---
رواية: المستولي على الألوهية – بداية زوي لينغ
الفصل الثالث: بذور الصعود
مرّت الأيام الثلاثة التالية بسرعة، لكنها لم تكن عادية بالنسبة لزوي لينغ. فبعد فوزه في ساحة القتال وتمثيله المقنع، نُقل إلى قسم مختلف ضمن ممتلكات عائلة يي، وهو القسم الذي يضم العبيد “الواعدين”، أولئك الذين أظهروا قدرات تجعلهم يستحقون فرصة إضافية.
الغرف هنا كانت أوسع قليلًا، وبدل الحصيرة البالية، حصل على سرير خشبي مغطى ببطانية رقيقة. الطعام لم يعد مجرد حساء رمادي، بل شمل بعض قطع الخبز والخضار المطبوخة. لكنه لم يغتر. هذا التحسن الطفيف كان مجرد فخ مغطى بالراحة؛ فأعين الحرّاس تراقبهم دون توقف، والسلاسل لم تُرفع عن أقدامهم.
خلال النهار، كان زوي يُجبر على التدريبات الشاقة مع العبيد الآخرين: الجري، رفع الصخور، القتال بالأيدي. أما هو، فكان يوهم الجميع بأنه يرهق نفسه، بينما في الواقع، كان يراقب كل شيء. يراقب الوقت، وجداول تغيير الحراس، وطريق الممرات المؤدية إلى القسم الطبي، والأرشيف، وغرف الحراسة. كل لحظة تمر، كان يستثمرها في جمع المعلومات.
لياليه كانت هادئة... على السطح فقط.
في الداخل، كان عقله يعمل بلا توقف.
كان يتذكر المانهوا بكل تفاصيلها، تلك التي حفظها بعناية في حياته السابقة. كان يعرف أن حادثة بسيطة ستحدث بعد أربعة أيام: أحد الشيوخ سيتعرض لمرض مفاجئ، ويُطلب من أحد التلاميذ البحث في الأرشيف القديم عن علاج. تلك الفرصة، رغم بساطتها الظاهرة، ستؤدي إلى اكتشاف تقنية “صقل الجسد السماوي”، المخطوطة التي ستمنح لوه تشنغ نقطة انطلاقه الحقيقية في عالم الزراعة.
لكن ليس هذه المرة.
في هذا العالم... زوي هو من سيأخذ التقنية.
في صباح اليوم الرابع، توجه زوي إلى مشرف القسم متصنعًا الحماس، وقال بابتسامة خادعة:
"سيدي، أود التطوع في تنظيف الأرشيف. أريد أن أُظهر حُسن نيّتي تجاه العائلة."
نظر إليه المشرف بارتياب، ثم أومأ ببطء. "نصف ساعة فقط. أي تصرف غريب… يُقطع لسانك."
"مفهوم، سيدي."
قاده أحد الحرّاس عبر ممر طويل، وصولًا إلى مبنى جانبي رمادي، مغطى بالغبار والرطوبة. كانت نوافذه مغلقة، ورائحة الورق القديم تملأ المكان. الأرشيف لم يكن مهيبًا، بل أقرب إلى مخزن منسي.
"نصف ساعة، وسآتي لأخذك." قال الحارس، ثم أغلق الباب.
تنفس زوي بعمق، وعيناه بدأت تفتشان المكان كذئب جائع.
تقدم بخطى سريعة، يمرر أصابعه على الرفوف المتداعية، متوجهًا مباشرة نحو الجهة الغربية من الغرفة، الرف العلوي الثالث... حيث تذكر تمامًا مكان المخطوطة.
عثر عليها بعد لحظات: مجلد قديم، جلده مشقق، لا يحمل أي ختم ولا عنوان.
سحبها ببطء، فتحها بحذر، وقلب الصفحات. كان الخط باهتًا، لكن التعاليم بداخله واضحة. رسوم طاقية معقدة، شروحات حول مسارات الطاقة، وتقنيات تنقية العظام، وتحويل الجسد إلى وعاء روحي.
"هذه هي..." تمتم بصوت خافت، وعيناه تتوهجان.
طوى الكتاب، وخبأه داخل ثوبه تحت قميصه الممزق، وتأكد ألا يظهر شيء. أكمل تنظيف المكان لبعض الوقت لإزالة الشكوك، ثم جلس بهدوء عند الباب حتى حضر الحارس.
"انتهيت؟"
"نعم، سيدي."
عاد إلى غرفته دون كلمة إضافية.
في تلك الليلة، انتظر حتى غطى الجميع في النوم. جلس متربعًا على سريره الخشبي، أخرج المخطوطة، ووضعها أمامه. أضاء شمعة صغيرة، وبدأ يقرأ.
كل سطر كان يشعل النار في قلبه.
"في العالم الأصلي، لوه تشنغ تطلب منه الأمر أسابيع ليبدأ بتنفيذ التقنية... أما أنا؟ لدي المعرفة، لدي السياق، أعرف الأخطاء التي وقع بها."
بدأ بتنظيم تنفسه. أغلق عينيه، وترك روحه تغوص في أعماقه. كان قد مارس بعض التأمل في حياته السابقة، لكن الآن... كان الأمر مختلفًا.
بدأت خطوط الطاقة في جسده تستجيب ببطء.
شعر بحرارة خفيفة تخرج من بطنه، وتنتشر في أطرافه. الألم كان شديدًا في البداية، كما لو أن أعصابه تحترق. لكنه تماسك، تذكر ما قرأه: "الألم هو أول بوابة. من يتحمله... يبدأ صقل الجسد الحقيقي."
مرت ساعات طويلة، والعرق يغمره، وقلبه يخفق بعنف. لكنه لم يتوقف.
مع بزوغ أول خيط من نور الفجر، فتح عينيه ببطء.
كان جسده مشبعًا بالطاقة. خفيفًا... لكن صلبًا. شعر كأن عظامه أصبحت أكثر كثافة، وعضلاته أكثر مرونة. لم يكن قد أتقن التقنية بالكامل، لكنه بدأ رحلته.
**
في اليوم التالي، أثناء التدريب، لاحظ بعض العبيد أن زوي يتحرك بخفة غير مألوفة. حركته أصبحت أسرع، ضرباته أكثر دقة، ونفَسه لا ينقطع بسهولة.
همس أحدهم للآخر: "هل هذا نفس الفتى الذي جاء قبل أسبوع فقط؟"
ابتسم زوي لنفسه. لم يكن ينوي إظهار الكثير، لكن عليه أن يبقي الشكوك في أدنى حد.
عندما عاد إلى غرفته تلك الليلة، جلس مجددًا وأكمل ما بدأه. بدأ يركز على النقاط الروحية الرئيسية، محاولًا فتح أول نقطة طاقية حقيقية.
"في القصة الأصلية، لوه تشنغ احتاج لدفع جسده حتى أقصى الحدود لفتح النقطة الأولى... لكنني أعرف الاختصار."
تأمل مجددًا، مستعينًا بذاكرته عن التفسيرات الصحيحة. وبعد محاولات عديدة، شعر بانفجار دقيق داخل صدره. كانت النقطة الأولى تُفتح ببطء... ومعها، تغيرت نظرته لنفسه.
لم يعد عبدًا.
لم يعد مجرد “شخصية جانبية” في قصة كتبها غيره.
هو الآن من يملك المفاتيح.
هو من سيصعد.
هو من سيُصبح... إلهًا.
---
النهايه