تحدثت فجأة لتهدئني.
"أنا لا أعرف لماذا أنتِ متعلقة جدًا بهذه الأعشاب، لكن يمكنكِ حفظ القليل منها، البذور لا تزال سليمة، لذا يمكنكِ زراعة المزيد، أعشاب ألبينوس صعبة العناية، لكنها تنمو بسرعة."
"هل تعرفين الكثير عن هذه العشبة؟"