الفصل الثاني: الخطأ الذي لم يحدث
في الصباح، كانت المرآة مغطاة ببخار غير طبيعي. لم أكن قد استحممت، ولم تكن الغرفة باردة. لكن الزجاج غطّته طبقة ناعمة من الضباب كأن شيئًا ما تنفّس أمامه قبل أن أفتح عيني.
مسحت الزجاج بأطراف أصابعي. وجهي كان كما هو. عادي.
لكني شعرت أن هناك ظلًا خلفي. لم ألتفت.
الصفحة على الطاولة لم تتغير.
لكن الجملة اختلفت.
اليوم كتبت لي شيئًا لم أفهمه فورًا.
"الخطأ لم يحدث... ولهذا يجب أن تدفع الثمن."
خطأ؟ أي خطأ؟
إذا لم يحدث، لماذا أحاسب عليه؟
من يكتب هذا؟
هل هو أنا، لكن من زمن آخر؟ هل هو ريان؟
أم أن الرواية لم تعد بحاجة لكاتب؟
جلست أمام الصفحة، أتأمل الحبر. لم يكن مطبوعًا. الكلمة كُتبت يدويًا، لكن القلم لم يكن قلمي. شعرت بشيء من الرطوبة في الورق، كأن الجملة كُتبت للتو، كأن شخصًا ما غادر الغرفة قبل دخولي بثانية.
تذكرت شيئًا قديمًا.
عندما كنا صغارًا، قال لي ريان:
"أحيانًا، الشيء الذي لا تفعله... يخلق كابوسًا أكبر من الشيء الذي فعلته."
لم أفهمه وقتها.
الآن أفهمه أكثر مما ينبغي.
---
ذهبت إلى القبو.
لم يكن هناك شيء ظاهر. نفس الرائحة القديمة. الغبار. الصمت الخشن الذي يبدو أنه يعرف أكثر مني.
بحثت عن الأوراق القديمة. الرواية التي بدأناها. وجدتها ناقصة. فقط خمس عشرة صفحة.
لكن الغريب أن الصفحة السادسة لم تكن من كتابتنا.
خطها مختلف. أسلوبها لا يشبهنا. الكلمات تتحدث عن مستقبل لم نكن نعرفه وقتها.
"في اليوم الذي لن تفتح فيه الباب، ستبدأ الرواية."
تذكرت ذلك اليوم.
ريان طرق الباب. كنت خلفه، ولم أفتحه. كنت غاضبًا. أو خائفًا. أو شيء لا أعرف اسمه.
ولم أفتحه.
ربما هذه الرواية بدأت هناك.
عند الباب المغلق.
---
في الصفحة الجديدة، اليوم التالي، جملة جديدة:
"الندم لا يكتب، لكنه يحرّر."
لم أفهمها في اللحظة الأولى، لكني شعرت بثقلها. كأن الحروف نفسها تنظر إلي.
أردت أن أمزق الورقة. لم أستطع.
شعرت أنها ليست مجرد ورقة. بل مرآة أخرى، لا تعكس وجهي، بل ما حاولت نسيانه.
---
في الليل، حلمت بأنني أقرأ فصلًا لم أكتبه.
كل جملة كانت تعرفني. كل سطر كان يصف موقفًا عشته ولم أخبر به أحد.
في الحلم، كنت أقرأ الفصل السابع عشر.
لكنني الآن لم أكتب إلا اثنين.
استيقظت في الثالثة وسبع عشرة دقيقة.
والجملة التي أمامي تغيّرت.
الآن تقول:
"لا تكتب لتتذكر. اكتب لتنسى ما لن يُغفر."
---
ليس هناك صوت في المنزل.
ولا أحد معي.
لكنني بدأت أشعر أن شخصًا آخر يقرأ معي، كل مرة أفتح الصفحة.
هذه الرواية لا تنتظرني.
إنها تسبقني.
والآن، بدأت تخبرني بما سأفعله، لا بما فعلت.