الفصلُ الخامس / قسمُ الفارِس

أكملَ ويليام بعدَ أن مَدَ يدهُ محاوِطاً بها عنقَ هنري بقوةٍ هامساً : هل تمنحُ نفسك قيمةً لايمكنُ أن تكون لك ؟ قد تكون إبن المستشارِ ...لكنكَ ذو أصلٍ وضيعٍ

أبعدَ هنري يدَ ويليام عن عنقِه قائِلاً بنبرةٍ غاضبة : لا اريدُ إفتعالَ شجارٍ معك

- وكأنهُ يإمكانِك ؟ أنا إبنُ الدوق ...ولستُ عبداً ..كما أنت

إقترب بيتر ليدفعَ هنري أرضاً بينما تعالت ضحكاتُه

صرخَ إدوارد : ويليام وبيتر ! توقفا الآن

إلتفت الثلاثةُ ناحيةَ إدوارد الذي إقترب بغضبٍ ليمدَ يده مُساعٍداً هنري على الوقوفِ

إقتربَ في الوقتِ ذاتِه شابٌ طويلُ البنية بشعرٍ أشقرٍ طويلٍ ومُجعدٍ يصلُ إلى كتفيه ، توقفَ مواجهاً لويليام وقد بدى فارِق الطولِ بينهما شاسِعاً

ليتحدث بنبرةٍ هادئة : قد لا أرتدي الآن زي العسكري ، لكنني القائدُ مارك

همسَ بيتر بتعجب : القائد العامُ للحرسِ الملكي ! القائدُ ماركَ !

أخذَ ويليام نفساً عميقاً ثم تحدثَ بنبرةٍ ساخرةٍ لايخفى فيها توتره : وهل سيتدخلُ القائدُ العظيمُ بمشاكِلِ الصغار ؟

إبتسمَ مارك لسماعِ ذلك قائلاً بنبرةٍ ساخرة : عجباً ...أنتَ إبنُ الدوقِ مارتِن حقاً

- هل تسخر مني ؟

- مُطلقاً يا صغير ، كلُ مافي الأمرِ أنني تدخلتُ بطلبٍ من الأمير

حدَق إدوارد ناحية مارك بغيظٍ قائلاً : متى طلبتُ منكَ التدخل ؟ أنتَ من كان مُستمتعاً بالمشاهدة !

أكمل مارك بينما بدى الأمرُ مُمتعاً بالنسبةِ له: ماذا عن مبارزةٍ عادلةٍ يُحددُ فيها المالِكُ المُستحقُ للسيف ؟

تحدث هنري بتوتر : لقد دخلنا منافسةً عادلةً وفزتُ به مُسبقاً !

- إن كنتَ قد فزتَ حقاً ، فلِم الخوف ؟ لكَ الغلبة ...لكن ... ربما لم يتمكن العزيزُ ويليام من إظهارِ قدراتِه ؟ فلتمنحهُ فرصة !

تحدثَ ويليام بغيض : مالذي تهذي به أيها القائد ؟ تجعل الأمر كما لو أنني مُستميتٌ للحصولِ على هذه الخردةِ التي لاتساوي شيئاً !

- أتحاوِلُ الإنسحاب ؟

أمسك بيتر بذراعِ ويليام ليهمس بتوتر : دعنا نهرب ويليام ، القائد مارك وإدوارد هنا وأيضاً ...أنتَ لستَ نِداً لهنري .

صرخَ ويليام بغيظٍ بالغ : إخرس !

ثُمَ حدقَ بغضبٍ ليصرَ على أسنانِه قائلاً وهو يشيرُ بإصبعِه ناحيةَ هنري : لنتواجه ! " مرت ثوانٍ قليلةٌ لتختفي تعابيرُه الجادةُ تماماً ... مُكمِلاً " لاحِقاً ...لنتواجه لاحِقاً .....أمي تنتظرني الآن ...لذا ، لاتحاوِل الهرب ..أنا أُحذِرك

ثم إلتفت هارِباً بخطواتٍ مُتسارعةٍ بينما يتبعهُ بيتر

إبتسم مارك لرؤيةِ ذلِك هامساً " مدللُ أمِه"

حدَقَ إدوارد ناحيةَ مارك قائلاً : هل أنت جادٌ بشأنِ تدَخُلك في مشاكلٍ طفوليةٍ كهذه ؟

إبتسم مارك ليجيب بعدَ أن إنخفضَ مُقرباً وجههُ ناحيةَ إدوارد : ألم يمنحكَ وقوفي إلى جانبكَ الشجاعةَ للتدخلِ وإنقاذِ صاحبِك ؟

بدى إدوارد متوتراً ليتراجع إلى الخلفِ عدةَ خطواتٍ هامِساً : نوعاً ما ..لا أنكِرُ ذلك

إبتسم مارك ليقترِبَ ناحيةَ هنري

إنخفضَ مُلتقطاً السيف بيده ، كان يتفحصُه بتمعنٍ ثم عاودَ النظرَ ناحيةَ هنري قائلاً : هل كُنت ستهدي الأميرَ هديةً حصلتَ عليها مُسبقاً ؟

توترَ هنري نوعاً ما ليجيبَ بعد أن خفضَ رأسه: إنهُ أغلى ما أملِك

- إرفع رأسك !

