1 - Before the beginning- قبل البداية

في أول أيام سنة 2022 صباح منعش ومبهج لمواطني المدينة الساحلية هامبروغ بألمانيا ...


رن رن ' صوت جرس باب النُّزُل'


انتبهت سيدة الإستقبال دخول رجل بالغ بمفرده ذو ملامح قاتمة لكنها جذابة وباردة , كانت هذه الملامح بارزة في بشرته البيضاء الشاحبة وعيونه الزرقاء العميقة مع شعر أسود قصير مرتب , وابتسامة خفيفة بالكاد يمكن ملاحضتها , كما كان يملك جسدا رياضي ومتناسق كعارضي الأزياء . بل و يبدو أنه من النوع الذي يهتم كثيرا بمظهره نظرا لملابسه التي تبدو باهضة جدا كقميصه الأبيض والبنطال الأسود من ' البريوني الإيطالي ' مع ربطة عنق سوداء تلائمه بشكل مثير جدا , في حين كان يحمل متاع بسيط بمحفضة تشبه القيتارة على ضهره , إذ قد يراهن البعض على أنه فنان أو رياضي رأوه سابقا بوسائل الإعلام ...


وقفت سيدة الإستقبال مع ابتسامة مشرقة نحو النزيل وتحدثت باحترام : " مرحبا بك سيدي بفندقنا - أُوشْلِبِيدْ - , هل تملك أي حجز بفندقنا ؟ "


ظل النزيل صامتا للحضات يحدق في بهو الفندق ويتأمل به على نحو غريب , ثم عاد إلى التحديق صوب سيدة الإستقبال ' مع ابتسامته الخفيفة


" نعم لدي حجز بإسم ' ألين سانتيريا ' .. وآمل أيضا أن تجدي لي غرفة بالفندق يمكن أن تشاهد من خلال نوافذها الواجهة الشمالية للمدينة ... "


تفاجأت المضيفة للحضة لكن أومأت للنزيل إيجابا ثم لأحد الخدم بجانبها في البهو و حولت عينيها مجددا نحو النزيل مع ابتسامة ثابتة


" حاضر سيدي , أرجو أن تولي ببعض المعلومات , وسوف يأخدك الخادم هناك إلى الغرفة التي تريدها "


شكر النزيل المضيفة بعد أن سلمها بطاقة الهوية وبطاقته الإئتمانية ثم استعادهم بسرعة ولحق بالخادم الذي أخده نحو المصعد ليريه غرفته , وبعد رؤية الطوابق التي تسلقها المصعد وجد أنه توقف بالطابق السابع ما يعني تواجد غرفته بهذا الطابق


" هل يزعجك شيئا ما سيدي ؟ " تمتم النزيل بشيئ ما , وقد لمحه الخادم بالفعل ليسأله بتعبير بشوش عن ذلك ضنا منه أن النزيل انزعج من شيئ


" لا ... لاشيئ , لأكون صريحا إن فندقكم جميل حقا " رد النزيل بابتسامة خفيفة وودودة للخادم



أومأ الخادم هو الآخر بابتسامة عريضة : " إن هذا فقط من ذوقك الرفيع سيدي "


" هاها حقا ؟ شكرا جزيلا . "


تبادلوا بينهم ضحكات بسيطة و تابعوا المشي بين أروقة الطابق الأنيقة والفسيحة , كانت كل جدران هذا الطابق حمراء مقارنة مع البهو متناغمة مع البساط الأحمر على الأرضية فيما تحمل لوحات فنية بهية بجانب طاولات خشبية منقوشة مخصصة لمزهريات عتيقة قيمة تَكْنِف أزهارا تثلج أنفاس النزلاء بعبقها العطر , ولكن كان هناك شيئ بارز بشكل مبالغ فيه بالفندق وهو عدد الكامرات المراقبة المنتشرة في كل مكان , ما يُظْهِر على أن الفندق حذرا جدا بشأن عمليات السرقة أو جرائم أمنية مشابهة .


