الفصل الرابع / الظهورُ الاول

كان هنري يسيرُ بضياعٍ في الحديقةٍ الخارجيةِ وهو يفكِرُ بإدوارد ، شدَ إنتباههُ صوتٌ قادِمٌ من خلفِ إحدى الأشجار المُنتشرةِ هناك ، لذا إختبئ مُحاوِلاً الإنصات لتلك الأصوات

تحدثَ أحدهم ولم يكُن شكلهُ واضِحاً لهنري " ويليام ! هذهِ فكرةٌ فاشِلةٌ حقاً ، ألن يرى الحضورُ ذلك الحبل السخيف الذي سيتعثرُ بِه إدوارد ؟

أجاب المدعو ويليام بنبرةٍ ساخرة : أخبرني إذاً بفكرتِك يا عبقري العالمِ بيتر

" بسماع إسميهما أدركَ هنري من يكونان ، فويليام ذاك هو إبنُ الدوقِ مارتن و بيتر هو صديقهُ المُخلِص "

تحدثَ ويليام بنبرتِه الساخرةِ مُجدداً : السجادةُ الحمراءُ ستكون في منتصفِ الممر ، سيسيرُ المدللُ إدوارد في المُنتصفِ وعلى جانبيهِ الحضور ، سأدفعُك يا بيتر ...من دونِ قصدٍ بالتأكيد وأنتَ ستسقطُ بدورِك دافِعاً فتى الميلاد ارضاً ...ثُم سيضحَكُ الجميع !

بسماعِ ذلك ، تراجَعَ هنري عدةَ خطواتٍ إلى الخلفِ ليلتفتَ متوجهاً ناحيةَ قاعةِ الإحتفال ، بوصولِه إلى البوابةِ الخارجية ، أخذَ ينظر إلى يمينِه وشمالِه باحِثاً عن أحدِهم ، لمَح والدتهُ مارغريت من بعيدٍ لذا توجه ناحيتها مُلقياً سؤاله : هل مايزالُ إدوارد في غرفتِه ؟

- الأميرُ في طريقِه إلى هنا ، رُبما تقابِله عند الممرِ الداخلي للقصر

إلتفتَ هنري متوجهاً حيثُ الممرُ الداخلي ...

توقفَ في مُنتصفِه بعدَ أن رأى إدوارد يسيرُ هناك وهو ممسكٌ بيد شقيقتِهِ ماري

إقترب هنري ناحيتهما بينما توقفَ إدوارد عن السيرِ بعد أن قامت ماري بسحبِه والوقوف امامهُ مقابلةً لهنري وكأنها تقول " واجهني أولاً"

تحدثَ هنري بنبرةٍ هادئةٍ بعد أن اخذَ نفساً عميقاً : لديَ أمرٌ مهمٌ ...أريدُ التحدثَ بِه مع إدوارد

همست ماري : عذراً ...قُل ...مع الأمير

مدَ إدوارد يدَه واضعها فوقَ ذِراعِ ماري هامساً : إسبقيني إلى القاعة ، سأتبعكِ

بدت ماري غير راضيةٍ تماماً حتى أكملَ إدوارد : " أرجوكِ ! "

أفلتت ماري يده ثم إقتربت ناحية هنري لتدفعَه بخفةٍ قائلةً بنبرةٍ صارمة : أنا أراقِبك

ثم أكملت طريقها بهدوءٍ وهي تلتفتُ ناحيتهما في كُلِ خطوةٍ تخطوها

تحدث إدوارد وقد بدى فاقداً لصبره : قل مالديك !

- ويليام وصديقُه بيتر يُخططانِ لمكيدةٍ ما ، لذا كُن ..حذِراً

إبتسمَ إدوارد من طرفِ شفتيهِ قائلاً : وهل أنتَ قلقٌ علي ؟ أم أنكَ تؤدي واجبكَ فقط ؟

- لقد أخبرتكَ فقط بما سمعت ، شكراً لِحُسنِ إصغائِك

عندَ بوابةِ القاعة ، كانت مُمتلئةً بالحضور وبالموائدِ المُزينةِ بما لذَ وطابَ من الطعامِ والشراب

يتوسطُ تِلك القاعةَ ممرٌ مفروشٌ بِسجادةٍ حمراءَ مطرزةٍ بخيوطٍ ذهبيةٍ مُشكلةً شِعارَ العائلةِ المالِكة

إقتربَ إدوارد ناحيةَ ماري ومربيتِه كاثرين ، مدت كاثرين يدها لتمسحَ على شعرِ إدوارد بلطفٍ قائلةً بنبرةٍ ودودة : كانت أمك بإنتظارك ، لكنك تأخرت لذا أخذت موقعها قرب كرسي الملك

هزَ إدوارد رأسه بينما إبتسمَ بلطف

تحدثت ماري وهي تمدُ يدها ناحية إدوارد : لنعبر ذلك الممرَ الطويل معاً ولنصل إلى القمة ، حيث ينتظرنا كلٌ مِن الملك والملكة

- لنفعل ذلك

سار إدوارد بالفعل ممسكاً بيد شقيقتِه في منظرٍ جعل جميع الحضور مُندهشينَ لرؤيته ، فهذا الحفلَ هو حفلُ الظهورِ الأولِ لإدوارد الذي لطالما تعذرَ عليه حضورُه بسببِ مرضه ، كان الجميعُ مُندهشاً لوسامتِه ولبنيتِه الجسديةِ وطولِه ، الكثيرُ والكثير من الهمسات التي كانت تتزايدُ وتصل لمسمع إدوارد وماري ، إبتسمت ماري لتهمس: كانوا يظنونَ أنكَ مُجردُ طِفلٍ نحيلٍ ومريضٍ لايمكنه السيرُ لوحدِه ، لكنهم مصدومون الآن تماماً

