# الفصل الأول:
كانت الجثة تبتسم، كما طلب منها المدرب.
لم تكن ابتسامة طبيعية، بل شقٌّ متصلّبٌ ومصطنع، رسمه شخص ما على وجه شمعي بارد. كانت العينان مفتوحتين، تحدقان في السقف المخملي الداكن للخيمة، حيث كان الغبار يرقص في شعاع ضوء وحيد كأنه أرواح معلقة. الصمت في المكان كان له وزن، يضغط على طبلة الأذن، ويتخلله فقط صوت خافت، صوت احتكاك قماش خشن بجلد.
كاي كان يراقب. لم يكن يعرف منذ متى وهو هنا، أو حتى *من* هو بالضبط. كانت ذاكرته غرفة مقفلة، لا يملك مفتاحها، وكل ما لديه هو ومضات، شظايا زجاج مكسور تعكس صورًا لا معنى لها: وجه مهرج يبكي دمًا، يد صغيرة تلوّح له من بعيد، وصوت ضحكة تتحول إلى صرخة.
كان جالسًا على كرسي خشبي متآكل، في مواجهة مسرح صغير. الهواء يحمل رائحة غريبة، مزيج من السكر المحروق والعفن الحلو. أمامه، كانت الجثة ترتدي زي بهلوان بألوان باهتة، وكأن الفرح قد نُزِع منها قسرًا. جثة ذات التزام مهني أكثر من معظم الأحياء الذين قابلهم... لو أنه قابل أحدًا.
بجانب الجثة، وقف رجل يرتدي بزة مدير سيرك حمراء مهترئة. كان يمسح قبعته العالية بمنديل أبيض، وحركاته بطيئة ومسرحية. لم ينظر إلى الجثة، بل إلى كاي.
"التفاصيل هي كل شيء، يا بني،" قال المدرب بصوت هادئ كهمس أفعى. "الجمهور لا يصفق للقفزة، بل للابتسامة التي تسبق السقوط. لا يتذكرون الموت، بل يتذكرون العرض الأخير."
لم يرد كاي. الكلمات كانت تتشكل في حلقه ثم تموت. شعر وكأنه دمية، خيوطها في يد شخص آخر. يده اليمنى، المستقرة على فخذه، لم تكن تبدو كأنها يده. كانت أصابعه طويلة، شاحبة، وتتحرك أحيانًا بإرادة خاصة بها، ترسم رموزًا غامضة في الهواء.
*"اسأله من نحن."*
صوتٌ في رأسه. صوته هو، لكنه أعمق، وأكثر برودة. نسخة منه لم تكن خائفة، بل مستمتعة.
*"الصمت أداة أقوى."* ردّ صوت آخر، صوته الخائف، الواعي.
تجاهل كاي كليهما. عيناه كانتا مثبتتين على فتاة تقف في ظل المسرح. كانت ترتدي زي مهرجة صامتة، وجهها مطلي بالأبيض، وعيناها الواسعتان فارغتان تمامًا. لم تكن تنظر إلى أي شيء محدد، وكأنها ترى من خلال الجدران، من خلال الزمن نفسه. ليلى. لا يعرف كيف عرف اسمها، لكنه كان هناك، منقوشًا على شظية من ذاكرته المكسورة.
"الآن،" تابع المدرب، مقتربًا من الجثة، "اللمسة الأخيرة." أخرج من جيبه وردة سوداء، ووضعها برفق في يد البهلوان المتيبسة. "كل قصة تحتاج إلى نهاية جميلة، حتى لو كانت كذبة."
في تلك اللحظة، تحركت الجثة.
لم تكن حركة عنيفة، بل تشنج بسيط. الأصابع المتيبسة انطبقت على الوردة، وسُمع صوت طقطقة عظام خافت. الابتسامة المرسومة اتسعت قليلًا، وكأنها أصبحت أكثر صدقًا، أكثر رعبًا.
ليلى، المهرجة الصامتة، أدارت رأسها ببطء نحو كاي. للمرة الأولى، بدا أن هناك شيئًا في عينيها. ليس خوفًا، ولا فضولًا. بل كان... فهمًا. وكأنها تقول: "أهلاً بك في العرض."
*"إنها تعرف."* همس الصوت البارد في رأسه.
