الأمير وإبنُ الوزير
الفصل الأول
(الأميرُ المريض )
في مملكة بعيدة ، تمتد على أراضٍ واسعة وتحيطها الغابات المطرية من جوانِبها الأربعة،وفي قصر الملك الذي يتوسط المملكة ، قصر ضخمٌ وشامِخ
أبراجه الشاهقة تلامِسُ السحاب ، مبنيٌ منذ زمن بعيد ، فهو ملكٌ متوارثٌ للعائِلة المالكة ، عائلةُ ماركوس .
كانت تلك المملكة الهادئة مقبلةٌ على مرحلةٍ من الفوضى
فمرض الفقر بدأ بالتفشي بين سكانها ، والجهل والأُمية بدأت تلقي بآثارها العميقةِ في بنية المملكةِ العريقة ، أعداد الفقراء في إزدياد وكذلك سخط الشعب ، يُشاعُ في تلك المملكةِ أن الحاكم شخصٌ سيء، لا أعني بكونه سيئاً أي فاشلاً في إدارة مملكته فقط ، بل سيءٌ بما تحملُه الكلِمةُ من معنى ، فيشاعُ مثلاً أنه قاتلٌ شغوفٌ لسفكِ الدماء ، وأنه رجلٌ محتكِرٌ لأموال المملكة يلقي بها في فائدته لذلك عُدّ كأسوءُ مَلِكٍ في نظرِ أبناء مملكته....
لكن الأمر في النهاية أنها مجرد إشاعات لا أكثر ، تستمر بالإنتشار للتحول من كذبةٍ أطلقها أحدهم إلى حقيقةٍ مشبوهةٍ يصدقها الجميع .
في ذلِك القصر الجميل ، حيث تقطُنُ عائلة ماركوس ، الملك هنري ماركوس وزوجته ليديا وطفلاهُما التوأم إدوارد وماري
إدوارد والذي يبلُغُ مِن العمرِ أربعة عشر سنةٍ ، طفلٌ بريئٌ بملامِح جذابة ، بشرته بيضاء وشعره أشقر وعيناه زرقاوتان كزرقةِ السماء وكذلك أخته ماري فهي تشبهه ،كان الإثنان يتجولان في باحةِ القصرِ الواسعة وقد بدى التوتر واضحاً في خطواتهما ، كانا يترقبانِ بقلقٍ أخباراً عن والدتهما التى كانت تعاني ألآم المخاض ، فالعائلة تنتظر مولودها الجديد ، القصرُ في حالةٍ من الفوضى ..
تحدث إدوارد بتوتر
- ماري أنا خائِف
(توقفت ماري عن السير لتمسك بيدي شقيقها قائلةً) : لاتقلق ستكون أُمي بخير
إقترب ناحيتهما فتىً بدى بالعمرِ ذاتِه ، بشرته بيضاء وشعره بنيٌ وكذلك لون عينيه ، إنهُ هنري ، إبن الوزير ريتشارد اليد اليمنى للملِك ومستشاره الأول
- إهدئ إدوارد ، من ينظر إليك يظنُ أنكَ والِدُ الطفل
أجاب إدوارد بإنزعاج : ومالفرق ؟ أنا أخوه
(إبتسم هنري من طرف شفتيه وهو يتمتم ): أعلم أنك متوترٌ بسبب الرهان
(إقتربت إحدى الخادمات ناحية الأطفال والبشرى تزينُ ملامِحَ وجهها لتتحدث بحماس): لقد أنجبتِ الملِكَةُ طِفلاً ومُنِح إسم أندريه
هناك تعالت صرخات إدوارد من السعادة وكذلك ماري
(تحدث ادوارد بحماس): أنا الفائِزُ بالرهانِ ماري ، إنه ذكرٌ كما توقعت
- هل أنتَ سعيدٌ بولادةِ الطفلِ بسلامٍ أم بفوزِكَ بالرهان
(إبتسم هنري قائلاً): هو سعيدٌ بالإثنينِ تماماً ، أوه لقد حقق فوزاً ساحِقاً
(ماري بإنزعاج) : أتحاول إغاظتي؟ ثم توقف عن الوقوفِ إلى جانِبِ إدوارد كظله تماماً
(إدوارد وهو يعانِق هنري): حتى ظلي يتخلى عني في الظلام ، لكن هنري لايفعل
(أفلت إدوارد هنري ليقف مقابِلاً له قائلاً) : لنتبارز!!
