لم تمضِ سوى لحظات على انتهاء طقس الصقل، وكان جسد "لي شوان" لا يزال في طور التأقلم مع قوته الجديدة. العرق يتصبب من جبينه، أنفاسه ثقيلة، والحرارة في عروقه كأنها نار تحاول التهام قلبه قبل الخارج.
ثم سُمع صوت خطوات على الصخور، ثابتة، قوية، لا تُشبه خطى مزارع عادي.
رفع "لي شوان" رأسه فرأى رجلاً طويل القامة، عريض الكتفين، يتقدّم نحوه دون تردد. كان يحمل رمحًا أسود طويلاً، مغطى بنقوش حمراء تشعّ بوميضٍ غريب. صدره عارٍ، يلمع بالعرق، وعلى كتفه الأيسر وشم على شكل تنين ملتفّ.
قال الرجل بصوتٍ جاف:
"أنت من سرق الميراث من فم البركان؟"
نهض لي شوان، متألمًا، لكنه لم يظهر ذلك.
"أخذت ما كان مهجورًا. هل تريده؟ تعال وخذه."
قال الرجل بابتسامة ساخرة:
"اسمي هاو لين. ومن اليوم، سيكون اسمي آخر ما تتذكره."
هاو لين لم يكن خصمًا عاديًا. كان مزارعًا في المرتبة الأولى المتقدمة ، بخبرة قتال في ساحات كثيرة، وقلب لا يعرف الرحمة. في المقابل، كان لي شوان قد خرج لتوه من طقس صقل مُرهق، قوته ارتفعت، لكن جسده لا يزال هشًا، وروحه لم تهدأ بعد.
ومع ذلك، لم يتراجع.
حين هجم هاو لين أول مرة، انقض كالوحش. رمحه اندفع بسرعة مدهشة، ووجهه بارد كالصخر.
تفاداه لي شوان بشق الأنفَس، لكنه تلقى ضربة جانبية اخترقت كتفه الأيسر، سال الدم على الفور.
تراجع وهو يتنفس ببطء. "هاو لين أسرع مما توقعت… وقوي. لكن القوة وحدها لا تحسم شيئًا."
بدأ القتال الحقيقي.
هاو لين أمطره بسلسلة من الضربات المتتالية، كل واحدة كفيلة بكسر جدار من الحجر، ولي شوان بالكاد يتفادى، أحيانًا يتلقى ضربة خفيفة لتقليل خسائر الأكبر، وأحيانًا يسقط عمدًا ليربك إيقاع الهجوم.
مرّت خمس دقائق من الجحيم.
ركبته أصيبت، كتفه ينزف، والتنفس يزداد صعوبة. هاو لين ضحك بازدراء:
"بدأت تسقط. توقعت أكثر من حامل ميراث الجحيم!"
لكن لي شوان لم يجب. في داخله، كان يُعدّ الخطة.
لاحظ أن هاو لين يهاجم دائمًا من جهة اليمين، وأن زوايا ضرباته متكررة. لاحظ أيضًا أن خصمه لا يحمي كاحليه، ويعتمد كليًا على الاندفاع دون دراسة.
وفي لحظة خاطفة… قرر أن يُراهن على ضربة واحدة.
تراجع إلى حجر منحوت خلفه، يبدو عاديًا… لكن تحته كانت مفاجأته. قبل بداية القتال، وقبل أن يظهر هاو لين، دفن فيه جرعة صغيرة من غبار البركان اللاهب – مادة تسبب تموجًا بالهواء وتشوّش رؤية الخصم.
توقف هناك، تظاهر بالضعف، وفتح جرح كتفه بيده ليبدو أضعف.
هاو لين ضحك مجددًا وهجم:
"النهاية الآن!"
وفي اللحظة التي وطأت فيها قدمه على الحجر…
أطلق لي شوان ركلة مفاجئة على الأرض. انفجر الغبار اللاهب في وجه هاو لين.
صرخ هاو لين:
"ما هذا؟!"
غطّى الغبار عينيه وشوّه رؤيته. في هذه الثواني القليلة، تحرك لي شوان من الخلف، وضربه بكعب قدمه خلف الركبة، ثم وجه له طعنة جانبية بنصل العظام في الخاصرة، واستغل قوة دفعه ليجرّده من توازنه ويطرحه أرضًا.
هاو لين صرخ من الألم، لكنه حاول النهوض. إلا أن لي شوان لم يعطه فرصة.
بضربة قوية على رسغ خصمه، أسقط الرمح، ثم وضع نصل العظام عند حلقه، يضغط به وهو ينزف.
"هل قلت أن اسمك هاو لين؟ سأحتفظ به… كذكرى لمقاتل قوي كاد أن يقتلني."
هاو لين بصق دمًا وقال:
"أنت لا تقاتل بشرف."
ردّ لي شوان بابتسامة:
"ولا أعيش في عالم شريف."
رفع النصل، ابتعد خطوة، وترك هاو لين على الأرض، مدمىً، لكن حيًا.
ثم قال بنبرة هادئة:
"أنا لا أقاتل لأثبت قوتي… بل لأستمر في الحياة."
استدار، وتابع طريقه. لكنه كان يعرف جيدًا أن هذه المعركة، رغم نصره فيها، تركت أثرًا.
هاو لين خصم قوي… ولو كان في حالٍ أفضل، ربما انتهت القصة هنا.
لكن الآن، "لي شوان" خرج منها أكثر نضجًا، أكثر حذرًا، ومستعدًا للمرحلة القادمة.
نهاية الفصل.