حضرت مايا الحساء الساخن لكوجا.....و وضعته بالقرب من سريره محدقة فيه...ثم بابتسامة قالت :
" إن ملامح وجهه تبدو لطيفة و هو نائم....من لا يعرفه...لن يحزر أبدا بأنه عميل في منظمة إجرامية "
لقد كانت مايا تشعر بتعب شديد...وكان جسدها يبدو أضعف من المعتاد...ووجهها الطفولي المرح ذاك صار شاحبا نوعا ما...فهي لم تنم سوى بضع ساعات طوال الأسبوع حتى تعنتني بالعميل المصاب...ما الذي جعلها تفعل كل ذلك يا ترى ؟...رغم أن كوجا حرف قاتل , من ألد أعداء صائدي المجرمين....و قتله يزيح عقبة كبيرة من طريقهم....كما أن هذه الفتاة حظيت بالكثير من الفرص من أجل القضاء عليه...إلى أنها تستمر في الاعتناء به لسبب ما
" آه...أ...أعتقد أن بإمكاني النوم قليلا الآن..." ذلك ما قالته مايا بعدما سقطت فجأة على الأرض و النعاس الشديد يتغلب عليها
ما لم يكن كوجا يعرفه هو أن حالته كانت سيئة جدا...فرصاصة من البلادموون تكافئ خطر الموت...و لو لم تقم مايا بعلاجه حتما كان سيلقى حتفه أنداك نتيجة النزيف الحاد...لذلك كان على مايا حراسته و الاعتناء به جيدا...لا بد أن ذلك كان متعبا حقا


****

وحدث كل ذلك في ذلك المساء عندما كان كوجا نائما....حتى سقط الليل مرة واحدة ! سقطت قطرات المطر مرات عدة...وما يزال كوجا لم يستيقظ بعد....

...

عندما تضيع...يبدأ الظلام في الاحاطة بك...

وتلك الأشياء الغامضة التي تقبع وراء الظلام....سوف تبدأ في الاحاطة بك أكثر من الظلام نفسه ... بحيث تشعر بالخوف المشبوه....الخوف من شيء لا يمكن رؤيته خلال الظلام...
و أحد هذه الاشياء....هذا الشيء المظلم الذي كان يحدث مع كوجا....هذا الشيء المظلم...الذي لا شكل له...
لكن رغم ذلك ، فلا يزال كوجا يخاف منه...
ذاكرة؟
لقد كانت مجرد ذاكرة مظلمة قديمة...
وعندما كان كوجا نائما...رأى تلك الذاكرة في حلمه مرة أخرى...

طفل…ذو شعر أسود طويل...وملامح عدوانية تكسو وجهه....كان عمره حوالي خمس أو ست سنوات.

نعم ، كان كوجا ينظر إلى نفسه عندما كان صبيا صغيرا....على الرغم من أنه حقا لا يتذكر شيئا عن طفولته...

لقد كان يبدو الطفل كما لو أنه استيقظ من نوم طويل جدا ... استيقظ للجلوس على ذلك السرير الذي كان يقع في وسط غرفة كبيرة...بدا وكأنها غرفة طبية....لذا كان السرير بالتأكيد سريرًا طبيًا أيضًا...

وكان ينظر إلى....

شخص ما...كان متكئا على الحائط على الجانب الأيسر من السرير الغريب !

شخص ما كان يحدق في كوجا بنظرات باردة ! لقد بدى كما لو أنه في سن الثامنة عشر...
على الرغم من أننا نستطيع تخمين كم عمره ولكن ... لا نعرف شيئًا عنه ... حتى كوجا لا يستطيع تذكر وجهه !

كل ما يمكن أن يتذكره هو ... تلك الكلمات التي تجعله يشعر بالرعب في كل مرة يمر فيها بهذا الحلم !
"لقد استيقظت أخيرًا ... أيها وحش !!! "
..
* شهيق زفير ... شهيق زفير *

" حلم؟ هذه الذاكرة ... مجددا ! "
استيقظ كوجا في ذعر شديد...تلك الملامح التي أظهرت مدى خوفه...كانت ملامحا جديدة لنا...ملامح لم نرها على وجه كوجا من قبل...كيف يمكن لشخص قوي مثله أن يظهر ذلك؟ لكن للأسف فقد كانت هذه هي الحقيقة
فكوجا حقا شعر بالخوف مما رآه في حلمه ذاك...لسبب ما ، ما زلنا لا نعرفه ... لقد كان خائفًا للغاية.
وضع يده اليسرى على وجهه ! كما لو كان ذلك كثيرًا بالنسبة له...
لذلك...بعد بضع ثوان...ارتاح من الخوف الذي مر به.
إلى أن لفت انتباهه ذاك الحساء الذي كان بجانب سريره...لا ، بل لفت انتباهه شيء آخر تماما ... لقد كان جسد المايا الذي كان ملقيا على الارض.. لقد سقطت مغشيا عليها بسبب التعب الشديد...
و بعد أن حدق كوجا فيها للحظات بوجه خال من التعابير... تنوال كوجا الحساء الساخن بسرعة حتى انتهى من ذلك....بعد ذلك غادر سريره خطوات متسارعة متجاهلا أمر مايا...