- ليس مجدداً ، أنت تعلم أنك ممنوعٌ عن المبارزة
-هذه المرة فقط ، أرجوك ، أنت تعلم أيضاً أنني
أستطيع التعبير عن سعادتي بالمبارزة ، أرجوك ، هذه آخر مرةٍ خلال هذا الأسبوع
(هنري بيأس): حسناً
بدأ الإثنانِ بالمبارزة في مابينهما ، كانا يبدوان كفارسين في وسط معركةٍ ما ، فكلاهما يمسكان السيف بإحكامٍ ويتحركانِ بخفةٍ هنا وهناك
من بعيد ، كان يراقبهم شابٌ بدى في بدايات العشرينيات من عمره ، أبيض البشرة وبشعر أشقر يصل إلى كتفيه وعينين زرقاوتين ، كان يرتدى بدلة عسكرية حديدية والعديد من شارات الشرف ، إنه " مارك " القائد الأعلى للحرس الملكي
همس مارك وهو يراقبهم من بعيد : يبدوانِ كلوحةِ فنية
إقترب أحدهم ناحيتة مارك هامساً : كلوحةِ الموت ؟
إلتفت مارك لينظر بحدةٍ هامساً : أوين !
"أوين يمتلك ملامحة حادةً تماما ، عيناه باللون البني وشعره أسود اللون "
(إبتسم أوين قائلاً): يبدو أنكَ غير سعيدٍ برؤيتي؟لكن .. ألا توافقني الرأي ... يبدوان كلوحةِ الموت ؟ تِلكَ التي تُزينُ مُتحَفَ القصر
- إطلاقاً ، دعكَ مِنهما
-حسناً ...إذاً أيها القائد العظيم مارك سمعت أنك هزمت الجميع وحققت فوزاً للمرة السابعة عشر ! المملكةُ بين يديكَ حقاً ، قد تخون الملك في أي لحظةٍ حتى
- يبدو أنك تعدُ إنتصاراتي
- بالتأكيد ! علي فعل ذلك فكما تعلم ..لاوجود للفوز الثامن عشر
- مالذي يجعلك واثِقاً هكذا؟
- تعلمٌ أنني أعمل بجدٍ لأهزمك واكون القائِدَ التالي
- يبدو أنك لم تتعِظ ... بعد هزيمتك السابقة
إبتسم أُوين من طرف شفتيه ليهمس: إنتظرني فقط
ثم إلتفت مغادِراً ....
في باحة القصر كان مايزال الإثنانِ يتبارزان ، كانت البسمة قد شقت طريقها على ملامح وجه إدوارد ، فالمبارزة هي هوسه الممنوع ، توقف إدوارد للحظةٍ وهو يلتقط أنفاسه بينما بدأت السماء تمطر شيئاً فشيئاً ( إقترب هنري هامساً) : هل أنت بخير،لنتوقف
(إدوارد وهو يتنفس بصعوبه): بخير ..بخير ، دعنا نكمل
- مستحيل! أنت تعلم أن المبارزة مضرةٌ بصحتك ،دعنا ندخل ، لقد تبللت ثيابك ، ستصاب بالبرد
أمسك هنري بيد إدوارد مساعده على النهوض ، بينما أصدر إدوارد آهه منزعجة ليهمس: متى سينتهي أمر هذا المرض!
إتجه الإثنان إلى الداخل ، حيث الغرفة التي ترقدُ فيها والدة إدوارد
طرق إدوارد الباب ليدخل بعدها ، كانت والدته نائمةً هناك ، فتحت عيناها لتهمس : صغيري !
