" أووه...يبدو أنهم توقفوا عن القتال الآن...على الأرجح كانوا يتدربون فقط "

" كيف لك أن تعرف ذلك ؟..هل تمزح معي ؟ ,تفصلنا عنهم مسافة عشرات الأميال حتى لو كنت تملك أعين النسر لن تستطيع رؤيتهم...*همف...أيّا يكن, يجب أن نغير مسارنا و نتبع القوافل " تذمر زالين ببرود

" لا تقلق, لقد رحلوا بالفعل...حسنا, دعنا نكمل سيرنا فهذا الطريق أقصر على ما يبدو " ابتسم رادون و حدق في نقاط سوداء تحلق بعيدا

" توقف؟؟..هل يفترض بي أن أصدق هراءك ؟...اسمع يا هذا, حتى لو لم يكن هناك سحرة حقا, لا زلت أغير الطريق لتفادي الوقوع في المشاكل, أنت لا تفهم علاقاتنا مع السحرة, إنها معقدة للغاية "

" هههه...أنا أفهم..أنت خائف منهم, لا تخف أيها العجوز, سأحميك " ضحك رادون بسخرية

"يمكنك أن تستهزئ بي بقدر ما تشاء, لكن لا تغتر بنفسك كثيرا...لا تظن فقط لأنك هزمتني يمكنك التغلب عليهم أيضا, قوة السحرة خارج نطاق فهمكم أيها البشر, أنتم لا زلتم مقيدين بقوانين الطبيعة, رغم أنك مختلف عنهم قليلا من حيث الحجم و القوة...لكنك لا تزال منهم, حتى نحن المسوخ تم استعبادنا على أيديهم لسنوات,...بعضنا أضخم و أقوى منك بكثير "

توقف زالين عن الكلام للحظة و ملامح ازدراء تعلو وجهه ,ثم أكمل حديثه " إن كان ما شاهدته من قبل حقيقيا ,على الرغم من أنني لا أعتقد ذلك ,فهؤلاء الأشخاص في الغالب سحرة متفوقون وصلوا لمرحلة التكوين ,أي أنهم يستطيعون خلق الأشياء باستعمال طاقة الماجي ,و هو ما يعد أعلى مرتبة استطاع السحر التطور إليها حتى الآن...عادة إتقان السحر يتطلب المرور بثلاث مراحل....لكن قبل كل شئ يجب أن تولد بجسد مبارك..يستطيع امتصاص طاقة الماجي ,و هو شئ لا يملكه سوى ورثة أولائك الذين دخلوا عالم الجان ,لذلك لا يحتسبون مع البشر...منذ ولادتهم ,تحدث ظواهر غريبة مرتبطة بالعنصر الطبيعي الموروث لدى عشيرتهم ,عند بلوغ سن الخامسة يبدؤون الإحساس بطاقة الماجي و امتصاصها شيئا فشيئا ثم تخزينها في *نقطة زون الموجودة على جباههم و هذه تسمى مرحلة التحول لأن أجسامهم تمر بتحول كبير خلالها ,تليها مرحلة التحكم..حيث يصبحون قادرين على التحكم في طاقة الماجي داخل أجسامهم و إطلاقها للهجوم أو التلاعب بالعناصر الطبيعة حولهم...و بعد ذلك مرحلة التكوين...هذه مجرد معلومات سطحية, أنصحك أن لا تستهين بهم "

" من يهتم...أسلك أي طريق تريده..."

بدا رادون غير مبال بما كان يقوله ,مما جعله غاضبا جدا " همف...ضفدع في بئر ", بدون أن ينبسا ببنت شفة...استمرا باتباع القوافل حتى ظهرت أسوار مدينة كلاريس أمامهما...في وسط المشهد وقفت بوابة ضخمة و مهيبة ,برزت نظرة شوق في أعين زالين ,أوقف غنمه عن السير و هرع إلى حراس البوابة...بعد نقاش قصير و بعض الابتسامات ,عاد إلى القطيع و ساقه رفقة رادون لدخول المدينة

" كارو...انظر إلى ذلك الشخص بجوار زالين..." تحدث أحد الحراس

" بحق الجحيم؟؟ متى كان البشر بهذا الطول..؟ "

" على الأرجح....طوله يتجاوز مترين...يجعل زالين يبدو كالقزم بقربه "

" ههه...أضف إلى ذلك أنه عاري...تقريبا ,يبدو مثل بعض التماثيل القديمة عادت إلى الحياة " ضحك الحراس و ألقوا بعض النكات حول رادون...كان قد دخل المدينة و ابتعد عنهم بالفعل ,لكنه لا زال يستطيع سماعهم

