"على فكرة...لم أفهم ،كيف تكون الأكاديمية سرية و في نفس الوقت تسمح لمختلف الأجناس بدخولها؟ "

" في الحقيقة ,تم إنشاء هذه الأكاديمية خفية عن مجتمع السحرة ,لهذا لن تجد أي ساحر لا ينتمي لعشيرتنا هناك و في المقابل ستجد الكثير من المسوخ و الهجنة...سبب ذلك هو أنه قبل مئات السنين عندما تم استعباد المسوخ ,رفض جدنا الأكبر الموافقة على سجل المنبوذ و بدلا من ذلك قام بحمايتهم مقابل ولائهم ،كل ذلك من أجل ابنه الوحيد الذي وقع في حب حورية البحر ليزا التي كانت تنتمي لفصيلة من المسوخ تدعى *البرمائيات....جدنا هو مؤسس العشيرة لمّا غامر في رحلة إلى عالم الجان اكتسب عنصرين طبيعيين هما الجليد و الماء ,و بما أن البرمائيين لديهم قدرات مذهلة أسفل المياه..قرر الجد ضمهم للعشيرة و السماح لهم بالتزاوج مع خلفه من السحرة ,و من خلال التناسل ظهر الهجناء لأول مرة ثم تكاثروا حتى بلغوا العشرات...لكن مجتمع السحرة لا يعلم سوى أننا نمتلك ساحرة هجينة واحدة فقط..هنا حيث تكمن المشكلة ,إذا علموا سيحاولون إبادتنا لأننا خالفنا توازن القوى و أصبحنا تهديدا لهم...في الواقع نحن لا نخشاهم فقوتنا تضاهيهم مجتمعين ,لكن الجد الأكبر وصّانا أن نبقي الأمر سرا حتى لا تحدث حرب تؤدي لانقراض سحر العناصر و ضعف الإمبراطورية "

" لماذا سيهابونكم ؟ أليس لديهم سحرة هجناء أيضا ؟ "

"نعم ,لكنهم لا يتعدون اثنين...ساحرة هجينة تنتمي لعشيرة جنية الغابة و ساحر هجين لدى عشيرة الإعصار السماوي ,الهجناء نادرون للغاية..هذا لأنه أثناء إيقاظ التحول تكون فرص البقاء على قيد الحياة ضئيلة ,حيث يولد مئة هجين و لكن عند إيقاظ تحولهم لن ينجو سوى واحد...مرحلة الإيقاظ تكون ما بين سن التاسعة والثامنة عشر ,كلما كانت أبكر كانت السلالة الدموية أنقى و القدرات الفطرية المكتسبة أقوى "

***

بينما كانا يتحدثان ,كان العبيد ينظفون سطح السفينة و يحدقون في رادون بحسد...فجأة ,*كلاااب...صفّقت لونا و قالت " ألقوا المرساة و ارفعوا الأشرعة ,سنتوقف هنا " ,استغرب العبيد من أوامرها لكنهم لم يجرؤوا على التكاسل ، توقفت السفينة وسط البحر الشاسع و موازاة مع ذلك وقف الرجل و رفع ذراعيه أمام صدره...بعدها مباشرة ,صعدت ستارة مياه من أربع اتجاهات مختلفة و لفت السفينة كزهرة مغلقة لم تنضج بعد ,من الداخل يبدو الأمر أشبه بقبة مشكلة من ماء البحر مثبتة بقوة مجهولة ممّا يحصر الهواء داخلها كالبالونة

بدأت السفينة بالغرق شيئا فشيئا أسفل البحر حتى اختفى هيكلها بالكامل و انخفضت الستارات التي تغطيها معها ,حتى الآن ولا قطرة واحدة لمستها كانت آمنة تماما داخل الفقاعة و غاصت بهدوء إلى القاع

" نحن متجهون للجزيرة الغارقة ,المقر الرئيسي لعشيرتي و موقع الأكاديمية السرية *عذراء المياه..لا تقلق يمكنك التنفس في الجزيرة كذلك..فعلى كل حال سكانها ليسوا من السحرة و البرمائيين فقط ,فهناك مسوخ و هجناء من فصائل مختلفة "

" كيف أمكنها التواجد أسفل البحر ؟ أليست الجزر عائمة ؟ " احتار رادون و بادر للسؤال

" هاههاها..علمت أنك ستطرح هذا السؤال ؟..حسنا ,جوابه يكمن في الاسم ذاته...ببساطة ,لقد تم طمر هذه الجزيرة من طرف الجد الأكبر بمساعدة قبيلة البرمائيين ,لا تسألني كيف أنا نفسي لا أعرف " تحدث الرجل بكل فخر عن موطنه في حين تابعوا رحلتهم عميييقا..