" اا عفوا .. " توقف الخادم فجأة بينما كانت ملامح النزيل تائهة في التفكير ما سبب في اصطدامه بالخادم دون قصد



لم يبدو على الخادم أنه انتبه للإصطدام بل أشار نحو الغرفة بجانبه وتحدث مع ابتسامة رفيعة : " سيدي , لقد وصلنا لغرفتك بالفعل , وبالنسبة للمفاتيح فتستطيع استعمال هذه البطاقة بدل المفاتيح , كما لن يستطيع أي شخص دخول غرفتك بدونها , لذلك أتمنى أن تكون حذرا بشأنها , وبالنسبة للطعام أو أي خدمة تتساءل عنها فيتواجد هاتف بداخل غرفتك تستطيع من خلاله الإتصال برقم خدمة العملاء وسوف يلبون جميع متطلباتك مباشرة "


" نعم ... سوف أحرص على ذلك , شكرا جزيلا ... أه ... نعم تذكرت يمكنك أخد هذا , شكرا على خدمتك " منح النزيل إكرامية للخادم الذي تنحى جانبا بانحناءة خفيفة وغادر بعد أداء واجبه


دخل النزيل لغرفته وحملت ملامحه نوعا من الرضى , لقد كانت مساحة الغرفة كبيرة ونظيفة بينما الأثاث نظيف وأنيق متناغم بشكل عصري مع الجدران البيضاء ... حوّل النزيل عينيه نحو النافذة المتواجدة في الصالة و التي ركز على المضيفة بشأنها , ليتجه نحوها مباشرة ويزيل الستائر جانبا وينقشع من خلفها ضوء الشمس المشرق يضيئ باقي الغرفة


حملت النافدة مشهدا خلابا من ناطحات السحاب الزجاجية المتراكمة حول الفندق ذات هندسة معمارية حديثة وتصميم عصري ممتع للعين , كما يُطِل المنظر نحو الأسفل على الطرق الإسفلتية والسيارات الألمانية المحلية وحيوية مواطني هامبورغ , لكن حقيقة لم يثير أي من هذا نظر النزيل بل ظل يتطلع نحو الشمال حيث تستطيع أن تلحظ في نهاية الطريق المروري للسيارات مياه البحر الزرقاء وانعكاس ضوء الشمس المتألق عليها .


ولكن ليس هذا ماتطلع له النزيل بل استمر في التركيز على بعض الرافعات بجانب شاطئ البحر , كانت تلك الرافعات جزءا من ميناء هامبورغ , و الذي يعد أضخم وأنشط ميناءات العالم , كما يعتبر مخزن لما يقرب عن %60 من الموارد الطبيعية لألمانيا و لم يكتفي الميناء بهذه الأرقام بل أصبح يخزن كل من الأسلحة الألمانية الثقيلة والتكنولوجيا العسكرية في مستودعات خاصة بداخله , لكن على إثر ذلك لابد لألمانيا أن تخفي بعض الأنشطة لهذا الميناء عن مواطنيها


تنهد النزيل بنبرة واهنة بعد رؤية هذا المشهد من النافذة بينما تجلى على ملامحه بعض الإرهاق :" همف .. ينتظرني عمل كثير هذه الليلة , ولكن علي الإستحمام أولا "


