سعل لاورو الدماء, ثم وقع مغشياً عليه.
استيقظ لاورو في منتصف الليل.
"اغغ"
خرج انين صغير من فم لاورو.
وجد لاورو ملابسه مغطاه بالدماء الجافه, كما أنه وجد نفسه مستلقياً على الأرض وعلى ما يبدو أنه كان في وسط الصحراء.
"كيارا؟" حاول لاورو النهوض, ثم نادى على أخته.
"اخي!"
"أخيراً استيقظت!" ركضت كيارا إلى حيث كان لاورو ثم ساعدته على النهوض.
"ماذا حصل و اين نحن؟"
"بعد أن استيقظت اول ما تفعله هو طرح الأسئلة؟ انت لئيم! لقد اضطررت للبقاء مستيقظه حتى منتصف الليل من أجل الاعتناء بك!"
كان في صوت كيارا شيءٌ من الغضب. لاحظ لاورو هذا الغضب وحاول تهدئتها.
"كيارا, شكراً لك. لكن ..لماذا انتِ غاضبه؟" تردد لاورو قليلاً قبل أن يطرح ذلك السؤال.
"لماذا انا غاضبه؟!"
"انت لم تهتم حتى بنفسك! لهذا ساءت الأمور لهذا الحد! هذه اول مره تسعل فيها الدماء! فهل يجب أن أكون سعيده؟!"
في النهايه لم تستطع كيارا كبح غضبها والكلمات اللتي كانت تريد أن تبصقها و صرخت على لاورو.
"ك-كيارا.. انظري.. الأهم هو أننا استطعنا الهرب من ذلك المكان بأمان, أليس كذلك؟"
"كلا!"
"اخي, انا.. لا اريد أن أفقدك.. انت اخر من تبقى.." تمتمت كيارا بصوت خافت حتى لا يسمعها لاورو, لكنه كان قريباً منها كفايه لذلك استطاع سماعها.
'انا أعلم... انا اسف.. لا استطيع بصق هذه الكلمات بصوت عالي.. انا أشعر بالذنب..'
كان لاورو يشعر بشيء من الندم لانه لم يستطع فعل أي شيء في ذلك المكان عندما أخذ والديه. كان يشعر بالندم أيضاً وبالذنب لأنه جعل كيارا في هذه الحاله. من الواضح أن ما حصل في تلك الغرفه ترك لها ذكرى مريعه لن تختفي أبداً مدى الحياه.
تراااك-
سمع لاورو صوتاً غريباً. لم يكن لاورو متأكداً من مصدر الصوت لكن كان متأكداً من شيء واحد, ألا وهو أن بقاءهم في هذا المكان سيكون خطِراً.
"كيارا.. علينا التحرك الآن"
"...... حسناً"
حاول لاورو أن يتجنب مصدر الصوت قدر المستطاع حتى لا يستضم به. استمر الاثنان في التحرك لمده لا تقل عن نصف ساعه, ثم أخذا قسطاً من الراحه.
كان لدى لاورو فكره اوليه عن المكان اللذي كانوا فيه الآن لانه كان يأتي كثيراً مع والده إلى العاصمه. كان بإستطاعه لاورو رؤية الانوار الخاصه بالعاصمة على بعد كيلومترات قليله وهذا يعني أنهما اقتربا من الوصول للعاصمه.
"كيارا؟ أيمكنك المواصله؟ لم يتبقى الكثير فقط عشر دقائق أخرى"
"اخي.. هذا ليس المهم.. إلى اين سنذهب؟"
"الى متجر الملابس بالطبع"
"؟"
"سنحتاج إلى تغيير ملابسنا, ملابسي مغطاه بالدماء الا ترين أن هذه الدماء قد تخيف الناس؟"
"هذا ليس ما أقصده.. كيف ستدخل الى متجر ملابس وانت ترتدي هذه الملابس الملطخه بالدما-!"
جفلت كيارا حتى قبل أن تكمل الجمله.
كان لدى لاورو ابتسامه خبيثه على وجهه, إن رأى أحد ذلك التعبير اللذي على وجهه فمن الممكن أن يقول إنه شيطان خرج من الجحيم, تلك الابتسامه جعلت وجهه الوسيم مريعاً, ربما لعبت أيضاً الدماء على ملابسه دوراً في جعله يبدو كشيطان.
