كانت مايا مستلقية على أرضية المطبخ مغشيا عليها تماما...من وجهها الأحمق ذاك يمكنك أن تعرف أنها قد أصيبت بالتخمة بعد ان شربت كل قارورات الحليب المخبئة في الثلاجة...لم يستطع كوجا أن يكبح نفسه فما رآه كان أمرا غير متوقع البتة...يمكنكم القول أنها أول مرة يدخل فيها أحدهم إلى بيت العميل بهذه الطريقة المريبة....حتى أن حضورها كان خفيفا يصعب استشعاره .
" - بصوت عال- إييه !!!! م..م...ماذا تفعلين هنا ؟...كيف وجدت موقع منزلي ؟ استيقظي أيتها اللعينة "
تراجع كوجا خطوات نحو الخلف و قام بسحب مسدسه المونسوول بسرعة مصوبا إياه نحو مايا....و هو يحدق فيها بحرص شديد....في تلك اللحظات استفاقت مايا جراء صراخ كوجا العالي فاستدارت نحوه ببطء وهي تقوم بمسح عينيها قائلة بنبرة غبية :
"همم ؟...هل هذا أنت ؟ ما الذي تفعله هنا ؟ و أين أنا ؟ "

كانت تبدو كالبلهاء تماما....فرد كوجا بغضب شديد :

" م...ماذا ؟؟ ما الذي أفعله هنا ؟ هذا منزلي أيتها المخبولة كيف استطعت الوصول إلى هذا المكان ؟ إياك و التحرك....فلن أتردد في قتلك أيتها المترصدة المجنونة......."

حدقت مايا في المطبخ يمينا يسارا...فوق أعلى....ثم التفت الى كوجا قائلة :
" هممم هكذا إذا أنا في مطبخ العميل يبدو أنه أغمي علي..."
ثم فركت رأسها مواصلة حديثها قائلة :
" كيف استطعت الدخول يا ترى ؟ آه أعتقد أنني دخلت من الباب "
ثم قالت بنبرة غبية :
" بالمناسبة شكرا على الحليب لقد كان لذيذا و منعشا "
كالعادة هذه الفتاة طائشة....أو ربما شجاعة أكثر من اللازم...رغم أن مسدس كوجا كان مصوبا نحو رأسها إلى أنها كانت تبدو مرتاحة تماما .
" -بصوت عال- أخرجي من منزلي بسرعة ! "

****

ما حدث كان صدمة كبيرة لكوجا...لقد كان بطلنا يقوم بتفتيش المنزل بينما كان يحادث مايا....خشية أن يكون قد تبعها أحد رفقاءها إلى منزله السري .
وبعد كل الغضب الذي أثار الفتى و بعد أن تأكد من أن المكان آمن....قرر في الأخير أن يمسك أعصابه وألا يطرد الفتاة حتى يستجوبها و أن لا يتسرع في قتلها حتى يعرف كيف علمت بمكان منزله الأكثر سرية في القارة...فما حدث يعد مشكلة أمنية كبيرة....هل صار نظام الحماية الخاص بالمنظمة ضعيفا إلى ذلك الحد ؟ من المؤكد أنه من المستحيل الحصول على احداثيات موقع منزل أحد الحروف القاتلة بكل تلك السهولة .
بعد أن اعتدلت مايا في جلوسها....بدأت التحديق في العميل كوجا بنظرات اهتمام...فخاطبها هذا الأخير بنبرة صارمة...و المونسوول ما يزال موجها نحو رأسها....قائلا :
" هاااي أنت...كيف عرفت مكان منزلي ؟ و ماذا تريدين مني...هل غيرت رأيك ؟ هل تنوين قتالي مجددا ؟؟ "
تجاهلت مايا كلام كوجا....قائلة بنبرة غبية....مخاطبة نفسها :
" يا إلاهي السمك لذيذ "
لم يلحظ كوجا حتى وجد أن الفتاة قد قامت بافتراس كل السمك الذي كان يخبئه في درج ثلاجته السري .
"-بانذهال- م...ما هذه السرعة الجنونية في الاكل !! الأهم من هذا....سمكي~~ !! أيتها اللعينة....لقد شاركت في المزاد العلني منفقا نصف أموالي وقد أظهرت وجهي في العلن من أجل الحصول على هذا النوع النادر من السمك...ما الذي تظنين نفسك فاعلة ؟؟ "
"الكاتب : مهلا يا رفاق الأمور تسري على منحى غريب بعض الشيء...هل تغيرت شخصية هذا الفتى فجأة ؟ أم أنا أتخيل ذلك فقط ؟ "
أجابت مايا بنبرة غبية :
"آه و لقد كان لذيذا كما قلت سابقا "
فرد كوجا بتغطرس :
" سحقا لك...أوقفي ذلك على الفور...هيه...لا يهم أيتها اللعينة....و الآن أخبريني....كيف حددت موقع منزلي اللعين ؟ هل كنت تتبعينني كل تلك المدة ؟ "
" مممم أتبعك ؟ لا لا....لقد اتصلت بصديقي نت دوغ NetD0G و طلبت منه أن يحدد موقع منزلك....عبقري حواسيب بائس...تماما مثلك..."

