3 - الفصل الثالث: المرآه التي لا تعكس

الفصل الثالث: المرآه التي لا تعكس

لم أنم تلك الليلة.

وربما لم أنم منذ أيام، أو شهور، أو منذ تلك الجملة الأولى:

"لا تكتبني، سأكتبك."

لا أعرف... كل شيء صار يدوُر في رأسي كأنني داخل جهاز تسجيل قديم، شريطه مشوش، وعيونه تراقب من داخل الظل.

صوت خافت... لا هو صوت ريان، ولا صوتي. لكنه يعرفنا.

يقول لي: "لن ترى نفسك مجددًا."

وأنا، للغرابة، لا أشعر بالرعب. فقط، شيء يشبه الإعتراف الذي لا يملك مكانًا ليُقال فيه.

في صباح اليوم التالي، وجدت المرآه... مغطاة.

لم أفعل ذلك. أقسم أنني لم أفعل.

لم أغطيها. لكن هناك قُماش رمادي قديم، موضوع بعناية كأن أحدهم لا يريدني أن أرى.

سحبت القماش، ببطء، كمن يفتح قبره.

لكن، لم أرى وجهي. لم أرَ أي شيء.

المرآه كانت موجودة. نظيفة. لا غبار. لا خدش.

لكن لا إنعكاس.

كأنها لم تعد تصدق أنني موجود.

لم أتحرك. شعرت أنني أقف أمام بوابة إلى شيء لا أعرفه.

مرآة لا تعكس…

فماذا تعكس إذًا؟

أغلقت عينيّ. فتحتهما.

كتبت على الزجاج بسبابتي المرتجفة:

"من أنا؟"

ولوهلة، رأيت جملة تظهر من الداخل، من الجهة الأخرى من الزجاج:

"أنت الذي كتبت النهاية ونسيت أن تموت."

ارتجفت.

تراجعت خطوة للخلف. لم أعد أتنفس.

الزجاج صار شاشة. شاشة تُعرض لي حياة لا أتذكر أنني عشتها.

مشاهد مشوشة...

أنا طفل، أكتب اسمًا غريبًا على دفتر المدرسة.

أنا مراهق، أحرق ورقة كتبها ريان ثم أقول له: "ما كتبتَه خطير، إحرقه."

ريان يضحك. يقول لي: "الخطير لا يُحرق، هو من يحترق فينا."

ثم… صورة لا أعرفها.

أنا… أحمل شيئًا في يدي. شيء صغير، كعلبة خشبية.

أفتحها.

فيها قصاصة ورق، مكتوب عليها:

"هذه ليست روايتك."

وضعت يدي على المرآة.

كانت باردة، لكنها تنبض. نعم... كأنها حيّه.

ثم سمعت صوتًا خلفي.

إلتفت.

لا أحد.

لكن الباب كان مفتوح.

والغرفة خلفه… كانت ليست غرفتي.

كانت نسخة منها، لكن أعيد ترتيبها بطريقة خاطئة.

كأن أحدهم قرأ وصفها وقرّر أن يرسمها من ذاكرته، لكنه نسي التفاصيل الصغيرة.

الساعة، كانت هناك. لكنها كانت تشير إلى 3:13 — مجددًا.

اللوحة على الحائط؟ مقلوبة رأسًا على عقب.

دخلت الغرفة، وأنا أشعر أن قدميّ لم تعودا لي.

هناك على الطاولة، وجدتها.

ورقة واحدة. مطوية. مثل التي في الفصل الأول.

لكن هذه كُتب عليها فقط:

"مرآتك لم تعُد تعكسك، لأنها لم تعُد تُصدقك."

ورجعت الجملة تدور في رأسي مثل مطرقة: "أنت الذي كتبت النهاية ونسيت أن تموت."

هل هذا يعني... أنني ميت؟

أم أن الرواية بدأت تكتب الفصل الأخير، قبلي؟

رفعت الورقة، وقلبتها. لا شيء على الجهة الأخرى.

لكنني كنت أعرف، أن الجملة التالية ستظهر وحدها… حين يحين و

قتها.

ولأول مرة، تمنّيت ألا أقرأ الصفحة القادمة.

لكن الرواية، لم تعد تنتظر إذني.

2025/06/12 · 2 مشاهدة · 414 كلمة
جو_اكس
نادي الروايات - 2025