12 - "لأنني لن أستطيع منع نفسي من قطعك"

فوق المنصة الحجرية وقف شابان..أحدهما طويل ذو وجه وسيم و شعر أشقر مع ابتسامة واثقة ,بينما الآخر عكسه تماما..قصير ذو وجه بشع و نابين طويلين..أظافر مقززة و أذنين تشبهان آذان العفاريت مع زوج من الأجنحة الحمراء خلف ظهره ,كانت الحلبة واسعة و ضخمة من حيث الحجم ,غير أنها اختفت تقريبا داخل الساحة الشاسعة المكتظة بالجماهير

" سئلت ذات مرة ,لماذا سمي المسوخ بهذا الاسم ؟ فلم أجد جوابا...لكن يبدو أنني عثرت عليه اليوم " حدق في خصمه و سخر

" ألم يكن من الأفضل لو سألت أمك..لماذا تزوجت بمسخ يدعى أبوك ؟ " رفرف بجناحيه و ابتسم باستهزاء

" نابو...سأجعلك تندم على ما قلته للتو " صبغت أعينه باللون الأحمر ,و صار جلده أخضر مغطى بشيء بدا مثل الحراشف..تحولت يداه إلى مخالب حادة و أسنانه إلى سكاكين مسننة...ثم اندفع نحو خصمه بجنون

" أنتم الهجناء دائما ما تتنكّرون لأصلكم..هل نسيتم أنكم أيضا مسوخ بشعون ؟ كل ما في الأمر أنكم تستطيعون إخفاء ذلك " حلق نحو السماء و تهرب من الهجوم...ثم سخر مجددا

" أيها الجبان...هل هذا كل ما لديك ؟ إن كنت رجلا فلتهبط و لتواجهني وجها لوجه "

" هل تظن أنني خائف منك ؟...أنت مخطئ " انقض عليه من السماء مع مخالبه الخضراء المرعبة..كسهم غادر قوسا ,لم يترك لهدفه وقتا للمراوغة

" *سيمستيون لاريس..."

من العدم..ظهر شعاع أزرق ذو سرعة جنونية و دخل لجثة نابو ,جف جلده بشكل غريب و فقد لونه..مباشرة بعدها خرجت قطرات مياه من مسامه لتتجمع في هيئة كرة مائية استقرت على كف خصمه...انكمشت بشرته و ابيضّ شعره...بدا كعجوز على بعد خطوة واحدة من باب الموت

"لحلحلحححح.."

مع فمه الجاف ,أطلق أصوات توسل واحتضار...لكن من حسن حظه أن خصمه تعاطف معه و أرسل الكرة نحو فمه..لمّا ولجت المياه جوفه عادت بشرته للحياة و اكتسبت لونها من جديد..تحولت شفاهه الزرقاء الجافة إلى حمراء نابضة بالحياة..اختفى الشيب على شعره و عاد إلى أصله

" أسونا..يفوز..."

" هاهاها...أرأيت ذلك؟؟..كما قلت لك ،ابن عمي قوي للغاية "

صرخ الجمهور من شدة الإثارة و تحدثوا بحماس عن المعركة

" أنت غشاش لقد أغويتني و استعملت تعويذة محرمة...أتحاول قتلي " غضب نابو و أظهر عدم رضاه

" قد تكون التعويذة المحرمة ممنوعة ،لكن ليس في نزال الفصائل حيث لا يوجد حكم...أنا ساحر في مرحلة التحكم ,هل ظننت أنني سأهمل هذا الجانب من قوتي أثناء القتال ؟...لو كان هذا النزال حقيقيا و لم أستخدم ميزتي هذه لكنت ميتا بالفعل ,أو مسموما بمجرد أن تخدشني مخالبك السامة " ومض ضوء أزرق خافت على جبهته..ثم تلاشى ببطئ

***

" أيا يكن...الفائز بطل و الخاسر لص.." تردد صوت...بعيدا بين الغيوم

هبط شخص من السماء و اقترب منه..شاب طويل ذو أجنحة بيضاء مزينة بريش حاد و ناصع..له ساقان كأرجل النسر ,مد يده و ساعده على الوقوف

" معك حق أيها الأخ الأكبر لقد كنت غبيا وسقطت في فخه..في المرة القادمة ,سأفوز بالتأكيد " ضمّ قبضته بقوة حتى غرزت أظافره الطويلة فيها...سالت قطرات من دمه على الأرض..

" هذه هي العزيمة..جيد...لقد تم قبولك رسميا في فصيلة المجنحين " ابتسم الشاب و أومأ في مدح..ثم حلق بعيدا و اختفى في السماء

" إنه لازار...قائد فصيلة المجنحين " صاح شخص ما بحماس

" أوووه...سمعت أنه يعد من بين أقوى عشرة مسوخ في الأكاديمية ,لقد اعترف بذلك الفتى...يا له من محظوظ "

وسط الحشد الصاخب ,وقف شاب عملاق مع فتاة جميلة بجانبه...و لأن المنصة مرتفعة عن الأرض قليلا..بعلو متر تقريبا ,فكل الناس استطاعوا مشاهدة المعركة..طالما لم يقف أمامهم شخص طويل القامة

" بسبب طولك السخيف هذا..تم منعنا من التقدم و المشاهدة عن كثب " تذمرت هيرميس و هزت كتفيها بامتعاض

" لكنني مرتاح هنا...لقد شاهدت كل شئ بالفعل "

" بالطبع أنا لا أتحدث عنك يا زرافة..."

