فرت مايا من أرض المعركة بعد الذي حدث...كذلك بالنسبة للحرف إبسيلون...تسلل نحو الخارج بصعوبة كبيرة وساقه تكاد لا تتوقف عن النزيف...لذلك كان مضطرا للقيام بالإسعافات الأولية من أجل إيقاف نزيف ساقه.... و قد جعله ذلك يستعيد السيطرة على جسده...بعد ذلك ركب دراجته النارية وتوجه مباشرة نحو مركز المنظمة .
وصل الحرف إبسيلون الى المركز و ذلك من أجل كتابة تقرير عما حدث بالضبط في الفندق....إن ذلك ما يتوجب على عملاء المنظمة فعله بعد الانتهاء من مهامهم الخاصة , توجه كوجا مباشرة نحو مكتب الأوامر و بمجرد وصوله الى هناك أتى إليه رسول من الرئيس الأول للمنظمة الخاصة....كان يطلب الرئيس مقابلة الحرف إبسيلون...لذلك قام الحرف بكتابة تقريره ثم توجه إلى أعلى المركز لمقابلة الرئيس...
لقد كان أعلى المركز حيث يقبع رئيس المنظمة مظلما جدا...ولا يسمح لأي شخص دخوله سوى فرقة العملاء المدعوة بالحروف القاتلة و بعض رؤساء المنظمة و ليسوا كلهم....دخل كوجا أعلى المركز في صمت....وهو يعرج من ساقه...

محادثة:

" كنت قادرا على قتل النايتكور في أول لحظة التقيتما فيها......لقد تساهلت مع عدوك كثيرا...تعلم جيدا أننا لا نرسل أتباعنا حتى نقوم بدراسة نوع المهمة و قدرات الهدف.....إنه ليس ندا لك حتى...ما الذي جرى لك أيها الحرف إبسيلون ! ؟ " ذلك ما قاله رئيس المنظمة الذي كانت نبرته جد صارمة .
" أعلم ذلك...الخطأ خطأي...عاقبني كيفما شئت أيها الرئيس "
" إنه ثاني فشل لك بسبب تساهلك مع عدوك....منذ متى صرت رحيما مع أهدافك ؟....هل بدأت تشك في عدالة منظمتنا ؟ أم أن رغبتك في القتل باتت تنفذ ؟ فقط ما الذي يحدث لك ؟ "
تنهد كوجا....ثم فرك رأسه براحة يده مجيبا على رئيس المنظمة قائلا :
" اعتقد انني في حاجة إلى استراحة وجيزة حتى أستعيد فيها نفسي "
" –بتنهد- آه...حسنا سأعطيك عطلة يمكنك أن ترتاح إلى أن يصلك أمر طلبك "
" شكرا لك سيدي....أقدر لك ذلك "
استدار كوجا نحو باب القاعة التي يقبع فيها الرئيس...راحلا منها...و قبل أن يفعل ذلك....خاطبه رئيس المنظمة بنبرة صارمة و مخيفة بعض الشيء....قائلا :
" أيها الحرف إبسيلون.....لا تنسى من تكون...و لا تنسى ما أنت عليه....فأنت أفضل العملاء في المنظمة و أكثرهم رعبا...إنك تجسد الخوف....الرعب...الأسى و دماء أعداء المنظمة المتناثرة....إن لم يخلقك الرب كبشر فحتما كان سيخلقك كوحش لا يعرف الرحمة....أنت وحش بشري متعطش للدماء...لا تنسى كلامي هذا !أيها الوحش الشيطاني "

