امسكت كيارا بملابس لاورو. لاحظ لاورو عيون كيارا المحتقنه بالدماء و الغضب المكبوت بداخلها. حسناً.. لم يكن يستطيع أن يخبرها أن تحافظ على هدوئها لانه حتى هو لم يستطع ذلك.
دخل نفس الرجلان مع الرداء الاسود الطويل, ولكن, هذه المره كان الرداء مليئاً بالدماء, لقد كان ممتلئاً. لو رآى أحد هذا الرداء لقال أنهم سبحوا في بركه دماء حتى ابتلّ الرداء هكذا. هذا المشهد جعل كل من في تلك الغرفه يبدأ في الإرتعاش والخوف.
"م-ما هذا!"
"م-ما اللذي فعلتموه بالأشخاص اللذين اخذتموهم للتو!؟" صرخ الماركيز هنري فرمان وهو يوجّه إصبعه نحوهما.
"أتريد أن تعرف؟"
"كل ما في الأمر أننا تخلصنا من بعض الحشرات اللتي لم ترد التعاون معنا, أليس التخلص من الحشرات هو امرّ طبيعي؟" أجابه الرجل ذو الشعر الابيض بإبتسامه ملتويه.
"حشرات!؟ كيف تجرو! اتعرف من انا؟!" لم يستطع الماركيز فرمان كبح غضبه وانفجر قائلاً هذه الكلمات.
"ومن انت؟ انتم هنا جميعكم بلا استثناء, مجرد حشرات"
"ايها الحقير! انتظر حتى اخرج من هنا! سترى ما اللذي سيحدث لك!"
"اظن انك لم تفهم الأمر بعد, انتم لن تستطيعوا الخروج من هنا. و هل برأيك تستطيع جثه التحدث؟"
على عكس الكلمات المخيفه اللتي كان يتحدث بها الرجل ذو الشعر الابيض, إلاّ أنه كان يبتسم كما لو كان يستمتع برد فعل الماركيز.
"ج-جثه؟" بدون وعي, تراجع الماركيز خطوه للوراء.
"اوه, الم تسمعني جيداً؟"
"انت! انت شيطان!" بدأ جسد الماركيز في الإرتعاش بعد سماع ما قاله الرجل ذو الشعر الابيض.
"شكراً لك, في الحقيقه هذه مثل مجامله بالنسبه لي"
"ديريك, خذ هذا الرجل الوقح للغرفه رقم سبعه"
أخرج الرجل ذو الشعر الابيض الخنجر مره اخرى. ثم نادى على الرجل الآخر اللذي دخل معه الغرفه واللذي يبدو أن اسمه كان ديريك.
"حسناً سيدي" تقدم الرجل المسمى ديريك ليأخذ الماركيز.
"ك-كلا! ابتعد عني ايها الوحش!"
"انت! ايها الرجل! الم اعدك انك اذا أخرجتني من هنا سأعطيك الخمس قصور الخاصه بي؟ لقد حان الوقت ساعدني الآن! و ثم انا اقسم بإسمي انك اذا أخرجتني من هنا فسو اعطيك كل ما تريده!"
في محاولةٍ يائسه للبقاء على قيد الحياه, صرخ الماركيز بصوت عالي للرجل اللذي اخرج الخنجر في وقت سابق.
"هاهاهاهاها, أخيراً! لم يعد بإمكاني الاحتمال و الانتظار! ساقتلكم ايها الاوغاد!" اخرج الرجل الخنجر اللذي كان معه واندفع نحو ديريك.
"ها" اخرج ديريك تنهداً قصيراً. ثم و بيده اليمني اخرج ضوءا رمادياً, تجمد به الرجل.
لقد بدا الأمر كما لو أن الزمن توقف بالنسبه للرجل اللذي يحمل الخنجر. لكن الأمر لم يكن هكذا, لقد استطاع الرجل تحريك فمه و بعض اجزاء جسمه مثل اطراف أصابعه ولكن بصعوبه.
في الحقيقه لم يكن الأمر كما لو أن ديريك يملك قوى تتحكم بالوقت, وانما كان هناك بعض الخيوط الرماديه اللتي خرجت من الأرض من العدم و امسكت بجسد الشخص اللذي يحمل الخنجر. ولكن بما أن الأشخاص الموجودين داخل الغرفه لم يلاحظوا الخيوط الرماديه لأن الغرفه كانت مظلمه تماماً فقد ظنّوا أن ديريك يملك قوى تسمح له بالتحكم بالزمن.