" بالمناسبة..أريد أن أسألك ,لماذا التعويذة المحرمة تبدو أقوى من التعاويذ العادية ؟ "

" التعويذة المحرمة قوية و هذا أمر لا يمكن إنكاره ،لكن لديها نقطة ضعف خطيرة و هي أنه لا يمكنك استعمالها سوى مرة واحدة خلال المعركة و بعدها تحرم من السحر بشكل جزئي...حيث تنفذ طاقة الماجي في *نقطة زون و لا تستطيع تجميعها لثلاثة أيام أو أكثر..بحسب قوة التعويذة ,في الواقع هي لعنة أكثر من كونها تعويذة و قد تم اختراعها من طرف ساحر عناصر قبل مئات السنين...عندما عثر على بعض كتب السحر الأسود و من خلال دراستها و دمجها مع مفاهيم سحر العنصر تمكن من ابتكار هذه التعويذة "

" ما هي فصيلة المجنحين ؟...و كيف تعرفين أنني هجين و لست مسخا ؟ "

" هذا واضح ,يجب أن يكون نصف جسدك على الأقل ممسوخا...لكنك عكس ذلك لا تملك سوى يد ضخمة شبيهة بأيدي البشر ,كما تمر بنفس أعراض مرحلة الإيقاظ حيث أنك لا تستطيع التحكم في جسدك جيدا ,أمّا بالنسبة لفصيلة المجنحين فهم ببساطة مسوخ يستطيعون الطيران فيعتمدون على هذه الميزة كثيرا أثناء القتال ,وهناك فصائل غيرها في فصل المسوخ مثل فصيلة البرمائيات ،فصيلة الغيلان...و كل منها لديه سمات و قدرات خاصة تميزه عن الآخرين ، أنت على الأرجح لن تنتمي لأي منهم ,لكن لا تقلق هناك فصيلة خاصة تقبل أمثالك و تدعى بالفصيلة النادرة.."

***

و هم في خضم حديثهم ,لم ينتبهوا إلى الحشد الذي بدأ بالتفرق

" يبدو أن نزال الفصائل قد انتهى بالفعل...حسنا ،لنكمل جولتنا " عندما استدارت للمغادرة..سمعت صوتا خلفها ينادي..

" هيرميس...هل أتيت لمشاهدة النزال ؟ " نظر أسونا لجسدها المثير بشهوة

"*همف..لا تجرؤ حتى على التفكير في ذلك..لست هنا لمشاهدتك ,لقد أتيت فقط لمرافقة هذا الطالب الجديد في جولة و صادف أن مررنا بهذا المكان.." حدقت فيه بازدراء و قالت في نفسها " هذا الوغد...يصبح مغرورا جدا عندما يفوز "

" لقد رأيته يتحدث معك و يبتسم...و أردت أن أعرف بالضبط ,من هو هذا الشخص الذي تجرأ على مغازلة بنت خالتي أمام أعيني "

فجأة و دون سابق إنذار...انطلق أسونا نحوه بسرعة و ركله في ساقه اليمنى بقوة ,سقط رادون أرضا دون مقاومة بالإضافة لوزنه الهائل اهتزت المنطقة المحيطة...تحطمت الأرضية و تناثرت الحجارة و الغبار في كل مكان

" ههاهاه...بالنظر إلى حجمك ، لم أكن أتصور أن تكون بهذا الضعف..مجرد ركلة بسيطة قد أسقطتك بكل سهولة " ضحك باشمئزاز

" أسونا..ابتعد عن الفتى ,لقد مر من مرحلة الإيقاظ للتو..." وقفت هيرميس أمامه و حذرته

" *همف...يا لك من مثير للشفقة ,أتختبأ وراء فتاة..أين هي رجولتك ؟ "

مع وزن يده اليمنى ,بالكاد استطاع الوقوف ثابتا..مجرد دفعة كانت كافية لإسقاطه ,اعتمد على يده اليسرى و حاول النهوض..بعد تحقيق الاستقرار في توازنه بصعوبة..اتكأ على سيفه و استراح

" أخرجت سيفك...جيد..على الأقل تملك بعض الشجاعة ,هيا اسحبه من غمده و بارزني " أخرج سيفا رماديا رفيعا كان مثبتا على خصره و سلّه

" لن أسحبه..لأنني لن أستطيع منع نفسي من قطعك ,خصوصا و أنا على هذه الحال "

2019/03/08 · 630 مشاهدة · 1045 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024