تجمعت الخادمتان حول لين وبدأتا في تدليك جسده. كانت أيديهما ناعمة كالقطن، رقيقة ودقيقة، توجهان الماء المسحور عبر الكدمات على جلده. ببطء، تسرب السائل إلى جراحه، يهدئ الألم وينظف الضرر.
استرخى جسد لين. عقله، الذي كان مقيداً بالبرد واليأس، بدأ يهدأ. شعر وكأنه أُطلق سراحه من سجن، كطائر محبوس أُطلق فجأة حرًا.
مرت ساعات.
بدأت جراحه تتجدد تدريجيًا، لحمه يلتئم وكأن جسده يمتلك قدرة شفاء متسارعة. تلاشت الكدمات، محاها الماء المسحور، وكأنها لم تكن موجودة أبدًا.
في النهاية، جلس لين وطلب من الخادمتين أن تسلما إليه ملابسه. بعد أن ارتدى ثيابه، التفت إليهما وسأل بحزم: "أين ذهبت أوريليانا؟"
أجابتا بصوت واحد متناغم: "سيدي، إنها تتولى بعض الأعمال حاليًا."
أومأ لين ببطء. وقال "إذن، قوداني في جولة بالقصر،" .
مشى الخادمتان أمامه، مشيرتين إلى الغرف والقاعات المختلفة. حفظ لين بعناية كل ممر، كل مخرج، وكل ممر خفي.
قالت إحداهما: "هذه غرفة الملكة." وأشارت إلى غرفة أخرى: "وهناك... تلك الغرفة حيث تنام مع جلالتها."
لم يجب لين. ظل نظره باردًا، وأفكاره محسوبة.
سأل فجأة: "هل يوجد هنا ميدان تدريب؟"
أجابتا: "نعم، سيدي. اتبعنا."
قادته الخادمتان عبر الممرات المتعرجة حتى وصلوا إلى ساحة حجرية. كان الهواء ساكنًا، لا يقطعه سوى صوت الضربات الإيقاعية التي تتردد على الجدران.
في المنتصف، وقف شاب، قرناه الأبيضان يلمعان تحت الضوء الباهت، وعيناه القرمزيتان تلتمعان كالجمر. كل حركة له كانت حادة ودقيقة، كالأفعى المتأهبة للهجوم. الأناقة والخطر في كل نفس.
ضاقت عينا لين.
بدت ملامحه مألوفة.
سأل: "من هو ذلك؟"
أجابت إحدى الخادمتين: "الأمير إيلينيوس... أخو جلالتها الأصغر."
كما لو أن الكلمات استدعته، التفت الفتى، مبتسمًا ببريق مشرق.
"مرحبًا، أخي في القانون!" نادى بمرح.
رمش لين. كان أول رجل يراه هنا غيره.
اشتعل الشك في نفسه.
سأل بصراحة: "لماذا أنت الرجل الوحيد هنا؟"
مالت رأس إيلينيوس، وصوته خفيف كما لو كان يروي قصة طفولية: "كل الآخرين قُتلوا بعد الزواج. بمجرد أن حملت زوجاتهم... أُعدموا."
تصلب جسد لين.
خفت ابتسامة الفتى. "أنا على قيد الحياة بفضل أختي. إنها الملكة الوحيدة التي لم تقتل أخاها."
مر ظل بارد بعيني لين.
سأل: "إذن، لماذا ما زلتُ على قيد الحياة؟ اليست أختك حامل؟
أومأ إيلينيوس، خفض صوته إلى لين و همس: "لأن... ربما أختي تحبك."
> حب؟ تلك اللعينة.
إما أن تموت هي... أو أموت أنا.
نظر لين إلى الفتى بصفاء جديد.
ليس تهديدًا.
بل أداة.
> إنها تحب أخاها. سأستخدمه كبيدق لي.
اقترب خطوة.
سأل: "هل تحب أختك؟"
نعمت ابتسامة إيلينيوس. "إنها عائلتي الوحيدة. أحبها أكثر من أي شيء."
وضع لين يده بلطف على كتفه.
قال بصوت ودود: "أنا أيضًا أحبها. إنها... زوجتي الحبيبة."
لكن في داخله، تلوى روحه كالأفعى، السم يقطر من كل فكرة.
> سأقتلكم جميعًا. كل لقمة طعام، كل نفس أتنفسه في هذا القصر الملعون—سيُدفع ثمنه بالدم.
> أولاً، هذا المكان. ثم عائلة فروست... وتلك المرأة التي جرتني إلى هذا العالم اللعين.
> ستشعرون به جميعًا، سيكون جنونًا.
