.
---
الفصل الخامس: ظل فوق البطل
كان الليل قد تمدد فوق ممتلكات عائلة يي كسحابة خفية، تخفي تحتها أحلامًا يائسة وصرخات مكبوتة. لكن زوي لينغ لم يكن نائمًا.
كان جالسًا متربعًا في غرفته الجديدة، أنفاسه مستقرة، وملامحه مغمورة بضوء خافت من شمعة نصف محترقة. المخطوطة القديمة أمامه، مفتوحة على صفحة مشوشة، تشرح مرحلة جديدة من "صقل الجسد السماوي" — مرحلة تفتح فيها النقطة الثالثة، المرتبطة بقدرة التحمل الجسدي والسرعة الروحية.
لكن زوي لم يكن مستعجلًا.
لقد بدأ يشعر بثقل آخر… ليس من جسده، بل من عيون من حوله.
بعد ما أظهره في الحلبة ضد يي زانغ، لم يعد مجرد "عبد واعد" في نظر الحراس. بل بات مادة همس بين التلاميذ، خاصة أولئك من العائلة الفرعية الذين رأوا فيه تهديدًا لتوازن القوى الداخلي.
وفي اليوم التالي، تجسدت تلك الريبة في هيئة رجل طويل، نحيل الجسد، عيناه كالسكاكين، يدعى "يي غوانغ".
كان يي غوانغ أحد التلاميذ من الطبقة العليا، مُكلف بمراقبة الحراس المتدربين. وعندما دخل ساحة التدريب ورأى زوي يقاتل اثنين من العبيد الآخرين في آنٍ واحد ويتفوق عليهما بسهولة، اقترب ببطء وقال بنبرة باردة:
"من درّبك؟"
"نفسي." أجاب زوي دون تردد.
يي غوانغ ضحك. ضحكة قصيرة، لكن خلفها حدة.
"أنت لست طبيعيًا. وهذا ليس مديحًا."
ثم أضاف: "سأراقبك."
لم يكن ذلك تهديدًا صريحًا، لكنه في عالم مثل هذا… كان كافيًا.
**
في الليل، وبينما كان زوي يجلس بهدوء في مكان معزول بين الممرات، جاءه زائر غير متوقع.
"زوي؟"
رفع رأسه، فرأى لوه تشنغ، يحمل بعض الطعام البسيط في يده.
"أحضرت لك حصتي. رأيتك لم تأكل."
زوي تردد لثوانٍ، ثم ابتسم وأخذ الطعام.
"شكرًا، لوه."
جلس لوه بجانبه، وأخذ يتحدث بصوته المعتاد: نبرة هادئة، مليئة بالرضا الغريب رغم كل الألم.
"أحيانًا أشعر أنني لن أخرج من هنا أبدًا… لكن وجودك يجعل الأمر أسهل."
كلمات صادقة، غير معقدة.
زوي نظر إليه، ثم قال بصوت خافت: "وأنا أيضًا أشعر بأنك... الشيء الوحيد الذي يذكّرني أنني إنسان."
كذب.
لكنه كذب بمهارة جعلت لوه يبتسم.
"ربما… عندما نخرج من هنا، نبدأ حياة جديدة. بعيدًا عن هذه الطائفة."
زوي لم يُجبه.
في داخله، كان يفكر بشيء آخر.
"عندما أخرج… ستكون أول من أخونه."
**
في الأيام التالية، استُدعي زوي عدة مرات لتقديم التقارير إلى وانغ لاو. وفي كل مرة، كان الرجل العجوز يزداد إعجابًا به.
"قوتك تتقدم بسرعة، زوي. أسرع حتى من بعض التلاميذ النبلاء."
ثم أضاف وهو يقلب ورقة في يده: "لكن ذلك لا يكفي."
زوي رفع حاجبه. "لا يكفي لماذا؟"
وانغ لاو شبك يديه، وقال بهدوء: "العائلة ستعقد قريبًا "اختبار الولاء"، حيث يُسمح لعبد واحد فقط بأن يُمنح الحرية المشروطة ويتم اختباره للانضمام إلى الطائفة كعضو متدرب. الأمر سياسي أكثر مما هو عسكري، لكن… إن فزت، تخرج من الظل."
صمت للحظة، ثم أردف: "لكن إن خسرت… فأنت تعرف ماذا يحدث."
زوي أومأ ببطء. لم يكن خائفًا. كان يتوقع هذه اللحظة.
كان يعرف من القصة أن لوه تشنغ سيُختبر في هذه المناسبة ويفشل... ثم يُباع.
"لكن ليس هذه المرة." قال زوي في نفسه.
"لن يُباع… بل سيُخدع."
**
في المساء السابق للاختبار، جلس زوي مجددًا في غرفته، واستخرج من تحت سريره كيسًا صغيرًا. في داخله، مادة عشبية خضراء قاتمة اللون، عرفها من المانهوا باسم "عشب التثبيط الروحي"، تُستخدم لتقييد دوران الطاقة داخل الجسد لمدة قصيرة.
لم يكن ينوي قتل لوه… فقط كسر فرصته.
"بعض قطرات في حسائه ستكون كافية."
وفي اليوم التالي، أثناء تناول الطعام، جلس زوي بجانبه، وتحدث كعادته، وأقنعه بأن يتبادل الحصص بدافع "الكرم".
لوه تشنغ، كعادته… ابتسم، وشكره.
"ثق بي أكثر، يا صديقي." همس زوي في داخله، بينما عيونه تتابع كل لقمة تدخل فم لوه.
**
حين أُقيمت الحلبة المخصصة لاختبار الولاء، وقف تلاميذ العائلة في الشرفات، ينظرون إلى العبيد المتجمعين في الأسفل.
كان التحدي بسيطًا: قتال مفتوح، الفائز فيه يتم اختياره من قبل الشيخ المشرف.
لوه تشنغ واجه خصمًا متوسط القوة… لكنه لم يستطع الاستجابة بسرعة.
عيناه تغبشان، طاقته لا تتحرك كما اعتاد.
سقط.
بينما كان زوي يشاهد من بعيد، بملامح حزينة، ونظرة قلق مزيف.
ثم جاء دوره… فقاتل كأنه وُلد للدم.
كل ضربة كانت مدروسة، كل خطوة جزء من عرض موجه نحو المشرفين.
وعندما انتهى… اختير.
"زوي لينغ، ستنتقل إلى الطائفة الداخلية تحت إشراف مباشر."
**
وفي الزنزانة في تلك الليلة، جلس لوه على الأرض، يحدق في الحائط.
زوي زاره، ووضع يده على كتفه.
"أنا آسف… كنت أظن أنك ستنجح."
لوه لم يُجبه.
كانت الخيانة لم تُكتشف… لكن آثارها بدأت بالتسرب.
وزوي؟ لم يهتم.
فهو الآن لم يعد عبدًا.
بل بدأ يتجاوز حتى التلامي
ذ أنفسهم.
وظلّه… بدأ يغطي البطل.
---
النهايه