أخد النزيل يزيل ملابسه متجها نحو الحمام ويظهر بذلك البعض من جسده المفتول بالعضلات و المتناسق بشكل مثالي كالرياضيين الذين يشاركون بالأولمبياد , لكن المثير في جسده هو تواجد وشم كبير يغطي كامل ظهره والذي كان عبارة عن تنين ضخم , يلف جسده حول نفسه بينما يكشر عن أنيابه ومخالبه بشكل مخيف نحو من يشاهد ضهر هذا النزيل , و تواجد أعلى هذا الوشم ثلاث حروف لاتينية عريضة J A N "



~~~~~~~~~~~~~~~~~



عاد المشهد بالنزيل جالسا بالأريكة بملابس الحمام بينما كان يبحث بمحتوى محفظته ويرى ما بداخلها ,ليخرج فجأة بطاقة الهوية التي كانت تحمل اسم " ألين سانتيريا " وبجانبها صورة النزيل ماجعله يتنهد بعبوس تام : "..همم مجددا ..إن السّوق السوداء يجيدون كل شيىء إلا اختيار الأسماء .. لايهم في النهاية لن يغير من حقيقة إسمي جان . "


ثم تابع بإخراج ما بمحفضته التي كانت تحتوي على قطع غيار سوداء بجانب القيتارة التي بدأ في تفكيكها أيضا وإخراج قطع أخرى غريبة منها , مر على تجميع هذه القطع ساعات ليضع في النهاية مسدسين على الطاولة ونظارة والكثير من الكرات المطاطية ومعدات أخرى غريبة , كما غير جان ملابس الحمام الخاصة به لبدلة سوداء مع حزام أسود قاتم يحيط كل من صدره وكتفيه , ثم أمسك بكلا المسدسين ليضعهما فيه


نظر جان لساعته وترسمت ابتسامة واثقة على محياه : " توقيت مثالي , الساعة السابعة مساءا الآن "


توقف فجأة بينما اكتسى سماه علامات التفكير والإنزعاج ثم حول عينيه نحو الباب : " كنت أتمنى لو أستطيع الخروج من الباب , كان ذلك سيوفر علي العناء الكثير , ولكن تتواجد بهذا المكان الكثير من كامرات المراقبة ... هفف ... سأكتفي بوضع لافتة عدم الإزعاج على الباب ... ثم سأقفز من النافذة "


أخد جان كلامه على محمل الجد و ذهب نحو باب الغرفة ليضع لافتة عدم الإزعاج من الخارج , واتجه نحو باقي المعدات على الطاولة التي أخدها أيضا بحزامه , ثم ذهب نحو المرآة بسرعه وظل يتأمل بشكله



" , وسيم للغاية , ألا أبدو كالعميل جيمس بوند من الأفلام , حسنا قد تكون بدلته أكثر رسمية مقارنة بي ولكن في النهاية نملك الكثير من الخصال المشتركة... "


نظر نحو النافدة وتابع الإبتسام بسخرية : " كالقفز من النوافد وقتل البشر هاها "


أخد محفضته ليضعها على ضهره واتجه نحو النافذة ليفتحها ويدخل مباشرة عبرها النسيم البارد لِلّيْل بالغرفة ما جعل بشرة جان الشاحبة تقشعر قليلا من البرد القارص فيما تحرك شعره الأسود للوراء كالأمواج العاتية , خلّف هذا شعورا منعشا بالنسبة لجان لكنه فجأة أغمض عينيه و بسط يديه كالأجنحة وهمهم بصوت خافث وكأنه يتلو لحن أغنية ما



كان من الواضح أن جان يتخيل التحليق في السماء ثم دون أي تردد قفز نحو الأسفل كالجثة الهامدة وكأنه متعود على الأمر لكن قبل أن يصل للأرض أو يتجاوز الطابق الذي يتجاوز فيه سُمِع صوت من خصره كالخطاف مُظْهرا لحبل من العدم متجها نحو الجدران


' كلارك.. '


" هوو هوو هاها جميل , لقد حل الليل بالفعل . "


ربط جان نفسه بالجدران عبر خطاف حديدي متين يستطيع تحمل وزنه مما أصبح بمقدوره التحرك على الجدار كالرجل العنكبوت , وَيلْحق بذلك سطح أقرب بناية بجانب الفندق الذي حجز فيه ,وضل يقفز هنا وهناك , ليجد نفسه في سطح معمل قريب من سياج الميناء , وأخد بعد ذلك يتأمل في الميناء بعيون باهتة


