الفصل الثالث – “ما قبل البداية”
⸻ داخل عقل الطفل
في زاوية معتمة من وعيٍ لم يكتمل بعد، كانت الذكريات تنهض ببطء…
صوتٌ خافت داخل عقل الطفل، أقرب إلى همسٍ لا يسمعه أحد سواه.
أنا لم أولد هنا.
لم يكن هذا العالم هو موطنه الأصلي.
قبل هذه العيون الأرجوانية، قبل أن يُصبح اسمه “غوجو قينتوكي”… كان شخصًا آخر.
شابًا في الثامنة عشرة من عمره، يعيش على كوكب الأرض.
⸻
في الأرض قبل عده سنوات
كانت مدينته مجرد بقعة على الخريطة.
لا تملك نفوذًا سياسيًا، ولا تحصينات عسكرية قوية.
لهذا السبب، عندما اندلعت الحرب في إقليمه، سقطت المدينة بسرعة.
في يوم واحد، تحوّلت أزقة حيّه إلى خطوط نيران.
رأى والده يُقتل أمامه برصاصة قنّاص، وأخاه الأكبر يُطعن وهو يحاول حمايته.
صرخت والدته تحاول سحبه بعيدًا… لكن القذيفة جاءت من الأعلى.
لم يتبقَّ منهم أحد.
وقف هناك، مُتجمّدًا.
شيء ما داخله انكسر.
غضب، حزن، صدمة… كل شيء في لحظة واحدة.
اقترب جندي من الطرف المعادي، يضحك بلا ملامح إنسانية، ظنّه مجرد طفل عاجز.
لكنّ الطفل كان قد تحوّل.
أمسك بسلاح الجندي، لم يتذكّر كيف… فقط تذكّر الدم، الصوت، والهدوء الذي تبِعَه.
ظهر بعدها رجل، خاله.
كان يعمل مع منظمات إنسانية، وتمكّن من تهريبه خارج البلاد إلى مدينة في الشمال.
⸻
في احد الدول بعد عده سنوات من الحرب
في المدينة الجديدة، لم يكن هناك أصدقاء، ولا حياة.
جدران باردة، لغة غريبة، ووحدة لا تُطاق.
كان يُمضي وقته في السرير، لا يتحدث كثيرًا.
لكنّ الإنترنت كان موجودًا.
بدأ بمشاهدة الأنمي… واحدًا تلو الآخر.
وفي إحدى الليالي، شاهد أول حلقة من جوجوتسو كايسن .
تلك السيوف الخفية، المعارك بين مستخدمي الطاقة الملعونة…
لكن ما سلب انتباهه بالكامل، لم يكن القتال.
بل تلك الشخصية.
غوجو ساتورو.
شعر بأن هذا الرجل كان الشيء الذي فشل ان يصبح علية رغم عيشتة الصعبة في عشيرة لاتراة الا كسلاح رغم فقدانة اعز اصدقائة رغم انه لاينظر اليه الا كوحش لايزال يثابر ويحاول تحقيق حلمة بطريقته الخاصة ولاكن حتى بعد ان مات في سبيل حلمه اصلاح عالم الجوجوتسو لم يزر قبره احد ولا حتى طلابه الذي انقذهم من الموت عده مرات :
رغم كل الذي حدث اليه مات مبتسم سعيد لم يهتم بهزيمته لم يهتم بأن يتذكره احد .
يبتسم رغم كل شيء، ويحمي من يريد… ولا أحد يجرؤ على تهديده.
لو كنت مثله لما اهدرت حياتي في حزن و في ندم.
تحوّل الإعجاب إلى هوس، والهوس إلى تعلّق.
كان يعيد مشاهد ساتورو يوميًا تقريبًا، يُقلده في كلامه…بل وحتى تخيّل نفسه داخل عالم الجوجوتسو مرارًا.
لكنه لم يتوقّع أن يستيقظ ذات يوم… ويكون هناك فعلًا.
⸻
الحاضر بعد ولادة غوجو قينتوكي بثلاث سنوات
كان جالسًا في ركنٍ صامت من ساحة صغيرة، الشمس بالكاد تمسّ بشرته.
طفل بثلاث سنوات لا يُفترض به أن يُفكر كثيرًا، لكن ذهنه مختلف.
أعمق. أقدم.
نظر إلى يديه، ثم إلى أطراف الأشجار… ثم حدّق في ظلال الأرض.
أنا لست من هنا.
تذكّر عائلته، دفنهم بيده.
تذكّر صوت خاله، وطعم الألم حين فَقَدَ كل شيء.
لكن هاذي فرصة حياة جديدة في عالم جوجوتسو كايسن.
لم يكن يعرف إن كان ذلك مكافأة أم عقوبة.
لكنه قرر شيئًا واحدًا فقط:
ان كنت هنا فلن أكون بلا قيمة سأصل الى النهاية.
⸻
قينتوكي لم يأتِ من لا شيء.
أتى من الألم، من الخسارة، من عالمٍ ترك فيه كل شيء خلفه.
والآن، بعينين أرجوانيتين واسم جديد…
بدأت رحلته.