# الفصل السابع:

لا إعلان. لا صوت ميكانيكي. لا ضوء أحمر يتوهّج فوق الممر.

فقط... صمت. لكن ليس صمتًا ميتًا. كان حيًّا، يلتفّ حول عنق كاي كحبل غير مرئي، كأن السيرك نفسه قرر التوقّف عن الادّعاء.

ابتسامة الانعكاس لا تزال تطفو في الذاكرة، ليست كصورة بل كلطخة زيت فوق بركة مياه آسنة. المرايا خلفه بدأت تفقد شكلها، تتكسر بصمت داخلي. لم تعد تعكس شيئًا، بل تحوّلت إلى ثقوب — لا تطل على الماضي، بل تبتلعه.

**ليلى؟**

لم تكن بجانبه.

استدار.

وجدها هناك، في مركز الغرفة، واقفة كظل قديم عاد من حلم.

ظهرها له. تواجه مرآة وحيدة لا تزال مضاءة، لكن الضوء لم يكن طبيعيًّا، بل ناعمًا، ذهبيًّا، كإضاءة من حلم قديم أو ذكرى طفولة لم تكن له.

"ألا تتذكر هذا اللحن؟" همست.

لكن لم تكن تتكلم بشفتيها.

الصوت جاء من الزجاج، من المرايا، من الأرض.

**ثم جاء اللحن.**

نغمات بيانو. بسيطة. حزينة. كأنها تعزف من يدين ترتجفان. اللحن ليس مروّعًا، لكنه يوجع. لأنه مألوف. مألوف أكثر مما يجب.

الهواء تغيّر. أصبح أكثر لزوجة، أكثر بطئًا، كأن السيرك يغرق في مستنقع ذاكرة جماعية.

كاي لم يتحرك، لكنه رأى.

**طفل. طفلة.** وجهان صغيران يحدقان فيه. هما يبتسمان... ثم يختفيان. تذوب ملامحهما كما تذوب الوجوه في كوابيس الحمى.

"كاذبة." قال، وصوته بدا وكأنه يخرج من شخص آخر. "أنا لا أعرف العزف."

ليلى استدارت.

وجهها؟ لا. قناع ناعم. لكن عينيها... عاصفة.

"أنت لا تتذكر. وهناك فرق." اقتربت. "الذاكرة كذبة نخبرها لأنفسنا لنستمر. لكنك، يا كاي، توقفت عن الكذب... ومنذها وأنت تسقط."

كان هناك شيء ينهار داخله — لا وعي، ولا فهم، بل شيء أقدم. **الحاجة لمعرفة من يكون.**

"هذا السيرك؟ ليس مكانًا. إنه أنت. كل شبر فيه. كل خيمة. كل مهرّج. كل ظل. محاولة يائسة لإعادة تجميع ما تحطّم منك."

صوت كاي كان حادًا:

"ومن أنتِ؟"

توقفت. للحظة، كانت صادقة.

"أنا أول قطعة فُقدت."

ثم اهتزت الأرض.

لكن ليس كزلزال. بل كأن العالم يرفض هذه الجملة.

من المرايا المكسورة تسرب شيء... لا ضوء. بل ظلام. سائل. أسود. يتلوى على الأرض كأفعى بلا صوت. يتجمع، يتكثف، يتشكّل.

وخرج منه **رجل.**

يرتدي بدلة رمادية مشقوقة. أنيق، لكن ميت. وجه وسيم. ملامح بشرية. لكن العينان؟

فارغتان.

كأنهما لا تحتويان على أي ذاكرة.

كأنهما... **نسيتا ما يعني أن ترى.**

قال بصوت رتيب، كمن يتلذذ بكل كلمة:

"العرض أصبح عاطفيًا أكثر من اللازم."

**بايك سا-هيون.**

كاي لم يقل شيئًا. لم يتحرك.

ليلى فعلت.

تقدمت، جسدها كله مشدود. "أنت لا مكان لك هنا."

ضحك بايك، ضحكة قصيرة. بلا مرح. بلا صوت تقريبًا.

"أنا كل هذا المكان. كنت من اقترح التجربة. أنتِ من جعلتها دراما. وأنت يا كاي..."

اقترب، ببطء. كل خطوة منه تغيّر شكل الغرفة، كأن وجوده يعيد كتابة الجدران.

"...أنت هو التجربة."

"لا تصدقه!" صرخت ليلى. "هو من بدأ هذا. من بنى المتاهة. من جعل الألم فناً."

بايك ابتسم، كأنها تمدحه.

ثم مد يده.

في راحة كفه... دمية.

مصنوعة من قماش ممزق. عيناها أزرار. شعرها خيوط. لكنها تشبه شيئًا.

تشبه **الطفلة**.

"هل تتذكر، كاي؟ كيف كانت تصرخ عندما غادرت؟ عندما وعدتهم أن تعود ولم تعد؟"

كاي لم يسقط.

**انهار.**

ركبتاه لم تعد تحمله. سقط بصمت.

كل صرخة، كل وجه، كل مرآة... عادت. صوته الداخلي تمزق. كأن هناك ألف كاي في رأسه، يصرخون معًا، كلٌّ بلحن مختلف.

ليلى هرعت إليه. أمسكت بيده.

"لا تصغِ له. إنه كاذب. هو لا يتذكر، فقط يعيد كتابة القصة."

لكن كاي كان ينظر إلى بايك سا-هيون... نظرة غريبة.

ثم... صمت.

وفجأة، **أضاء كاي.**

حرفيًّا.

نور فضيّ خرج من عينيه، من جلده، من كل مكان. ليس ضوءًا خارجيًا، بل من نوع الأضواء التي تحرق الداخل لتمنع السقوط.

وقف.

لكن لم يكن هو تمامًا.

كان... أقدم. أهدأ. أبرد. كأنه كاي الأول، قبل الكذب. قبل السيرك. قبل كل شيء.

صوته لم يكن صوت رجل.

كان صوت *حقيقة*.

"العرض... لي."

بايك تجمد.

ليلى شهقت.

"وأنا من يقرر متى ينتهي."

ظلال بايك بدأت تتبخر. جسده تشقق. عينيه اتّسعتا، لكن ليس خوفًا. بل... اعترافًا.

"وأخيرًا..." تمتم. "لقد كسرت القفص."

ثم تلاشى.

لم ينفجر.

لم يصرخ.

بل... تبخر، كما يتبخر حلم حين تستيقظ.

---

كاي ا

نخفض على الأرض.

ليلى راقبته بصمت.

"هل أنت بخير؟" همست.

"لا أعلم." قال. "أشعر أنني لم أكن أبدًا."

رفعت رأسها.

"ومن ستكون الآن؟"

كاي فكر للحظة.

"من لا يتذكر... لا يختار." قال. ثم نظر إلى السماء داخل السيرك، حيث الأضواء لا تنطفئ.

"لكن ربما، هذه المرة، سأعزف اللحن للنهاية."

---

2025/07/08 · 5 مشاهدة · 684 كلمة
نادي الروايات - 2025