"مستحيل! انت ساحرٌ ملعون! إذن فالمطهرون جماعه من السحره الملعونين!" صرخ الرجل ذو الخنجر في غضب.
"ساحر ملعون؟ لا يحق لك قول هذا, سيد زيرو" أجابه الرجل ذو الشعر الابيض مع ابتسامه ساخره.
"انت حتى تعرف اسمي؟ رائع! لكن اتعلم؟ هذا النوع من القوى لا يؤثر على للاسف بسبب طبيعه جسدي"
استطاع زيرو التحرر من الخيوط اللتي كانت تربطه بسهوله. ثم اندفع لقتل ديريك مرهً أخرى.
لكن في تلك اللحظه..
"توقف"
كانت نبره الرجل ذو الشعر الابيض هادئه للغايه, لكن كان صوته يبثّ في الجميع الخوف والرعب.
بمجرد قوله لهذه الكلمه توقف ديريك و زيرو عن الحراك.
"اللعنه!"
"كيف اوقفتني!؟ من الواضح أن هذا النوع من الحيل لا يؤثر علي!" صرخ زيرو في غضب.
"انا اسف سيدي. لكن هذا الشخص لم يحترم أوامرك, لذلك أردت أن اجعله يعرف مقامه"
"ديريك, أأمرتك بالتحرك ؟"
"كلا سيدي. رجاءً عاقبني"
اخرج الرجل ذو الشعر الابيض ضوءً ابيض اللون من يده, ثم قام بإطلاقه نحو ديريك.
وقع ديريك جاثياً على الأرض و فمه ملئ بالدماء.
"سعال!"
سعل ديريك الكثير من الدماء, حتى أنه حاول أن يوقف الدماء عن التدفق عن طريق وضع يداه لإغلاق فمه, لكن لم ينجح الأمر واستمرت الدماء في التدفق.
بحركه واحده من يد الرجل ذو الشعر الابيض, توقفت الدماء من التدفق من فم ديريك.
"شكراً لك سيدي, سأحاول أن لا أخطئ في المره القادمه"
كان من الواضح أن ديريك يعاني من المٍ فظيع لكنه رغم ذلك وقف على قدميه. ترنح جسده قليلاً عندما وقف, تحت قدميه كانت هناك الكثير من الدماء لدرجة أنه لو استمر ديريك في سعال الدماء لبعض الثواني الاضافيه كان من الممكن أن تشكل هذه الدماء بركه صغيره.
أمّا بالنسبة ل زيرو.. اقترب منه الرجل ذو الشعر الابيض ببطء و امسك بيده اليسرى ثم تحولت كلها اللى اللون الاسود. كان المنظر فظيعاً للغايه, بدا الامر كما لو أن زيرو قد وضع يده على النار و احترقت.
"اررررررررغ"
خرج انين من فم زيرو.
تقطر تقطر-
تقطر الدم من يد زيرو اليسرى بغزاره.
"أ أنت مجنون؟!"
ابتسم الرجل ذو الشعر الابيض بخبث.
"اوه, صحيح انشغلت قليلاً باللعب مع بعض الحشرات و نسيت امرك, ايها الماركيز"
"ديريك, خذ الماركيز. و.. أجلب أيضاً الابنه الصغرى للدوق هيدلوس الغرفه رقم سبعه"
"امرك سيدي"
"قم بالأمر بشكل جيد هذه المره. لدي الكثير من الأمور لإنجازها ستخرج الآن, تأكد أن تجلب التضحيات الاخرى إلى الغرفه رقم تسعه"
انحنى ديريك, ثم خرج الرجل ذو الشعر الابيض من الباب.
اقترب ديريك ببطء من الماركيز هنري فرمان.
"تراجع!"
"زيرو! ايها الوغد!"
يبدو أن زيرو كان قد أغمي عليه لذلك لم يسمع صراخ الماركيز, حسناً.. كان هذا متوقعاً, لقد نزف الكثير من الدماء و خسر الكثير من الطاقه في محاولته التحرر من الخيوط الرماديه الخاصه بديريك سابقاً. قد يبدو الأمر أن التحرر من تلك الخيوط لم يسبب أي ضرر جسدي لزيرو بسبب بعض الهراء اللذي قاله عن طبيعه جسده لكن, في الحقيقه, تسبب هذا في ضرر كبير جداً في داخل جسد زيرو. كان هذا هو الثمن اللذي كان يجب أن يدفعه لمحاولته التحرر من سحر مع جسد بشري عادي.