فركت مايا رأسها براحة يدها مواصلة حديثها قائلة :
" حسنا في الحقيقة لقد أتيت لكي أعالج جراحك التي تسببت بها و لكي أعتني بك حتى تشفى....أظن أنك لن تصمد طويلا و أنت على هذا الحال "
فجأة ازداد غضب كوجا فصرخ قائلا :
" م...ماذا...لا تمازحيني يا هذه أنا لا أحتاج لش...."
لم يكمل كوجا كلامه....حتى شعر بألم كبير جعله يفقد توازنه للحظات...فصارت رؤيته مشوشة غير واضحة ...ثم سقط أرضا مغشيا عليه من شدة الألم...فقد نزف كثيرا على ما يبدو و لم يقم بتعقيم جرحه جيدا....حتى أنه لم يقم باقتلاع الرصاصة العالقة في ساقه المصابة وهذا أمر سيء حقا...ما إن كاد كوجا يسقط أرضا...تحركت مايا بخفة ممسكة إياه...قائلة بهدوء :
" اااه الاحمق لم يوقف النزيف كليا...علي أن اعتني به بسرعة قبل أن تسوء حالته أكثر"


إن شرف القارة المزيف الذي صنعته المنظمة من أجل جعل أتباعها يلبون حاجياتها الخاصة أصبح مسؤولية كبيرة على عاتق الحرف إبسيلون , لكن ما الذي جعله ينفذ أوامرها دون تكاسل...لدرجة تعريض نفسه أحيانا للخطر من أجل تنفيذ تلك الأوامر التي لا يدري ان كانت على صواب أم لا...يبدو أن عمله هذا يعني له الكثير....
بعد مدة من الراحة....مدة ليست بطويلة و لا بقصيرة...استيقظ كوجا الذي صار يبدو في حال أفضل...بعد أن قامت مايا بحمله إلى غرفته بسرعة .
" -بتألم - ر...رأسي ما الذي جرى !!"
بينما كان كوجا مستلقيا على سريره شعر بشعور غريب في ساقه....
" هممم ؟ "
فنظر إليها بهدوء بعد أن قام بنزع الغطاء عنه....ليجد أن جراحه قد عقمت وعولجت تماما...كما أنه لاحظ أن مايا كانت نائمة بجواره وهي في وضعية الجلوس...كان يظهر عليها آثار التعب الشديد...لا بد أنها تعبت كثيرا من أجل الاعتناء بجراحه....فتحدث كوجا في نفسه و هو يحدق في مايا باستغراب...قائلا :
" ما الذي تفعله هذه الفتاة ؟ هل هي حمقاء أو ما شابه ؟ هل حقا قامت بتعقيم جراحي رغم أنني كنت أحاول إلحاق الأذى بها....هل كل صائدي المجرمين غريبوا الأطوار مثلها يا ترى ؟ لكن لا أعتقد بأنها تنوي إلحاق الأذى بي....فأنا لم أستشعر منها أي نية في القتل منذ أن تقاتلنا في الفندق...كما أنه كان بإمكانها فعل ذلك بينما كنت نائما "
ان عقل كوجا و غرائزه لا يتوقفان عن تحليل الأمور من حوله على ما يبدو....
