8 - "كتاب الأسرار السبعة"

" كلا....أنا لا أريد أن أموت..."

رفع يده متشبثا بطرف حبل الأمل الذي ربطه بالحياة...لكن دون جدوى ,استمر جسده بالغرق و لم يطعه ,فجأة....تحرك تيار قوي مجهول المصدر داخل المياه و سحبه قصرا إلى الأعلى ,أخرج رأسه ليتنفس..."اااااااه"......*ارتطام......موجة عملاقة ألقت بجثته خارج البحر الأحمر

بعد فترة من الإغماء و التعب ,استيقظ و حاول الوقوف على قدميه..لكنه سقط في كل محاولة ,لم يقوى حتى على النهوض فما بالك بالمشي....بدأ بالزحف مبتعدا عن شاطئ البحر ذو الرمال السوداء

" يا إلهي؟؟..ما هذا المكان المظلم؟...ليس هناك نجم واحد في السماء ,لو لم يكن لذلك البحر الذي توهج بالضوء الأحمر ,سيكون من الصعب رؤية أي شئ هنا " خاطب نفسه بينما استمر في السير كالدودة

مرت ساعة..."غرغررر"...*أصوات معدة جائعة...توقف رادون و لمعت عيناه ,في المشهد أمامه استقر بناء يشبه معبدا قديما..انبعث من بابه ضوء أبيض ساطع...لم يتردد و لو للحظة و اقترب منه لدخوله

داخل المعبد ,كان هناك حوض دائري مملوء بسائل أبيض ,ليس هو الذي أضاء المكان بل أحجار غريبة معلقة بالسقف...وسط الحوض وضعت منصة حجرية عليها صندوق أسود على شكل مستطيل..بدا كنعش الموتى مع سيف أسود طويل موضوع فوق غطائه

زحف أكثر و اقترب من حافة الحوض...أنزل رأسه و شرب من السائل ,لا يمكنك لومه على ذلك ,فبعد كل شئ كان مجرد صبي عمره سبع سنوات و كان جائعا للغاية

" ممم...هذا الشئ لذيذ حقا..."

استنفذ السائل شيئا فشيئا ,لذا اضطر لإنزال أكثر من نصف جسده حتى يستطيع شربه...عندما ركز على ملء بطنه نسي موازنة جسمه فسقط...*دفقة...لم يكن عمق السائل كبيرا..لهذا لم يخف من الغرق و بدلا من ذلك استحم فيه..مع فمه مفتوحا ,كانت لذة السائل غير قابلة للوصف حيث بدأ يبلعه بنهم و نسي نفسه...بعد يعلم الإله كم مر من الوقت ؟ ,استهلك السائل تماما..كل مسام جلده تذوقته ,لم يتبقى و لو قطرة واحدة منه ,مع بطنه المنتفخ الذي يبدو كما لو كان سينفجر في أي لحظة ,نام على ظهره و استراح

حين استفاق اكتشف أن جسمه أصبح رشيقا و حيويا ,و عاد تنفسه منتظما كما كان قبل أن يأتي إلى هنا...وقف على قدميه بكل سهولة..بل و استطاع المشي أيضا...و الجري حتى

" هل كنت أحلم ؟...أم أن هذا السائل لديه بعض المفعول السحري " شعر رادون بالحيرة ثم نظر للنعش الأسود ,ذهب قربه و حاول حمل السيف الأسود

" أووه...هذا الشئ ثقيل جدا.." أزاح السيف بصعوبة..فسقط بجانب النعش ,أراد فقط أن يرى من كان بداخله...لم يكن يهتم إن كان يستطيع حمل السيف أم لا ,لمّا فتحه انبثق شعاع من الضوء و اخترق جبهته بسرعة خيالية...أحس بألم حاد..فأمسك برأسه و صرخ بصوت عال.."اااااااه" ,اقتحمت عقله ذكريات غريبة..ليست صورا بل مجرد كلمات..*كتاب الأسرار السبعة*

بعد أن هدأ الألم داخل عقله ,قرر أن يفتح الكتاب و يرى ما بداخله...الصفحة الأولى ,أسفل العنوان كتب بخط رقيق " الأسرار السبعة للذات البشرية ، إن تمكن إنسان من اكتشافها سيكون...لا يقهر..."

انقلب للصفحة الثانية ,كتب في الأعلى بخط عريض *سر الجسد* و أسفله......إن إتقان سر الجسد يعطي صاحبه جسدا لا يقهر مع حيوية عالية و جلد كالمعادن يصعب اختراقه و قوة متفجرة في عضلاته ,رشاقة و تحكم لا مثيل له في الجسد بحيث يكون طرد السموم سهلا كتقليب الكفوف ,و يستطيع كذلك امتصاص الصدمات و أي نوع من الطاقات الغريبة التي تريد احتلاله.....

