في غرفة النوم الهادئة،
جلس "لين" على حافة السرير. ساكنًا.
عارٍ.
كان جسده خريطةً للألم—كدمات، آثار عضّات، دمٌ جاف، وسلاسل بنفسجية باهتة تلتف حول معصميه وكاحليه، شاهدةً على قيودٍ حُفرت في لحمه.
كانت نظرته خاوية. بلا حياة.
كجثةٍ أُجبرت على التنفّس.
صَرير الباب يُعلن دخوله.
دخلت الملكة "أورالينا"، ترتدي ثوبها الأبيض المعتاد—لم يعد مهيبًا، بل باردًا فحسب. ارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ، من ذلك النوع الذي يُخصّص لإبلاغ "أنباء سارة" لمن نُحب.
صوت كعبيها كان يهمس على الرخام المجمّد وهي تقترب.
جثت أمامه، وعيناها القرمزيتان تتفحّصان وجهه.
ثم—وبدون سابق إنذار—احتضنته من الخلف، وطبعَت قُبلةً قوية على وجنته.
لم يرتجف. لم يرمش.
عيناه الميتتان ظلّتا تحدّقان خلالها. كأنها هواء. كأنها لم تكن موجودة.
واتسعت ابتسامتها.
"أحمل خبرًا سارًّا"، همست.
"أنا حامل."
"ستصبح أبًا."
صمتٌ مطبق.
لم يتحرّك "لين". لم تهتزّ حاجباه.
لا غضب. لا يأس.
فقط نظرةٌ هادئة لشيءٍ مات من الداخل منذ زمن.
بدأت تفكّ قيوده، وهي تهمس:
"سأدعك تذهب حرًّا."
وميضٌ خافت لمع في عيني "لين" الخاليتين. ليس أملًا. بل... فضول.
ثم، بأظافرها الحادة، حفرت رمزًا على جلده، فوق عموده الفقري—شقوقًا بطيئة، متعمّدة، تشقّ طريقها عبر الندوب والكدمات.
ولم يُصدر صوتًا. لقد تعلّم الدرس. في المرة الأخيرة التي صرخ فيها... عضّته.
وحين انتهت من الرسم، جرحت كفّها وسكبت دمها على الرمز.
ثم وضعت يدها على ظهره وبدأت تترنّم—بصوتٍ بارد، تتردد أصداؤه بقوةٍ قديمة:
"بثلج النقاء، وبدم الشعلة،
وبنَفَسٍ قديم لا اسم له—
أستدعي العرش العتيق،
لأربط هذا الجسد، وأمتلك هذه العظام.
بحق الجليد، والتاج، والدم،
لتعلن القيود الخفية سلطاني.
أنفاسه، قلبه، وكل نبضٍ فيه،
سينحني لي تحت قدميّ.
ليضربه الألم إن هرب،
خارج حدود عرشي.
بسلسلةٍ بيضاء، وبقسمٍ غير منطوق—
يُختم العهد، ويُكسر الإرادة.
فليكن ذلك.
هو لي."
ظهرت سلسلة بيضاء من يدها—تتوهج كالنار الجليدية.
تزحفت في الهواء كثعبانٍ من الجليد، ثم اخترقت صدر "لين".
تسلّلت إلى جسده، والتفّت حول قلبه.
شدّت. قيدت. نُقشت في روحه.
ظهر رمز متوهج—تاج أبيض من الأشواك—على ظهر يدها، ينبض بنعومة.
ارتجف جسد "لين" بعنف.
وسقط على ركبتيه، يسعل دمًا أسودًا خامًا تناثر فوق الرخام البارد.
اقتربت "أورالينا"، وهمست بصوتٍ شبحيٍّ في أذنه:
"إذا فكرت ولو للحظة في الرحيل..."
"أو إذا متُ انا..."
"سيتمزق قلبك."
همساتٌ ناعمة... لكنها دقّت في جمجمته كالمطرقة تحفر في العظم.
ثم، وهي تستدير كمن سئم الطقوس، أمرت بلهجة حادة:
"مايا. فيرا. خذن ثيابه من الدرج—وخنجره. حضّرن حمّامًا طبيًّا. و عالجن جراحه."
من الباب الجانبي، دخلت نفس الخادمتين اللتين شهدتا إذلاله سابقًا—صامتتين كثلجٍ يتساقط.
تنساب أثوابهن البيضاء الفضية على الأرض دون صوت.
انحنين، ثم توجّهن نحو الخزانة المحفورة.
إحداهن أخذت ثيابه المطوية.
الأخرى أمسكت بخنجره.
لا كلمات. لا أسئلة.
وقف "لين". ببطء. بتصلّب. كأنّ أطرافه لم تعد تخصّه.
قادوه عبر ممرٍّ هادئ مضاء بفوانيس جليدية.
وفي نهايته، انتظرته غرفة مألوفة—دائرية، معقّمة، بسقفٍ عالٍ.
في منتصفها، حوضٌ حجريٌّ قديم، لم يمسّه أحد.
ماؤه الداكن ساكن—يضيء بشكلٍ خافت. ذكرى تنتظر أن تُغرقه.
لكن بجانبه، كان هناك حوض جديد. أصغر.
حافته محفوفة بنقوشٍ فضيّة.
يتصاعد منه بخار أزرق وأبيض—ينثر هالاتٍ خفيفة على الحجارة.
كان جميلًا. بدقةٍ زائدة. أكثر من اللازم.
"فخّ"، فكّر "لين".
"حتى حين يعرضون الدفء… لا يأتي إلا بطوق."
دون كلمة، اقتادوه إلى الحوض الجديد.
ركعت إحداهن، تنثر أوراق الثلج المسحوقة ومسحوق الأعشاب الزرقاء المتوهجة في الماء.
وصبّت الأخرى إكسيرًا أبيض—ببطء—حتى بدأت دوّامات الضوء تتراقص على السطح.
"نقيّ، طاهر، شافٍ… هكذا يقولون."
"لا يهمني. لا شيء يهمني."
دخل الماء بنظرة باردة، خاوية.
لا قبول، لا مقاومة.
كما لو لم يعد شيء يهم.واستقبله الماء.
ليس بالألم.
ولا بالسلام.
فقط... الصمت.
وتحت ذلك الصمت،
ظلّ صدى التاج النابض على يد امرأة،
يُعلن ملكيتها له مع كل نبضة.