في الصباح، فوق بحر المملكة الشمالية الواسع، كانت السماء مزينة برحلة رشيقة من طيور البجع
لقد ارتفعوا في رقصة متزامنة، وأجنحتهم تنبض بشكل إيقاعي وهم يفحصون المياه بحثًا عن فريستهم المراوغة
انزلقت الطيور الأنيقة دون عناء، وألقت بظلالها العابرة على سفينة متوسطة الحجم كانت تعبر الأمواج بخطى ثابتة بالقرب من حدود المملكة
كانت السفينة، التي لم تكن بطيئة أو سريعة، تتمتع بسطح واسع قادر على استيعاب حوالي مائة راكب
وكانت الصناديق والطرود المختلفة تجد مكانها على السطح الرئيسي، في انتظار الوصول إلى وجهاتها المقصودة. وبينما كانت نسمات الهواء اللطيفة تملأ أشرعة السفينة، وتدفعها نحو الحدود، وقف شاب بالغ في مقدمة سطح السفينة
كان جسده مغطى بمعطف أزرق سماوي فضفاض يرفرف برشاقة في مهب الريح. مع قبعته التي كانت توضع بثقة فوق رأسه، كان من الواضح أنه كان يمتلك ملكية وقيادة هذه السفينة
ومضت عيناه للحظة بظل قرمزي مذهل، مما قدم لمحة مثيرة للاهتمام إلى أعماق كيانه، وهو يفحص امتداد البحر أمامه
إن الرائحة المنعشة للبحر المالح الممزوجة بدفء شمس الصباح لا تفشل أبدًا في أسرني أثناء طقوسي اليومية"، تحدث القبطان الشاب بتقدير حقيقي
وكانت كلماته مشبعة بالصدق والاحترام لجمال الطبيعة. بارتفاعه الشاهق الذي يصل إلى 190 سم وبنيته الجسدية القوية، كان القبطان يمتلك كاريزما لا يمكن إنكارها جعلته متميزًا عن الشاب العادي
كان شعره القصير البني الكستنائي يحيط بوجهه، بينما كانت عيناه الخضراوين النابضتين بالحياة تتألقان بلمحة من المرح. وبملابسه المزينة، كان يتمتع بسحر مغناطيسي يجذب الانتباه دون عناء
سيدي القبطان السيدة تدعوك
صوت قوي مشوب بالجهد حطم هدوء تفكيره، قاطعًا سحر العالم الطبيعي
تشكلت طية بين حاجبي القبطان، مما أدى إلى تشويه وجهه الوسيم مؤقتًا. استدار لمواجهة طاقمه الذي كان يلهث. أجابهم بإيجاز
مفهوم
وانطلقوا معًا نحو الطابق السفلي
ولكن عندما كانا على وشك النزول، توقف القبطان فجأة وسألهم
في حجرتي؟
نعم يا كابتن" جاء الرد مصحوبًا بإيماءة بالرأس. **-السطح الرئيسي-** وبالنزول إلى الطابق السفلي، نرى عددًا كبيرًا من المقصورات، كل منها تشغل مساحة كبيرة تبلغ حوالي 300 متر مكعب
ومع ذلك، فإن غرفة واحدة فقط تقع بين كل هذه الغرف يمكن اعتبارها حقًا ملكًا للكابتن. وتتميز بزخارفها الفخمة التي تميزها عن بقية الغرف
عندما وصل القبطان وطاقمه إلى مدخل حجرة القبطان، سمعوا صوتًا عذبًا يرن في آذانهم. تدفقت النغمات اللحنية عبر الهواء، كاشفة عن روح لطيفة موهوبة في الغناء
كانت جودة الصوت الرقيقة تشير إلى جمال المرأة الذي لا يمكن إنكاره، حتى قبل أن تقع عيناك عليها
قبل أن يطرق القبطان الباب، ألقى نظرة ذات مغزى على طاقمه وأشار لهم بالمغادرة
عزيزتي هل كل شيء على ما يرام؟
هل يمكنني الدخول؟
سأل، وكان تعبير وجهه ينم عن قلق حقيقي. إن قلب المرأة لغز معقد
فمنذ زواجهما، أدرك القبطان أن همهمة زوجته قد تدل إما على مزاج مرح أو على شكوى ضمنية موجهة إليه
من فضلك، تفضل بالدخول، باستيان"، هكذا سمعت الرد من داخل المقصورة
حملت النبرة شعورًا بالهدوء والرضا، مما أثار تنهدًا من الراحة لدى الكابتن باستيان
عند فتح الباب، وقع نظر باستيان على زوجته، التي كانت مستلقية على السرير برشاقة
كانت قوامها النحيل مصحوبًا بشعر أسود منسق بشكل مثالي يحيط بوجهها
نظرت إليه عيناها الأرجوانيتان الجذابتان بإعجاب وحنان
كلما وضع باستيان عينيه على زوجته، غمرته موجة من الامتنان والحب، مما جعله يشعر وكأنه الرجل الأكثر حظا على قيد الحياة
لم تكن تمتلك جمالاً أخاذاً فقط أثار الحسد لدى النساء الأخريات ببشرتها الفاتحة وملامحها الرشيقة، بل كانت أيضاً تنضح بروح لطيفة وعطوفة من الداخل
في لفتة مرحة مفاجئة، قفز شكل صغير الحجم نحو باستيان من الجانب
وبدافع من غريزته، أمسك الشكل الغامض بسرعة بين ذراعيه، واستنشق رائحة عطرية رائعة امتزجت بالهواء وملأت حواسه
انتبهي يا عزيزتي، كيف حال والدتك؟
حمل صوت باستيان دفئًا رقيقًا وهو يوجه انتباهه إلى ابنته. ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتيه وهو يداعب شعرها بحنان
انظر بنفسك، همب! يبدو أنك لا تهتم بي أبدًا. أنت تسأل دائمًا عن أمي عندما أكون أمامك مباشرة،" قالت الفتاة الصغيرة وهي تتجهم في عرض ساخر من الاستياء. كانت عيناها الخضراوين الزمرديتين تعكسان عيني والدها، وهي شهادة على الرابطة المشتركة بينهما
ورغم أن شعرها كان في الأصل أسود اللون مثل خشب الأبنوس، فقد تم صبغه باللون الفضي بطريقة مرحة، مما أضاف لمسة من الغرابة إلى مظهرها
عندما كانت في الثالثة من عمرها فقط، كانت تمتلك طاقة مندفعة تجاوزت صغر سنها، حيث كانت تقفز بحيوية طفل يبلغ ضعف حجمها. لكن ما جذب انتباه من حولها حقًا هو قدرتها على إظهار مشاعرها بوضوح
لا عزيزتي.سأحبك دائمًا طمأنها باستيان، وأغرقها بكلمات عاطفية بينما احتضن جسدها الصغير بعناق دافئ، وفرك خده بخديها
قيل أن حب الأب لابنته لا حدود له، بينما حب الأم لابنها لا حدود له.