إقترب إدوارد بسعادة وأمسك بيد امه ليقبلها بلطف
- أمي ،شكراً لكِ لإنجابك أخي الصغير
- هل رأيته؟
- لا ، سأذهب لرؤيته بعد الإطمئنانِ على صحتك
- أنا بخيرٍ حقاً ، آه مهلاً(إعتدلت بعد ان كانت مستلقيه) لم شعرك مبتلٌ بهذه الطريقة؟
- الاتسمعين صوت المطر؟ ،إنها تمطر
- كان عليك تجنب المطر ،تعلم جيداً أنه من السيء لك إلتقاط البرد
-آسف ، لاتقلقي لم أبق لفترةٍ طويلة
-أو (كانت تركز نظراتها على رداء إدوارد الممزق قليلاً) هل كنت تتبارز؟ ومع هنري
-من قال هذا؟ لم أكن أفعل ذلك إطلاقاً
-إدوارد غادر الغرفة (بنبرةٍ صارِمة)
(إلتفت إدوارد بتوترٍ ليمسك بيد هنري محاوِلاً الهرب )
-دع هنري وغادر لوحدك
-لا أمي سآخذ هنري معي ، أنا احتاجه بأمرٍ مهم
(ليديا بصوتٍ مرتفع): قلت أخرج من هنا ودع هنري!
(إلتزم إدوارد الصمت ليلتفت بهدوءٍ مغادراً ونظراته مركزةٌ ناحية هنري الذي بدى هادئاً كما لو كان معتاداً على هذا )
(تحدثت ليديا وهي تصر على أسنانها): كنتما تتبارزانِ تحت المطر!
(أجاب هنري بهدوء): أجل
(صرخت ليديا ): وتقولها بثقةٍ ومن دونِ أن تخفض رأسك؟!
ألم أطلب منك بوضوحٍ منعه عن القيام بأي جهدٍ بدني؟ هل كنت لطيفةً حين طلبت ذلك ؟ هل تفضل أن آمرك فقط ثم أعاقبك إن أخطأت كأي خادم!
(إتسعت عينا هنري لوهله ، أجل ؛ أليس ذلك قاسياً نوعاً ما؟ كأي خادم! )
-أنت تعلم أنني أعتبرك مميزاً كونك إبن ريتشارد ومارغريت ، لكن لاتنسى أبداً مكانتك الحقيقية ولاتنسى عملك وأنت بقرب الأمير ،في المرةِ الأخيرة ...لابُدَ أنكَ رأيتَه وهو على حافةِ الموت ، لذا... هذا تحذير أخيرٌ لك هنري ، أخرج الآن ..
خرج هنري من الغرفةِ بهدوءٍ ليتفاجأ بوجودِ إدوارد الذي سأله: هل قامت أمي بتوبيخك؟
- لا
(إلتفت هنري حيث الممر المؤدي لباحةِ القصر بينما يتبعه إدوارد )
-لكنك تبدو مُنزعجاً!
-لست كذلك ! وأيضاً توقف عن اللحاق بي
- لن أتركك حتى أتأكد أنك بخير
- انا بخير لذلك يمكنك التوقف رجاءاً
- هنري ، أنا آسف نيابةً عن والدتي ، لن أطلب منك المبارزة مجدداً
- شكراً لكرمك .
(إدوارد بإستغراب): ما بال هذه النبرة؟ لكرمك! لماذا تتصرف بهذه الطريقة!
إقتربت ماري ناحيةَ إدوارد لتمسِك بكم قميصِه هامسةً : توقف عن إزعاجه ، من الواضِح أن والدتنا قد وبختْهُ نيابةً عنك
أطلق إدوارد آهةً منزعِجةً ، أكملت ماري وهي تحاوِلُ تَبديد إنزعاجِه : إذاً ، هل رأيتَ أخانا أندريه ؟ لقد رأيته بنفسي
- لم...أره ، كيفَ هو ؟
(أجابت ماري بحماس) : إنهُ أوسَمُ منكَ بألفِ مرة !
- هذا يعني أنه أجملُ منكِ
-أجل ...أجملُ مني بالتأكيد ، بما أننا توأمان ، لكنني في النهايةِ أُنثى ، والأنثى هِي الأجملُ بالتأكيد
إقتربتِ الخادمةُ وهي تحمِلُ بين يديها الطفلَ الرضيع ، إقتربَ إدوار بحماسٍ ليحدِقَ بملامِحِه البريئة ثم أبتسمَ دونَ شعور منه ، فقد كان الطفلُ آخاذ الجمال ، إبتسمتِ الخادمة قائلةً : إنه يشبهكَ أيها الأمير ، والآن دعاني آخذه للملكةِ فهو يحتاجُها
إبتعدَ إدوار بهدوءِ وماتزالُ الإبتسامةُ مرتسمةً على شفتيه ، كان سعيداً حقاً ..وكعادته يحبُ مشاركةَ سعادتِهِ مع رفيقهِ هنري
لِذا إلتفتَ ناحيةَ هنري قائلاً بنبرةٍ مرحة : هل رأيتَهُ هنري ؟ هو يشبهني حقاً !