"اوه. اختى الرائعه, بشأن هذا.. كنت سأشرح لك ما يجب أن تفعليه ولكن كما هو متوقع منك سبقتِنِي في التحدث!"
"أ-أخي.. انت تبدو كشيطان مع هذه الابتسامه. و ل-لماذا بدأت الآن فقط في مناداتي بال"رائعه"؟.."
"اوه لا.. انت لا تفعل هذا إلا عندما تريد طلب شيء مني.."
"احسنتي انت ذكيه! حسناً, خذي هذا المال ثم عندما نصل اذهبي الى أحد المتاجر و اشتري رداءً اسوداً كبيراً لي و واحد اخر لكِ"
"هااا" خرج تنهد ارتياح من فم كيارا.
"ظننت أنك ستطلب شيئاً صعباً. حسناً, سأذهب"
عندما وصلا الى العاصمه بسلام ودّعت كيارا لاورو وثم ذهبت.
"حسناً. انا وحدي الآن.. لذلك استطيع تصفيه ذهني.."
"ما ذلك الضوء الشبيه بالنار اللذي خرج من جسدي سابقاً؟ ولماذا أغمي علي و تقيأت الدماء مباشرةً بعد أن خرج ذلك الضوء الغريب من جسدي؟"
"رأسي ملئ بألف سؤال الآن.. لكن اعتقد انني توصلت لإستنتاج ربما يكون خاطئاً وربما لا.."
"ماذا لو كان ذلك الضوء الغريب هو "المكافأة" اللتي منحها الملك لعائله هيدلوس؟ وماذا لو كان ما حدث لي مباشرةً بعد استخدام ذلك الضوء هو فقط الاعراض الجانبيه لاستخدامه لأول مره؟"
"وأيضاً.. ذلك التأثير السحري اللذي كان يقيد قدمي انا و كيارا وكان يمنعنا من الهرب, لماذا اختفى عندما استخدمت قوتي؟ لا, ربما الأمر ليس كذلك.."
"هل يعقل أنه كان مرتبطاً بذلك اللقيط ديريك؟ وبما أنه خسر الكثير من قوته زال ذلك التاثير؟"
نظر لاورو إلى يده ثم
وووش وووش-
أخرجت يده اليمنى نفس الضوء الاحمر اللذي أخرجه في وقتٍ سابق و استطاع اخراج نار.
"منذ أن استيقظت, استطعت فعل هذا"
"لكن.."
تقطر تقطر-
سال شريطٌ رفيع من الدماء على شفاه لاورو.
"على غير المتوقع, يبدو أن الأمر مرهق جداً باللنسبه لجسدي.."
"لا يهم. أنا متأكد أنني إذا تدربت قليلاً على استخدامها فالاعراض الجانبيه ستكون أقل ولن تصل للاغماء مثل المره الاولى"
"………" صمت لاورو قليلاً و نظر للسماء الليليه, كان القمر مكتملاً و كانت النجوم ساطعه للغايه. بدت السماء في تلك الليله رائعه حقاً.
"اخي. لقد عدت"
"اوه! أجل مرحباً بعودتك كيارا"
أعطت كيارا الرداء للاورو ثم ارتدى الاثنان الرداء الاسود.
………………
…………………….…
بعد خمس دقائق وصل الاثنان إلى منتصف العاصمه.
"الآن؟ إلى اين؟"
"حاولي تغطيه وجهك جيداً بالرداء, كيارا. اشعر أننا ملاحقون"
"سنذهب إلى اليكس, أنه الوحيد اللذي سيستطيع مساعدتنا"
"........"
ترااااااك!
فجأه سمع الاثنان صوتاً يشبه إلى حدٍ كبير نفس الصوت اللذي سمعاه في الصحراء, لكنه و لسوء الحظ, كان أقرب هذه المره.
"الهى!"
"ما هذا الصوت؟!"
"لم يعد هناك امانٌ في العاصمه! سابقاً كانت من أكثر الأماكن أماناً!"
بطبيعه الحال ذعر أيضاً المواطنون من هذا الصوت المرعب, بعضهم وقف ساكناً ليعبر عن استيائه و ليري أيضاً من المتسبب في ذلك الصوت, و هنالك من هربوا دون النظر إلى الوراء.