*"تعرف ماذا؟"* سأل الصوت الخائف.
لم يكن هناك جواب. فقط ضحكة مكتومة، صدى في جمجمته الفارغة.
وقف المدرب، ونفض الغبار عن كتفيه. سار نحو كاي، وخطواته لم تكن تحدث أي صوت على الخشب القديم. توقف أمامه، وعيناه اللامعتان كقطعتي زجاج مكسور فحصتا وجه كاي بتمعن.
"أنت لا تتذكر، أليس كذلك؟" قال المدرب. لم يكن سؤالًا، بل تأكيدًا. "لا بأس. الذاكرة عبء. الماضي سجن. هنا، أنت حر. أنت تولد من جديد مع كل عرض."
مد يده، وفيها ورقة واحدة. لم تكن ورقة عادية، بل كانت ثقيلة، باردة الملمس، وحوافها حادة كالشفرات. كانت مكتوبة بحبر أحمر داكن، بدا وكأنه لم يجف تمامًا.
"هذا عقدك،" قال المدرب. "أو بالأحرى، سند ملكيتك. أنت المالك الجديد لهذا المكان. هذا السيرك، بكل ما فيه، ملكك الآن."
نظر كاي إلى الورقة. الكلمات كانت مكتوبة بلغة لم يرها من قبل، لكنه فهمها. كل حرف كان ينبض بحياة خاصة به. لم يكن عقدًا، بل كان قيدًا. لم يكن سند ملكية، بل كان حكمًا.
*"خذها."* أمر الصوت الداخلي.
مدّ كاي يده، تلك اليد التي لم يشعر أنها ملكه، وأخذ الورقة. بمجرد أن لمستها أصابعه، شعر ببرودة جليدية تسري في عروقه، تطفئ أي دفء متبقٍ. شعر بمعرفة قديمة تتدفق إلى عقله، معرفة لم تكن له، عن قوانين هذا المكان، عن طقوسه، عن دماء سالت على هذا المسرح.
قانون السيرك الأول: العرض يجب أن يستمر.
قانون السيرك الثاني: الجمهور دائمًا جائع.
قانون السيرك الثالث: لا تقع في حب الدمى، فقد كانت بشرًا يومًا ما.
"ماذا... ماذا علي أن أفعل؟" سأل كاي، وصوته خرج أجشًا، كأنه لم يُستخدم منذ قرون.
ابتسم المدرب، ابتسامة حقيقية هذه المرة، وكانت أكثر ترويعًا من ابتسامة الجثة. "أنت المالك. أنت تقرر. أنت تختار العرض القادم، وتختار الممثلين."
أشار إلى الجثة المبتسمة. "هذا، على سبيل المثال، كان عرضه الأخير. لقد أضحك الجمهور كثيرًا في العرض السابق. والآن، أصبح جزءًا من الضحك نفسه."
نظر كاي إلى ليلى، التي كانت لا تزال تحدق فيه بصمتها المطبق. ثم نظر إلى يديه، إلى العقد الذي أصبح الآن جزءًا من جلده. شعر بوعيه يتمزق، ينقسم إلى نصفين. نصف يصرخ في رعب، ونصف يضحك في نشوة.
هو ليس سجينًا هنا. هو أسوأ.
هو الحاكم.
"والآن،" قال المدرب، متراجعًا إلى الظل، وصوته يتلاشى كصدى، "استرح قليلًا. العرض القادم سيبدأ عند شروق القمر الأسود. والجمهور... ينتظر بطلًا جديدًا."
اختفى المدرب. بقيت الخيمة صامتة إلا من صوت تنفس كاي المتقطع. نظر إلى الجثة، التي بدت وكأنها تراقبه بعينيها الميتتين. ثم نظر إلى ليلى، التي أغمضت عينيها ببطء، وكأنها تستسلم لقدر محتوم.
*"خصم البطل..."* همس الصوت في رأسه، وهذه المرة، لم يكن هناك صوت آخر ليرد عليه. *"لا يرفع سلاحًا... بل ورقة واحدة تكفي."
شعر كاي بابتسامة تتشكل على وجهه
. لم تكن ابتسامته، لكنها كانت هناك. شقٌّ بارد، ومصطنع، ومستعد للعرض القادم.