تصفح الكتاب بسرعة ,حتى وجد فصلا آخر اسمه *سر الدم* ,مع الشرح تحته أيضا......إتقانه يزيد من سرعة الدورة الدموية و حرارة الجسم...مما يمنحك طاقة تدعى طاقة الدم التي ترفع من القوة البدنية قليلا و السرعة بشكل خاص ,و لديه تأثير شفاء الإصابات حيث تزداد سرعة تجدد الخلايا......*سر الحواس*....تصبح الحواس الخمسة قوية و حادة ,مع وجود حدس خاص تجاه الخطر و يمنحك أيضا قابلية التنبؤ بحركة العدو قبل أن يقوم بها بثوان.....*سر الوزن*.....يمكنك من التلاعب بوزن جسمك و نقله للعضو الذي تريده ,كما يمكنك من مضاعفة وزنك حتى يصبح كوزن الجبل أو تخفيضه حتى يصبح كوزن الريشة....*سر العقل*......*سر الروح*.....*سر الإرادة*...

عندما انتهى من تصفح الكتاب ,جره الفضول ثانية و اقترب من النعش...ألقى نظرة...داخله نام هيكل عظمي لإنسان و يبدو أن يده تمسك حجرا أحمر غامض

" أنا متأكد أن هذا الحجر الأحمر هو مصدر ذلك الضوء...عجيب "

بينما كان يفكر في مدى غرابة ما حدث له للتو ,انسلّ دخان أسود للمعبد و أطلق أصوات غريبة..."سححح..كشخخخ"

حين شاهد رادون ذلك الدخان...فزع...لا يعرف ماذا يفعل ,أخذ الحجر بسرعة ثم أمسك السيف بجانب القبر محاولا رفعه و الهرب ,لكن الدخان رفض الاقتراب منه لمّا رآه ممسكا بالسيف..كما لو كان خائفا من شئ ما ,بدأ بالتراجع...و في النهاية اختفى

حاول رفع السيف لكنه فشل ,استسلم و نظر إلى خارج المعبد

" يبدو أنني لن أستطيع مغادرة هذا المكان ,حتى أتمكن من حمل السيف "

في ميناء للسفن ,جلس مجموعة من البشر المقيدين بالأصفاد على أرضية خشبية..بينما حدق فيهم أربعة رجال بشراسة ,اقترب رادون من أحد السجناء و سأل

" من فضلك..هل تعرف أين نحن ؟ ,و ماذا سيفعلون بنا ؟ "

" ههه...أنت غير مدرك للمعاناة التي ستمر بها...الجهل نعمة أحيانا ,حسنا...نحن في بلدة ساحلية تدعى *رويس...و سيتم بيعنا كعبيد لبعض الأشخاص المهمين " بدا ذلك الشخص يائسا و متشائما

" حسنا...ما المشكلة في ذلك ؟..طالما كنا نعيش ,فهذا أمر جيد "

" أحيانا تكون الحياة أسوء من الموت "

فجأة...هبط شخصان من السماء ,رجل و امرأة..قام الرجال الأربعة من مقامهم و حيوهم

" هل كل شئ جاهز ؟ " تحدث الرجل ببرود

" نعم سيدي...لقد جمعنا ثلاثين عبدا...كما أمرتنا " تحدث أحد الرجال الأربعة ببراعة و ابتسم له ,سحب الرجل كيسا مليئا بالنقود و رماه إليه ,ثم أشار إلى العبيد لاتباعه ,صعد إلى سفينة كبيرة مع المرأة على يمينه

" أليس ذلكما الشخصان اللذان كانا يتدربان في الصحراء ؟ " استغرب رادون من هذه الصدفة العجيبة

سارع العبيد لصعود السفينة ,لكنه بقي جالسا...أحصى الرجل عبيده و حدق فيه بغضب

" أنت....اصعد بسرعة و إلا قمت بتأديبك " أشار إليه ثم نظر إلى الرجال الأربعة بنظرة ذات معنى

" أتمنى لو كنت أستطيع...لكنني لا أقوى على الوقوف " أجاب رادون بصراحة

" هييه؟؟...أتجرؤ على المماطلة ؟ ,سنحملك إلى هناك رغما عن أنفك " ركله أحد الرجال الأربعة بقوة....*بااام......"ااااه"....صرخ حتى كادت الدموع تخرج من أعينه ,ثم أمسك قدمه المتورمة و قفز على قدمه الأخرى

"إن استطعتم...سيكون ذلك من دواعي سروري "

2019/02/22 · 613 مشاهدة · 972 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024