"أخيراً وجدنا الفئران اللتي هربت منّا وتسببت ببعض المتاعب"
ظهر رجل يرتدي زيًا اسود ملئ بالدماء و تبعه بعض الرجال الآخرين اللذين يبدون إلى حد كبير مثل اتباعه.
"اللعنه! كان شعوري صحيحاً!" تمتم لاورو ممسكاً قبضة يدهِ بقوه.
ابتسم الرجل اللذي كان في المقدمه.
"اذاً.. انا مهتم نوعاً ما بك, لاورو هيدلوس"
"من اين أبدأ بالاسباب اللتي جعلتني اهتم بك؟ همم حسناً انت اول شخص على الاطلاق يهرب كل هذه المسافه من تلك الغرفه, هذا إنجاز رائع!"
"لكن"
تعمّقت ابتسامه الرجل.
"للأسف, انجازك الرائع لا يستطيع الاستمرار"
"اهجموا"
في أمر الرجل اللذي في المقدمه, هجم الرجال اللذين كانوا خلفه.
'انهم ١٠ أشخاص, سيكون الأمر صعباً'
امسك لاورو بمعصم كيارا, ثم
"كيارا ابقي خلفي ولا تتحركي, كلا... أتعلمين؟ اهربي!" صرخ بسرعه.
"اخي لن-"
وووووش- وووووش-
اضطرت كيارا إلى أن تصمت لان أحد الرجال هجم على لاورو, ولكن هذا لم يكن الشيء اللذي صدمها لقد صدمت بأن أخاها كان قد أخرج من يديه ضوءًا غريباً يشبه النيران احرق رأس الرجل بالكامل.
"هاهاهاهاهاهاهاهاها! لقد علمت بأنك كنت مميزاً, لانه من المستحيل أن تسبب مجرد تضحيه كل هذه الفوضى فقط بجسد انسان عادي!"
خرج ضحك هستيري من فم ذلك الرجل.
في تلك الأثناء هجم رجلان معاً على لاورو, تحرك لاورو خطوه إلى الوراء و لاحظ وجود قطعه خشب حاده وراءه ثم امسك بها و احرقها و رماها على أحدهما, لاورو قام برميها عشوائياً لكنها و لحسن الحظ طعنت رأسه ثم نزف حتى الموت.
أمّا الرجل الآخر فقد كان يمسك بخنجر قام برميه في الهواء ناحيه لاورو, استطاع لاورو تجنبه لكنه ترك خدشاً صغيراً على وجهه. مرةً أخرى, خرج ذلك الضوء من يد لاورو ولكن هذه المره استطاع الرجل أن يتجنبه, وهجم على لاورو.
'عليك اللعنه! لن استطيع تجنب هذا'
كل ما استطاع لاورو فعله بجسده المنهك, هو حني جسده قليلاً حتى لا يطعن في مكانٍ يؤثر عليه. وبالفعل نجح, ولكنه لم ينجح تماماً لان الرجل قام بطعن لاورو في ذراعه. استغل لاورو الموقف واخد السيف اللذي كان مغروساً في ذراعه و وضع فيه بعض النيران و طعن به الرجل في صدره.
تصفيق- تصفيق-
كان الرجل اللذي في المقدمه يتقدم نحو لاورو ببطء ويصفق بيديه وهو يبتسم.
'اهو مجنون؟'
"لاورو هيدلوس, لست حقاً بتلك الروعه. لكن تمكنك من هزيمه ثلاثه رجال من الرتبه العاشره يعتبر أيضاً إلى حد ما إنجازاً"
توقف الرجل فجأة عن التقدم.
"على اي حال يبدو أن هذا مرهق جداً بالنسبه لك, لأنني أرى بعض الدماء اللتي تخرج من فمك"
"دعني اقدم نفسي. اسمي هو ايان بيكر, وانا عضو في اتحاد هاردن"
"بعدما علمنا أن هناك بعض الاشخاص اللذين تمكنوا من الهرب من المطهرين, أخذنا في البحث عنهم لمعرفه قدراتهم-"
لم يستطع ايان إنهاء كلماته لان لاورو قاطعه.
"اذاً, اتقول انك تخلصت من هؤلاء الرجال من أجل تقدير قدراتي؟"
"أكنت تستخدم هؤلاء الرجال مثل الحشرات تستطيع استخدامها وقت ما تريد و التخلص منها وقت ما تريد؟ أكانت حياتهم مثل حياه الكلاب و الفئران بالنسبه لك؟"
"هوّن عليك, أنهم مجرد حشرات عديمه الفائده وبالإضافه إلى ذلك ليس لو أن شيئاً سيتغير لو كانوا اموات, لأنهم مجرد حشرات. كما أنهم لا يمدون لك بصله فلماذا انت غاضب؟"
وووووش- وووووش-
اشتعل جسد لاورو مره اخرى.