بعد ان كان كوجا يحدق في مايا بنظرات غريبة متسائلة وعقله مشوش تماما غير مدرك لما تفعله هذه الفتاة... و عدم فهمه لسلوكها الغير منطقي....استيقظت مايا من نومها فجأة...و بينما هي تمسح عيناها وتنظر في كوجا باستغراب قالت بنبرة غبية :
" ممم ؟ لقد استيقظت....أعتقد أنني قد غفوت قليلا "
بعد أن حدق كوجا في الفتاة بنظرات متحيرة تغيرت ملامح وجهه بعد أن استيقظت فجأة...لتصير ملامحه نوعا ما غاضبة....فحاورها بتغطرس قائلا :
" هاي أنت....لما فعلتِ ذلك ؟ مهما كان الذي تخططين له فسوف........."
قامت مايا بمقاطعة كلامه و بنبرة ضجر قالت :
" نعم ...نعم....قم بشكري أو فلتصمت "
" هيه لا يهم...و الآن كم نمت ؟ "
فركت مايا رأسها بطريقة غبية....مجيبة على سؤال كوجا قائلة :
" اااام حسنا كم نمت يا ترى ؟؟ همم....ها ! لقد نمت حوالي....أسبوعا او أسبوعا و نصف إن لم أكن مخطئة "
صرخ كوجا فجأة عند سماعه لجواب مايا و أصيب بالذعر الشديد....وبصوت عال قال :
" م...ماذا ؟ كل هذه المدة ؟ لما لم توقظيني ؟ ستنتهي إجازتي قريبا ولم أحصل منها على شيئ....سحقا "
ثم بتألم واصل حديثه قائلا :
" ااااه ساقي......هذا مؤلم "
في تلك اللحظة....وضعت مايا ذراعا فوق ذراع....ثم أمالت رأسها قليلا محدقة في كوجا بنظرات احتيار...قائلة :
" هممم هذا غريب يا صاح...لا تبدو شخصيتك غامضة كما ظننت....إنك تصير مغفلا عندما تمر بما يزعجك...لا بد أن مهنتك كعميل خاص لم تعكس شيئا على شخصيتك..."
رد كوجا بغضب :
" م...ماذا ؟ أيتها اللعينة إن كل هذا خطئك لأنك لم تقومي بإيقاظي...كما أن وجودك في منزلي يفقدني صوابي "
في تلك اللحظة قامت مايا من الموضع التي كانت فيه ثم بدأت السير في اتجاه باب غرفة كوجا و بينما هي مغادرة بابتسامة قالت :
" و الآن أنا ذاهبة لأعد لك بعض الحساء الساخن...فلتأخذ قسطا من الراحة...تصبح على خير أيها الفظ "
حدق كوجا في مايا بضع ثوان ...ثم استدار إلى الناحية المعاكسة و بتردد حاول قول شيء ما ...
"-بصوت خافت- هاي أنت...."
" آم ؟ هل تريد شيئا ؟ "
" –بتوتر- لا...لا شيء...فقط إياك و أن تقومي بالتفتيش في أغراضي لأنني لن أتردد في قتلك "
" هممم.... ! حسنا ! غريب "


2019/08/25 · 368 مشاهدة · 1272 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024