..

"ههه...لا أعلم من أين تأتي بغرورك هذا ,أنت لا تستطيع حتى الوقوف باستقامة ،و تريد قطعي "

" صدقني..إن سحبته لن يكون الوقوف أو التحرك مهما بالنسبة لي ،بقدر ما سيكون لك.."

" هيه...أنتما..هل تتجاهلانني؟ ،قلت توقفا الآن..و إلا..."

صاحت هيرميس بغضب و أشارت بإصبعين نحو أسونا ,موازاة مع ذلك توهجت قلادة غريبة على صدرها..في داخلها حجر كريم ذو شكل معين..سطع بضوء أبيض

"أووه تبا..حسنا..سأغادر،لا تطلقي...لنا لقاء آخر أيها الوغد ,أتحداك بعد أسبوع..هنا في هذا المكان ،لنرى إن كنت تجرؤ على ذلك " حين انتبه للقلادة تغير تعبيره الواثق إلى خائف ،تراجع بسرعة و غادر الساحة...بعد أن ألقى بضع كلمات

***

تصببت جبهته عرقا..تنفس الصعداء و عقد سيفه بإحكام ،بينما حدق في ظهر أسونا

" يبدو أنك خائف منه ،رغم ذلك حين تجادلتما لم تبدي ضعفك..و هذا أمر جيد ،لكن لا تدعه يغريك لجحره...كن حذرا و ابتعد عنه إن أمكن ,فالسحرة الهجناء أقوى من البشر الهجناء...مهلا ،هل تسمعني..؟ "

مررت يدها أمام عيني رادون المظلمة..لكنه لم يرد و استمر بتجاهلها فحسب ،كأنه غائب عن الوعي

" حسنا...فهمتك ،تظن أنني أستهين بك..لا عليك إنس ما قلته ,بعد أسبوع ستنطلق الفصول الدراسية..لنكمل جولتنا قبل أن تغرب الشمس " بدت غاضبة قليلا لكنها سرعان ما غيرت الموضوع

استمرا بالتجول في الحرم الأكاديمي..إن صح القول ،من حين لآخر تشير لبعض الأماكن و أسمائها

" الأكاديمية مقسمة لخمس مناطق ،ثلاثة منها خاصة بالأجناس التي تدرس هنا..وهذه الأماكن تحتوي على دور السكن و ساحات التدريب الخاصة بكل جنس ،بالنسبة للفصول الدراسية..أبراج الكتب و الإدارة كلها تقبع في حدود هذه المنطقة...أمّا المنطقة الخامسة فلا يسمح للطلبة بولوجها.."

بعد فترة قررت إنهاء الجولة..حين شعرت بالملل من التحدث للجدران ،فقادته نحو قصر أسود ضخم

" لأن مساحة الأكاديمية تعادل ربع الجزيرة الغارقة تقريبا ,سيستغرق وقتا طويلا للتجول فيها بالكامل..هناك مناطق أخرى يمكنك تفقدها لاحقا ،هنا قصر المسوخ حيث ستقطن...الجانب الأيمن للذكور و الجانب الأيسر للإناث ،كما قلت سابقا ليس هناك الكثير من بني جنسك هنا لذا حاول التأقلم...إلى اللقاء ,أراك عما قريب " لوحت بيدها ثم غادرت و تركته أمام بوابة القصر

دفع الباب ليفتحه ،في المشهد أمامه...ظهرت مخلوقات غريبة تتجول هنا و هناك ,بعضها يزحف و بعضها يحوم حتى..اقترب أحدهم منه...يشبه حصانا ما عدا أنه لا يملك رأسا مثله بل..جسدا علويا لرجل بالغ

" لابد أنك طالب جديد..بشري هجين ،الخامس هنا..مرحبا بك في فصلنا ،الجانب الأيمن للذكور ,فلتصعد من هذا الدرج..يمكنك مشاركة الفناء الرابع في الطابق الثاني ،زميلك مجنح جديد...هناك حديقة وراء القصر ،الطابق السفلي خاص للتحدث و الأكل..ملاحظة إن صادف و وجدت في الجهة الخاصة بالإناث فستتلقى عقابا وخيما "صافحه و بدأ بتوجيهه نحو مضجعه ،مع الإشارة للأشياء التي يحتاج لمعرفتها

بقي رادون هادئا و هز رأسه بالإيجاب ,ثم صعد للطابق الثاني و اتبع التوجيه...حين وصل للمقصود ,فتح الباب ليلقي نظرة..فناء واسع مليئ بالأزهار خلفه شرفة تطل على حديقة جميلة ،وسط الفناء وضعت أريكتان..جلس على أحدهما وجه مألوف يقرأ كتابا...*نابو

" غرفتك على اليمين ،و الأخرى لي" رفع رأسه بلا مبالاة و أشار لغرفة على يمينه ثم نظر لغرفة على شماله و انغمس في القراءة مجددا

لم ينبس ببنت شفة و دخل غرفته مباشرة ،ممّا ترك نابو في حيرة من أمره

***

لم تكن الغرفة من الداخل مليئة بالأثاث ،مجرد مكتب و سرير مع مرآة أمامه...جلس رادون على السرير بعد وضع سيفه في ركن فارغ ,نظر للمرآة مع تعبير غاضب لكن رغم ذلك بدت صورته المنعكسة عليها *تبتسم..