" يجب أن أشتري بعض الثياب ,و إلا سأكون أضحوكة هذه المدينة " تنهد في نفسه

أصوات أحصنة تجر العربات...فوق طريق معبّد بصخور سوداء ,حشود من الناس تسير في اتجاهات مختلفة ,كان الجو مليئا بالحيوية ,بعد المشي في الشارع لبعض الوقت ,وصلوا لساحة مفتوحة تعج بالبائعين المتجولين و أصحاب المتاجر...في منطقة وسط الساحة ,وقفت جميع أنواع المواشي و أحيطت بسياج معدني ,تجمع حولهم وفد غفير...من حين لآخر يمكنك رؤية أصابع مرفوعة للسماء ,اقترب زالين من السياج و تحدث مع رجل بدين

" سيون...لدي قطيع غنم يضم مئة رأس ,هل هناك مكان لهم في مزاد اليوم ؟ "

" لا يزال هناك مساحة ,ادفع عشر عملات فضية و تفضل " ابتسم سيون بعد أن تسلم أجرته ,فتح باب السياج و أدخل النعاج لزاوية معزولة مع كلب يحرسهم لمنعهم من الإختلاط بالغنم الأخرى ,التفت زالين و حدق في رادون بنظرة معقدة

" رادون...أعتقد أننا وصلنا لمفترق الطرق ,اعتني بنفسك يا صديق " استدار و عزم على الرحيل لكن يدا ضخمة أمسكته من كتفه

" زالين ,نحن أصدقاء أليس كذلك ؟ ,أقرضني بعض المال...أحتاجه لشراء لباس " ابتسم بحرج

" حسنا ,اعتبرها أجرا للسفر معي ,لقد قضينا وقتا ممتعا معا ,لذا لا تحتاج لردها " ابتسم زالين و قدم بعض العملات الفضية إليه ,الحق يقال على الرغم من أنهما تشاجرا في البداية ,إلا أن علاقتهما توطدت كثيرا بعد السفر لمدة ثلاثة أيام

" لا...أنا بالتأكيد سأتمكن من رد هذا الجميل لاحقا " تمتم في نفسه و هو ينظر إلى ظهر صديقه الذي تركه بالفعل

توجه رادون نحو أحد متاجر الأثواب و انحنى قليلا قبل أن يدخل ,فور ولوجه استقبله رجل قصير بدهشة

" ماذاا..تريد يا سيدي...جميع الأثواب هنا من صنعي الخاص...خذ وقتك في الاختيار لن أزعجك " سرعان ما تلاشت دهشته و حل محلها ابتسامة الخدمة

" أخشى أن هذه الثياب لا تلاءم طولي ,هل تستطيع أن تصنع لي ثوبا كهذا..بمقاسي ؟ " بعد عزل الثياب لفترة قصيرة ,اختار ثوبا أعجبه شكله

" بالطبع سيدي...دعني اخذ القياسات أولا " سحب خيطا من الرف بقربه ثم جلب سلما طويلا يستعمله لبلوغ الأشياء البعيدة عنه و بدأ عمله ,بعد أن انتهى...تنفس الصعداء و تكلم

" سأذهب لخياطته الآن ,سيكون جاهزا بعد ثلاث ساعات...يمكنك إمّا الانتظار أو الرحيل ثم العودة عند الوقت المحدد "

" حسنا سأنتظرك...يمكنك الانصراف لعملك " جلس رادون على كرسي حتى مرت الساعات الثلاث ,عندها عاد الرجل القصير يحمل معه ثوبا يشبه لباس الساموراي

" خذ...جربه..هناك " و أشار بأصبعه نحو غرفة بجانب تلك التي خرج منها

بعد دقائق ,خرج رادون من الغرفة بلباس الساموراي ,بدا أنيقا للغاية ,بإضافة ملامح وجهه للصورة و مع وضع سيفه في حزام ثوبه الجديد ,انبثق من ذلك هيبة لا تصدق

" كم ثمنه؟؟ "

" خمسون عملة فضية "

" لا أملكها...لدي ثلاثون عملة فضية فقط ,هل هي كافية ؟ "

" حسنا...بما أنها أول زيارة لك لمتجري ,سأخفض الثمن...إذا كنت تحتاج إلى أي ملابس كيفما كانت ,تذكر زيارتي " ابتسم الرجل القصير و استلم النقود ,في الواقع لم يتوقع أن يدفع له رادون فلسا واحد ,فعندما رآه عاريا ظن أنه مجرد متشرد ,لكنه لم يجرؤ على طرده خوفا من غضبه...عند مقارنة أحجامهما ستجد ذلك تصرفا طبيعيا

2019/02/21 · 573 مشاهدة · 983 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024