رفَع هنري نظرَهُ بهدوءٍ هامساً بنبرةٍ خافته : لم أره
إختفت إبتسامةُ إدوارد ، ثم ردَ هامساً : هكذا إذاً
تحدثت ماري وهي تُحدِقُ بذراعِ هنري والتي بدت مُصابةً نوعاً ما : هناكَ دمٌ على ثيابِك ؟
حدَقَ هنري بذراعِه ليجيب : رُبما خُدِشت بالسيفِ
إقتربَ إدوارد بتوترٍ وقلقٍ قائلاً : حدثَ أثناء المبارزة ! هل أنتَ بخير ؟ لنقم بتضميدِه !
مدَ إدوارد يده ليمسكَ بذراعِ هنري بينما أبعدها هنري وقد بدى غاضباً وهو يردد " أبعد يدك "
ثمَ أكملَ وهو يحاوِلُ كتمَ غيظِه : سأضمِدهُ بنفسي
همسَ إدوارد : مالمشكلة ؟ هل أزعجتكَ أُمي إلى هذا الحد ؟ هنري ..لاتفكر بالأمرِ كثيراً ..أنتَ صديقي !
- وخادِمك !
ألقى هنري كلمَتهُ تِلك ثم إلتفت متوجِهاً حيث الممرُ المؤدي لباحةِ القصر
توقفتْ قطراتُ المطرِ عن التساقُطِ أخيراً وتباعدتْ تِلكَ السُحب المُثقلةُ سامِحةً لأشعةِ الشمسِ بأن تَشُقَ طريقها ناشِرةَ الدِفء والضياء
في داخِل القصر
حيثُ تِلك القاعةُ الكبيرة وتِلك المنصةُ التي يعتليها عرشُ الملك الذهبي والمُرصعُ بالألماس
عددٌ كبيرٌ من الخدمِ والحراس وحاشيةُ الملِك
كان الملِكُ هنري جالساً على عرشِه عاقدِاً لحاجبيهِ ، رفعَ خصلاتَ شعرِه الأشقر ليثبتها بتاجِهِ ، ثم مسَح بيدِه على لحيتِه وقد بدى مُنغمِساً في أفكارِه
تحدث أحدُ الرِجالِ من حاشيتِه : أيها الملك ، أرى أنهُ قد حانِ الوقتُ لإيقافهم والحدِ من تجماعتِهم ، فهؤلاءِ المتمرِدونَ ينتشِرونَ كداءٍ خطيرٍ في أنحاء المملكة ، بالرغمِ من أننا قُمنا بتلبيةِ مُتطلباتِهم وقمنا بتخفيضِ قيمِ الضرائِبِ
حدَقَ المَلِكُ جانِباً حيث ذلك الرجلُ الواقِفُ على يمينِه ، كان يرتدي ثياباً بارِزةً ويمتَلِك شعراً بنياً وعينينً زرقاوتينِ بنظراتٍ حادة تشرَحُ موقِعه ، تحدثَ الملك موجهاً كلامهُ له : ما رأيك أيها الوزير ..ريتشارد ؟
أخفضَ الوزير ريتشارد رأسهُ قليلاً ثم تحدَث بصوتٍ جهوري : بما أنكَ سألتَ عن رأيي جلالةَ المَلِك وبما أنني المستشار الأول ، سأقترِحُ عليكَ أن تُخفِضَ قيم الضرائِبِ إلى النصف ، فالشعبُ مُثقلٌ بتِلك الضرائِب التي لاتنتهي والفقرُ من يدفعهُم للتمرُد ، لذا دعنا نقضي على السببِ الرئيسي لتلك المُشكلة
أخذَ الملِكُ نفساً عميقاً ثم قال : لنفعل ذلك ، سيتمُ تخفيضُ قيمِ الضرائبِ إلى النصف ... وكتعويضٍ بسيط ، سنُقَلِل من إستهلاكِ الأموالِ في القصر
بدى الرجالُ والمسؤولونَ غير راضين تماماً بعد قرارِ الملك ، فملامِحُ وجههم تشرحُ ذلك ، لكن ..لم يجرؤ أحدهُم على الإعتراض .....