كان الميناء ضخم مع الكثير من الأضواء حول المكان وكأنه مهرجان ما لكن ليس صاخبا وإنما يعمه الصمت , كما تواجدت المئات من الحاويات المصطكة حول بعضها البعض , و الكثير من الناقلات البحرية الضخمة راسية بمياه البحر بالإضافة إلى الكثير من المستودعات المنتشرة داخل حدود الميناء , ولكن بالنسبة لجان لم يهتم بشأن ما تحتوي هذه الحاويات أو المستودعات بل جاء من أجل شيئ واحد , كان أهم هدف له هو المبنى العملاق المتواجد بمركز للميناء .



قاطع تأمل جان دوريات للشرطة التي تطوف حول حدود الميناء ليتوقف فجأة ويغمض عينيه بينما يتمتم في هدوء : " ... همف حسنا مهمتي كالتالي ... علي دخول الميناء وسرقة مفاعل الكروتوبيس النووي من المبنى العملاق"


"و نظرا لتجهيزي الكافي لهذه المهمة فأنا متأكد من ثلاث نتائج"


" النتيجة الأسوء , وهي الخروج من الميناء دون المفاعل مع ارتكاب الكثير من الضوضاء "


" النتيجة المرضية , الخروج من الميناء وأنا أملك المفاعل ,لكن سأرتكب الكثير من الضوضاء "


النتيجة المثالية , الخروج من الميناء وبحوزتي المفاعل في صمت تام دون أن يكتشف أحد أني تواجدت بهذا المكان من قبل "


نظر مجددا للسياج المحيط بالميناء ونظر نحو الدوريات التي تخلفت عن مكانه , ثم قفز للأسفل نحو غطاء مجاري متواجد بالطريق المروري للسيارات الذي يأخد صوب بوابة الميناء


سمع فجأة صوت شاحنة قادم, وكان الطريق الذي تسلكه يأخدها مباشرة نحو بوابة الميناء , تراجع جان بسرعة بابتسامة منحرفة نحو الجانب تاركا الشاحنة تمر بهدوء


"توقيت مثالي آخر "


مرت الشاحنة وخرج جان أيضا بسرعة بجانب الطريق و أخرج فجأة كرتين مططايتين لوح بهما نحو الشاحنة ليلتصقى بها دون إحداث أي ضجيج , ثم تجاهلها وتابع فتح غطاء المجاري و النزول نحو الأسفل


, كانت الرائحة مروعة للغاية ما جعل ملامح جان ملتوية من سوء وقذارة المجاري , ورغم ذلك بدأ الركض برقة وخفة ليجد نفسه بعض لحظات أمام قطبان حديدية تحبس الطريق لكن يبدو كان ذلك متوقعا من طرف جان لأنه أخرج مشبك صغير من محفضته يطلق لهبا أزرق صغير شديد الحرارة


وجهه جان نحو القطبان التي بدأت بالإنصهار صانعة دائرة تكفي لمرور شخص واحد , ليمر جان إلى الجانب الأخر ويتابع الركض في المجاري مع عيون متحمسة قليلا لكن انتهى به الأمر بالوصول إلى طريق مسدود , لكن تواجد بنهاية هذا الطريق سلم متصل بالجدار كانت وجهته نحو غطاء مجاري يشبه الغطاء الذي دخل منه .


لم يأخد جان وقتا للتفكير و بدأ في الصعود عبر السلم ويدفع الغطاء بحذر بينما ينظر نحو محيطه ,لتترسم على وجهه الإبتسامة مجددا لأنه وجد نفسه تخطى السياج الأمني للمناء بسهولة ,


"واو أنا حقا داخل حدود الميناء . والمجاري كانت حقا نقطة عمياء كما توقع العجوز .. جيد لكن يجب علي الآن التحرك بشكل أسرع " ثم حوّل عينيه للمبنى الضخم بمركز الميناء وعيناه لمعت بحماس أكثر



صعد بسرعة وكان نوعا ما المكان مظلما ولكن تجاهل جان ذلك وبدأ الركض في الضلال ليصل إلى جدار المبنى الضخم المتواجد بوسط الميناء ثم بدأ بتحسسه ببشرته