"اتركني!"
"بحق خالق الجحيم! اتركني!"
"أ-أنا لا اريد الموت!! سأعطيك اي شيء! رجاءً!"
"اصمت"
أخذ ديريك الماركيز حتى مع استمرار صراخه و أخرجه خارج الغرفه. يبدو أنه سلمه لأحد الخدم.
ثم..
اقترب ببطء من كيارا اللتي كانت تقف خلف لاورو.
"الآن حان دورك"
"تراجع" بنظره محتقنه بالدماء ومليئه بالغضب, نظر لاورو إلى ديريك.
"ظننتك ذكياً, لا داعي للمقاومه. الم تفهم أن كل هذا بلا فائده؟"
نظر ديريك إلى لاورو بنظره ساخره. واستمر في الاقتراب من لاورو وكيارا.
"ماذا يمكن ان تفعل وانت بلا حول ولا قوه؟ لقد تم أخذ والديك و انت لم تستطع فعل شيء. لاورو هيدلوس, انت مجرد ضعيف يدّعي القوه"
"قلت تراجع"
ووش- وووش-
فجأة اضاء جسد لاورو باللون الاحمر, و انطلق ضوء احمر ساطع يشبه النار من جسده و احرق المكان بالكامل.
أصاب بعض من ذلك الضوء اللذي يشبه النيران عين ديريك اليمنى. كاد الضوء أن يصيب بعض الأماكن الأخرى من جسد ديريك لكن ديريك كان قد أدرك الوضع بشكلٍ سريع و فعّل سحر حمايه ليحيط بجسده.
في خضم تلك الفوضى, هرب جميع من في تلك الغرفه بسرعه عن طريق المخرج اللذي أحدثه لاورو بالضوء الأحمر. بالطبع, كان لاورو مذهولاً أيضا من حقيقه ان هذا الضوء الغريب خرج من جسده هو بالذات لكن, لم يفكر بالأمر كثيراً و امسك بمعصم كيارا.
"كيارا! علينا استغلال الوضع والهرب الآن!"
"اخي؟ أ أنت بخير؟ ل-لماذا بشرتك شاحبه جداً؟"
تعلثمت كيارا في حديثها.
"كيارا, سنهتم ببشرتي الشاحبه فيما بعد. الآن فلنهرب! إن لم نهرب الآن لن يكون هناك فرصه اخرى!"
"لحظه! ايتها التضحيات! لا يمكنكم الهرب!"
صرخ أحد الخدم اللذي دخل مستعجلاً بعد سماعه الضجه اللتي حدثت في الغرفه اللتي كان من المفترض ألاّ يسمع فيها أي صوت.
على ما يبدو لم يستطع ديريك الحراك لانه أصيب من قبل لاورو وكانت عينه اليمنى تنزف الآن, ولكن هذا ليس السبب الوحيد, لقد كان على هذه الحاله أيضاً لانه أصيب سابقاً بهجوم الرجل ذو الشعر الابيض ونزف الكثير من الدماء لذلك يبدو أنه يعاني من إصابات داخليه الآن. وما زاد الامر سوءاً, هو استخدامه للسحر في حالته تلك.
بطبيعة الحال, كان لاورو على علم بحاله ديريك قبل الهروب مع كيارا لانه يعلم أن ديريك و الرجل ذو الشعر الابيض سيكونان عقبه في طريقهم ولن يسمحوا لهم ابدا بالهروب. لذلك اطمأن لاورو قليلاً بعد أن علم أن ديريك لن يستطيع التحرك ليمنعهم, ولكنه بالطبع لم يخفض من دفاعه بالكامل حتى ولو كان يشعر ببعض الطمأنينة.
……….
…………………
بعد عشر دقائق من الجري, نظر لاورو حوله, و تأكد أن المكان آمن تماماً وأنهم ابتعدوا بما فيه الكفاية.
"كيارا اعتقد اننا في أما-"
"سعال!"
'ها؟ لماذا رؤيتي أصبحت ضبابيه فجأة؟'