- هل حدث ذلك بسببِ تلكَ الإشاعات ؟ أعني ..كوني عاجِزاً عن السيرِ حتى

- بالتأكيد ، تلك الإشاعاتُ الخبيثةُ التي نجهلُ سببها

في منتصفِ ذلك الممر

إنتبَه إدوارد لويليام وبيتر و بإقترابِه ناحيتهما إفلت يدَ ماري طالباً منها السيرَ أمامه ثُمَ توقف وبدأ يُحدقَ ناحية بيتر بحدةٍ ماجعلهُ يتوترُ تماماً

كان ويليام يحاوِلُ دفع بيتر الذي تحجرُ في مكانِه ، إبتسمَ إدوارد ليشير بيدِه ناحيةَ قدمِ ويليام قائِلاً : هناكَ أفعى !

إنتفض ويليام بخوفٍ وهو يُحدِق ناحيةَ قدمِه ، ثم تحول خوفه لغيظٍ بعد أن أدركَ ماحدث

رفع نظرهُ وقد بدى مُستعداً لإلقاءِ سيلٍ من الشتائمِ بينما قاطعهُ إدوارد الذي رفع يدهُ مُلوحاً وهو يقول : مرحباً بصديقي العزيز ، توقفتُ لألقي عليكَ التحية

كانت والدتُه الدوقة إميليا تقفُ إلى جانبِ إبنها لتبتسم قائلةً وهي تحدِث بعض الحضور : إبني صديقٌ مقربٌ للأمير كما ترون !

إلتفت إدوارد ليكمل طريقه

صعدَ كُلٌ من ماري وإدوارد إلى المنصةٍ ثم قبلا أيدي والديهما ، ألقى كلٌ من ماري وإدوارد خطاباً قصيراً عبرا فيهِ عن مشاعرِها وعن مدى إمتنانهما للوالديهما ولمن إعتنى بهما وللحضور أيضاً

بعدَ مرور ساعتين

إقتربت مارغريت ناحية هنري الذي كان يقفِ في نهايةِ القاعةِ بينما يراقِب إدوارد ،تحدثت وهي تمسك بيده : سأذهبُ لأقدِم هديتي للملكة لذا فلتأتِ معي ، هل أعددت شيئاً لأجلِ الأمير ؟

رفع هنري رأسه ناحية والدته ليجيب بعد عدةِ ثوانٍ : لم أفعل ...لكنها فكرةٌ رائعة ..أمي سأخرجُ لأحضِرَ هديتي

كان إدوارد يقفُ إلى جانبِ والدتِه وقد بدى شارِداً ليقطع شروده قول الملكة : هل أنتَ متعب ؟

- لستُ كذلك ، الأمرُ فقط أنني تحدثتُ إلى الكثيرِ من الناس ، وأنا لستُ مُعتاداً على ذلك ، هل يمكنني الخروجُ قليلاً ؟

- بالتأكيد ، يمكنك ذلك ..أخبر المربيةَ أن ترافقك

همس إدوارد بقنوط : لا داعِ لذلك

في الحديقةِ الخلفيةِ للقصر ، كان الظلام قد حلَ في الأرجاءِ بينما تنيرُ أجزاء الحديقة.ِ مجموعةٌ كبيرةٌ من المشاعل النارية

كان هنري يسير وبين يديهِ سيفٌ طويلٌ بنصلٍ منحنٍ وقبضةٍ ذهبية ، كان يُحدِقُ في سيفِهِ بفخرٍ ليسقط بعدها سيفه إثر إصطدامِهِ بأحدِهم

أمسكَ أحدهُم بالسيفِ بينما رفعَ هنري نظرهُ ، كان ويليام ، إبتسم ويليام بمكرٍ وهو يتفحصُ أجزاءالسيف قائلاً : هذا سيفُ البطولةِ الذي سرقتَهُ مني

- فزتُ به بمهارتي

- أرى ذلِك ...

أشارَ ويليام بالسيفِ ناحيةَ وجهِ هنري ليهمس : هل كُنتَ من أخبر إدوارد بأمرِنا ؟

تحدث بيتر وهو يحدِقُ بثيابِ هنري : مُتأكِدٌ أنهُ هو ، رأيتهُ يهربِ بعيداً بينما كُنا نتحدث في الحديقة

مدَ هنري يدَهُ ليمسِكَ بنصلِ السيف مبعدَهُ عن وجههِ قائلاً : لا أعلمُ عما تتحدثان ، أعِد لي السيفَ فقط وسأغادِر

- وكأنني سأفعل ؟! إنهُ سيفي

أكملَ ويليام بعدَ أن مَدَ يدهُ محاوِطاً بها عنقَ هنري بقوةٍ هامساً : هل تمنحُ نفسك قيمةً لايمكنُ أن تكون لك ؟ قد تكون إبن المستشارِ ...لكنكَ ذو أصلٍ وضيعٍ

أبعدَ هنري يدَ ويليام عن عنقِه قائِلاً بنبرةٍ غاضبة : لا اريدُ إفتعالَ شجارٍ معك

- وكأنهُ يإمكانِك ؟ أنا إبنُ الدوق ...ولستُ عبداً ..كما أنت

إقترب بيتر ليدفعَ هنري ويسقِطهُ أرضاً بينما تعالت ضحكاتُه

صرخَ إدوارد : ويليام وبيتر ! توقفا الآن

2024/06/26 · 104 مشاهدة · 1016 كلمة
White cloud
نادي الروايات - 2025