في ليلة هادئة ,مرت سحابة ببطئ و كشفت عن صحن أزرق غامض معلق في السماء المظلمة ,في الفلك حوله...سبحت نقاط صغيرة مضيئة ,اتحد كل هذا الضوء مع الغابة أسفله ليخلق مشهد خرافيا...أسفل شجرة قديمة...وضعت قطع خشب سوداء محترقة و رماد متناثر هنا و هناك ,قربها جلس شخصان...أحدهما ينظر إلى السماء دون أن يطرف كأنه سحر بروعة النجوم..بدا معزولا تماما عن هذا العالم..و الآخر ينظر إلى قطيع ماشية نائم بجواره

" لكنني واثق من حسابي للوقت...على الرغم من انعدام *الأجرام الثلاثة هناك...إلا أنني متأكد من أنه لا ينبغي أن تمضي أكثر من عشر سنوات " تمتم رادون في نفسه

(// تعليق الراوي : الأجرام الثلاثة يقصد بها الشمس ,القمر و النجوم )

" هيهو؟...هل أنت بخير؟..*مجنون*..." احتار زالين و هو ينظر إليه

"أوه..آسف...لقد غفوت قليلا...أظن أنني فاقد للذاكرة...لهذا أنا كثير التفكير والسهو " ابتسم بحرج

"ااه...لقد فهمت الآن...حسنا...سأخبرك بكل ما تريد أن تعرف عن الأوضاع الحالية..و سأعلمك اللغة العامية...إنها بسيطة و لها أوجه شبه كثيرة مع لغة مملكة ليثيوس القديمة لذا ستتعلمها بسرعة أثناء رحلتنا.."

" رحلة؟؟...إلى أين؟..ألست من مدينة أرغون؟..إنها ليست بعيدة عن هنا "

"يبدو حقا أنك فاقد للذاكرة...ألا تتذكر أي شئ عن عائلتك...بلدك...أي شئ حدث لك قبل أن تفقد ذاكرتك...غير إسمك " أمسك ذقنه و نظر إليه باهتمام

" لا شئ...سوى بعض التاريخ القديم...كملك مملكة ليثيوس سام...و لغة مملكة ليثيوس...و مدينة أرغون "

" عجييب...ما نفع هذه الأشياء لك..,لقد ولّى زمانها...فالملك سام قتل على يد السحرة و عرش مملكة ليثيوس سقط مقابل ازدهار إمبراطورية السحر الكبرى...أما مدينة أرغون فقد صارت أرضا فارغة كالخراب...منذ تحررنا العام الماضي من *سجل المنبوذ...ترك جنسنا هذه الأرض و ارتحل إلى المدن...أما بالنسبة لي فقد عدت فقط لجلب غنمي و أخذها إلى *مدنية كلاريس كي أتمكن من بيعها و شراء منزل لأسرتي "

(// تعليق الراوي : سجل المنبوذ هو ميثاق عبودية وافق عليه مجتمع السحرة لمنع خروج المسوخ من أرضهم و استعبادهم )

" حسنا...سأرافقك إلى هناك...لكن يبدو أنني أحتاج إلى تغيير ملابسي أولا " نظر رادون إلى ثوبه المهترئ..الذي هو في الحقيقة مجرد قطعة قماش قديمة تغطي جسمه من خصره إلى ركبته ,و أشفق على حاله

" هاهاها...كم أنت غريب و مضحك ؟...لماذا تحمل ذلك السيف خلف ظهرك حتى و أنت نائم...ألا يزعجك ذلك؟...يبدو أن علاقتكما خاصة...إنه طويل أيضا...*سعال...أقصد أنه لا يبدو ضخما أو ثقيلا لما لا تحمله حول خصرك و ترتاح؟ " ابتسم زالين بسخرية

"هل تسخر مني؟...لو كان لدي حزام خصر يليق به لوضعته فيه " تذمر رادون ببرود

" كنت أمزح معك فقط...الجدية مملة...أنت لا زلت شابا...يجب أن تضحك و تعيش حياتك بسعادة...لدي سروال إن كنت تريده...زوجتي تعاتبني دائما حول عدم ارتداء السراويل...لكنني أحب أن أعيش حرا " كما لو كان يسمعه ,اهتز ذلك الشئ قليلا و برز من مخبئه..*بين الشعر الذي يغطي جلد أرجله بالكامل (بندقية مخفية)