" ما بالك هل أنت مجنون ؟ لقد كدنا نقتله..." عاتب ظله على المرآة

" هل تقول أننا لسنا شخصا واحد ؟ ,حين تهنا في ذاك العالم..كنت تستمع لي و تفعل ما أقول ,أما الآن فأنت تحاول إنكار وجودي " ردت الصورة المنعكسة بانفعال و بدت كما لو كانت تحاول الخروج من سطح الزجاج لكن شيئا ما منعها

" حين يأتي أحدهم بنية قتل تجاهي لن أعارض قتله ،لكن كي تحاول قتل زالين ثم تستغل ضعفي لقتل هذا الفتى..أنا لست بهذا الجنون لأسمح لك بذلك "

" هههه...هل تظن حقا أنك تسيطر علي ؟ سأكون دائما الجانب المظلم من شخصيتك..تذكر أنت من صنعتني ,لا تحاول لعب دور البطل فأنت الشر عينه " ضحك بجنون و استهزئ

" ربما هناك..لأني كنت خائفا و ضعيفا ،استطعت السيطرة علي لكن الآن لا تحلم بذلك حتى..."

"*باااام...*كراااك"

صوت انكسار الزجاج ,لكم المرآة فحطمها إلى قطع...رغم ذلك لا زال *الصوت يتردد داخل وعيه

" أنا و أنت شخص واحد...صدقني مهما فعلت لن تستطيع التخلص مني ,حين تغضب أو تتملكك رغبة للقتل..تصاب بجنون العظمة...كل تلك المشاعر السلبية ستجعلك تحت.اج..ني....."

تبدد الصوت شيئا فشيئا و جلس رادون ليستجمع أفكاره ,بدأ بتفقد ذكريات الكتاب...قلب صفحاته إلا أن وصل للفصل الخامس...حيث كتب بخط عريض *سر العقل ,لكن الصفحة كانت فارغة و كل الصفحات التي تلتها نفس الشيء...*سر الروح...*سر الإرادة...كلها دون وصف فقط العنوان..ما عدا الصفحة الأخيرة التي تركت فيها بضع كلمات بحبر أحمر غامق أشبه بلون الدم..

" إلى وريثي المحتمل...جلت كل أرض استطاعت قدمي أن تطأها ,لأجد نصف هذه الأسرار و أفك أحجيتها ،افعل نفس الشيء و ابحث عن الباقي.."

"ااااه...متحمس للعثور على الأسرار الثلاثة الأخيرة...أرجح أنها الأقوى"

"*طق..قط..طق"

فجأة...ارتعدت ذراع رادون اليمنى و أصدرت أصوات طقطقة غريبة

" يبدو أن ذراعي تجاوزت مرحلة الخدر و استطاعت تحمل الوزن الزائد ,أخيرا..لا تفصلني سوى خطوة صغيرة عن تدريب *الجسد الخفيف..و هي فتح قفل الأوزان للجسم بأكمله دفعة واحدة "

ألقى نظرة على يده و أومأ برضا..ثم قفز من نافذة الغرفة إلى الحديقة الخلفية..و اختفى في الظلام

***

" ماذا هناك هيرميس ؟..هل جمعت أي معلومات عنه ؟ " استلقى المدير على كرسيه و سأل

" لا شيء مهم...لا أفهم مصدر قلق الزعيمة ,من المستحيل أن يكون هذا الفتى مشعوذا أو جاسوسا لهم..فحتى أنه لا يعرف عن التعويذة المحرمة ،لذا فهو لا يشكل خطرا حسب اعتقادي "

" حسنا..أنا أيضا شككت في الأمر قليلا ,و يبدو أنه فقد ذاكرته بطريقة ما...لكن لا ضرر في الحذر ،استمري بمراقبته..يمكنك الذهاب " لوح بيده فتراجعت هيرميس من الغرفة و أغلقت الباب وراءها

"*هووووف"

صوت كأمواج البحر قادم من القوقعة بجانبه..وضعها على أذنه و استمع بعناية..

" مااذا؟؟..قتل ابن زعيم عشيرة اللهب المقدس و حفيده...و تم دعوة جميع رؤساء العشائر الكبرى لحضور الجنازة...هل هذا يعني أن الزعيمة ستغادر الجزيرة ؟ "

..

.

مرحبا أيها القراء الأعزاء ,آسف على التأخير..و يعزى ذلك للطابع الفلسفي الذي تم إضافته مؤخرا على شخصية البطل أتمنى أن تنال الفكرة إعجابكم...

2019/03/13 · 586 مشاهدة · 994 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024