"حسناً انت محق تماماً, أنني لا اعرفهم ولست اهتم حقاً لموتهم بما انهم كانوا حلفاء لكم, لكنني غاضب من نعتك لهم بالحشرات. بالإضافة إلى ذلك, أليس تخلصك منهم عندما لم تعد تحتاجهم يدل على أنك أيضاً ستتخلص منا عندما لن تحتاجنا؟"
"اوه, يبدو بأنك لست غبياً تماماً. ولكن هذا أمرّ طبيعي جداً, لاورو هيدلوس. عندما تصبح بلا فائده, يتم التخلص منك. هذا هو قانون البقاء. على اي حال, أن كنت مفيد لنا انت واختك فسنبقيكما على قيد الحياه لكن, إن لم تكونا كذلك ستنتهيان مثل اولئك الرجال بل ربما اسوء"
"وماذا لو لم أقبل العمل معكم و القدوم معكم؟"
ابتسم ايان بخبث.
"أنه ليس طلباً, بل أمراً. لا خيار لك, لاورو هيدلوس. تذكر انك لا تستطيع فعل أي شيء وحدك"
"اختر, أمّا القدوم معنا و أمّا الموت هنا الآن"
"اذا ساختار الخيار الثالث, التخلص منك و المضي قدماً"
"لا وجود لخيارٍ ثالث, أنهما خياران لا ثالث لهما"
ثم أخرج ايان من جيبه صندوقاً اسود وعليه عين حمراء و في وسطها نجمه حمراء.
ترااااك-
تصلبت تعابير لاورو ثم وقف ساكناً دون حراك, لا بل لم يستطع الحراك من الصدمه.
"هذا-"
"صحيح! ذاكرتك يعتمد عليها حقاً! او لا .. ربما لانك قضيت أسبوعاً كاملاً في تلك الغرفه وكل ما كنت تراه كان ذلك الباب الملعون وهذا النقش المخيف تذكرته؟ على اي حال, هذا لا يهم! هذا صحيح تماماً. أنه غرض سرقه اتحاد هاردن من اولئك الملاعين و استخدموه لصالحهم. و .. ألا تشعر بالفضول, لاورو هيدلوس؟"
"هيه" أطلق لاورو ضحكه مكتومه.
"ما اللذي تتحدث عنه؟ ما اللذي سيجعلني أشعر بالفضول؟"
"ذلك الصندوق بالتأكيد هو من جعلكم تعرفون مكاني, الست على حق؟"
"اوه, مثير للاهتمام كيف عرفت؟"
'لانه يصدر نفس الصوت اللذي سمعته في الصحراء.. وايضاً من المستحيل أن تعرفوا مكاني لأنني متاكد أن لا أحد كان يتبعني حتى وصلنا للصحراء..' كان لاورو سيقول هذا الكلام لكنه قرر أن يصمت.
"لست مضطراً لاخبارك"
"حسناً لا يهم "
فتح ايان الصندوق ببطء ثم:
"اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه اه آآآآآآآآآه"
خرجت منه صرخات مرعبه.
"هذا الصندوق يسمى السليڤين, أنه يحتوى على أرواح ارقى انواع المحاربين! أليس رائعا؟ لقد سمح لنا بتتبعك! لكن لسوء الحظ بعد استخدامه تحتاج لأن تعطيه مكافأة, اتعلم ما هي مكافأته؟"
اقترب ايان خطوه من لاورو و ابتسم بمكر ثم:
"يجب عليك التضحيه بروح انسان آخر و ادخالها في هذا الصندوق, هذه هي مكافأته و .."
توسعت ابتسامه ايان.
"اليوم, ستكون انت المكافأة"
"لا تتقدموا و اوقفوا الهجوم, سأتعامل انا مع هذا الطفل اللذي لا يعرف حتى كيفيه احترام الكبار"
أعطى ايان مرؤوسيه الأمر و اخرج سيفه من غمده, كانت الهاله حوله مرعبه حقاً في تلك اللحظه.