الفصل الثامن عشر – “صرخة البداية”

اهتز المنطاد اهتزازًا خفيفًا عند ملامسته سطح الهبوط الخشبي. ومن نوافذ المقصورات، تراءت لهم صورة الجزيرة أخيرًا: مساحات خضراء شاسعة، أشجار شاهقة تنغرس في الضباب، وتلال متداخلة تخفي ما خلفها. بدا وكأن الطبيعة قررت أن تحجب الحقيقة حتى اللحظة الأخيرة.

فتح الباب الرئيسي للسلة، وبدأ المرافقون بنزول المشاركين واحدًا تلو الآخر. ساد صمت متوتر، تخللته خطوات خشبية صلبة على المنصة.

غوجو ساتورو كان أول من خرج، يضع يديه في جيبيه، وعيناه تتجولان في الأفق.

غوجو تاكرو تبعه مباشرة، وعلى وجهه تعبير متجهم كعادته.

ــ “غوجو ساتورو.” قالها وهو يضيق عينيه. “أنت من سيشرح.”

أدار ساتورو رأسه ببطء، مائلًا قليلاً وكأن الأمر لا يعنيه.

ــ “هاه؟ أنا؟” قالها بنبرة مستغربة، ثم أخرج قطعة موتشي من جيبه وبدأ يأكلها.

تاكرو لم يقل شيئًا. فقط رمقه بنظرة قادرة على حرق جبل.

تنهد ساتورو، ثم تقدم إلى منتصف المنصة، وصفّق بيده مرة واحدة ليجذب الانتباه.

ــ “مرحبًا، أيها المحظوظون الذين سيُلقون في الأدغال!” قالها بابتسامة.

لم يرد عليه أحد، سوى تودو أوي الذي تمتم: “هذا واعد بالفعل.”

تنحنح ساتورو، ثم اعتدل في وقفته:

ــ “الآن، سيتم توزيعكم بشكل عشوائي على أطراف الجزيرة. الجزيرة نفسها مجهّزة بالكامل بلعنات تتراوح بين الرتبة الرابعة إلى الرتبة الثانية. لا يوجد مكان آمن… ولا مكان ثابت.”

أشار بيده نحو منصة جانبية عليها عدة كرات زجاجية تتوهج بألوان مختلفة.

ــ “كلما طُردت لعنة، ستُسجل طاقتها الملعونة في النظام. وسنعرف من طردها عبر تردد الطاقة، الذي سيتحول تلقائيًا إلى لون حسب العشيرة:

• زينين: أسود

• كامو: أحمر

• غوجو: أرجواني

• إينوماكي: أبيض

• موتا: بني

• تودو أوي: أخضر

• وفوشيغورو ميغومي… وردي.”

توقف لحظة. نظرة ميغومي تجمدت في مكانها.

ــ “… وردي؟” قالها بنبرة مصدومة.

ضحك قينتوكي، ولم يحاول إخفاء ضحكته. ــ “هو يناسبك نوعًا ما… على الأقل سيشعر الأعداء بالذنب وهم يهاجمون.”

نظر ميغومي إليه بنصف عين، وغمغم بكلمات غير مفهومة وهو يشيح بوجهه.

تابع ساتورو بنبرة أكثر جدية:

ــ “تم تجهيز الجزيرة بكاميرات مراقبة كاملة، مثبتة على الأشجار، التلال، وحتى الطيور. ستُسجل كل حركة، وكل لعنة، وكل سقوط.”

ثم استدار نحو المرافقين والشيوخ:

ــ “أنتم، ستنقلون إلى غرفة المراقبة لمتابعة مجريات المسابقة. لا يمكنكم التدخل بأي شكل… إلا إذا خرج الوضع عن السيطرة تمامًا.”

تحرك الشيوخ خلف تاكرو دون كلمة. يوكي تسوكومو تمطت بكسل وهي تقول:

ــ “آه، وأخيرًا سأشاهد عرضًا حيًا… دعوني أرى إن كان هناك من يستحق أن أدرّبه لاحقًا.”

وبينما بدأ المرافقون بالتحرك نحو منصة المراقبة، وقف قينتوكي في مكانه، يحدق بالجزيرة.

“الجو… مختلف.” فكر في نفسه.

أعضاء من عشيرة الغوجو بدأوا في مناداة أسماء المشاركين واحدًا تلو الآخر، واقتادوهم نحو البوابات الجانبية.

زينين سورا خرج أولًا، تبعه نوروتوشي، ثم ميكامارو، ثم إينوماكي توجي، ثم تودو، ثم ميغومي، وكل منهم تم أخذه إلى نقطة مختلفة من حواف الجزيرة.

حين نادى أحد الأعضاء: “غوجو قينتوكي.”

تقدم بخطوات هادئة، يده على خاصرته.

توقف عند البوابة، نظر خلفه للحظة، حيث كانت السماء لا تزال تحمل ضوء الصباح، ثم دخل.

أخذوه في مسار صامت، عبر ممر خشبي مظلل، حتى وصلوا إلى نقطة نائية تطل على غابة كثيفة.

ــ “من هنا.” قال أحدهم، ثم أشار له بالدخول.

خطى قينتوكي أولى خطواته داخل أرض المسابقة، وبينما كانت قدماه تلامسان التربة، ارتجت السماعة الصغيرة المثبتة خلف الشجرة.

دوّى صوت ساخر، قوي، قادم من السماء:

ــ “هااااااااااااااااااااااااااااااااه! مرحبًا بكم في مسابقة العشائر الكبرى! بدأت اللعبة!”

صوت غوجو ساتورو.

تبعه صوت آخر، أكثر جدية:

ــ “المسابقة… بدأت.”

ثم انقطعت كل الأصوات.

وتكلمت الأرض.

2025/06/16 · 36 مشاهدة · 550 كلمة
نادي الروايات - 2025