* خطوات ... خطوات *

وفجأة توقف عن المشي ...
...
...


" اللعنة "
قال كوجا ذلك بنبرة حادة كما لو أنه لم يستطع ترك الامور على حالها ذاك....فبعد كل شيء لقد كانت الشخص الذي اعتنى بجراحه الخطيرة تلك....فلوما مايا لكان كوجا ميتا الان دون أدنى شك...
لذلك حمل كوجا جسد مايا ... ووضعها على السرير.
..
" هيه....ليس و كأنني اشفق عليك....غبية ! "
ثم غادر الغرفة متجهًا إلى الحمام....
قام كوجا بغسل وجهه مرات عدة....و تلك الملامح الغريبة كانت ما تزال تكسو وجهه....
تلك الملامح الباردة و المكتئبة....

( لقد استيقظت أخيرا....أيها الوحش !! )

* صوت الصنبور *

هذه النظرات الباردة...حتما تعني أن كوجا كان يشعر بالقلق الشديد حيال امر ما....لكن مما كان قلقا في هذه المرة؟
فجأة...
...
... !!!
" ما......ما هذا؟ هذا الحضور القوي....انه حتما هو.... "
أحس كوجا بذلك الحضور القوي بالقرب من منزله...كان الحضور الغريب كافياً لجعل ملامح كوجا تتغير تمامًا...كما لو كان ينتظر صاحب الحضور لفترة طويلة.

" نعم ... لابد أنه هو "
بسرعة كبيرة توجه كوجا إلى سطح منزله !! وكانت علامات الشوق مرئية على وجهه.

*صفير...صفير *
لقد كان نسرًا عملاقا...نسر خاص بالقوات العسكرية الخاصة و المقاتلين الذين بإمكانهم استشعار الحضور بسهولة...انه يمثل أداة مهمة لإرسال الرسائل سرية.
إذا تحدثنا عن شكله ، فسيكون مخلوقًا غريبًا لوصفه...بجسم غير عادي...وعينان حمراوان تلمعان في الظلام.
تم تدريب هذا النسر على إطلاق الرغبة في القتل فور وصوله إلى موقع المرسل إليه...تمامًا كما يفعل عندما يلمح فريسته من فوق...وذلك حتى يستطيع المرسل اليه استشعار حضوره...
انتظر كوجا لينزل النسر اليه...بينما كانت قطرات المطر تتساقط دون توقف....
حتى أخذ الرسالة وترك النسر يغادر المكان ...
" أخيرا ! "
و ما ان فتحها ليعرف محتواها..........


****


في ليلة ذلك اليوم....وبعد بضع ساعات من استيقاظ كوجا و خروجه من الغرفة في عجلة من أمره بعد حضور النسر الغريب...استيقظت مايا هي الأخرى من نومها فجأة....فوجدت نفسها مستلقية على سرير كوجا...وبينما كانت تمسح عيناها قالت بنبرة غبية :
" همم ؟ لما أنا مستلقية على سريره ؟...أين ذهب ذلك الغبي ؟ فجراحه لم تلتئم بعد...ذاك الأحمق يجعل مجهوداتي تتضاعف علي فحسب "
نزلت مايا من السرير بحركة رياضية طفولية...ثم بدأت الصراخ بصوت عال منادية كوجا...
" هوووي أيها العميل أين أنت ؟ أيها اللعين أين اختفيت ؟ "
بحثت مايا في كل أرجاء المنزل من أجل الاطمئنان على العميل المصاب....لكن لم تجد له أي أثر في الطابق الأول
" أين ذهب يا ترى ؟ لم تتبقى سوى العلية...سأذهب لتفقدها "
صعدت مايا إلى العلية وهي ما تزال تنادي باسم العميل....ملتفتة يمينا يسارا...لكن من دون إجابة...فجأة لمحت الفتاة أن نافذة السطح كانت مفتوحة...فتساءلت في نفسها قائلة :
" همم ؟ هل هو فوق السطح يا ترى ؟ "


2019/08/25 · 405 مشاهدة · 1006 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024