" أور..ناولني القوس و رزمة النبال, نحن لا نريده أن يفلت "

*سحب ....استقر السهم في موضع البطن...لكنه كان كافيا ليأخذ حياته...ذهب الصبي إلى مكان الضحية و حمله من أذنيه الطويلتين

" صيد موفق رادون...هذا الأرنب السمين سيكون عشاءنا "

منظر غروب الشمس يلوح في الأفق...عاد الصبية أدراجهم...عبروا دربا وسط الغابة قادهم إلى أسوار المدينة.... *ضوضاء ...اكتظت أرجاء المدينة بحشود غفيرة....سواء كانوا من السكان المحليين أو التجار الأجانب و المسافرين...جميعهم بدوا سعداء...اكتست مدينة أرغون أبهى حللها...خلال مناسبة كهذه لا أحد يجرؤ على التقصير ,فقبل كل شئ من يريد إغضاب الملك سام في ذكراه العزيزة لانتزاع العرش ؟

" هيا أسرع قبل أن يكتشف ذلك الأحمق غيابنا " التفت رادون وعاتب ,اندس أور وسط الجموع المزدحمة و تبعه إلى زقاق ضيق

لاحقا ,في ساحة وسط المدينة اقترب الصبيان ببطئ وانحدار كي لا يلاحظهما أحد ,جلس وفد الفتية أمامهم في حلقة محيطين برجل عجوز مغمض الأعين ,وجهوا نظراتهم إليه و أنصتوا باهتمام .

" حكيم ,لدي سؤال إن كنت لا تمانع " طلب تلميذ جالس على يمينه بأدب

" نعم يا بني ,اسأل " ابتسم الحكيم و أخذ يلاعب لحيته

" هل السحر موجود حقا ؟ " لم يستطع الصبي إخفاء ملامح الفضول على وجهه

" يعتمد على مدى إيمانك به...في الغالب ما يشهده التجار في رحلاتهم مجرد خداع و تضليل و ما يرويه المسافرون في مغامراتهم مجرد وهم خلقه الساحر فسحر به عيونهم و عقولهم ,فكما أخبرتكم سابقا حواس الإنسان و فكره قاصران عن إدراك اليقين ,خذ على سبيل المثال صديقك بجانبك ,كان أبوه مريضا...أعطيته دواءا عجيبا فتعافى بسرعة...المشكلة أن هذا الدواء كان مجرد مياه عادية ,لكن المفعول العجيب لا يزال يعمل... ههه " ضحك الحكيم و حدق في المقصود

دهش الصبي و المستمعون ,فتح الحكيم عينيه...كانت هذه إشارة اعتادوا عليها...في نفس الوقت..نهض الفتية ليحيوه ثم انصرفوا..." أنتما أيها الشقيان انتظرا..." أشار الحكيم إلى أور و رادون

" سيدي الحكيم...أرجوك لا تخبر العم " سارع أور للتوسل

" تبا...هذا الأحمق قد اكتشفنا مجددا " تنهد رادون بأسف

" لن أخبره...لكن بشرط..." ظهرت ابتسامة شريرة على وجهه

هز الصبيان رأسيهما ,كانا يعلمان بالفعل شرطه.." هذا الوغد الطماع.." غمغم رادون...أخرج سكينه ثم قطع أرجل الأرنب و ممرهم للحكيم .

" تنقذ الفريسة الذكية نفسها عندما تكون كريمة مع مفترسها " ابتسم الحكيم و قبل نصيبه بقناعة ,ثم لفه في ثوبه الأبيض و غادر.

" تبا...لماذا يجب أن نعطيه دائما..حصة من صيدنا " تذمر رادون

" أنسيت؟...نحن لا نريد أن يغضب العم فيطردنا من البيت...لقد سئمت حياة اليتامى المشردين " ضربه أور بقضبة على رأسه

"أيي..اسف أيها الأخ الأكبر...لكن العم رجل طيب...حتى لو حدث ذلك..لن يطردنا ,أليس كذلك ؟ "

" لا تكن غبيا...ألم تتعلم من الحكيم أي شئ ؟ "

" لكن نحن بالكاد نحضر حصصه..؟؟"

"ايه...حسنا...لا تهتم.."

ضواحي جنوب المدينة ,بينما كانا يقتربان من بيت صغير فوق التل ,اندلعت صرخات مرعبة خلفهما...فاستدارا في وقت واحد

" يا إلهي...النيران تلتهم المدينة...ثم ما هذه الأصوات؟؟ " فزع رادون

" لا أعلم...لنذهب و نلقي نظرة...فالعم لم يعد بعد و قد يكون محاصرا أيضا "

" مهلا...توقف...أنظر.." أشار رادون على عجل

في المشهد أمامهما ,خرجت أجسام ضخمة غريبة من المدينة و اقتربت منهم بسرعة

" من أين أتت هذه الوحوووش؟....مست..حيل..." صدم أور

" إنهم قادمون باتجاهنا...لنهرب..." استدار رادون و سحب أور معه

" لكن إلى أين ؟...الجبل أمامنا...سيدركوننا قبل أن نجتازه "

" مخبأ الشلال....أتذكر؟ "

" لا...أكره ذلك المكان...إنه مخيف "

" و كأننا نملك خيارا " ركض رادون بأقصى ما لديه باتجاه الشلال

" *تبا إنهم سرييعون*...أسرع...أور...لقد اقتربنا "

*غلووب ...سقط رادون أسفل الشلال ,و لما كان ينتظر أور ليلحق به...لمح في سطح المياه دخانا أحمر...غطست الوحوش واحد تلو الاخر و في يد أحدهم جثة أور الممزقة...أخذ يلتهمها مع المياه الملونة بالدماء

" لالغلغلغلل*يبليب*لب " احمرت أعين رادون و جرفت المياه دموعه ,ابتلع المياه من كثرة الصراخ ,أصبح المشهد أمامه ضبابيا ,لكن اعتمادا على سمعه وحده...علم أن الوحوش لا زالت تشق طريقها نحوه .

مع خوفه من الموت ,استجمع كل قواه و فر إلى المخبأ...خرج من ستارة الشلال و توغل بسرعة في النفق...عند حافة الهاوية شاهد الوحوش تخرج من الستارة ,ثم نظر أسفل الهاوية المظلمة و قال في نفسه " قال الحكيم أنها تدعى *هاوية قلب الجبل ....و من دخلها لا يعود....و عندما أعدم أحد المجرمين في المدينة كانوا يرمونهم هنا دون قبر لكي تعذب أرواحهم "..

بلع ريقه و تردد قليلا ....أغمض عينيه...ثم سقط .

(// تعليق الكاتب : هذه العلامة * تشير إلى الأصوات أو الأسماء المهمة ,و إن كانت من جهتين *_* تشير إلى كلام شخصية مع نفسها بحيث لا يسمعها الاخرون.)

2019/02/14 · 762 مشاهدة · 721 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024