انصرف كوجا مباشرة من المركز بعد الحوار الذي دار بينه و بين الرئيس العام للمنظمة الخاصة ، متجها إلى البيت مباشرة....و بعد مدة وصل إلى بيته القابع في أحد المناطق المحرمة والبعيدة نوعا ما عن التجمعات السكنية و بينما هو على وشك أن يفتح باب منزله.....تذكر ما جرى بينه وبين الفتاة مايا...فقام بالضغط على قبضته بقوة وفي نفسه قال :
" سحقا ...في الأخير لم أستطع قتلها...فقط ما الذي منعني من فعل ذلك ؟ "
شعر بطلنا بنوع من الإحباط في تلك اللحظة....خاصة بعد تذكره المفاجئ لآخر كلمات قالتها له مايا....فباله لم يستطع التوقف عن التفكير فيها .
لا يمكنني قتل أي أحد مهما كان...حتى و لو كان مجرما...فهذا الأمر صعب علي .
و تذكر أيضا ما حدث في البلدة عندما كان عائدا من التسوق...لقد كان أهل المدينة مضطربين جدا أنذاك عند سماعهم لنشرة الأخبار بالقرب من متجر السيد دونو....أليس من المفترض أن المنظمة تقوم بالعمل الصائب ؟ أليس هدف المنظمة هو نشر السلم في القارة بالقضاء على كل من يخالف قوانينها العادلة ؟ أليس من المفترض أن يسرّ أهل البلدة عند سماعهم لذلك النوع من الأخبار ؟
قام كوجا بالتنهد وهو مغمض العينين....و قام أيضا بأخذ نفس عميق من أجل أن يضبط أعصابه و من أجل استرجاع رباطة جأشه....ما إن فتح عيناه مرة أخرى...عادة تلك النظرة الباردة إلى عينيه المكتئبتين....و بصوت خافت لا يسمع قال :
" لا يهم...أما فيما يخص مهامي....فسأحاول التركيز أكثر في المرات القادمة "
يبدو أن قاتلنا المحترف قد عاد إلى رشده المعتاد....رشد القاتل الذي لا يهتم بتفاصيل كتلك...ما إن وضع كوجا يده على مقبض الباب...بعد أن قرر الدخول قاذفا كل تساؤلاته نحو الخلف....سمع فجأة صوتا غريبا يصدر من داخل بيته...لقد كان الصوت يصدر من الجهة الخلفية للمنزل...وكان ذلك أمرا غريبا بالنسبة لقاتل حريص ككوجا .
"همم ؟ ما كان ذلك ؟ صوت صدر من جهة المطبخ ؟ هل يعقل أن الفئران قد تسللت نحو الداخل مجددا ؟ "
فتح كوجا باب منزله ببطء شديد....وبحذر ليرى مصدر الصوت الغريب الذي صدر فجأة...فعادة ما يكون كوجا حريصا و حذرا للغاية حتى في أبسط الأمور...فتلك هي غريزة القاتل المحترف....فحدّث نفسه بهدوء قائلا :
" إن الصوت يأتي من المطبخ...تلك الفئران....حتما استولت على مطبخي مجددا...أنا مجبر على شراء سم الجرذان في المرة المقبلة التي أزور فيها البلدة "
تسلل كوجا ببطء داخل منزله متجها نحو المطبخ....و ما هي إلا خطوات معدودة حتى يصير في الداخل...
" همم ؟ الضوء مشتعل ؟ م...ماذا...هل هناك شخص ما بالداخل ؟ "
قال ذلك بصوت خافت لا يسمع بعد أن لمح ضوء منبعثا من المطبخ....فقام بوضع راحة يده على قبضة سيفه و اقترب ببطء شديد بخطوات هادئة لا تسمع....
" م...ماذا ؟.....م...ما هذا بحق الـ.... "
حتى يرى المفاجأة التي كانت تنتظره في الداخل....

كان....شخص ما في الداخل ؟ فتاة طويلة ذات وجه طفولي...ترتدي قفطانا شعبيا مغشيا عليها بعد أن شربت كل زجاجات الحليب التي كانت موجودة بالثلاجة .

" –بذعر- م...ما هذا ؟ ما الذي يحدث هنا ؟ "
اقترب كوجا من الفتاة ثم حدق فيها جيدا و آثار الاستغراب بادية عليه...فتوسعت عيناه فجأة....بعدما تعرف على ملامح وجه الفتاة....لقد كانت الفتاة التي استولت على مطبخه هي نفسها فتاة المطعم أو بالأحرى الآنسة مايا .


2019/08/25 · 330 مشاهدة · 866 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024