"جدار من الإسمنت المسلح حتى صواريخ -أر بي جي- لاتستطيع خدشه.. همم لابأس "


أخرج جان قفارات وأحذية غريبة الشكل من محفضته أَدَّى لَبْسها إلى أن يصبح كالفضائي يتحرك بصعوبة على الأرض , ثم تنهد جان في صمت : " كم علي أن أتسلق في هذه المهمة اللعينة ؟."


بدأ بالفعل بالتسلق مثل الحرباء لسطح المبنى ليجد نفسه بعد مرور وقت طويل في سطح المبنى لكن كان يبدو من الواضح على ملامحه أن ذلك أرهقه كثيرا , ثم حول نظره نحو البوابة في سطح المبنى ولاحظ بجانبها تواجد جنديين يدخنان بينما يحملان أسلحة AK خلفهما


بعد رؤية هذا المشهد أخرج جان مباشرة بدون تفكير قنبلة مطاطية دائرية ودفعها بهدوء نحو الحراس , في حين لم يستطع كلا الجنديين ملاحضتها إلا بعد أن تدحرجت بجانبهما وقبل حتى أن يتحدثا أو يتساءلا عن هذا الشيئ , ظهر ضوء أبيض ساطع أعمى الجنود وقبل أن يبدأ صراخهما للنجدة , أخرج جان مسدسه الصامت وأطلق على كل منهما رصاصة نحو الجمجمة ليفارقا الحياة دون حتى أن يدركا ما حدث.


توجه جان للجنود الموتى وضل يبحث عن شيئ ما بداخل ملابسهم ثم أخفى جثتيهما بسطح المبنى و تحول بعد ذلك للبوابة وشرع في دخولها


" حسنا , لا زلت أتذكر جميع تفاصيل تصميم هذا المبنى , كما أعرف جميع النقط العمياء الخاصة به , لاداعي للتوتر , أستطيع فعلها كالعادة"


دخل نحو المبنى وبدأ يتسلل عن طريق النقط عمياء في تصميم المبنى كما هو مخطط متجها بذلك نحو هدفه , نحو غرفة المفاعل , ليجد نفسه بعد دقائق أمام غرفة المفاعل بالفعل لكن مختبئا جانبا خلف الجدران بسبب تواجد كامرة مراقبة في باب غرفة المفاعل


" واو , لقد كان ذلك سهلا نوعا ما هاها , "ترسمت على وجه جان ملامح السعادة والفخر والنصر بينما ظل يراقب كامرة المراقبة بالباب , لكن لم يبدو أن ذلك يشكل عائقا له أو يخيفه , لأنه أسرع في إخراج أخرج قطن وجهاز لاقط بحيث وضع القطن بأذنيه بينما شغل جهاز اللاقط مُصْدرا طنين حاد لايسمع بشكل واضح للأذن , لكن قد يفقدك السمع للأبد


"حسنا هذا التردد يكفي وإلا سأفقد طبلة أذني " نظر جان مجددا للكامرة ولكن هذه المرة كانت ساكنة


" لاأعرف كم سيوفر لي من الوقت ... علي الإسراع توجه جان متجاهلا الكامرة وأخد بطاقة وجدها بملابس الجنود كما توقع , وتم فتح البوابة ليرى ثلات قارورات متصلة بأعمدة حديدية تصدر أضواء زرقاء خافتة


تفوه جان مع ابتسامه ساخرة :" حسنا لن يمانع الألمان في أخد أكثر من مفاعل "


بدأ بأخد الثلاث القارورات بحذر تام , وأعاد إغلاق البوابة والتفت للرحيل ليسمع فجأة صوت راديو المكالمات الخاص بالجندي الذي اغتاله


"تحذير إلى كل الجنود هناك متسلل , تم إيجاد جنود موتى على سطح المبنى الرئيسي للميناء تحذير ... تشغيل إنذار الطوارئ... أكرر .... تشغيل إنذار الطوارئ "


فجأة إنقلب الميناء رأسا على عقب وأصوات الإنذارات بالميناء تصم الآذان وتسمع في كل مكان , بل تصل إلى أطلال المدينة وكأنها على وشك اندلاع حرب ما , ليصبح وجه جان قبيحا مع خليط من الصدمة والألم


" ماذا ؟ هذا حقا حظ سيئ لعين ... لم أدرك أن باستطاعتهم ايجاد الجثث بهذه السرعة "