توقف ضوء الشمس عن اتباعهم و تركهم عميانا وسط سحابة سوداء غريبة ,لكن سرعان ما ظهر في الأفق أمامهم مشهد خرافي لا تصدقه الأعين و لا العقول..كل من رآه حسبه من وحي خياله فقط و لا وجود له في الأساس

مدينة ضخمة ذات تصميم فريد و بنايات معقدة الصنع و الزخرفة..تتفاوت أحجامها من قصور و بروج إلى بيوت و متاجر ,ساحات معبدة بصخور جميلة و قواقع..تجعلها تلمع و تضفي لمسة ساحرة على المنظر ,حدائق مزهرة وغريبة مصدر غرابتها أنها ليست على الأرض بل مفروشة على أسطح البنيات و حتى الجدران زينت بها..أحاطت بالمدينة أسوار مجيدة و قنوات كالعروق تضخ الأنهار داخلها ,مسارات قنوات المياه هي الجمال عينه ,حيث شيدت على شكل متاهة تؤدي إلى قصر فخم بني في مركز المدينة

اقتربوا من المدينة وهبطوا قرب الأسوار بسلاسة ,تماما مثل السفينة أحيطت الجزيرة كلها و التي تضمنت المدينة و الأدغال حولها بفقاعة هائلة عزلتها عن المياه..استقرت السفينة بلطف على الأرض و قفز المسافرون منها

" مرحبا بعودتكما...سيد لامون و سيدة لونا " سارع الحراس لإلقاء التحية

" أنت.. ,خذ السفينة و أركنها بجانب السفن الأخرى " و أشار إلى كومة من السفن مرصوفة على اليمين

" حاضر سيدي..." بدون مزيد من التأخير تابع لامون سيره و قاد المجموعة لدخول المدينة ,أثناء مشيهم في إحدى الشوارع استدار و سأل

" يبدو أنك تستطيع المشي الآن ,أرأيت كما أخبرتك..إنها مجرد أعراض مرحلة الإيقاظ "

" بصراحة ,لا زالت ذراعي مخدرة و ثقيلة لدرجة أنها تكاد تسقطني " مشى رادون بصعوبة مع نصفه الأيمن مائل بوضوح ,إن شاهدته ستظن أنه زومبي

" بالمناسبة ,نسيت أن أسألك عن إسمك "

" اسمي رادون..."

" بففف...*أحح..يا له من اسم غريب ,لا يتناسب مع حجمك " كتم ضحكته ملزما و عوضها بابتسامة

في خضم حديثهم المشوق...مرت ساعة كلمح البصر و توقفوا أمام القصر المهيب الموجود بمركز المدينة

" انتظروا هنا ,سأدخل أنا و لونا..ليس مسموحا لكم بدخول مقر عشيرتنا "

" حسنا..." وافق العبيد و رادون بلا نقاش و جلسوا بجانب بوابة القصر

***

في فسحة داخل القصر ,جلست امرأة فاتنة الجمال على كرسي وسط حوض ماء مستدير و غمرت فستانها الطويل داخل المياه العذبة مما أخفى سيقانها بشكل كلي...بتتبع الأنماط الغريبة على الفستان ينتهي بك الأمر لمشاهدة زوجين من الأصداف تغطي أثداءها

" يمكنكما الوقوف..لامون ,هل أنهيت المهمة الموكلة إليك ؟ " نظرت إلى رجل وامرأة ينحنيان على ركبة واحدة

" نعم يا زعيمة العشيرة ,لقد أحضرنا ثلاثين عبدا كما طلبتي..لكن اتضح أن أحدهم بشري هجين...." وقف لامون و أعاد سرد الأحداث

" هممم...فتى ضخم البنية و ذراعه اليمنى سوداء منتفخة ،بالإضافة إلا أن وزنه غير عادي ,مثير للاهتمام..لم يسبق لي أن سمعت عن فصيلة من المسوخ لديها هذه الهيئة الجسدية الغريبة في كامل الإمبراطورية " وضعت يدها على خدها و أمالت رأسها

" لقد عرضت عليه الانضمام للأكاديمية و وافق ,ننتظر الآن موافقتك يا زعيمة "

" بالطبع أنا موافقة ,طالما كان هجينا فالأكاديمية ترحب به...أعد طلبا للتسجيل و أرسله للمدير زيك "

" سأعده حالا..." انصرف لامون و لونا و تركوها تسرح في فكر عميق

" هل هو من خارج الإمبراطورية ؟ ,إن كان كذلك فيجب أن أبقي حذري منه " تمتمت في نفسها

صفقت بيديها مرة واحدة..فجاء شخص له أذرع الأخطبوط الستة مكان الأرجل ,أعين متابعدة فيما بينها مع غياب الأنف..و جلد قرمزي منقط

" أمرك...سيدتي.." انحنى و انتظر طلبها

2019/03/04 · 563 مشاهدة · 1014 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024