" هل يمكنني الإحتفاظ بهذه معي ؟ " تطلع جان نحو إليزابيث بتعبير حازم آملا في أن تسمح له بالحصول على الخريطة لأنه ينوي أن يتحقق منها بنفسه في المستقبل إذا سنحت له الفرصة لذلك .


" همم لابأس ... يمكنك الإحتفاظ بها " بدت نبرة إليزابيث غير مبالية بتعبير جان أو بشأن الخريطة , وإنما شغلها الشاغل هو تحقيق هدفها من خلال جان


" جيد , إعتبري هذه الخريطة عربون موافقتي لمساعدتك ولكن مع ذلك لازلت أريد التحقق من بعض المعلومات بشأنك " أخفى جان الخريطة , وعاد لملامحه الباردة ونبرته الغير مبالية أيضا

تنهدت إليزابيث ببسمة رفيعة وجلست على درج العرش بهدوء بينما تلعب في شعرها المموج الطويل : " حسنا لابأس بذلك , يمكنك أن تسألني بقدر ماتشاء الآن , بما أنك وافقت على مساعدتي "

تحرك جان نحو ضوء الشمس المنصب عبر النوافد العملاقة للبلاط الملكي وضل يتحسس بيده الصغيرة الضوء الدافئ قبل أن يحول نظره مجددا لإليزابيث : " حسنا أريد أن أعرف أولا منذ متى وأنتي متخفية بهوية إليزابيث في القصر الملكي ؟ "

أخدت إليزابيث تتأمل في جان الصغير وهو بجانب نور الشمس ثم تحدثت بنبرة صادقة : " إن ذلك كان منذ مدة طويلة ربما قبل خمس أو ست سنوات , هل تستطيع أن تعلم ما يعني ذلك ؟ "

" همف ... نعم أستطيع توقع ما تقصدينه , لا مجال للخطأ بعد كل هذه المدة من التخطيط والصبر من أجل إيجاد فرصة متاحة كالتي تملكينها الآن , أليس كذلك ؟ " حوّل جان عينيه الزرقاوتين المتلألئة تحت نور الشمس نحو كرسي العرش مضهرة بريقا ساحر وواثق


رفعت إليزابيث حاجبيها بينما أضهرت ابتسامتها صف أسنانها البيضاء معبرة عن تفاجؤها من قدرة جان حول توقع أفكارها :" أيها الصغير كم علي الإعتراف من مرة بأنك مرعب ؟ إن الأمر حقا كما توقعت ... لذلك علي النجاح حتى لو تطلب الأمر مني التضحية بك أيضا ... يمكن أن تستوعب ذلك على هذا النحو , بأنه فقط بالمخاطرة بكل شيئ , يمكنك الحصول على ماتريد ... "


عقد جان حاجبيه وأظهر هو الآخر ابتسامة ماكرة وتحدث بنبرة غير مبالية " ... لا أنصحك بذلك الآنسة إليزابيث رغم صغر سني لكني أضل سيفا ذو حدين , إذا قمتي بتسليمي للعدو فلن أمانع أن أصبح سلاحه "

أطلقت إليزابيث ضحكة مكتومة تردد صداها في القاعة وتابعت بلهجة ساخرة : " لا داعي للغضب أيها الصغير لقد كنت أمزح معك فقط "

تابع جان بنظرة غير مبالية لإليزابيث :" ... حقا ! ... لايهم ... ماذا عن الرجل الذي ساعدك للوصول إلى هذا المكان ؟ , هل يتعاون معك حاليا ضد الملك ؟ وهل تملكين أشخاص آخرين بجانبك يملكون نفس أهدافك ؟ "


" همم .. لايوجد ... طوال سنواتي بهذا المكان لم أجد شخصا أستطيع أن أثق به من أجل مساعدتي لكن غيرت رأيي بعد رؤيتك , أما بشأن كيلن لقد نجح الملك في النهاية باغتياله , كنت ضعيفة جدا لأستطيع حمايته بنفسي " مالت ملامح إليزابيث قليلا لكنها قاومت إظهار ذلك على ملامحها , كان من الواضح أنها تحمل مشاعر عميقة للرجل الذي أنقدها وساعدها على العودة إلى لإمبراطورية



كان وجه جان مشككا بعض الشيئ بينما يدقق في ملامح إليزابيث حتى يتحقق من تعبيرها لاكتشاف أي علامة تدل على الكذب : " يدعى كيلن ! ... أخبرتني أنك تودين خطف أحد أطفال الملك , هل أستطيع معرفة كيف سيفيد ذلك في انتقامك ؟ "


" إن الطفل الذي سأخطفه سيظل مجرد ورقة مساومة على حياتي , وذلك في حال فشل خطتي الأصلية في المستقبل " قبضت إليزابيث راحة يدها وبدت وكأنها تتذكر شيئا ما وتترقب وصوله بفارغ الصبر


" هل تقصدين أن كل هذا مجرد جزء من خطة أكبر ؟ "تغيرت تعابير جان للإستغراب والجدية واقترب من إليزابيث ببطؤ