بدأ جان في الركض بينما تُسْمع صوت البوابات الداخلية وهي تغلق , زادت حدة ملامح جان الغاضبة , وتوقف ليفكر للحظة في حل ما :" لاخيار آخر أمامي , علي أن أعود من نفس الطريق التي تسللت من خلالها لغرفة المفاعل , وهذا يعني أنه قد ينتهي بي الأمر في مواجهة الجنود بسطح المبنى ... اللعنة "


إلتف مجددا ليأخد نفس الطريق الذي تسلل عبره , ووصل للبوابة التي جاء منها وكان هناك مايقارب 20 جندي يقفون جنبا إلى جنب يرتدون كامرات على قبعتهم وبِذل عسكرية مضادة للرصاص , وبعد أن لاحضهم جان , بدأ يبحث بمحفضته ليخرج كراته المطاطية مجددا


" حسنا كتيبة عسكرية ...لاخيار أمامي إلا باستخدام ماتبقى لي من القنابل " وقبل أن ينهي مسار أفكاره لاحضه أحد الجنود لكن كان في نفس الوقت قد فات الأوان بالنسبة للجندي , لأنه كان هناك مجموعة من الكرات تحلق نحو رؤوسهم


"بوم بوووم "


تردد صوت القنابل مع صيحات الجنود الذين أصبحوا جثث متفحمة وأعضاء متناثرة في البوابة بالسطح , كان المنظر مرعبا لكن جان لم يهتم أو يلتف حتى ليراهم بل ضل يركض نحو نهاية سطح المبنى ويقفز من العلو الشاهق للمبنى وكأنه يود الإنتحار , لكن بدل السقوط تغيرت بدلة جان وأصبحت بدلة تستطيع الطيران مطلقة جناحين تصل بين ذراعيه وأقدامه كالسنجاب



نضر للأسفل ليجد أن أضواء الميناء والجيش كلها متجهة صوبه ويعني ذلك أنه انكشف كليا للجيش , ثم وجّه نظرته نحو زر في يده وتفوه بنبرة حازمة : "حسنا لنشغله الآن ... أتمنى فقط أن يكسبني بعض الوقت على الأقل حتى أختفي عن الأنظار "


سمع فجأة صوت الإنفجارات بالميناء بسبب الكرات المطاطية التي ألصقها بالشاحنة سابقا , لكن المفاجأة لم يكن انفجار واحد كما توقع جان بل تلاها انفجارات أخرى وأقوى بمراحل بل وحتى بالنسبة للمكان اُلمُتَوَقَّع للإنفجار لم يكن كما خطط له جان , لم يكن هذا هو المشهد الذي كان ينتظره أبدا , كان هذا المشهد مرعبا لحد الموت له أيضا , .


لهث جان بتعبير مليئ بالرعب غير مصدقا ما يحدث : " لحضة هل هذا مستودع الأسلحة الخاص بالميناء؟ "


" لقد وضعت القنابل المطاطية على الشاحنة ... ولكن ماذا كان بالشاحنة ؟ كيف دخلت لمستودع الأسلحة ؟؟ وإذا كان هناك أسلحة بداخل الشاحنة ,لماذا دخلت للميناء بدون حراسة من الجيش ؟؟ لالالا لحضه هذا ... لاتخبرني أنه سينفجر مابداخل مستودع الأسلحة ... الرؤوس النووية ... سأموت علي الهرب بسرعة ... لا بل حتى لو نجوت سأخرج بإعاقة دائمة على الأقل ... اللعنه ... اللعنه .. "


ضل يسمع صوت الإنفجارات الصغيرة وقلبه يكاد يقع من هول ما يتخيله سيحدث : " ستنفجر الآن ... ستنفجر الآن ... ستنفجر الآن "


حوّل نضره فجأة للبحر وعاد لوجهه القليل من الأمل وتوجه بسرعه إلى هناك وقبل أن يصل لأبعد مكان لسطح البحر ظهر ضوء ضخم أنار السماء المضلمة لمدينة هامبورغ , لم يجرؤ جان على النظر خلفه بل فقط تمنى متى يصل لسطح البحر والغطس ومع ذلك قبل أن يصل ضُرب جان بموجه هوائية أرسلته طائرا نحو الماء ثم تردد صوت إنفجار مرعب لحق بتلك الموجه ربما سمعته كل دول العالم .


" بووووووووف "


كان جان في مكان عميق بمياه البحر يغرق ببطؤ بينما يحاول إنقاد نفسه : " مؤلم , علي توصيل قناع التنفس تحت الماء و تحويل البدلة لوضع سترة النجاة .. ولكن يدي بالكاد أستطيع تحريكهم ... "