في القصرِ الجانبي
دخلَ هنري إلى إحدى الغرفِ ثم أغلقَ بابها بقوةٍ مُعبِراً عن غضبِه ، رفعت تِلك السيدةُ نظرها ناحيتَهُ بعد أن كانت مُنغمسةً في عملها وهي تحيكُ ثوباً من الصوف بينما تجلِسُ على ذلِك السريرِ الواسِع
إقتربَ هنري ناحيتها وجلس بقربها قائِلاً بغضب وعيناهُ تلتمعانِ بدموعٍ تأبى النزول : أنا مُنزعِجُ ...أمي
مدتِ الأمُ ذراعها لتلفها حولَ كتِفي هنري هامسةً : ما سببُ ذلك ؟
أجابَ هنري بعد ان مسح الدمع عن عينيه : قُلتِ أنني سأكونُ صديقاً للأمير ..أليس كذلك ؟ كيف إنتهى بي الأمرُ خادِماً له ؟
- لستَ خادِماً له ، لكن الملكةَ قد إختارتكَ كحارِسٍ شخصيٍ للأمير ، فأنتَ أفضل صاحبٍ له
- إنها تعاملني كخادِم ، قامت بتعيني كخادِمٍ دون علمي ، و فوق ذلك ...عليَّ أن أنفِذَ رغباتِ إدوارد التي لانهايةَ لها ...وإن أصابهُ مكروه ، أُصبِحُ المسؤولَ عن ذلِك !
تحدثتِ الأمُ وهي تمسَحُ على رأسِ هنري : لكنك صديقه الوحيد ، أنتَ أفضلَ مُرافقٍ له ... وهو مريضٌ نوعاً ما ويحتاجُ للمساعدة ..، اليس من واجِب ألصديقِ مُساعدةُ صديقه ؟
- تستمرين في التحدثِ عن الصداقةِ بينما يبدو الأمرُ مُختلفاً !
- ليس الأمرُ مُختلفاً ، أعلمُ أننا كُنا فقراءَ حتى وقتٍ قصير ، لكننا بنينا صداقةً قويةً مع العائلةِ المالكة ..فأنا هنا بصفتي صديقةَ الملكةِ وزوجة الوزير ، ووالدُك ...صديقُ الملِك الذي لا يتردد في مساعدتِه وتنفيذِ أوامِره ...كصديقٍ قبل أن يكونَ وزيراً
في غرفةِ الملِكة
إقتربت إمرأةٌ بدت في نهاياتِ الأربعينَ من عمرِها ناحية الملكة والملكِ الذي كان جالساً على كرسيٍ هناك
تحدثت الملكةُ ليديا : المربية كاثرين ، أتيتي أخيراً ...كيف هو حال إدوارد ؟
أجابتِ المربيةُ بعد أن إبتسمت بهدوء : إنه بخير ، لقد عاينَه الطبيب قبل قليلٍ لذا تأخرت، قالَ أنه بحاجةٍ للراحةِ وتناولِ الدواءِ بإنتظام
حدقتِ الملكةُ ناحية الملكِ هنري ثم تحدثت بنبرةٍ قلقة : تبارزَ اليوم مع هنري تحت المطر ، وقد بدى متعباً ...إنهُ لايستمِع لي بالرغمِ من تحذيريَ المُستمر !
أجاب الملك وهو يربتُ على كتفها : لا بأس ..مايزالُ صغيراً ...البقاءُ في الغرفةِ وتناولُ العلاجِ يؤلمهُ اكثر ، فلنحاوِل تفهُمَ رغباتِه
إلتمعت الدموعُ بعينِ المَلكةِ لتهمس : قلبهُ ضعيف ، جسده ضعيفٌ أيضاً ...أخشى أن يكون مصيرهُ مُشابِهاً لمصيرِ شقيقهِ الاكبر ...والراحِل
هزَ الملك رأسه نافياً وهو يردد : لاتقولي ذلك ...