الفصل السادس والعشرون: وحش الضباب... والصراخ!
تقدّم غوجو قينتوكي ببطء، خطواته تُحدث صدى خافتًا فوق رماد الغابة، وجسده الذي بالكاد تشافى ما زال يئنّ تحت وطأة القتال. ومع ذلك، كانت عيناه تتوهجان بلون أرجواني سداسي، تشعّ منهما طاقة لا يمكن تجاهلها.
أمامَه، وقف كامو نوروتوشي، زينين سورا، وإنوماكي توجي. لم يكن أيّ منهم في حال تسمح بالقتال المطوّل. ميكامارو كان قد خرج من المعركة فعليًا، جسده الآلي مدمّر ولا يملك أي وسيلة لإصلاحه في الجزيرة. كامو فقد معظم دمه المُخزَّن. سورا جروحه ما زالت حديثة، و إنوماكي توجي الذي اصبح بلا فائده.
رفع قينتوكي يده، الهواء حوله اهتزّ.
ــ “هذه نهايتكم.”
لكن قبل أن يُطلق ضربته الأخيرة…
تسلّلت خيوط من الضباب الرمادي الكثيف من بين الأشجار المحترقة، تسلّق الأرض كأفعى، ثم غطى المشهد بأكمله.
اختفت الأشكال، وذابت الأطياف.
حتى قينتوكي، رغم عينيه، تعرقل إدراكه للحظة.
ــ “ضباب؟” همس سورا وهو يتراجع خطوة للخلف.
ــ “لا… ليس طبيعيًا.” قال كامو، واضعًا يده على صدره وهو يشعر بتغيّر مفاجئ في دقّات قلبه.
[النظام]:
ــ [تم تحليل البيئة المحيطة… لعنة جديدة ظهرت.]
ــ [الاسم: وهم الضباب]
ــ [الرتبة: شبه أولى]
ــ [التقنية الملعونة: ضباب الهلوسة]
ــ [تأثير التقنية: تغطية مساحة 50 مترًا بدائرة ضبابية تقلّل من قدرة المستشعرين على تحديد المواقع بدقة. تسبب هلوسات في مستعملي الجوجوتسو من الرتبة الرابعة وأدنى، وتضعف الحواس الستة للمراتب الأعلى، وتُربك التركيز الذهني.]
رفع قينتوكي حاجبه، ضغط على أسنانه.
ــ [اللعنة ليست من الرتبة الثانية… هذا خطأ في التقدير. هذه لعنة أقوى.]
انطلقت اللعنة من بين الضباب كظلّ لا يُرى، حركتها كانت خاطفة.
لم يكن هدفها كامو، ولا سورا… بل قينتوكي.
في لحظة صدمة، ووسط التشويش، لم يستطع استخدام الأعين الستة بكامل كفاءتها. انقضّت عليه، مخالبها تخترق كتفه.
أطلق صرخة قصيرة، ثم دفعها بجاذبية عنيفة ارتدّت عبر الغابة.
ــ “اللعنة…” تمتم وهو يتراجع.
قينتوكي بصق دمًا، تمتم:
ــ "ليست فقط قوية... بل خبيثة."
في تلك اللحظة، وقبل أن يتّخذ قرارًا، قرر الثلاثة الآخرون التراجع قليلاً.
اجتمع كامو وسورا وتوجي قرب شجرة ضخمة.
ــ “هل نهاجم قينتوكي الآن؟” سأل سورا.
لكن نوروتوشي، رغم كراهيته، تراجع خطوة.
ــ “لا… ليس الآن.”
ــ “لماذا؟!” اعترض توجي، وهو يلمس عنقه.
ــ “الضباب يشوّش حواسنا. واللعنة تهاجم الجميع. إن دخلنا الآن، فسنكون أهدافًا سهلة لنجعلهم يقاتلون بعضهم البعض وفي اللحظة الأخيرة نتدخل.”
ــ “فهمت.” قال سورا، وهو يشدّ على قبضته.
تقرّر الأمر: لن يتدخّلوا.
سيتركون قينتوكي واللعنة يُضعفان بعضهما.
وسط الضباب، كان قينتوكي يزأر.
فعّل مجاله الجاذبيّ، فالتفّت الأرض حوله، وأصبح كل ما يقترب يُسحق تحت ثقلٍ وهمي.
لكن اللعنة لم تكن غبيّة. كانت تهاجم وتختفي.
تضرب من خلفه، تختفي.
تُصيب من الأعلى، تتلاشى.
بلا الحواس، بلا الرؤية الدقيقة، وحتى الأعين الستة كانت تتعرض للتشويش.
لكن كما هو متوقع، لم تسر الأمور كما رُسمت.
بينما كان الجميع يتفرّج، وتُخاض المعركة بين جاذبية وضلٍّ من الضباب، حدث ما لم يتوقعه أحد.
الضباب اهتز.
ثم انقسم.
ثم اختُرق.
بقبضة… بشريّة.
ظهر تودو أوي، عابس الوجه، يصرخ وهو يتقدم عبر الضباب كالمجنون.
ــ “قينتوكيييي!!!”
لم ينظر حتى للَّعنة.
لم يلتفت نحو كامو أو سورا أو توجي.
كل تركيزه كان على ذلك الفتى ذي الشعر الأبيض.
وقف قينتوكي مكانه، يلهث، جسده مغطى بالجروح القديمة والجديدة.
نظر إلى تودو الذي انطلق نحوه كالطوفان، ثم رفع صوته لأول مرة منذ بدء المسابقة، غاضبًا:
ــ “أيها اللعين… اقرأ الأجواء!!”
-"هذا ليس وقت ظهورك العشوائي!"
الضباب اهتزّ، واللعنة زأرت، وتودو انفجر نحو الخصم كقذيفة.
وكانت تلك بداية نهاية كل التحالفات، وكل الخطط.
أصبح المشهد ساحة صراع بين أربعة قوى:
ــ قينتوكي الذي يقاتل للوقوف رغم كل شيء.
ــ اللعنة الشبه أولى، التي لا تسعى إلا للفوضى.
ــ تودو، الوحش غير القابل للترويض.
ــ وتحالف هشّ يتراجع في الظل… بانتظار الفرصة.
وكان الغد… لا يَعِد بأي رحمة