" ... تماما , كل هذا جزء من خطة أكبر " أومأت إليزابيث إجابا مع ابتسامة واثقة

" إذن هل أستطيع معرفة إلى ما الذي تخططين له بعد خطف الإبن ؟ " غير جان نبرته وتحدث بصوت خافت

" للأسف لا لأن عملنا أنا وأنت ينتهي بعد خطف أحد الأبناء " تجاهلت إليزابيث نظرة جان ببرود وضلت تلقم أظافرها وكأنها تؤكد أن لامجال له لمعرفة ما تخطط له

حدق جان بحدة في إليزابيث وتفوه بعناد :" تسك ... لماذا لا تخطفينه بنفسك الآن ؟ , أظن أنه بإمكانك الإنتقال "


" لو كان بإمكاني فعل ذلك , لم تكن لتجدني أقف بجانبك أيها الصغير , همف .. من المؤسف أن الجناح الملكي مبني بواسطة المادة السالبة من طرف أسلاف سحرة الإمبراطورية , دون ذكر الحراس المنتشرين حول المكان .... " وقفت إليزابيث أمام جان وبدت ترمقه بنظرات مشككة ثم تابعت :" أنا أعلم فيما تفكر فيه , حتى في حال خروج عائلة الملك من القصر سيضلون في النهاية داخل حدود الإمبراطورية كما ستجد بجانبهم العشرات من الحراس مجددا , سحرة ومعززين بين فئة الشمس والسماء , حتى لو استطعت بطريقة ما خطف أحد الأبناء دون الدخول في مناوشات مع الحراس , لن يمر إلا دقائق وسيجدونني لأني في النهاية داخل حدود الإمبراطورية , لكن في جزيرة لاماسيا أستطيع الهرب ومعي أحد الأبناء دون حتى أن يدركو أنني الفاعلة "

" حقا ! والآن تقفين أمامي لمساعدتك في خداع إحدى الفتية من أجل إنقاد حياتك البائسة في المستقبل .ِ... و لكن عليك أن تعلمي أنني من النوع الذي لن يفعل شيئا أبدا دون مقابل .. " وضح جان أخيرا رغبته لإليزابيث مع ابتسامة وعيون ثابتتين وكأنها لمرتزقة خبير أعطى الكثير من سنوات حياته للخداع وعقد الصفقات و اغتيال الأهداف

" همم ... إذن أخيرا وصلنا لجزئك من الصفقة , بالمناسبة لقد كنت في انتظار هذه اللحضة أيضا , إنني حقا أتطلع لمعرفة ماتريده مني أيها الصغير ؟ " ابتسمت إليزابيث وأومأت لجان مع عيون مليئة بالترقب وبصيص من الإستصغار


حدق جان بعيون إليزابيث مباشرة مع ابتسامة ملتوية قبل أن يتفوه بنبرة هادئة لا تعرف الخوف أو التوتر : " الآنسة إليزابيث إن طلبي بسيط , أريد منك فقط القيام ببعض الفوضى من أجلي خلال هذه الليلة في حفل النبلاء ... " انتفضت أذان إليزابيث فجأة صانعة وجها قبيحا وفاتحة فمها قليلا غير قادرة على استوعاب ما يطلبه جان بل ضلت تتحقق من سمعها في حال كان مخطئا

لم يهتم جان بردة فعل إليزابيث بل تابع مؤكدا على طلبه :" كل ما عليك فعله هو أن تتدخلي وسط ... "

-------------------------------------------------------------------------


لهثت ديليريا راكضة نحو باب غرفة رايتشل في القصر الملكي وهي تحمل كوبا من المياه :" دونور , هل أحضرت طبيبا ما ؟ ألم يأتي أرون بعد ؟ "


أجاب دونور بينما تجلى على ملامحه القلق والتوتر وهو ينظر نحو باب غرفة رايتشل : " نعم , لقد جلبت طبيبة القصر وهي بغرفة رايتشل بالفعل , لكن أرون غير متواجد لأنه مع ... " فجأة قاطع دونور صَوْت فتح باب غرفة رايتشل وظهور آنسة جميلة بشعر أسود طويل يغطي كتفيها وعيون بنية كبيرة مع في بدلة بيضاء مزكرشة بخيوط ذهبية صانعة شكل صليب في صدر الوزرة


" كيف حال رايتشل أيتها الطبيبة ؟ " أسرعت ديليريا نحو الآنسة مع عيون مليئة بالتوتر والترقب


أظهرت الطبيبة ابتسامة مشرقة قبل أن تضع يدها على كتف ديليريا من أجل طمئنتها على حال رايتشل ثم أخبرت بنبرة تفاؤلية : " لاداعي للقلق إن الآنسة رايتشل بخير , ويسعدني إخباركم أيضا أنها حامل وهي بالفعل في شهرها الرابع "


" هاه ؟ ماذا؟ " رفع كلا من ديليريا ودونور حاجبيهما بينما رمقوا بعضهما بتعابير مليئة بالصدمة والدهشة غير مستوعبين ما يسمعون



--------------------------------------------------------------------------


2020/11/20 · 625 مشاهدة · 1179 كلمة
Hicham-Aous
نادي الروايات - 2024