عند رؤية ذلك ,نهض رادون و تراجع خطوات قليلة ثم أشار بسبابته إليه " هيه...أيها المثلي...أحذرك...ابتعد عني و إلا...*بالتفكير أنني كنت أنام قربه...كان ذلك خطيرا* " استعد لسحب السيف من غمده

" اييييه...أيها الوغد الصغير كيف تجرؤ على إهانتي؟...كيف أكون شادا و لدي زوجة و أولاد؟...اسحب كلامك و اعتذر..و إلا..سأقوم بتأديبك " غضب زالين و قام من مقامه أيضا ثم رفع حافره ,ثنا ركبته و استعد للهجوم(مثل سانجي ههه)

" أود أن أرى بالضبط كيف ستقوم بتأديبي؟ " شدد قبضته على سيفه و تقوس جسمه قليلا ليتخذ وضعية الهجوم

قفز زالين بحافره الواقف على الأرض و قام بشقلبة سريعة في الهواء...أثناء السقوط ثنا حافريه معا...و في وقت واحد ركل بهما صدر رادون...فجأة اختفت هيئة رادون و استقر سيف طويل أسود خلف رقبة زالين...ارتعدت جثته...ظهر رادون خلفه مباشرة....*ظهر لظهر...حمل سيفه خلف رقبته أيضا...لكن الجهة الحادة كانت تواجه رقبة زالين...صعق و فتح فمه ليقول شيئا لكن فمه بقي مفتوحا على مصراعيه لمّا رأى المشهد أسفله...شعر أملس طويل كشعر ذيل الحصان متبعثر حول قدميه...طرفت عيناه بسرعة و وضع يديه على مؤخرته...

"لاااااااااا...." أطلق صرخة حزينة و جثا على ركبتيه " ذيلي الجميل...ذيلي العزيز" جمع الشعر الأملس على الأرض و الدموع تملأ عينيه

" حسنا...أعتذر...يبدو أنني بالغت قليلا...لا تلمني على ذلك...لقد أحسست بالخطر..لذلك تصرفت بدون أن أشعر" ربت رادون على كتفه و حاول أن يواسيه

" أيها الحقير....أهكذا ترد إحساني إليك ؟" صاح بغضب و بكى في حسرة (اختلطت المشاعر عليه)

"ماذا تريد؟؟...لقد اعتذرت إليك بالفعل...لا تبالغ إنه مجرد ذيل...كما أنني قطعت نصفه فقط...,لا تقلق سينمو بسرعة "

"اااااااااااااه....ابتعد عني...لن تسافر معي أيها السفاح عديم الرحمة " وقف و جلب عصاه المتكئة على الشجرة ليوقظ بها غنمه

"هل تخطط للسفر وحدك...ألا تخاف من قطاع الطرق....دعني أحميك منهم " سحب سيفه من غمده قليلا و ألقى إليه ابتسامة ذات معنى

ارتجف جسد زالين ثانية ,و بادله ابتسامة مثلها ثم قال " حسنا...معك حق لقد بالغت قليلا...و لأن صداقتنا قوية للغاية...و بما أنك اعتذرت بالفعل...سأسامحك.."

" هذا الشخص متعدد الأوجه...جيد...من السهل التعامل مع هذا النوع " فكر في نفسه

أشرقت شمس الصباح و ألقت بأشعتها الدافئة على الصحراء ,ظهرت ظلال شخصين يمشيان باتجاه الشرق و اتبعت خلفهم جيوش من النعاج ,مرت مسيرة يومين بسرعة...ويبدو أنهم اقتربوا من المدينة...حيث بدأت تظهر بعض قوافل التجار مع نفس الوجهة أمامهم .

فجأة...توقفت القوافل و بدأت في تغيير مسارها...تحدث زالين بنبرة حذرة " شئ ما يحدث.."

نظر رادون أمامه بتمعن للحظة قبل أن يقول " هناك قتال بين ساحرين ,امرأة و رجل...يبدو أنهما يستطيعان الطيران "

"ماااذا؟...كيف تمكنت من رؤيتهم من هذه المسافة " حدق زالين في وجهه بذهول ,فكر لوهلة ثم تحدث " هذان الساحران...إن كانا يستطيعان الطيران حقا...فهما في مرحلة التكوين "

2019/02/15 · 607 مشاهدة · 863 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024