رفعَ هنري رأسه ثم إلتقط السيف الذي رماه مارك ناحيته بصورةٍ مفاجِئة

أكمل مارك : على الفارِس أن يُبقى رأسهُ مرفوعاً دائماً

مدَ مارك يدهُ واضعها على كتِفِ هنري قائلاً : فلتفكِر بهديةٍ أغلى، هديةٌ ...يمكِن للفارِس الصغيرِ أن يُقدِمها

أنهى مارك كلماته تِلك ثم إلتفتَ مُغادِراً والإبتسامةُ لاتفارِقُ مُحياه

توقَفَ مارك في نهايةِ الممرِ الداخلي للقصرِ بعد أن قابلَ الملكةَ ليديا التي إبتسمت لرؤيتِه ثم إقتربت ناحيتهُ لتعانِقه بقوةٍ وهي تردد : لقد إشتقتُ لك !

إبتعدَ عنها بهدوءٍ وهو مايزالُ مُبتسماً ثم مدَ يدهُ ليناوِلها جوهرةً بلونٍ زمرديٍ براقٍ قائلاً : هذِه لكِ ، لقد أحضرتُها من أقصى الشرقِ ومن أكبرِ منجمٍ هناك ، إنها نادِرةٌ حقاً

- ماتزال تذكرُ مقدار حبي لأحجارِ الزمرد

- وهل ظننتي أن ضرباتِ السيفِ و طعناتِ الإعداء ستنسيني ذلك ؟؟

في الحديقة

كان إدوارد يقِفُ بعيداً عن هنري ، إقترب هنري ناحيتهُ ليتحدث بصوتٍ بدى عليه التوتر : أنا آسف ، وشكراً لك ...على مساعدتي

إنتفضَ إدوارد ثم تحدثَ وقد بدى كمن كان ينتظر هذه اللحظةَ ليخرجَ مافي جعبتِه : لماذا بقيتَ صامتاً أمام إهاناتِ اولئِك الأوغاد ؟

- الأمر ...أنه من السيء إفتعالُ شجارٍ معهما ، فويليام في النهايةِ هو ..إبن الدوقِ مارتن

- من السيءِ إفتعال شجارٍ مع ويليام ؟ وهل من الجيد إفتعالٌ شجارٍ معي ؟ الستُ ولي العهدِ في النهاية ؟

أجابَ هنري بهدوء : أفهمُ ماتعنيه ، كنتُ مخطئاً ...أنا آسف

- ليس هذا ما أودُ سماعه !

رفعَ هنري نظرهُ ناحيةَ إدوارد بتركيزٍ ليجيب : دعني أخبركَ إذاً ...أنا لم أنظر إليكَ يوماً كأمير ، ولم أفكِر بشأن المراكز الإجتماعيةِ التي تفصِلُ بيننا ، لم أفكر بأصلي الذي قدمتُ منه ولا بمكاني الحقيقي ..ولم أحاوِل يوماً المقارنةَ بيننا ، كنتُ أعتبركُ صديقي فقط ... لكن ..ومع تقدمنا بالعمر ، يستمرُ الناس بتذكيري بذلك ...تستمِر العديدُ من القيود بالتشكلِ بيننا حتى باتت فكرةُ السيرِ إلى جانبكَ خانقةُ بالنسبةِ لي ، ليس الأمرُ أنني أكرهك ..بل الأمرُ أنني غبيٌ غلبَه الشعورُ بالنقصِ والتركيزِ على سلبياتِ الأمور ، تجاهلتُ مدى إهتمامِك بي ومدى إهتمامي بك لمجردٍ شعورٍ عابرٍ شعرتُ به ، لذا أعذر تفاهتي ...ياصديقي

إبتسم إدوارد بعد أن مسَح تلكَ الدمعة التي إنسابت من إحدى عينيهِ قائلاً : هذا ماظننتُه أيضاً، كنتُ أعلمُ أنكَ لاتكرهني إلى ذلِك الحد ، أنا آسفٌ إيضاً لتسببي بالعديدِ من المشاكل ولترككَ تتحمل مسؤوليتها ، بما أننا قد تصالحنا ...ألن تمتحني هديتك ؟ أعني السيف

إقتربَ هنري ناحية إدوارد ليغرسَ سيفه في التربةِ بقوةٍ بينما إنحنا مستنداً على إحدى ركبتيه ، رفع نظرهُ ليقول بنبرةٍ صارمة : أنا الفارِس هنري كريستين ، أقسِمُ أنني سأكونُ سيفكَ الذي تُقاتِلُ به ، ودرعكَ الذي يحميك والكتِف الذي سيسندك وظلك الذي لن يتخلي عنك ...حتى في الظلام

بدى إدوارد مُندهشاً لعدةِ ثوانٍ ثُم إتسعتِ الإبتسامةُ على شفاههِ ليهمس : هل أنتَ واثِقٌ أيها الوغد ؟ ستتحولُ حياتك لجحيمٍ لايطاق

نهضَ هنري ليجيب مبتسماً : سأتحملُ ذلك ...

إقترب إدوارد ناحيةَ هنري ليعانِقه بنما يحاوِلُ إخفاء تلك الدموعِ التي تحاوِل النزول بإستمرار

ربما كانت تِلك أعظمَ هديةِ ميلادٍ تلقاها إدوارد في حياتِه ،ومن أعزِ صديقٍ إلى قلبِه ...

2024/06/27 · 93 مشاهدة · 964 كلمة
White cloud
نادي الروايات - 2025