بالكاد استطاع جان وضع قناع التنفس لوجهه و سترة النجاة ثم بدأ يرتفع ببطئ لسطح الماء بعد أن فقد وعيه





~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



"كحح كحح , أين أنا ؟ اه الشمس اه رأسي يؤلمني " وجد جان نفسه مستلقي بشاطئ لايعرف في أي قارة أو أي دولة متواجد فيها , ضل يبحث في بدلته عن المفاعلات ليجد أنه فَقَد 2 منها بمياه البحر وخسر كل معداته و لم يتبقى بحوزته إلا مسدس مع الكثير من الدخيرة ومحفضة صغيرة التي بها هويته المزيفة و قليلا من المال .


"اللعنه هفف رأسي يؤلمني لاأتذكر ماذا حدث بعد خروجي طائرا من المبنى .. علي البحث لأعرف أين أنا ؟ ".


توجه نحو البر وكان هناك مطاعم بعيده نوعا ما من الشاطئ وبعد التحقق وجد نفسه في السويد , ومر على الحادث أقل من أسبوع لكن الأكثر بشاعة أنه تم تحميله مسؤولية نسف مدينة هامبورغ الساحلية , بل لم تعد الرقعة الجغرافية للمدينة صالحة للحياة , و أصبح مسؤولا عن مجزرة لما يقارب4 ملايين شخص دون ذكر الإصابات , هذا الخبر ملأ جميع الجرائد وأصبح محط إهتمام جميع النشرات الإخبارية العالمية .


تنهد جان في صمت بينما يغمس وجهه على معصميه : " بِئْسًا ... والآن أنا عالق في عش بجانب الشاطئ بسبب كشف هويتي الحقيقية والحامل لإسم " جان أوريا " , أشهر مجرم في تاريخ العصابات المنظَّمة , كانت الولايات المتحدة تقدر خطورتي في حدود إرهابي لعين مطلوب حيا دوليا قبل هذه العملية , والآن اصبحت أخطر رجل بالعالم ومن أبشع المجرمين الذي شهدهم التاريخ , وأقصد بذلك أن أي معلومة بسيطة عني قد تقدّر بالملايين إذا لم تكن بالملايير الدولارات بالطبع .


" لايهم إدا جلبوني حيا أو ميتا , المهم هو ألا أستمر في العيش معهم بنفس الكوكب نتيجة ما فعلت ... هذا الوضع لايشمل فقط السياسيين بل كذلك الشعوب , أصبحت كوحش القصص الخيالية ... مجرد التفكير بشأني يصيب الأطفال والبالغين بالرعب ."


تنهد بينما يتأمل في البحر بعيون فارغة : "هفف واو من عملية سرقة إلى قتل الملايين من الأناس الأبرياء, حتى لو ضللت كل حياتي أقاتل وأغتال لن أصل لهذا العدد .... "


" إن الأمر حقا ليس مضحك , أسيصدقون إذا خرجت وقلت لهم أني لست مجنون قاتل ... تسك .. أنا إرهابي أقتل دائما ولكن يعتبر قتل هذا العدد الكبير بالنسبة لإرهابيين مثلنا شيئ يحدث فقط في حالات خاصة لذلك أعفوا عني فقط هذه المرة ... تسك ... "


" وكأن الأمر مهم, كما أني توصلت بالفعل لشيئ مخيف .. لقد شاهدت تسجيل لمكان الحادث وكنت تحققت من وجود اسمنت مسلح سابقا بمباني الميناء وأقصد بذلك المستودعات , اي قنابلي لاتستطيع اختراقها "


" كما لا يمكن أن تحمل الشاحنة أسلحة أو أي شيئ من هذا القبيل بدون حراسة مشددة من الجيش قبل أن تدخل للميناء . لم تكن هناك أي عربة عسكرية ترافق الشاحنة الذي وضعت عليها قنابلي المطاطية مما دفعني للضن أنها للموارد الغدائية تتجه نحو إحدى مستودعات المؤونة للميناء...."


"ولكن مع ذلك هناك خطأ ما لأنه لا يمكن وصول الشاحنة لداخل المستودع حتى إذا كان بها أسلحة لذلك هناك احتمالين لهذه المعضلة , أولا يتعلق بالصدفة عبر إهمال الموضفين وهذا الإحتمال ضعيف للغاية لأننا نتكلم على ألمانيا "


