السماء كانت غائمة، لكن تحت قدمي “لي شوان”، الأرض لا تزال ساخنة من آثار القتال.
هاو لين، المزارع القوي الذي كان يتبجّح بالقوة والهيبة، كان الآن ملقى أرضًا، جسده يرتعش، ودمه يغذي الحصى الحارقة تحت فمه. لم يمت، لكن كِبرياءه كُسرت.
لي شوان لم يكن منتصرًا فحسب… لقد خرج من هذه المعركة وهو يعلم أن قوته وحدها ليست كافية للبقاء . ما أوصله إلى النصر لم يكن لهبه، بل دهاؤه. وها هو الآن، يتقدم بخطى متعبة، لكنه ثابت.
في منتصف المسير، وعلى قمة تلٍّ نصف محترق، جلس لي شوان ليرتاح. لكن قبل أن يستعيد أنفاسه… هبّت ريحٌ عجيبة.
ريح لا تحمل غبارًا ولا رمادًا… بل رائحة نار نقية ، كأنها خرجت من جوف قِدر قديم أحرقه الزمن.
نظر لي شوان حوله، وفجأة… انشقت السماء فوقه، لا بصاعقة ولا بضوء، بل بوهجٍ ناري يُمزق السكون.
ظهر رجل طائر في الأفق، عباءته الحمراء تتمايل كأنها لهب حي، كل خطوة من خطواته تُبدد الغيوم، وتُجبر الريح على التراجع.
تشين تيان. سيد طائفة اللهيب الأبدي، المُزارع الذي تُروى عنه الأساطير… الرجل الذي أحرق وحشًا سماويًا من المرتبة الخامسة بيديه العاريتين .
هبط أمام لي شوان دون أن ينبس بكلمة. وللمرة الأولى، شعر لي شوان أن النيران التي تسكنه قد خضعت لصمت غريب، كأنها تنتظر إذنًا للكلام .
رفع تشين تيان يده اليمنى، بلا أي طاقة ظاهرة، لكن فجأة… خرج من جسد لي شوان وميضٌ أسود بنفسجي ارتفع كعمودٍ من اللهب، لا يمكن إخفاؤه ولا كبحه.
شهق الشيخ بهدوء، وغمغم:
"لهب خرافي… من سِمة لا تحملها إلا أجساد مختارة. وها هو يظهر… دون تدريب، دون طائفة، دون وصاية."
نظر مباشرة إلى لي شوان، عينيه كأنهما جمرتان تنفذان إلى العمق:
"ما اسمك، يا حامل اللهيب الذي لا يُطفأ؟"
قال لي شوان بثبات، رغم الألم الذي كان لا يزال في صدره:
"لي شوان."
أومأ تشين تيان، ثم مد يده وفتح راحة كفه.
ظهر في الهواء ختم ناري ملكي ، محفور عليه رمز ثلاثي الشكل: اللهيب، البقاء، الوراثة.
"أنا تشين تيان، سيد طائفة اللهيب الأبدي، أدعوك الآن… أن تنضم إلى طائفتي كتلميذي المباشر، لا كطالب، ولا كخادم، بل كوريث محتمل."
مرّت لحظة. هدأت الرياح. اختنق الهواء.
كان يمكن للي شوان أن يرفض، أن يستمر وحيدًا كما اعتاد، أن يبقى ذئبًا بلا قطيع.
لكنه شعر بشيء آخر. ليس الطمع… بل الفرصة . أن ينمو، أن يتقوى، أن يصعد، أن يصنع قانونه الخاص، من داخل النار هذه المرة.
فأجاب بصوت هادئ:
"إن لم تكن ناركم مطيعة للسماء… فأنا لها."
ابتسم تشين تيان، ثم ضرب الختم على جبهة لي شوان. لم يؤلمه… لكنه شعر وكأن كيانه كله أُعيد تشكيله.
وفي اللحظة التالية…
دوّت أجراس نارية في كل أنحاء الجبال المحيطة. ثلاث دقات فقط لا تُسمع إلا عند حدثين:
ولادة وريث جديد.
أو… ظهور جسدٍ من السِمة الخرافية.
في "قصر النيران السبعة"، وقف الشيوخ مذهولين. تلاميذ الطائفة الكبرى خفضوا رؤوسهم حين علموا بالخبر. أما أصحاب الطموح… فقد اشتعل الحسد في قلوبهم.
"وريث…؟!" "من هو هذا؟! من أي طائفة جاء؟!" "كيف يتخطى كل اختباراتنا؟!"
لكن القرار قد حُسم. تشين تيان قالها بنفسه: "من يعارض هذا القرار… فليواجه نيراني أولًا."
في اليوم نفسه، نُقل لي شوان إلى جناح الورثة على قمة جبل اللهيب المقدس.
لم يعد متسكعًا بين الرماد… بل أصبح الآن تحت أنظار الجميع.
تلميذ مباشر، يملك لهبًا خرافيًا، لكنه بلا خلفية… بلا حلفاء… وبلا رحمة تحميه من مكائد الآخرين.
لي شوان وقف في غرفته الحجرية، ينظر إلى شمس المساء وهي تغرب خلف الجبال المتوهجة.
"من طفلٍ خرج من فوهة بركان… إلى تلميذ سيد الطائفة نفسه."
لكن في أعماقه، لم يشعر بالنصر.
بل أدرك شيئًا واحدًا:
الآن فقط… تبدأ الحرب الحقيقية.
نهاية الفصل .