مع أولى خُطوات الفجر، كان "لي شوان" قد وصل إلى منطقة تُعرف بين مزارعي الأرض السفلى باسم وادي اللهب الساكن . هذه الأرض لم تكن مأهولة، ليس لأنّها خالية، بل لأن من يدخلها… لا يخرج كما دخل.
هنا يبدأ طريق الصقل الحقيقي. ولكل مزارع، تلك اللحظة التي يُقرر فيها أن لا يعود كما كان.
وقف "لي شوان" على صخرةٍ مرتفعة، تطل على مساحة واسعة من الأرض السوداء المتشققة. في الوسط، حفرة مستديرة تنبعث منها حرارة كثيفة، يتصاعد منها بخار أحمر كثيف.
كان يحمل على ظهره نصلًا من العظم، صنعه بنفسه في طفولته، من أحد أضلاعه بعد أن سقط مريضًا لمدة سبعة أيام كاملة، ولم يكن لديه ما يدافع به عن نفسه سوى ذلك العظم.
اليوم، لن يستخدم النصل للدفاع. بل للتقدم.
دخل إلى الحفرة دون تردد. جسده بدأ يتعرق بسرعة، والهواء من حوله أصبح أثقل. لكن هذا ما كان يتوقعه.
طقس الصقل الأول يبدأ بامتصاص حرارة الأرض.
أغلق عينيه، جلس وسط الحفرة، وبدأ يتنفس ببطء. مع كل شهيق، سحب جزءًا من طاقة الأرض الساخنة إلى جسده، ومع كل زفير، طرد الشوائب والضعف.
بعد ساعة… بدأت بشرته تلمع قليلاً. ثم احمرّت. ثم تشققت.
لكنّه لم يتوقف.
فجأة، انفجرت صخرة خلفه، وخرج منها مخلوق ناري، يشبه النمر، لكن جسده يتكوّن من الحمم. عينيه تلتهبان، وزمجرته تهز الهواء.
وحش النار السفلي – المرتبة الأولى.
كان من الطبيعي أن تظهر الوحوش خلال طقوس الصقل، فحرارة الجسد المتصاعدة تجذبها. لكن "لي شوان" لم يتحرك.
بقي جالسًا، يتنفس بانتظام.
الوحش زأر واقترب، ثم قفز نحوه.
في اللحظة المناسبة، فتح "لي شوان" عينيه، تحرك بنصف دورة، سحب نصل العظام من ظهره، ووجه ضربة سريعة نحو عنق الوحش.
صوت انشقاق، ثم صرخة، ثم سكون.
سقط جسد الوحش على الأرض، يتفحّم.
عاد "لي شوان" للجلوس. ما زالت الحرارة تتصاعد، وما زال جسده يحترق من الداخل. لكن الآن، لم يكن الألم ضعفًا. بل علامة على التقدّم.
مرّت ثلاث ساعات أخرى.
ظهرت أربعة وحوش أخرى: أفعى من اللهب، دب مشقوق الظهر، طائر يتطاير منه الشرر، وآخرهم… إنسان محترق .
كأن جثّة أحد المزارعين الذين فشلوا سابقًا عادت لتُقاتل.
"لي شوان" لم يكن في أفضل حالاته. جلده متشقق، عضلاته ترتجف، والتنفس أصبح صعبًا.
لكن عقله… هادئ. ويده ثابتة.
هجم عليه الطائر أولًا، قفز للأعلى، فاجأه بضربة عكسية للنصل مزّقت جناحه. وقبل أن يسقط الطائر، انقضّت الأفعى، فلفّت جسده.
دون تردّد، طعنها في منتصف العمود الفقري، ثم قفز للخلف، ليتلقى لكمة مباشرة من الإنسان المحترق.
ارتدّ مترين. تقيّأ دمًا. لكن عينيه لم تضعفا.
"لي شوان" نهض، تحرّك للأمام بسرعة، ضرب خصمه بكوعه في الفك، ثم دار حوله، وغرس النصل في صدره.
هذه المرة، لم تكن فقط ضربة جسدية. بل استخدم قوته الداخلية .
خرج لهب أسود من عينيه، وسرى في النصل، ليتفجّر جسد العدو.
سقط على ركبتيه يتنفس بصعوبة. لكنه ابتسم.
انتهى الطقس.
جسده الآن أقوى، عظامه أصلب، عضلاته متماسكة، وروحه أكثر ثباتًا.
الصقل الأول: مكتمل. المستوى الحالي: مزارع الدرجة الأولى.
خرج من الحفرة، يقطر عرقًا، ودمًا.
وعندما وصل إلى حافة الوادي… كان هناك رجلٌ بانتظاره.
ملامح شرسة، جسد ضخم، يرتدي درعًا من الجلود السميكة.
قال دون مقدمات: "أنت الذي قتلت وحوش وادي اللهب؟"
أجاب "لي شوان" وهو يسحب نصل العظام من غمده: "وأنت؟"
قال الرجل:
"أنا المزارع الذي لن يسمح لك بأخذ هذا الطريق مجانًا."
ابتسم "لي شوان". جسده متعب، لكنه الآن… مزارع.
والآن حان وقت القتال الحقيقي.
نهاية الفصل .