"ثانيا طرف ثالت مسؤول عن التفجير وكنت كبش فداء لهذه العملية ... مع ذلك لن أنكر أني كنت مثير للسخرية بسبب تسرعي ... "


" بعدما فقدت بطاقاتي الإتمانية وهويتي علي أن أتواصل مع الكَوادر وتسليم المفاعل المتبقي أولا ولكن كيف؟؟.. " تأوه بابتسامة يائسة وعيون مرهقة تتشوق للنوم


"علي أن أبقى هنا حتى يخف حذر الأمن الدولي كما أن الأمر سيكون سهلا في ضل الإشاعات التي تقول أني مت مع الإنفجار , ربما ستكون مسألة وقت لأعود لحياتي المعتادة "

" حياة الهارب المطلوب " استلقى جانبا مستسلما للتعب


"هاه ؟؟؟ شعور الأزمة " لهث جان ممسكا بقلبه وضل يشاهد من حوله لكن لم يلحظ شيئا , وعاد إلى القش ثم عاد إلى مسار أفكاره مجددا بوجه عبوس مرهق


" لأكون صريحا بعد كل هذه الأحداث الضخمة المتراكمة من حولي إنها تدفعني للتفكير كل مره بالسبب الذي جعلني أقبل هذا النوع من المهمات ... إن هذه الأشياء فقط تجعلني من الصعب أن أصدق أنه مايصير لي صدفة بل كلما أتذكر , تنتابني القشعريرة أسفل عمودي الفقري , وكأن شخصا يراقبني و يتلاعب بي وبالأحداث من حولي ..."


" هذا حقا جنون ... لاأعلم إدا كان ذلك محض مخيلتي ولكن كل مايهمني هو النجاة من هذه الكارثة ... ليس وكأني خائف من الموت ولكنني أخطط لفعل أشياء كثيرة قبل وصول ذلك اليوم"


يوم أستطيع فيه أن أحضى بالخلاص " أغمض عينيه لينام قليلا .


"طان طان طان " صوت مروحية هيليكوبتر


فتح جان عينيه بسرعه بينما كان صوت الهيليكوبتر يقترب من مكانه , نظر نحو الأعلى ليجد مجموعة من الجنود تقفز عبر الحبال مدججة بالسلاح .


: " هاها ...كيف عرفو بمكاني ؟؟ وأنا من توقعت أني سأعود لحياتي العادية , أشك أني سأضل حيا ليوم غد . " تأوه بابتسامة شاحبة وكأنها تترقب موتها


قفز من العش وأسرع راكضا لأقرب غابة قريبة من الشاطئ متجاهلا الجنود خلفه.....


بعد أن وصل خلف الأشجار , توقف من أجل أخد أنفاسه , لكن وقع قلبه مجددا بعد أن رأى العشرات من أضواء الليزر مصوبة على أطراف جسده وليس صدره


" يريدون إمساكي حيا بدل قتلي " أظهرت عينا جان نية القتل أخيرا وقفز متدحرجا لأقرب سفح بينما صوت الرصاص المطاطي خلفه يصم الأذان ويخترق الأشجار كالهلام


نظر خلفه مصدوما من المشهد و تابع الركض يفكر في حل للهروب : "هوف ... أنا مندهش الآن من نفسي , لقد نجوت من وابل من الرصاص ذون إصابات , هل يحبني المسيح لهذه الدر.... " قاطع مسار أفكاره رصاصة مزقت مرقفه الأيسر


هاااع يدي .... سأذبحكم ياأبناء العاهرات ... أقسم لكم .."


,تابع الركض مطأطأ الرأس يخفي نفسه بين الأشجار والشجيرات ثم توقف فجأة خلف شجرة كبيرة للنخيل


"اللعنة عليك أيها المسيح ... يدي تنزف... "


التف وشاهد تحرك ثنائي من الجنود على جانبه الأيمن ليسرع بتوجيه مسدسه نحوهما ويطيح بهما بسهولة


" همفف في حياتكم القادمة تعلموا كيفية التصويب ياأبناء العاهرات ؟ " ثم تابع الركض مجددا متخفي بين حشائش الغابة محاولا بقدر الإمكان تجنب منطقة استهداف أسلحة الجنود .





--------------------------------------------------------------------------


2020/11/20 · 1,299 مشاهدة · 3810 كلمة
Hicham-Aous
نادي الروايات - 2024