"لين!" ابتسم إيلينيوس، مقاطعًا أفكاره. "أحبك! أنت صديقي!"
ابتسم لين قسرًا—ابتسامة جوفاء وباردة.
سأل: "هل تعرف كيف تقاتل؟"
"بالطبع!" ابتسم إيلينيوس بفخر. "أنا من النخبة هنا. أتقنت كل تقنيات عشيرتنا—مثل ضربة الأفعى النابية، وانزلاق الأفعى الصامت، وقبضة ناب الأفعى."
رفع يديه بثقة مرحة.
"نحن من سلالة الثعابين قرمزية العينين، لكن أختي وأنا لدينا بركات مختلفة. بركتي هي بركة اللهب الأبيض الحقيقي. وبركتها هي إمبراطورية الأفعى القرمزية."
حّدق لين بعينين متيقظتين.
سأل: "ما هي البركة بالضبط؟"
توقف إيلينيوس—للحظة—ثم أجاب بعمق نادر:
> "البركة... هي مرآة لروحك.
ليست مجرد قوة—إنها ما أنت عليه، مكشوفًا.
مخاوفك. آمالك. غضبك. حبك.
يسميها البعض هدية. وآخرون يسمونها لعنة.
لكنها دائمًا الحقيقة."
استمع لين بانتباه بينما واصل إيلينيوس، رافعًا أصابعه، يعد واحدًا تلو الآخر:
الأولى هي البركة الموروثة:
> "تنتقل عبر السلالات—لكن الدم وحده لا يكفي. يجب أن يتسق قلبك مع قلب أسلافك. عندها فقط يستيقظ العهد... ويتطور."
والثانية: البركة الطقوسية
> تُستدعى عبر طقوس قديمة. لكن الطقوس لا تعني شيئًا بدون صدق. كثيرون يسعون إليها... قليلون يعودون."
والثالثة: البركة القسرية
> "تُزرع من قبل الآخرين—أساطير، وحوش، أو مجانين. نادرة. غير مستقرة. غالبًا قاتلة."
والرابعة: بركة الروح
> "تولد من التوافق بين الأرواح. رابطة مع كائن آخر نقية لدرجة أنها تشكل قوة من الارتباط وحده."
والخامسة: البركة المشتركة
> "عندما تعيش الأرواح اللحظة ذاتها—الحب، الحزن، التضحية—تندمج. بركة واحدة. قلوب متعددة."
والسادسة: البركة الراكدة (الصحوة العاطفية)
> "مدفونة في الأعماق، تنتظر. ثم—الغضب، الحب، الحزن—أي شيء يكسرك... يوقظها."
والسابعة: البركة المتطورة
> "الأندر. تولد من الروح المتغيرة دائمًا. تتغير مع كل اعتقاد، كل اختيار.
خطرة. خام. صادقة."
والثامنة: بركة المجهول
> "لا أحد يعرف من أين أتت.
لا البشر، لا الشياطين، ولا حتى النظام نفسه.
محاولات تحديد مصدرها لا تعود إلا بالتشويش. ليست إلهية، ولا ملعونة، ولا حتى مسجلة.
بركة "غير موجودة"—هذا كل ما يمكن قراءته عنها.
ومع ذلك، آثارها لا تُنكر."
و التاسعة: بركة الروح الجوفاء
> "بركة لا تولد مما يوجد داخلك—بل مما تفتقر إليه.
ليس الحب. ليس الغضب. ليس الحزن.
بل الفراغ.
روح تحطمت بما لا يمكن إصلاحه، حيث يترسخ الفراغ نفسه.
لا تمنح شيئًا في البداية—لا لهب، لا قوة. فقط الصمت.
لكن مع الوقت... ذلك الصمت يلتهم.
تتلاشى الذكريات. تتعفن العواطف. تذوب الهوية.
حتى لا يبقى سوى...
بركة."
والعاشرة: بركة العودة الجوفاء
> "ليس كل من يموت يُفترض أن يعود.
من يعودون... يعودون بطريقة خاطئة.
هذه البركة تربط الروح بالجسد—لكن ليست الروح ذاتها.
إنها تتذكر الموت. تتوق إلى الحياة.
في كل مرة تُستخدم، يُفقد شيء إنساني... ويحل شيء آخر محله."
خفض إيلينيوس يده، وصوته هادئ.
> "لهذا لا تتشابه بركتان.
لأن لا روحين متشابهتان."
أضاف بهدوء:
> "و... هناك بركات أخرى أيضًا.
تلك التي لم تُكتشف أو تُفهم بالكامل بعد.
أنواع غير معروفة—لا تزال غير مصنفة."